بعض الأطفال ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، خاصة
إذا كان له إخوة وأخوات يذهبون للمدرسة، يحضرون الدفاتر ويرسمون اللوحات
الجميلة ذات الألوان الزاهية وهو يشاهدهم، و يشعر بصعوبة فراقهم في الصباح
ويفتقد اللعب معهم – بينما تنشغل والدته بالعمل في المطبخ ويبقي هو وحيدا .
بالرغم من كل هذه الرغبة الشديدة من معظم الأطفال،
إلا وأن البعض منهم يعاني من رهاب الذهاب للمدرسة، لا سيما وأنه يشعر بأنه
أصبح في عالم غريب وأنه أصبح كبيرا وفارق عالم الحب والاحتواء والمنزل،
وأنه سوف يواجه بعض المشاكل التي تعترض مسيرة حياته الدراسية وخصوصا في
الثلاثة أشهر الأولى .
بعض الأطفال يشعرون بالقلق لا سيما وأن المدرسة حرمته
من اللعب الدائم، إذ يبقى منحشرا في الفصل ساكنا لفترة طويلة لم يعتدها،
ويظل رهين روتين يومي غاية في الرتابة، وخصوصا إذا كان مدرسوه ذوي شخصيات
جادة ولا يعنون بالطفولة ومتطلباتها من ابتسام وحب وأبوة صادقة لمشاعرهم .
هذا أيلي جانب الصحو المبكر اليومي حيث انه اعتاد
الجلوس لمشاهدة البرامج التلفزيونية والسهر والصحو متأخرا، أما أبان أيام
المدرسة فانه يجب أن ينام مبكرا حتى يصحو مبكرا.
بعض الأطفال يكرهون هذا البرنامج اليومي الذي فرض عليه، هذا إلى جانب الواجبات والمذاكرة المفروض عليهم أداؤها بالمنزل.
أما أهم عامل في رفض الطفل للمدرسة ابتعاد الطفل عن
والدته – والكل يعلم مدي ارتباط الطفل بامه – فالطفل يشعر بالمدرسة بأنه
مكبل بقيود جديدة لم يعتاد عليها, إذ عليه المجيء للمدرسة في وقت محدد،
والخروج أيضا في وقت محدد،و البقاء في الحصة نحو نصف الساعة أو الساعة إلا
الربع بلا حراك، فالطالب يصبح في عالم آخر لم يتعود عليه .
وكل علماء النفس يعتبرون الضيق الذي يشعر به الطفل
خلال الأشهر الأولى من دخوله المدرسة اعتياديا فإذا عبر عنه بالبكاء
والصراخ فلا داعي للخوف أو القلق من قبل إدارة المدرسة أو الآباء، لذا يجب
مناقشة الأمر بكل صراحة بين الوالدين وإدارة المدرسة وحل كل المشاكل التي
تواجهه .
وفي هذا الصدد ينوه البروفيسور اليقسي اسكدمور"
أستاذ علم النفس بجامعة اولد بارك بولاية الينوا بأمريكا –" ربما يكون
الأمر مثيرا جدا لطفلك عملية دخوله المدرسة الابتدائية، ولكن بعد فترة لا
يصدق ما حدث له، وكثيرا ما تدمع عيناه حينما يعي بأنه فارق والدته بالمنزل
وأنه في كل لحظة يظل مشتاقا لها ".
ماذا يفعل الوالدان ؟
ما علي الوالدين إلا أن يصبحوا مستمعين جيدين لطفلهم وهو يحكي ما حدث له طيلة اليوم الدراسي المنقضي.
يجب أن يصبروا على أحاديث طفلهم وبل يجب مناقشته فيما
فعل وبالتفاصيل المملة وفي هذا الصدد يشرح البروفيسور ديفيد فاسيرا
"أخصائي الأمراض النفسية بكلية فيرمونت الطبية " يجب ترك بعض الوقت لطفلك
لأجل نقاشه فيما حدث له بالمدرسة أثناء ذلك اليوم، يجب أن تستمع لكل كلمه
يقولها باهتمام، و عليك نصحه وإرشاده بجانب تعريفه لكل ما خفي عنه من
معلومات ".
أما الوالدة فعليها تذكيره بأنها تفتقد إليه في المنزل، وأنها تظل طيلة النهار في شوق إليه حتى يأتي.
تعتبر عملية دخول المدرسة بالنسبة للطفل عملية مقلقة
بجانب أنها تمثل نقلة كبرى في حياته، وخصوصا للذين اعتادوا ارتياد حمام
المنزل فقط، يصطدمون بدخولهم لحمام قذر تأنفه نفوسهم لا سيما وأن بعض
الأطفال لا يلتزمون بالنظافة لمثل تلك الحمامات، وبعض الأطفال يقاطع دخول
تلك الحمامات مما يتسبب في التبول على نفسه أحيانا، وهذه المشكلة يجب حلها
مع الطالب ومشرف المدرسة بجانب والديه .
على الوالدين تقع مسؤولية متابعة أطفالهما الذين
دخلوا للمدرسة حديثا لمدة الثلاثة أشهر الأولى، وذلك عبر المشرف الخاص
بالصف، هل هذا الطفل يتناول طعامه أم يرميه في السلة ؟ هل يتحدث مع زملائه
واستطاع خلق صداقات مع زملائه الطلاب ؟ هل يشارك بالصف ؟ هل هو مزعج بالصف
ويؤذي زملاءه ؟ هل يشارك بالنشاطات الأخرى غير الدراسية الخاصة بالمدرسة؟
وفي هذا الصدد يتحدث لنا البروفيسور بولا زينا "مدير
قسم علم النفس والتحليل النفسي بجامعة تولان بمدينة نيواورليانز " يعتمد
سلوك الطفل على مدى حبه لعائلته وخصوصا والديه، فإذا كان يعيش في منزل
خال من الخلافات والنزاعات محبوبا من الجميع – فإن هذه المشاعر سوف تنعكس
على أدائه بالمدرسة – سوف يحب كل من حوله – فهو صافي السريرة حسن الطوية .
أيها الوالد عليك بطمأنة طفلك وزرع كل وسائل الثقة في
إمكانياته وصفاته وأن توضح له بأن المدرسة سوف تفتح له أبواب المجد وتنير
طريقه، حدثه بضرورة خلق صداقة مع الطلاب واحترام المدرسين وكل العاملين
بالمدرسة حتى يشعر بأن الكل في خدمته في تلك المؤسسة.
أهم الخطوات لأجل تأقلم طفلك على المدرسة
- استمع لطفلك باهتمام عن كل آرائه عن المدرسة، في معلميه, زملائه بالمدرسة.
- وضح له رأيك وأرشده للعمل الصحيح.
- حبب إليه المدرسة بكل الوسائل واستجب لكل طلباته المدرسية .
- خصص بعض الزيارات للمدرسة لأجل تشجيعه ولأجل محادثة مدرسيه وخصوصا المشرف المباشر على الصف.
- ناقش معهم مستواه، اشتراكه بالصف، مواظبته على حضور الحصص، ناقشهم في أهم العوامل لأجل تطوير مستواه التعليمي .
- اهتم أكثر إذا كان طفلك يشتكي من أسلوب الدراسة
وطريقة التدريس، إذا رأيت أن المشكلة تستدعي النقاش يمكنك مراجعة الموقف مع
مشرف الصف .
- تجمل بالصبر، وتأكد أن طفلك يحتاج للوقت حتى يتأقلم مع المناخ المدرسي السائد