موارنة يسـتعـدّون لمعركـة الرئـاسة

تدلّ
معظم التطورات الداخلية في الشهور الأخيرة، على ارتباط معظم الاشتباكات
السياسية، بحسابات داخلية وليس فقط خارجية، من زاوية محاولة التوظيف
السياسي في استحقاقات سياسية مقبلة، أولها معركة الانتخابات النيابية في
ربيع العام 2013، والتي تستبطن صراعاً أكبر على تحديد هوية رئيس جمهورية
لبنان في ايار 2014.

وتشير أوساط سياسية متابعة إلى أن الاستحقاق الرئاسي بدأ يُناقش في
دوائر مغلقة وتعدّ حوله التقارير المكتوبة، من هنا وهناك، وقالت «إذا كانت
القوى السياسية في الأكثرية والمعارضة بدأت تستعدّ لمعركة الانتخابات
النيابية، والتي ظهرت أولى مؤشراتها الفعلية في انتخابات الكورة الفرعية،
وفي البحث الجدي الجاري حول مشروع قانون الانتخاب، فإنها بدأت تلمح الى
مواقف سياسية تتعلق بالاستحقاق الرئاسي».

تضيف الأوساط إن المواقف المعلنة لبعض المرجعيات المارونية تفتح الباب
أمام بداية ارتسام معالم التوجّه الذي يحمله هؤلاء في مقاربة الاستحقاق
الرئاسي، لا سيما لجهة الجهر برفض فتح باب الترشح امام موظفي الفئة الاولى
(نموذج مقابلة الرئيس أمين الجميل مع «السفير» في 21 الجاري لجهة إعلان
رفضه توظيف الموقع (في الفئة الأولى) في خدمة حسابات سياسية»، مسانداً في
ذلك موقف النائب سليمان فرنجية وسواه.

وتقول الأوساط نفسها إن البعض من خلال مواقفه المستعجلة يريد قطع الطريق
مسبقاً امام بعض كبار الموظفين الكبار المحتمل ترشحهم، ولا سيما حاكم
المصرف المركزي الدكتور رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي، «واذا
كان من المبكر الحديث منذ الآن عن ظروف الاستحقاق الرئاسي وطبيعة المعركة
وكيف ستخاض وبمن وبأي حسابات وتوازنات داخلية وخارجية، في انتظار جلاء صورة
الوضع السوري، وجلاء تركيبة المجلس النيابي الجديد في العام 2013، فإن
عدداً من القيادات المارونية بدأ يصوّب ولو من بعيد على الاستحقاق الرئاسي
من أبواب عدة، اهمها الباب السوري حالياً والباب اللبناني المفتوح على
قضايا كثيرة تصلح مادة للاستخدام في المعركة الانتخابية النيابية ومن ثم
الرئاسية.

وفي هذا المجال، تتوقف الأوساط نفسها عند رهانات القوى الحليفة لسوريا
والمعارضة لها على صمود النظام السوري او سقوطه، وتركز هذه الاوساط على
تعويل بعض قيادات «قوى 14 آذار» على سقوط الرئيس بشار الاسد وعلى نسج
تحالفات اقليمية ودولية تمكنها من إيصال مرشحها الرئاسي رئيس حزب «القوات»
سمير جعجع وهو الاسم الأكثر ترجيحاً حتى الآن.

وتقول الأوساط نفسها إن الرئيس امين الجميل وسمير جعجع والنائب بطرس
حرب، يتعاطون مع الاستحقاق الرئاسي منذ الآن، كل على طريقته، وقد دخل
الرئيس سعد الحريري عبر تغريداته شبه اليومية في «تويتر» على الخط مباشرة
بترشيح جعجع للرئاسة الاولى منذ شهور عدة، وتلمح الأوساط الى ان ثمة وزراء
موارنة حاليين أبدوا رغبتهم في تصريحات معلنة «في تحمل المسؤولية الوطنية»،
عدا عن إبداء اقطاب موارنة مثل العماد ميشال عون رغبتهم الدائمة بالترشح
للرئاسة الأولى، بينما تردد أوساط سليمان فرنجية أنه ليس مرشحاً للرئاسة
الأولى طالما أن حليفه الماروني ميشال عون هو المرشح الأول لهذا المنصب.

وتشير الاوساط المتابعة الى زيارات جعجع الخارجية التي باتت شبه منتظمة
الى دول عربية وغربية، وربطت جانباً منها ببحث موضوع الاستحقاق الرئاسي
والحصول على دعم مادي للمعركة النيابية، كما أشارت الى استغلال محاولتي
اغتيال سمير جعجع وبطرس حرب، لشد العصب المسيحي والماروني بشكل خاص،
واستخدامه في المعارك الانتخابية النيابية والرئاسية المقبلة، فيما يستفيد
النائب بطرس حرب من توصيف نفسه مستقلاً بما يوفر له دعما غير محسوب من قوى
سياسية اخرى، عدا عن سعي الآخرين في «قوى 8 آذار» لتكبير حجم كتلتهم
النيابية تمهيداً للاستحقاق الرئاسي ايضاً، «لأن كل شيء مشروع في اللعبة
الداخلية اللبنانية وتعتبره جميع الاطراف حقاً من حقوقها السياسية».

ولا تخفي الاوساط نفسها ان الجامع بين الطرفين هو محاولة سد المنافذ
امام موظفي الفئة الاولى، لحصر السباق بالقوى السياسية الطامحة المعروفة،
خاصة إذا تمكنت هذه القوى من امتلاك كتل نيابية وازنة وتحالفات قوية
تساندها في خوض الاستحقاق.

وفي هذا السياق، يتوقع أن يأخذ موضوع تقسيم الدوائر الانتخابية في مشروع
قانون الانتخاب مداه من النقاش في الحكومة وخارجها، لأنه العامل الأكبر في
تكوين الكتل النيابية الكبيرة، التي تقرر مسارات المجلس النيابي المقبل،
إلا أن مصدراً وزارياً توقع الا تأخذ مناقشة المشروع في مجلس الوزراء أكثر
من جلستين بسبب التوافق بنسبة كبيرة حول فكرة النسبية من حيث المبدأ، إلا
إذا ظهرت اعتراضات كبيرة لا سيما من كتلة النائب وليد جنبلاط، ودفعـت إما
الى تأجيل البحث فترة اضافية، وإما الى طي الملف حالياً بشـكل نهائي الى
حين نضوج الظروف أكثر، خاصة أن بعض المتشــائمين يرون أنه قد لا تحصل
انتخابات نيابية إذا تفاقم الوضع السـوري وانعكس توتراً كبيراً في لبنان.




غاصب المختار