أساليب وتقنيات متطورة للغش في اللإمتحانات
يبدو ان الغش مثله مثل اي شيء واكب التطور فمن
استراق النظر الى ورقة طالب آخر، واعداد بعض الأجوبة على ورقة صغيرة
وإخفائها بإحكام، او الكتابة على راحة اليد والرجلين، الى اساليب مبتكرة
يكتشفها المراقبون بطلها بامتياز الخلوي.
ورقة غش طولها 11 متراً ضبط طالب في كازاخستان وبحوزته ورقة غش يبلغ
طولها 11 متراً وتحتوي على قرابة 25 ألف إجابة لأسئلة في امتحان مهم لدخول
الجامعة. وقد قام الطالب بطبع الإجابات على ورقات رفيعة ثم ألصقها ببعضها
البعض ولفها حول خصره. وضبطه أحد مراقبي الامتحان قبل أن يتمكن من
الاستفادة من المجهود الذي بذله.
كانت ميشلين الموظفة في احدى الجامعات اللبنانية تقوم كعادتها بمراقبة
الطلاب في امتحانات الشهادة الجامعية ، فلاحظت علامات ارتباك على احداهن.
تقول "تنبهت ان احدى الفتيات تلعب كثيرا في شعرها، وهي تلبس كنزة طويلة،
وكلما اقتربت منها ارتبكت بشدّة، وتصفف شعرها جيداً كي لا ارى اذنيها.
اقتربت منها وازلت شعرها، واكتشفت انها تضع سماعات، موصولة بهاتفها الخلوي
المخبأ في بطنها، وقد قامت بتسجيل صوتي لكل المادة التي تمتحنها".
منعت تلك الفتاة من اكمال امتحانها، وتحولت بنظر ادارة الجامعة الى "غشاشة كبيرة" ما حرمها من تقديم امتحانات الفصل الثاني.
قوانين صارمة
تحمل ميشلين المراقب جزءاً من المسؤولية عن انتشار الغش في قاعته. وتضيف
"اذا فرض المراقب هيبته لا يمكن للطالب وان كان محترفا في مهنة الغش ان
يخوض المبادرة ويظهر اساليبه، لأنه يعرف انه سيعاقب عقاباً شديداً. وعلى
المراقب ايضاً ان يكون حذراً ومدركاً لكل الوسائل المتطورة للغش كي لا
يخدعه الطالب".
بينما يعتبر استاذ في الجامعة "ان الطالب يغش في امتحانات الجامعة تحديداً
لأسباب عدّة اولها ان ليس لديه الوقت الكافي للدراسة، كون معظم الطلاب
يعملون تزامناً مع فترة دراسته، والسبب الثاني يكمن في "الكسل" المتوارث
منذ سنين، وسهولة الحصول على المعلومات.
وهذا الأستاذ الصارم كشف العديد من محاولات الغش، وآخرها حين صادف مروره
بجانب طالب يستعين بأوراق صغيرة لنقل اجوبة الامتحان، فما كان عليه سوى
طرد الطالب من الصف، وإحالته الى لجنة تحقيق. ويقول "نحن لا نتهاون مع
الغشاشين، وهذا جرم غير مبرر، على كل طالب ان يكد ويتعب كي يحصل على
شهادته، ولا يمكن ان نصدر الى سوق العمل اشخاصا غير كفوئين. بالإضافة الى
اننا ملتزمون بمحاربة هذه الظاهرة حفاظاً على حق كل طالب يدرس بجهد لأنه هو
فقط من يستحق النجاح". ولفت الى انه "اليوم تطبق قوانين صارمة في غرف
الامتحان، حيث يمنع الطالب من إدخال اي شيء معه سوى قلم، في حين يبقى
الهاتف الجوال والحقيبة في الخارج".
رسائل نصية قصيرة
ولكن لماذا يغش الطالب؟ وهل حقا لا يخاف ابداً من العواقب المترتبة على
فعلته؟ إجابة كريم طالب علاقات عامة وإعلانات، اتت نافية، فهو لم يكشف
يوماً بالجرم المجهود. فمنذ ايام المدرسة، وحين كان يتعثر عليه إيجاد
الإجابة على سؤال ما يرسل برسالة نصية على هاتف والدته، لتبادره بالجواب
الصحيح، فيكتبه بدوره على ورقة الإجابة. ولم يتوقف عن القيام بذلك حتى بعد
وصوله الى الجامعة، معتبراً ان ما يقوم به ليس غشاً، بل مساعدة ذاكرته
الضعيفة على ايجاد الحلول السريعة.
ويتابع بالقول "المناهج التعليمية ما زالت حتى اليوم تعتمد اساليب قديمة،
وندرس شيئاً نادراً ما نستعين به في سوق العمل، والذي يؤكد ذلك ان ما من
شيء تعلمناه في المدرسة استفدنا منه في الجامعة. انا افهم المواد الأساسية
الاختصاصية، والباقي اما اطبعه على اوراق صغيرة او على هاتفي الجوال".
المناهج غير نافعة
ومع اعتماد "الشاشة السوداء" نادراً ما يكشف التلميذ الذي يغش مستعيناً
بالخلوي، حيث لا يمكن لأحد سواه ان يرى المعلومات المكتوبة على الشاشة،
فيعتبر المراقب ان الهاتف مغلق حتى لو كان على طاولة الامتحان. "بكبسة زر"
واحدة ينتقل الطالب الى الجواب الصحيح، وبكل اللغات ومن دون مجهود كبير،
وهذا ما تعتمده سارة طالبة إدارة اعمال، مع استخدام "الأي فون". وتقول "على
اعتبار ان كل ما ندرسه في المناهج الجامعية غير نافع في سوق العمل افضل ان
اتقن كل التقنيات الحديثة، واستعين بها، وهذا ما يفيدني اكثر" . وتضيف
"المهم هو ان افهم مواد اختصاصي جيداً لا ان احفظها عن ظهر قلب، وفي السنة
الأولى اعتبرت من بين المتميزين، وانا لا اشعر بتأنيب الضمير، بل وبكل
بساطة انا استعين بكل المعلومات المتوفرة حول العالم كي انمي ثقافتي اكثر
ولا احصرها بمناهج قديمة". وتشير سارة الى ان "القيمين على المناهج
الجامعية لا يأخذون في الاعتبار ان معظم الطلاب يعملون ويدرسون في الوقت
عينه، فيرتبون عليهم مهام اضافية، ما يجبرهم على الغش، ومعظم الطلاب لا
يجدون حلاً للنجاح سوى هذه الطريقة".
في علم النفس
ويرجح اختصاصيو التربية أسباباً متعددة للغش، من بينها الضغط الزائد على
الطالب للحصول على المزيد من التحصيل دون مراعاة لقدرته الذاتية. وتؤكد
الاختصاصية النفسية روزين الحجاز ان الطالب يغش لعدم ثقته بنفسه، وقدرته
على اعطاء الجواب الصحيح. وترى انه يغش ايضاً بهدف تحسين صورته امام اهله
والأساتذة على اعتبار ان نتيجة الامتحان تصدر حكماً عليه، لافتةً الى ضرورة
تقبل علامة الطالب كما هي ودفعه الى الأمام عبر تشجيعه للوصول الى استحقاق
اعلى.
شطارة
تشير كل تلك الابتكارات الى ان الطلاب لديهم نسبة عالية من الذكاء حيث
يبتكرون اساليب متطورة او اذا صح القول "شيطانية" في الغش، وهذا كله للهروب
من الضغط النفسي الذي يترتب عليهم من الأهل والأساتذة والمناهج المتكدسة
في المدارس والجامعات. ليصبح الغش هو السبيل الوحيد للهروب، وحتى لو تم
إنزال عقوبة مفرطة بـ "الغشاش"الا انه لا يتهاون في اعادة الكرة مرات عديدة
دون يأس ولا ملل، معتبراً ان ما يقوم به هو "شطارة" وتفوق على استاذه