[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]المزيد من الصور
Advertisment
مفاهيم زوجية ومواقف أسرية ومعان تربوية يحتاجها
الزوجان لتكون علاقتهما الزوجية عشرة علي عشرة ، فيزداد الحب بينهما ويكثر
التفاهم ويتحقق الانسجام والتناغم .. هل يتصور أن تنتقل العلاقة الزوجية
إلي علاقة صداقة ومحبة ؟! أم أن الزوجين لا يمكنهما أن يكونا صديقين ؟
لقد أوقفتني حادثة للحبيب محمد صلي الله عليه وسلم
عندما رأيته يتعامل مع زوجته عائشة رضي الله عنها وكأنها صديقته ، وذلك
فيما يرويه الإمام مسلم عن مالك ( خادم رسول الله ) صلي الله عليه وسلم قال
: دعا رجل فارسي النبي صلي الله عليه وسلم إلي طعام : فقال النبي : أنا
وعائشة فقال : لا . فلا ، ثم أجابه بعد ، فذهب هو وعائشة يتساوقان ، فقرب
إليهما إهالة ( اللحم السمين ) .
إن هذا الموقف يوضح مدي العلاقة الحميمة للزوجين
ودرجة الحب بينهما ، حتي إنهما لا يريدان الاستغناء عن بعضهما البعض ، وإن
كانت الدعوة للزوج إلا أنه اشترط مجيء زوجته معه ..
ولم يهمه رضي الداعي من عدمه ، وإنما يهمه مرافقة
زوجته له ، إن هذا المعني من معاني الصداقة في العلاقة ، وإذا توفرت هذه
المعاني في العلاقات الزوجية أصبحت العلاقة راقية ومتميزة ، و ليس كل زوجين
تتوفر فيما بينهما علي اعتبار أنها زوجته وأم أولاده ، فلها من الحقوق
مالها وعليها من الواجبات ما عليها ، ولكن مفهوم الصداقة هو التفاني في
المحبة والرقة في المعاملة ..
فقد كتب صديق إلي صديقه : ( لساني رطب بذكرك ، ومكانك
في قلبي معمور بمحبتك ) وكتب آخر لصديقه ( الله يعلم أنني أحبك لنفسك فوق
محبتي إياك لنفسي ، ولو أني خيرت بين أمرين : أحدهما لي وعليك والآخر لك
وعلي لآثرت المروءة وحسن الأحدوثة بإيثار حظك على حظي وإني أحب وأبغض لك
وأوالي وأعادي فيك . فهذه من علامات الصداقة وإشاراتها ..
فلو أن العلاقة الزوجية تضمنت علاقة صداقة لا يستغني
كل واحد منهما بالآخر عن الآخرين فيكون كل طرف هو مركز اهتمامه وصندوق
أسراره ، يعتمد عليه في المهمات الصعبة ، فإن سقط رفعه ، وإن مرض وقف على
رأسه ، وإن احتاج أعطاه وإن طلب لبَّاه ، فهذه من علامات الصداقة ،
فالصداقة قرب قلبي أكثر من كونها قربا جسديا .
قال ابن عينية ابن عباس رضي الله عنه : ( القرابة تقطع ، والمعروف يكفر ، ولم ير لرفقته وصداقته ) ، ولهذا فإن للصداقة ثلاث علامات :
الأولي : التقبُّل:
أي أن أتقبل الطرف الآخر بما فيه من حسنات وسيئات ،
وأرتاح بالجلوس معه والحديث إليه وأفرح عند اللقاء به ، ولعل من أكبر
المآسي التي نعيشها في حياتنا الزوجية أن لا يتقبل أحدنا الآخر فهذا توضع
الحواجز ويبحث كل واحد عن البديل لبناء العلاقة معه وهنا تبتعد ( الصداقة )
عند أول خطوة في بناء العلاقة .
الثانية : القبول:
وهي أنني أبحث عن إيجابيات الطرف الآخر , وأركز عليها
فيكون مقبولا عندي ويزداد حبي له لأنني أري الإيجابيات والحسنات فيه ، ولا
أحرص منذ البداية علي تغيير السيئات وإبداء الملاحظات التي عليه ، فقد قال
أحد علماء النفس ( ليس بمقدور أحد أن يقوم إنسانا آخر ، ولكن بحبك لهذا
الإنسان الآخر علي ما هو عليه ، تستطيع أن تمنحه القوة لتغيير نفسه .
الثالثة : التقدير:
بعد التقبل والقبول يأتي التقدير لاستمرارية العلاقة
بين الطرفين وتقدير الذات حاجة أساسية ولهذا ركزت عليها كبري الشركات
والمؤسسات الربحية وغير الربحية عندما رفعت شعار : ( تقدير العميل أهم شيء )
أو شعار : ( العملاء دائما علي حق ) وكذلك يركز عليها الطفل الصغير ، فإنه
يفعل الحركات الغريبة من أجل لفت النظر ، ففي ذلك تقدير له وإعطاؤه
الاهتمام بوجوده ، وهذا ما نريده من الزوجين ..
ولهذا عندما دعا الرجل الفارسي الحبيب محمدا صلي الله
عليه وسلم اشترط عليه الرسول أن ترافقه زوجته ، فهذا من كمال التقدير
للطرف الآخر ، وهذا من التصرفات التي ترفع العلاقة بين الطرفين من علاقة
زوجية إلي علاقة صداقة ، فتنشأ بعدها كل الأخلاق التي يتمناها الإنسان من
الطرف الآخر بسبب وجود علاقة صداقة بينهما ، فإذا طلب لا يرد طلبه ، وإذا
سأل أعطي ، وإذا مرض وقف عند رأسه ، وإذا احتاج لبي حاجته ، وإذا مات كان
وفيا له .
ولا يعني ذلك أن الصداقة أعلى مرتبة من المودة
والرحمة في العلاقة الزوجية ، ولكن عندما يرتبط الطرفان بالعلاقة الزوجية ،
ثم تكون العلاقة بينهما علاقة صداقة لأصبحا نور علي نور .