بعد بثّ مشاهد عملية الأسر لتموز 2006.. إسرائيل مصدومة!!
شريط مثير للصدمة والسخط يكشف عن «خفة لا
تحتمل». أما واقعة بثّه فتكشف كم هي تصرفات الإسرائيليين قابلة للتوقع. هذا
بعض من ردود الفعل الإسرائيلية على المشاهد من عملية الأسر لتموز 2006
التي بُثّت نهاية الأسبوع الماضي
شُغلت إسرائيل بتحليل محتوى الشريط الذي يتضمن مشاهد من عملية أسر الجنديين
الإسرائيليين في خلة وردة عام 2006، وكذلك بقراءة الدوافع التي حدت بحزب
الله إلى الكشف عنه في هذا التوقيت. وعلى مدى اليومين الماضيين، حظي الشريط
بتغطية خاصة في وسائل الإعلام العبرية على اختلاف أنواعها، حيث تصدى
الخبراء والمعلقون للإدلاء بآرائهم التي التقت عند نقطة مشتركة هي «الخفة
التي لا تحتمل» التي يكشفها الشريط في تنفيذ عملية الأسر.
ورأت صحيفة «معاريف» أن الأمر الأهم الذي يُظهره الشريط هو أن عملية الأسر
تمت «من دون أي صعوبة أو مقاومة». وتحت عنوان «خفة لا تحتمل» كتبت الصحيفة
أن «مخرّبي المنظمة... كانوا واثقين بأن المهمة ستستكمل، وأن أحداً لن يقدر
على إزعاجهم في تنفيذها. كذلك يكشف الشريط كيف نجح المخربون في التلاعب
على مدى شهور بالجيش الإسرائيلي وفي زرع كمين لجنوده تحت أنفه وفي قتل وخطف
الجنود من دون أن تُرمى باتجاههم رصاصة واحدة».
وفي تحليلها لمحتوى الشريط، ركزت «معاريف» على « مهنية» المجموعة المنفذة،
حيث «يمكن أن نرى أن المخربين فكروا في كل التفاصيل. على سبيل المثال يمكن
تمييز أن أحدهم يحمل في يده مطفأة حمراء الهدف منها إطفاء النار التي من
المحتمل أن تندلع في الهامر». تتابع الصحيفة «اللحظات التالية هي الأكثر
إثارة للسخط في الشريط. فالمخربون يركضون على مهلهم باتجاه الآلية، من دون
أي إزعاج، والمسافات الفاصلة بينهم شبيهة بالضبط بنظرية القتال الخاصة
بالجيش الإسرائيلي، أي حوالى 4 إلى 5 أمتار بين الواحد والآخر».
وأشارت الصحيفة في السياق إلى موقف الجيش من نشر الشريط، حيث قالت إن
الاعتقاد السائد في أوساطه هو أن النشر ردّ على «حملة لبنان» التي يديرها
الجيش في الفترة الأخيرة، والتي يوجه فيها كبار الجنرالات رسائل حادة إلى
حزب الله.
وفي الصحيفة نفسها انتقدت ليلاخ سيغن نقل وسائل الإعلام الإسرائيلية لمشاهد
العملية، داعية إلى «أن نحاول لمرة واحدة أن نتصرف بشكل أقل توقعاً». ورأت
الكاتبة أن «الأمر الأكثر إذلالاً الذي يفعله لنا حزب الله في كل مرة هو
الضغط على زر محدد وهو يتوقع بالضبط ردّ فعلنا. وهكذا عندما كشفوا عن
الشريط الذي يوثق عملية الخطف رددنا مثلما توقعوا بالضبط: تسجيله في كل
وسائل الإعلام والقيام ببثّ متكرر لصدمة وطنية عميقة صنعتها أيديهم».
من جهتها، رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه رغم أن «الحقائق معروفة... إلا
أنها عندما تتحول إلى صور محسوسة على الشاشة تصبح عصية على الفهم». ونقلت
الصحيفة عن تومر فاينبرغ، أحد الجنود الذين كانوا في الهامر الذي استُهدف
بعملية الخطف وأصيب بجراح بالغة، قوله «إن الشريط أعادني ستة أعوام إلى
الوراء... كل شيء: إطلاق النار، الإصابات، كل شيء كما أذكره... إلا أن ما
فاجأني في الشريط هو عدد الذين دخلوا... لقد سمعتهم يتحدثون، وسمعت صوت
الأرجل، إلا أني لم أتمكن من رؤية شيء».
وتحت عنوان «الألم والإحباط » كتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «إسرائيل
اليوم» يوآف ليمور أن «مشاهدة شريط عملية الخطف غير سهلة، رغم أنه لا يحتوي
على مشاهد دموية أو فظاعات. الدقيقتان ونيف تكفي لإعادة تعويم كل مشاعر
الغضب والإحباط لدى كل من يعرف التفاصيل المتصلة بما حدث في 12 تموز 2006
في النقطة 105».
وإذ رأى أن توقف الشريط عند مشهد البدء بسحب الجنود من الهامر يُبقي السؤال
مفتوحاً بشأن مصير الجنود عند عملية الخطف، رأى الكاتب أن السؤال الآخر
الذي بقي مفتوحاً يتعلق بقرار حزب الله نشر الشريط في هذا الوقت. وربط
ليمور بين ذلك وبين التحذيرات الإسرائيلية لحزب الله في أعقاب التفجير الذي
أودى بحياة خمسة إسرائيليين في بلغاريا، مشيراً إلى أن «حزب الله يذكّر (
من خلال الشريط) بما هو قادر على القيام به» رداً على هذه التحذيرات.
وشدد ليمور على ضرورة الاتعاظ بهذه العبرة «من أجل تشديد اليقظة التي كانت
مفقودة عام 2006، وللتذكير بأنه رغم موازين القوى الواضحة، لجهة تفوّق
إسرائيل، فإن حزب الله يمتلك قدرة ليست قليلة على التسديد والإيذاء بشكل
موضعي من خلال عملية خطف، وكذلك من خلال عملية أوسع بكثير».
وفي «هآرتس»، كتب مراسل الشؤون العسكرية، عاموس هارئيل، يقول إن الشريط
يثير القشعريرة لدى كل من كان موجوداً في ذلك المكان في الصيف البائس لعام
2006. ورأى هارئيل أن توقيت نشر الشريط يرتبط بالوضع الداخلي المأزوم لحزب
الله في لبنان، مشيراً إلى أن مضمونه يفضي إلى جملة خلاصات على رأسها
«الخفة التي لا تُحتمل لعملية الخطف»، مشدداً على أن «العبرة الكامنة في
ذلك للفترة الراهنة» هي أنه «سيكون خطأً شديداً العودة إلى الاستخفاف بما
حزب الله قادر على تنفيذه إذا ما اتخذ القرار في طهران أو بيروت. ففي 2006
فوجئنا بعملية الخطف، باستهداف البارجة حانيت، بمعارك بنت جبيل وبحجم
النيران على الجبهة الداخلية، وإذا تطورت الأمور باتجاه جولة جديدة في
المستقبل، فيجب أن نأخذ في الاعتبار أن الجيش الإسرائيلي ليس وحده من تدرب
وتحسن في أعوام الهدوء، بل حزب الله كذلك».