امبراطور الحب
نقاط : 8725 عدد المساهمات : 2524 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 05/06/2011 العمر : 39 الاقامة : وسط لبنان
بطاقة الشخصية بطاقة الشخصية : (0/0)
| موضوع: وجوه السندباد 07.06.12 15:00 | |
| **************
| ( 1 ) وَجْهانِ
| لَمْ تَرَ الغربةَ في وجهي
| ولي رسمٌ بِعَينَيْها
| طريٌّ ما تغَيَّرْ
| آمِنٌ في مَطْرحٍ لا يعْتريهْ
| ما اعترى وجهي
| الذي جارَتْ عليهِ
| دمغَةُ العُمرِ السفيهْ
| كيْفَ - ربي - لا تَرَى
| ما زَوَّرَ العُمرُ وحفَّر,
| كيفَ مرَّ العُمرُ من بعْدي,
| وما مرَّ,
| فظلَّتْ طفلةُ الأمسِ وأَصغَرْ
| تغْزل الرسمَ على وجهي,
| وتحكي ما حكته لي مِرَارْ
| عن صبيٍّ غصَّ بالدمعَةِ
| في مقهى المطَار
| "غِبْتَ عنِّي,
| والثواني مَرِضَتْ,
| ماتَتْ على قلبي,
| فما دَارَ النَّهارْ,
| ... ليلُنَا في الأرْزِ من دهرٍ تُراهُ
| أم تُراهُ البارحهْ?
| ... صدرُكَ الطَّيِّبُ
| نفسُ الدفءِ والعُنْفِ,
| ونفسُ الرائحَهْ,
| وجهك الأسمرُ..."
| - أدري أنَّ لي وجهًا طريًّا
| أسمرًا لا يعْتريهْ
| ما اعترى وجهي
| الذي جارَتْ عليهِ
| دمغَةُ العُمر السفيهْ
| وجهيَ المنْسوجَ من شتَّى الوجوهْ
| وجهَ مَنْ راح يتيهْ:
| **************
| ( 2 ) سجينٌ في قطارْ
| مُرَّةٌ ليلتهُ الأولى
| ومُرٌّ يومُهُ الأولُ
| في أرضٍ غريبَهْ,
| مُرَّةً كانتْ ليَاليهِ الرتيبَهْ,
| طالما عضَّ على الجوعِ
| على الشهوةِ حرَّى
| وانطَوى يعْلِكُ ذكْرَى
| يمسحُ الغَبرةَ عن أمتعة ملءَ الحقيبَهْ.
| حَجَرٌ تحملُهُ الدوَّامةُ الحرَّى,
| سجينٌ في قطَارْ
| ما دَرَى ما نكهةُ الشمسِ,
| وما طِيبُ الغُبارْ
| ورشاشُ الملحِ في ريج البحارْ.
| ***
| مِن أَسابيعَ وفي غرفتِهِ
| تلك الكئيبهْ.
| تأكلُ الغبرةُ أشيَاءَ الحقيبَهْ
| تأكلُ الوجهَ الذي خلَّفَهُ
| لمـَّا تعرَّى
| ومضى وجهًا طريًّا
| ما له أَمسٌ وذِكْرى.
| **************
| ( 3 ) مع الغَجَر
| مَنْ تُرَى يحْتلُّ ذاكَ الفنْدقَ الريفيَّ,
| عُرسُ الجنِّ فيه... مُحْرَقَهْ!
| لَهَبُ الرقصِ,
| ورقصٌ في اللهَبْ,
| والتعَبْ?
| مَنْ تُرَى يتعبُ مِنْ
| لينِ الزنودِ المحرقَهْ
| مَنْ تُرَى يرتاحُ في حُمَّى السريرْ!
| صاحَ: "هذا الكأسُ لي
| من أَهرقَهْ?"
| ضَحِكَتْ:
| "ثوبي الدِّمَشْقِي الحرير ْ
| لستُ أَدري, لَم أَسَلْ مَنْ مَزَّقَهْ"
| ***
| أَتْقَنَ الدوخةَ من خَصْرٍ لخَصْرٍ,
| عادَ من عُرسِ الغَجَرْ
| دمغَةٌ في وجههِ,
| في دمهِ شلاَّلُ نارٍ
| وعلى قُمْصانِهِ ألفُ أثَرْ.
| موجةٌ واحدةٌ في دمهِ,
| في زوغةِ الشمسِ,
| وحمَّى المعْدنِ المصْهورِ,
| في البركانِ, في وَهْجِ الثمارْ,
| موجةٌ تغزلُ في المرجِ فراشاتٍ,
| وتغْفو في خوابي الخمرِ
| تغْفو في قوارير البَهارْ,
| موجةٌ فوَّرها في دمهِ
| عرسُ الغَجَرْ
| عاد منْه ما له ذاكرةٌ
| تُحصي الصُوَرْ
| عمرُهُ ثانيةٌ عَبْرَ الثواني
| يتلقَّاها, وينْسى ما عَبَرْ,
| عمرهُ عمرُ الغَجَرْ
| وله وجهُ الغَجَرْ
| وجهُ من تبصُقُهُ الدوامةُ الحرَّى
| فيرسو في المواني
| ومحطاتِ القطَارْ
| لِبَنَاتِ "البارِ" ما في جيْبهِ,
| ضحكةٌ
| حشرجةٌ خلفَ الستارْ,
| وجهُ من يتعَبُ من نارٍ
| فيرتاحُ لنارْ.
| **************
| ( 4 ) بعْد الحمَّى
| وجهُ مَنْ يصْحو من الحمَّى:
| فراغٌ, شاشةٌ ترتجُّ
| عينٌ مطْفأَه,
| وصريرُ المدفأَهْ.
| **************
| ( 5 ) جنَّةُ الضجَر
| وجهُ ذاك الطَّالبِ القاسي
| على أعصَابِ عينٍ متعَبَهْ
| في زوايا متحَفٍ, في مكتَبَهْ
| وجهُهُ يعْرقُ مصْلوبًا
| على سِفْرٍ عتيقْ
| وعلى صمتِ الصُورْ,
| ووجوهٍ من حَجَرْ,
| ثم يرتاحُ إلى الصَّمتِ العَريقْ
| حيث لا عمرٌ
| يبوخُ اللونُ فيه والبريقْ,
| ضَجَرٌ في دمهِ
| في عينهِ الصَّمتُ الذي
| حجَّرَهُ طولُ الضجَرْ
| وجهُهُ مِن حجَرٍ
| بينَ وجوهٍ من حَجَرْ
| **************
| ( 6 ) اَلأَقنعَهْ, اَلقرينهْ, جسْرُ واترلو
| لو دعاهُ عابرٌ للبيْتِ,
| للدفءِ, لكأسٍ مترعَهْ,
| سوفَ يحكي ما حكى المذياعُ,
| يحكي: "سرعةُ الصَّاروخِ,
| تسعيرُ الريالْ,
| جوُّنا المشحونُ بالإِشعاعِ
| والموتى بحمَّى الخوفِ,
| لا, شؤْمٌ, محالْ,
| طَيِّبٌ جوُّ العِيال,
| اِبتذالْ".
| لو دعاهُ عابِرٌ للبيْتِ
| لن يمضى معَهْ,
| لو دعتْهُ اِمرأَهْ,
| ربَّما طابَتْ لها الخمرُ
| وطاب الشعْرُ.. نِعْمَ التوطئهْ..
| "ما بِنا لا ما بِنا من حاجةٍ
| للضوءِ.. أَو للمدفأَهْ.."
| ***
| ما لها فرَّتْ وغابتْ
| حلوةً كانت, وكانت طيِّعَهْ!
| ***
| عَتْمةُ الشارعِ,
| والضوءُ الذي يجلو فراغ الأقنعَهْ
| وقنَاعٌ مسَّهُ, حدَّقَ فيهِ,
| لو دعاهُ? آه لن يمضى معَهْ
| "أَنْتَ! هلْ أَنتَ? بَلَى,
| لا, لستَ, لا, عفوًا,
| ضبابٌ موحل يُعْمي مصَابيحَ الطَّريقْ,
| إنَّ في وجهكَ بعْضَ الشبْهِ
| من وجه صديقْ".
| - فلأَكُنْ ذاكَ الصَّديقْ
| كُنْتُ أَمشي معهُ في دربِ "سوهو"
| وهو يمشي وحدَهُ في لا مكانْ
| وجههُ أَعتقُ من وجهي ولكنْ
| ليس فيه أَثرُ الحمَّى
| وتحفيرُ الزمانْ,
| وجههُ يَحْكي بأَنَّا توءَمانْ.
| ولماذا ساقني للجسرِ
| حيْثُ الموجُ إِثْرَ الموجِ
| يدوي يتدَاعى
| مُدْخنَاتُ الفحْمِ تعْوي
| من محطَّاتِ القطَارْ
| والبخَار ْ
| وضبابٌ كالحٌ ينبعُ
| من صوب البحارْ,
| كلُّها تغزلُ حول الجسرِ
| حولي أُفعُوانًا, أُخْطُبوطًا
| وَسِخَ الأظفارِ, أَشداقًا رهيبَهْ,
| "مُتعَبٌ أَنتَ وحضنُ الماءِ
| مرجٌ دائمُ الخضرةِ, نيسانٌ,
| أَراجيحٌ تغَنِّي, وسريرْ
| مخمليُّ اللينِ شفَّافٌ حرير,
| وبناتُ الماء ما زِلْنَ
| على الدهرِ صبايا
| ربَّما كانَ لديهنَّ
| قواريرٌ من البلسمِ,
| أَعشابٌ, تعَازيمٌ عجيبَهْ
| تمسحُ التحفيرَ عن وجهكَ
| تسقيهِ غِوَى سُمْرتهِ الأولى المَهيبَهْ
| لونَ لبنانٍ وطِيبَهُ".
| مُتعَب, دوَّامةٌ عمياءُ,
| هذا اللولبُ الملتفُّ حولي,
| ذلك التيارُ دوني والدُّوارْ,
| متعبٌ.. ماءٌ.. سريرْ..
| متعَبٌ.. ماءٌ.. أَراجيحُ الحريرْ..
| متعبٌ.. ماءٌ.. دُوَارْ..
| وتلمَّستُ حديدَ الجسرِ
| كانَ الجسرُ ينحلُّ ويهوي,
| صورٌ تهوي, وأَهوي مَعَها,
| أَهوي لِقَاعٍ لا قَرَارْ
| وتلمَّستُ صديقي, أينَ أنتَ,
| كيفَ غابْ?
| اَلضبابُ الرطبُ في كفِّي
| وفي حَلْقي وأعصابي ضَبابْ
| ربَّما عادتْ إلى عنصُرِها الأَشياءُ
| وانحلَّتْ ضبابْ.
| **************
| ( 7 ) في عَتمَة الرَّحِم
| خفِّفُوا الوطءَ
| على أعصَابِنا يا عابرينْ
| نحنُ ما مُتْنَا, تعِبنَا
| من ضبابٍ وَسِخٍ,
| مهتريءِ الوجهِ, مُدَاجي
| يتمطَّى أُفْعُوانًا, أُخطُبوطًا,
| وَأَحاجي,
| رَحِمُ الأرضِ ولا الجوُّ اللعِينْ
| خفِّفُوا الوِطءَ
| على أعصَابِنَا يا عابرينْ,
| نحنُ في عَتْمَةِ قبوٍ مُطْمئنِّ
| نمسحُ الحمَّى, ونصْحو, ونغنِّي
| نتخفَّى,
| ونخفِّي العُمرَ من دربِ السنِينْ
| خفِّفُوا الوطءَ
| على أعصَابِنا يا عابرينْ.
| **************
| ( 8 ) الوجهانِ
| بيْنَمَا أمسحُ عن وجهي
| تُرابَ القبوِ, ذكراهُ,
| تلفَّتُّ, انحنَيتْ
| فوقَ عَينَيْها, رأيتْ
| وجهَ طفلٍ
| غصَّ بالدمعَةِ في مقهى المطَارْ,
| وهي تحكي ما حَكَتْهُ لي مِرارْ,
| وكأَنَّ العُمْرَ ما فاتَ على زهوِ
| الصَبايا وحكاياتِ الصِغَارْ
| **************
| ( 9 ) الوجه السرمدي
| عشتِ في حنوةِ بيتٍ, ما وقاكِ
| أَنه بيت على الصَّخْرِ تعَمَّرْ,
| إنَّ خلف البابِ,
| في صمت الزوايا
| يحفرُ الموْجُ, وتدوي الْهمْهَمَهْ
| إنَّ في وجهكِ آثارًا
| من الموجِ, وما محَّى, وحفَّرْ,
| وأنا عُدتُ من التيَّارِ وجهًا
| ضاعَ في الحمَّى,
| وفي الموج تكسَّرْ,
| بعْضنا ماتَ, ادفنِيهِ, ولماذا
| نعْجِن الوهمَ ونطْلي الجُمْجُمَهْ
| ***
| أسندِي الأَنقاضَ بالأَنقاضِ
| شُدِّيها.. على صدري اطمئنِّي,
| سوف تخضرُّ,
| غدًا تخضرُّ في أعضاء طفلٍ
| عمرُهُ منْكِ ومنِّي
| دَمُنَا في دمِهِ يسترجعُ
| الخصْبَ المغَنِّي,
| حُلْمُهُ ذِكرى لنَا,
| رجع لِما كنَّا وَكانْ,
| ويمر العُمرُ مهزومًا
| ويَعْوي عنْد رِجلَيهِ
| ورِجْلَيْنا الزمانْ
|
| |
|