السرقات تنتقل الى المصارف... ينهبون ويلوّحون للكاميرا
في الشهر الأمني، حوادث واعتصامات، ظهور مسلح،
عمليات سرقة وقطع طرقات... وليس اخيراً موجة سرقة مصارف في مختلف المناطق
اللبنانية. كثرت عمليات سرقة البنوك، عبر سطو مسلح أو غير مسلح، ينتهي
بتلويح السارقين بأيديهم للكاميرات توديعاً، اضافة الى سرقة مبالغ طائلة من
الاموال ونشر حال من الذعر بين الموظفين والزبائن.
جمعية مصارف لبنان اكتفت ببيان تحذيري، مطالبة بالتصدي الحازم للتسيب
الأمني، فيما عزا وزير الداخلية تكرار العمليات الى "البطالة والجوع"، أما
نقابة موظفي المصارف فطالبت بخطة أمنية تتناسب مع تطور أساليب الفاعلين في
السرقة.
تشهد معظم المناطق اللبنانية منذ بداية العام الجاري، موجة سرقات طالت
المصارف، بمعدل يزيد عن ثلاث عمليات سرقة في الشهر الواحد، إلى ان سجل
الشهر الجاري أربع سرقات في البنك اللبناني الفرنسي، بنك بيبلوس، سوسيته
جنرال، واخيراً بنك فينيسيا. ما يجمع بين مختلف السرقات، التشابه في
الاسلوب من حيث التنفيذ، بعد دخول مسلحين ملثمين الى البنك، وتهديد
الموظفين وسرقة صندوق المصرف، في حالة فريدة من الجرأة، والتعدي الامني على
المصرف والموظفين في وضح النهار، وفي مناطق غالباً ما تعج بالناس والمحال.
أمس الأول، العملية الأخيرة كانت من نصيب بنك "فينيسيا" في منطقة الاشرفية
– ساسين، حيث دخل مسلحان يرتديان خوذتين، قرابة العاشرة صباحاً، شهرا
مسدسين حربيين باتجاه الموظفين المولجين بصندوق المصرف وسلبا بعد تهديدهما
بالقتل مبلغ 50 الف دولار أميركي، و50 مليون ليرة لبنانية، وفرا على متن
دراجة نارية.
رفضت ادارة البنك اعطاء اي تصريح صحافي، وخرجت جمعية مصارف لبنان
ببيان، اخيراً، بالرغم من تكرار عمليات السرقة منذ بداية العام، جاء فيه
تحذير الجمعية من تمادي السرقات التي تتعرض لها المصارف والتي أضحت بمعدل
عملية واحدة كل أسبوع. واذ تندد الجمعية الأعمال الاجرامية المتفاقمة التي
تقوم بها عصابات منظمة، طالبت "الأمن اللبناني بالتصدي الحازم للتسيب
الأمني الذي من شأنه ان يلحق الضرر بهيبة الدولة وبسمعة لبنان في الخارج".
نظام أمان
وكانت بنوك في مناطق ضبيه، الدامور، الشويفات، كفرشيما، فردان، وبرج
البراجنة تعرضت الى السرقة، ففي السادس والعشرين من حزيران سُرق فرع المصرف
اللبناني- الفرنسي في ضبيه، بعد سطو مسلحين كانوا يستقلون دراجة نارية
ويضعون خوذات على رؤوسهم، اثر اطلاق النار على الارض ما تسبب بالذعر، وسرقة
64 مليون ليرة و40 أف دولار اميركي. وكان قد أقدم اربعة مسلحين ملثمين على
سرقة مصرف "فيدرال بنك" في الدامور في الرابع عشر من الشهر عينه ثم فروا
الى جهة مجهولة، بعد ما سرقوا مبلغ 100 مليون ليرة.
ووصل الحد بسارقين آخرين الى تسلحهم بجرأة، تعبر في كثير من الأحيان عن
غباء، حيث حاول شخص سرقة كمية من أموال مصرف "عودة" في منطقة فردان لكن
حراس المصرف تمكنوا من إلقاء القبض عليه وتسليمه إلى قوى الأمن الداخلي،
غير انّ السارق لم يكن مسلحاً. يؤكد أحد موظفي بنك "عودة" في حديث الى "صدى
البلد" تمتع البنك بنظام أمان خاص، اضافة الى افراغ الصناديق من الأموال.
يقول "نطبق تدابير خاصة ولا نخل بشروط التأمين الملتزمين بها، اضافة الى
محدودية حجم الاموال في الصناديق والكاميرات وحراس الامن، وليس من السهولة
الوصول الى الخزائن الحديدية. وبالرغم من تخوفنا من موجة السرقات الحاصلة،
ولكننا لن نلجأ الى وضع مسلحين على المداخل، واعتبر مسؤولية أمن البنوك،
مسؤولية ذاتية، اضافة الى مسؤولية قوى الأمن الداخلي، فأقله ان تُسير
دوريات درك في مختلف المناطق لتجنب عدد كبير من السرقات".
الخزائن الداخلية
فهل من اجراءات جديدة سيتم اتخاذها لدى مختلف البنوك بعد موجة السرقات
الحاصلة، فبالرغم من وجود الأمن والحماية ، لا تزال المصارف تتعرض الى
السرقة، وتنتهي بتلويح السارق بيديه الى الكاميرا، تعبيراً منه عن انجاز
خاص قام به؟. تضاف الى ذلك حال الذعر التي تصيب الموظفين والزبائن، والتي
قد تنتهي في كثير من الاحيان الى اصابات في صفوفهم، فالاموال يمكن ان
تُسترجع ولكن ماذا ان شكلت تلك العمليات خطراً عليهم، ما يستتبع بالتالي
وجود خطة امنية حسب رئيس نقابة موظفي المصارف أسد خوري الذي أكّد في اتصال
مع "صدى البلد" ضرورة تحكيم خطة امنية. يقول "اذا كانت الخطة الامنية تفوق
طاقة شركات الحماية، فمن المفترض على الاجهزة الامنية ان تقوم بها، لايقاف
الحالات المتكررة من عمليات السرقة حيث استسهل الفاعلين هذا النوع من
السرقات. ما يحصل يطرح العديد من التساؤلات، فبالطبع انها ليست عمليات
فردية أو مصادفة، بل عمل منظم يستدعي الحلول السريعة، وكما المصارف تقوم
بخدمة الاقتصاد اللبناني، فعلى الحكومة أن تحميها ايضاً، اقله وجود قوى
سيارة من الدرك. اضافة الى استسهال يؤدي الى ابتكار طرق جديدة للسرقة
وآليات متطورة، قد تجعل السارقين يصلون الى الخزائن الداخلية". تعطي
النقابة تعليماتها الى موظفي البنوك بكيفية التعاطي في حالات السطو المسلح،
على أن لا تكون هناك ردة فعل عنيفة ضد الفاعلين، او الاستنفار في وجههم،
تجنباً لاي خسائر بشرية، فلا يجب ان يتجاوبوا معهم الى اقصى الحدود، وليس
بالضرورة ان يتصرفوا كرجال امن امامهم.
تخوف من تحول عمليات سرقة المصارف الى موضة، ومعه الشهر الامني الى شهر
يغيب عنه الامن والأمان، فحتى البنوك التي كانت تُعتبر مثالاً للحماية،
ضُربت هيبتها مع استسهال سرقتها، وعلى الطريقة اللبنانية، تنتهي القضية
بتعداد حلقات متواصلة من سيناريو خبر عاجل "سطو مسلح على بنك.......".