طَالَمَا أَوْغَلْتُ في بَحْرٍ خَفيٍّ
|
لا يُداني
|
شَطَّهُ المَرْصودَ إيقاعُ الثـّواني,
|
حيْثُ لا يَشْتدّ هَوْلُ المَوْجِ
|
حتّى يمّحي نَجْمٌ وصُبْحٌ ومواني
|
حيْثُ لا يَنْشَقُّ مَرْعى الغَيْمِ
|
عَنْ وَهْجِ البُروقْ
|
غَابةً سَوْدَا وأَدْغالاً
|
يُدَمّيها الحَريقْ
|
شَبَحٌ يُبحِرُ في البُحْرَانِ
|
يُغويه السَرابْ
|
تَلْتقيهِ في ضَبابِ التَّبْغِ
|
أَشْباحٌ يُغَشّيها الضَبابْ,
|
وسَوَادٌ صامِتٌ
|
يَهْبطُ في المَقْهى
|
على وَهْجِ الشّرَابْ
|
***
|
طالَمَا عايَنْتُ رَسْمًا
|
في ضَبابِ التَّبْغِ يَنْمو بَيْنَ
|
عَيْنيَّ ويَنمو في وُجُومْ
|
يَتَخَطَّى فُسْحَةَ المَقْهى
|
ويُخْفي ظلُّه سَيْلَ الرُّسومْ,
|
كَيْفَ كانَتْ تَلْتَوي الشَّهْوَةُ
|
في وَجْهِ خَصِيٍّ
|
سَخِرَتْ مِنْه الجَواري
|
يَمْتطي الفُرْسانَ
|
مَرْهوبًا, وليًّا, لا يُدَاري
|
كَيْفَ ساقَتْني إلى غَيْب الصّحَارِي
|
لَعْنةُ العارِ القَديمْ,
|
(...)
|
فتَجَلَّتْ فيه نارٌ صَلْبةٌ
|
تَعْصى عَلى نارِ الجَحيمْ
|
تَتَعالى شُهُبًا
|
من رَحِمِ الأَرضِ لأبْراجِ النُّجُومْ
|
***
|
طالما أَغْمَضْتُ دون البَرْقِ
|
عَيْنيّ, وأَرْخَيْتُ الستائرْ
|
وتَرَكْتُ اللّيْلَ
|
يَنهَالُ على أَشْلاَءِ مِصْباحٍ يَموتْ
|
وتَلَحَّفْتُ السّكُوتْ
|
فَتَلَوْتُ خَلْفَ جَفْنَيّ
|
مِنَ البَرْقِ التِماعاتُ الخَنَاجرْ:
|
أنْتَ يا مَنْ غوَّرَتْ
|
في جَوْفه الرّؤْيَا وغَصّتْ
|
فاسْتحالتْ جَمْرةً مُلْتهمَهْ
|
تلْكَ رؤْيا اخْتَنَقَتْ
|
في الكَلِمَهْ
|
حين ثَارَتْ, وتَحَدَّتْ
|
لعنةً ما بَرِحَت تَشْتدُّ
|
من جيلٍ لجيلْ,
|
لعنةَ الأرْضِ البغيِّ الهَرمَهْ
|
يَوْمَ كانَ الصّبْحُ يَنْهلُّ على
|
أَرْضٍ بَتُولْ
|
فَجّرَتْ فيها سُيولاً وَسُيولْ
|
مِنْ خُيولِ الفَتْحِ
|
رؤْيا التَمَعَتْ في كَلِمَهْ
|
***
|
أَتُرَى هَلْ كَان ما عَايَنْتَهُ يَوْمًا
|
سِوى صُبْحٍ غَريبْ
|
شَمْسُهُ تَطْلعُ مِنْ صَوْبِ المَغيبْ
|
وَسِوى نَهْرٍ عَجِيبْ
|
تمَّحي اللّعنةُ فيه,
|
والتّجاعيدُ, وَيَنْحَلُّ المَشيبْ?
|
***
|
كان أَجْدَى
|
لَوْ بَنَتْ كفَّاكَ بُرْجًا مُتَعالي
|
في حنايا صَمْتِهِ
|
يَرْفلُ وَهْجُ الطّيبِ
|
في وَهْج اللآلي
|
وَغُلالاتٍ مِنَ الوَهْمِ المُغَالي
|
وشَّحَتْهَا حَنْوةُ اللّيْلِ الطّري
|
وصفاءٌ مُخْمَليٌّ قَمَرِي
|
يَلْتوي عَنْها جُنُونُ الشَّمْسِ
|
تَرتدُّ ظُنونُ الأَعْيُنِ المُتَّهمَهْ
|
كان أَجدَى
|
لو تَبَرَّجْتَ
|
وبَرَّجْتَ البَغِيَّ الهِرمَهْ
|
***
|
طَالمَا غَرَّبْتُ في الخَمرةِ
|
عَنْ طَبْعي وحالي
|
غِبْتُ في طَبْعِ صَبيٍّ لا يبالي
|
غِبْتُ في طَبْعِ الدّوالي
|
أَرتوي من مَرَحِ الشّمْسِ
|
وما يَنْهَلُّ مِنْ صَحْوِ السّحَابْ.
|
ضَجَّةُ المَقْهَى,
|
ضَبابُ التَّبْغِ
|
مِصْباحٌ وأشْباحٌ يُغَشّيهَا الضَّبابْ
|
لا أُبالي
|
إِنّ لي طَبْعَ الدّوالي
|
وَطِباعًا وطباعًا وطِباعْ:
|
شررًا, مَوْجًا, غُيومْ,
|
بَعْضُهَا يَنْحَلُّ في بَعْضٍ
|
ولا يُبقي
|
سِوى طَعْمِ الصّراعْ
|
وسوى طَعْمِ الضّياعْ.
|
إِن يَكُنْ يَطْمَعُ بالغُفْرَانِ
|
مَنْ يَبْكي, يُصَلّي, وَيَصومْ
|
فأَنا طَبْعٌ غَريبٌ لا يَدومْ
|
يكتوي بالرّعبِ مِنْ طَبْعٍ
|
غريبٍ لا يَدومْ
|
***
|
في جبالٍ مِنْ كوابيسِ التّخلّي والسّهَادْ
|
حَيْثُ حَطَّت بومةٌ خَرْسَاءُ
|
تَجْترُّ السّوادْ
|
اَلصّدى, وَالظِّلُّ, والدّمعُ جمادْ,
|
يَتَجلّى فارسٌ غَضٌّ مَنيعْ
|
فارسٌ يَمْسَحُ غَصّاتِ الحزانى والجِياعْ
|
ويُعَرّي الفِعْلَ
|
من اِسْمٍ وظَرْفٍ وقِناعْ,
|
وتَودُّ البومةُ الخَرْسَاءُ
|
لَوْ ماتَ الجَميعْ
|
لو تَوارَى الفارِسُ الغَضُّ المَنيعْ
|
مَوْجَةً يلهو بها, يَهْدمُهَا
|
مَوْجُ الطّباعْ
|
وَأَرى الفارِسَ يَهوي وَيغيبْ
|
وأَرى البُومَةَ تَهْوي وتَغيبْ
|
بَيْنَ شطَّيْنِ مِنَ المَوْجِ العُبابْ
|
وَأَرى عبْرَ الغيابْ
|
شَبَحًا يُبحرُ في البُحْرَانِ
|
يُغويهِ السّرَابْ
|
تَلتقيهِ في ضَبابِ التّبْغِ
|
أَشْباحٌ يُغَشِّيهَا الضَّبابْ
|