الخلافات والثنائي: هل تعلمون ان للشجار فوائد كثيرة؟
ماذا لو تحوّل الشجار بينكما الى وسيلة لتقوية
العلاقة وتثبيت الراوبط؟ بغض النظر عن كمية الحب الموجودة بين الثنائي،
فآجلاً أم عاجلاً ستجد الخلافات والشجارات مكانها في الحياة المشتركة. وإن
كان الامر قاسياً على البعض، لعلم النفس والدراسات رأيها الايجابي في تلك
الشجارات وفي فائدتها على العلاقة.
قبل سنوات، بيّنت إحدى الدراسات أن النساء بحاجة الى المصالحة والاعتذار
بعد كل شجار مع شركائهن، خصوصاً إن كان الاخير جرحهن. فالامر من شأنه أن
يحسّن صحة المرأة. في المقابل، عدم التقدّم بأي اعتذار بعد مشادة، قد يزيد
من خطر الاصابة بذبحة قلبية بسبب ارتفاع ضغط الدم! وكلمة اعتذار واحدة
كفيلة بتهدئة الوضع، وبإعادة الضغط الى الطبيعة. والامر نفسه ينطبق على
الرجل، الا أن هذا الاخير يحتاج الى وقت أكثر ليستعيد هدوءه تماماً.
ولكن من جهة أخرى، بيّنت دراسة أخرى سابقاً أن الشجار له تأثير صحي
إيجابي على العلاقة بين الحبيبين.فعندما يخفي أحد الشريكين غضبه تجاه الآخر
يسرّع عملية الانفصال أو وفاة أحدهما.
في بعض الحالات، يلجأ الأشخاص الى الشجار من أجل إشعال نار الحب مجدداً بعد
هدوء العاصفة. وهي وسيلة يستخدمونها في اللاوعي من أجل التصالح بعدئذٍ مع
الحبيب واستعادة اللهفة.
في الواقع، هناك مواضيع لا مفرّ من المشاجرة حولها لدى الثنائي، أبرزها
الأمور المنزلية والاولاد والأهل والمال. فالحياة المشتركة تعني المزج بين
نمطين مختلفين تماماً أحياناً، لذا لا بدّ أن تؤدي الصدامات الى الشجار.
وتطرأ الخلافات تلك عندما يسعى كلّ من الطرفين الى استعادة القليل من
استقلاليته التي يشعر أنه يفقدها بالعيش مع الآخر، وليثبت فرديته. وعندما
يكفّ الثنائي عن التشاجر، وإن كان بجرعات أقل ولمدة أقصر من البداية، فهذا
دليل على أن الشخصين أصبحا صديقين أكثر من عشيقين وأنهما باتا يبحثان عن
العيش بسلام مع الآخر بدلاً من أحاسيس الشغف الاولى.
والمواجهة قد تكون أساسية في الحفاظ على العلاقة، بشرط أن تسمح بالتعبير
عن الرغبات والمخاوف. فمن المهم أن يتحدّث كلّ عن آرائه ويدافع عنها، من
دون أن يكون هناك من مسيطر في العلاقة. بهذه الطريقة، يمكن لهما التوصل الى
حلّ وسط. ويشكّل الشجار لدى البعض كذلك دليل رغبة ودعوة الى التصالح
بالحب. كما أن تخطّي الشجارات يسهّل التحدث عن الأمور المزعجة في العلاقة.
وفي حين أن التشجار مهم من أجل صحة العلاقة وصدقها، الا أنه على كلّ أن
يلزم حدوده. فمن المهم مثلاً عدم استغلال خلاف ما من أجل تذكير الآخر
بأخطاء أخرى ارتكبها والابتعاد عن موضوع النقاش. كما أن اختيار الوقت
الملائم للنقاش ضروري. ومن أجل التطرق الى موضوع، قد يزعج الآخر التحدث
فيه، يُنصح بفتح موضوع يهمّه بدءاً، وشيئاً فشيئاً، لفت انتباهه الى النقطة
التي نودّ التوصل اليها. إذا بدأ الآخر يظهر إشارات غضب، فمن الأفضل إرجاء
الحديث الى وقت لاحق. كما أنه يُفضَّل استعمال صيغ إيجابية متعلّقة بالذات
على غرار "أود لو" أو "قد يكون جيداً لو"، بدلاً من "لمَ لا تفعل ذلك" أو
"يغضبني ألا تفعل هذا". ولا حاجة الى التذكير طبعاً أن الشجار يجب أن يبقى
شفوياً وألا يتحوّل الى عراك بالأيدي!
ولكن أين الفائدة في كل هذا؟
عندما يتخطّى الثنائي المشكلة ويجد حلاً، يشعر أن العلاقة أصبحت أكثر
متانة. وبعد تخطّى حدود اللاعودة، يبني الشخصان علاقتهما على أسس سليمة،
ويغلّفانها بنوع من الطمأنينة. من الآن فصاعداً، كلّ يعرف ما يغضب الآخر
وما الامور التي من الافضل تجنّبها لعدم تكرار تجربة الخلاف هذه. كما أن
إيجاد السيطرة على هذه الشجارات يدلّ على قدرة في التعامل مع الصراعات في
الحياة الاجتماعية والمهنية كذلك. لذا يعتبر الحوار دائماً من الشروط
الاساسية لنجاح أي نوع من العلاقات.