بما أن الطفل عبارة عن عجينة فإن الوالدين
يستطيعان تشكيلها وفق الصورة التي يريدان يحبذ الوالدان الوصول للصورة
المثلى لتحفيز واستثارة كل الجوانب التي تفعل من شخصية الطفل سواء أكانت من
النواحي المادية أم المعنوية، بحيث تتجمع كل تلك العوامل لتصب في مجري
فائدة الطفل.
إلا أن عملية فرض الهيمنة والقيام نيابة عن الطفل في
كل ما يخصه يجعله يعتمد في حياته على الآخرين، لذا يجب تركه يعمل كل أعماله
وحده؛ أي جعله يستخدم طاقته المادية ممثلة في جسمه وأطرافه بجانب مقدراته
العقلية بحيث يبدأ في التفكير واستخدام ذهنه.
فعلى سبيل المثال إذا كانت لدى الطفل لعبة يحبها يجب
ألا تسلم له في يده وإنما يتم وضعها بالقرب منه بحيث يستطيع التقاطها، أما
إذا كان يمشي فيمكن وضعها بعيداً منه حتى يحاول عن طريق المشي الوصول إليها
وهكذا.
إن روح الحماية والاحتكار لأفعال الأطفال يجب أن تمحى
عن أذهان الآباء والأمهات حيث يجب أن يشعروا طفلهم دوما بأنه حر في أفكاره
وأفعاله، إلا إذا أخطأ فيمكن إصلاحه وبطريقة محترمة مع إبداء مشاعر الحب
حتى عند حدوث الخطأ.
على الوالدين احترام رغبات أطفالهما أياً كان نوعها،
بحيث يشعر بأن والديه يدعمانه في الاهتمام برغباته وهواياته، إن عملية
تشجيع أطفالنا في عمليات التفكير أياً كان نوعها إنما تنمي في أطفالنا
محاولة التفكير منذ نعومة أظفارهم.
فإذا استفسر عن شيء لا تتم الإجابة عليه فوراً وإنما يمكن التوصل للإجابة عبر إلقاء عدة أسئلة حتى يتمكن من التوصل لتلك الإجابة.
إن مثل تلك الأسئلة المقابلة تجعله يتذكر تلك الإجابة، أما إذا أجبته فوراً فإنه سرعان ما ينساها.
وفي المسائل البسيطة التي تكون في شكل واجب يومي، يجب
ترك الطفل يفكر أولاً في حلها بعد أن تكون قد رسخت في ذهنه تلك القواعد
الخاصة بتلك المسائل، بعد إنهائه للواجب يمكن إجراء عملية التصحيح حتى يتم
التأكد من أنه فهم قاعدة تلك المسائل.
أما إذا بدأت والدته بحل الواجب اليومي معه يومياً،
فإنه بعد فترة لن يستطيع المذاكرة وحده لأن عقله قد تعود على المساعدة
الدائمة، وبالتالي فإن جانب التفكير قد تعطل لديه وإذا استمر الوضع هكذا
ربما لا يستطيع البتة حل مسائل الواجب وحده.
على المدرس والوالدين ألا يعودوا الطفل على الإجابة
الواحدة – وأن يشجعوا الأطفال على إعمال العقل، وأن يميلوا دوماً لإلقاء
الأسئلة التي تحتاج لإعمال العقل التي تحتاج لعمليات الحدس والتخمين.
ويمكن للمعلم وضع أسئلة على ألا يفرض على الطلاب
مناقشتها فوراً، وإنما يمنحهم فرصة كي يفكروا للحصة القادمة، وفي الحصة
القادمة يطرح النقاش ويستمع لعدد من الطلاب مع احترام رأي كل منهم، ولكن في
نهاية الأمر يوضح لهم الإجابة الصحيحة ولماذا اختار تلك الإجابة.
أما في المسائل الرياضية يعطي المدرس القاعدة التي
تساعد الطفل في حل تلك المسائل وبعدها يتركه ليعمل بها، فإذا لم يعمل بها
واستطاع التوصل للحل بطريقة أخرى يجب تشجيعه، فحينما يبرع الطالب في
استنباط طرق جديدة لحل عدة أنواع من المسائل الرياضية يصبح لديه المقدرة
الجيدة وتتنامى في نفسه القابلية والثقة بالنفس مما يجعله واثقاً من
قدراته ومؤهلاته.
وبذلك تتكون لدى الطفل قوة الصبر والجلد على حل
المشكلات التي تواجهه في الحياة، ومهما كانت قوة صدمة المشكلات التي تواجهه
في الحياة فإنه أصبح يمتاز بقوة الشكيمة والأناة بحيث لا ينشل تفكيره في
أصعب اللحظات وأحلكها.
بالتالي يصبح قادراً على تحدي كل المشكلات والمصاعب التي تواجهه بعقل متفتح وقلب منشرح وأنه بلا شك سوف ينتصر طال الزمن أم قصر.
فحينما يعتاد طفلك على التفكير فإنه عادة ما تتولد
لديه المقدرة على التفكير المنتج مستقبلاً، ويتم ذلك عبر وضع محور يرتكز
عليه في الموضوع ويحاول إبعاد كل ما هو ذو صلة بالموضوع محور الاهتمام.
من الجيد أن يحاول المدرس إشراك الطلاب في المسائل
التي تحتاج للتفكير الجماعي بحيث يطرح عليهم المشكلة ويترك لهم اختيار الحل
الأمثل، كأن تتمثل تلك الأسئلة في المواد الاجتماعية حيث تتنوع الأفكار
وتتوالى الخواطر حول أسلوب الحل الأمثل.
حينها يجتمع الأطفال وكل منهم يحاول شحذ ذهنه بما فيه
الكفاية لحل تلك المسألة مثار الاهتمام - وبالتالي يبرع كل واحد منهم في
التفكير حتى تنال مجموعتهم الجائزة.
من المهم أن يوصي الوالدان والمعلم أطفالهم بحمل
مذكرة وقلم حتى يتعلموا عملية القيام بتسجيل كل ما يهمهم من أفكار وخواطر
وعناوين مهمة، وإفهامهم أن بمقدورهم الرجوع لتلك المذكرة في أوقات فراغهم
حتى يصلوا لما يريدون.
إن عملية التفكير الجماعي تنمي في الطفل عملية احترام
الحوار، وكيفية تعلم السماع لأفكار إخوانه بالفصل، إلى جانب تنمية الولاء
للأفكار الصحيحة في نظره بحيث يعضد الرأي الصحيح دون الالتفات لما يربطه من
ود وصداقة لصاحب الرأي الخطأ أو الصحيح.
يجب أن نعلم أطفالنا "أن الاختلاف في الرأي لا يفسد
للود قضية" وأن احترام آراء الآخرين تنمي في الطفل عامل احترام التفكير في
حد ذاته بل ربما تدفع البعض إلى الارتكاز على التفكير المبدئي لينطلق منه
لأفكار أعمق، أي أنه يستطيع الإمساك بطرف الخيط ليواصل بعدها مسيرة التفكير
المتواصل، فالتفكير الجماعي في المشكلات ينمي في أطفالنا عملية التفكير
الممرحل بحيث يصبح لكل طفل دور يؤديه حتى تستطيع الجماعة التوصل للحل
النهائي.