الهرم الأكبر ذو الألف والأربعمئة عام القابع على رمال الصحراء على ضفاف نهر النيل في الجيزة هو من العجائب الوحيدة المتبقية من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم.
وحتى الآن، ورغم زيارته من قبل الملايين من السياح كل عام، ورغم محاولة استكشافه من قبل علماء الآثار في العصر الحديث المزودين بأحدث تقنيات الروبوت، لا يزال النصب العملاق والذي تم بناؤه على مدى 20 عاما باعتباره قبر الفرعون المصري خوفو (المعروف باسم كيوبس باليونانية) يحوي بداخله الكثير من الأسرار.
ويشتكي السائحون القادمون من القاهرة والذين يقفون في طوابير طويلة لقطع التذاكر من الباعة المتجولين، ويشكون في كثير من الأحيان من العدد غير الكافي من المرشدين السياحيين والإضاءة السيئة والممرات الضيقة المكتظة.
لكن الكثير من المباني الواسعة لا تزال متاحة خارج الحدود للجمهور من الزائرين، كما يتواصل العمل لكشف الأبواب الخفية والغرف السرية والكتابة الهيروغليفية الملونة والتي تعطي لمحة محيرة عن هذا العالم القديم.
تم بناء الهرم الأكبر في عام 2570 قبل الميلاد من قبل مجموعات يصل عددها إلى 200000 شخص من العمال الفلاحين والعبيد والمهندسين والذين تم بواسطتهم رفع ستة ملايين طن من كتل الحجر الجيري والغرانيت والتي يزن الواحد منها حوالي 2 طن إلى الارتفاع الأصلي للهرم والبالغ 146 متر.
أهرامات الجيزة الثلاثة والتي تعتبر الأضخم والأكبر في العالم كانت المباني الأطول في العالم حتى تم الانتهاء من بناء كاتدرائية لينكون في عام 1300م، ورغم أنها فقدت ستة أمتار نتيجة لعوامل التآكل على مدى آلاف السنين إلا أنها لا تزال نصبا تذكارية مذهلة يدل على الجهد البشري المبذول فيها.
ولقد أعاد المستكشفون الفيكتوريون الاهتمام بكشف ألغاز الهرم الكثيرة، ولكن جهودهم الحماسية كهواه منذ ذلك الحين حل محلها العلماء الذين يعملون تحت إشراف ومراقبة من السلطات المصرية.
وتكثر النظريات التي تتراوح بين الغريب منها (مثل قطعتي النحاس المثبتتين في نهاية نفق تم حفره مؤخرا ويعتقد أنهما نقاط قوة لتكنولوجيا غريبة) إلى الركيك منها (قطعتي النحاس لا يزيدان عن كونهما أدوات للزينة)، ويدّعي البعض أن هناك قاعة أسطورية للسجلات - مكتبة كبيرة من الكنوز الخفية – تكمن في سراديب الموتى الموجودة تحت الأرض.
أحدث الاستكشافات كانت بواسطة مشروع يسمى دجيدي، وذلك للكشف عن غرف يعتقد أنه تم إخفاؤها من قبل المهندسين المعماريين الأصليين للهرم بعد أن طلب منهم أحد كهنة الفراعنة ذلك، وكان هذا المشروع بقيادة فريق بحث من ليدز. واستخدم الباحثون كاميرا "الثعبان الصغير"، وهي كاميرا تسمح بالرؤية حول الزوايا لفحص اثنين من المهاوي الغامضة التي تؤدي إلى أبواب حجرية مصقولة بدرجة عالية من إحدى غرف الدفن الثلاثة.
وأظهرت الصور وجود كتابات هيروغليفية مكتوبة بطلاء أحمر وخطوط مخدوشة على الحجر لا يوجد تفسير لها.
ووصف زاهي حواس وزير الدولة لشؤون الآثار المصرية هذه الأبواب بأنها أحدث وأكبر الألغاز التي يتم اكتشافها عن الهرم، ملمحا إلى أن تلك الأبواب قد تؤدي إلى غرفة سرية ظلت مخفية لآلاف السنين.
ولكن بحوث فريق مشروع دجيدي توقفت بسبب الاضطرابات المحلية التي أدت إلى سقوط الرئيس المصري حسني مبارك في العام الماضي. ومع استمرار الوضع السياسي معلقا في مصر فإن النتائج التي تم التوصل إليها بالكامل في هذا المشروع لم يتم بعد الإفراج عنها.
في الفيلم المثير "المؤامرة" تساءل روبرت لانغدون الشخصية التي تخيلها دان براون بصوت مرتفع في الفيلم عن "إذا كان أي من علماء (المصريات) المبجلين في جامعة هارفارد قد طرق في أي وقت مضى على باب الهرم وتوقع إجابة ".
يجب على مصر أن تحل مشاكلها السياسية الحالية قبل أن يقوم ربوبرت لانغدون وبقية العالم بإيجاد تلك الإجابة في نهاية
المطاف.