جددت المعارضة السورية أمس نفيها أي
علاقة لها بعملية خطف 11 لبنانيا كانوا في عداد حافلتين آتيتين برا من
زيارة للأماكن المقدسة في إيران، قيل إن مجموعة من «الجيش السوري الحر»
اعترضتهم في ريف حلب. وانضم كل من «المجلس الوطني السوري» و«لجان التنسيق
المحلية» في سوريا إلى «الجيش السوري الحر» في إدانة عملية الخطف؛ معتبرين
أن النظام السوري هو المستفيد الوحيد منها، ومطالبين بالإفراج فورا عن
المخطوفين.
وفي حين وصل باقي ركاب الحافلتين الخمسين إلى بيروت جوا
ليلة أول من أمس، بعد تحرك لبناني رسمي واتصالات رفيعة تمت على أكثر من
مستوى للإفراج عن المعتقلين الأحد عشر، جدد قيادي رفيع في «الجيش الحر»
داخل سوريا التأكيد لصحيفة «الشرق الأوسط» على أنه «لا علاقة للجيش الحر من
قريب أو من بعيد بعملية الخطف». وأكد أنه «لا مصلحة لنا بعملية الخطف، ولا
يمكن لنا أن نقوم بما يضر بسمعتنا»، مشددا على «أننا لسنا أعداء مع حزب
الله ولا مع شعبه، ومواجهتنا هي مع المقاتلين في سوريا».
وأشار
القيادي إلى «وجود مهربين ومسلحين وخارجين عن القانون يستغلون المواجهة
الحاصلة بين الجيش النظامي من جهة والشعب والجيش الحر من جهة أخرى، قد
يكونون هم من قاموا بعملية الخطف لمآرب مادية ربما»، وقال إن «عناصر من
الجيش الحر في حلب حاولت البحث عن الخاطفين وتعقبهم، لكن القوات النظامية
بدأت بقصف المنطقة مما حال دون مواصلة عملنا»، معربا عن اعتقاده بأن «من
قام بهذه العملية يخدم النظام السوري بالدرجة الأولى».
من ناحيته،
أدان «المجلس الوطني» التعرض «لأشقاء لبنانيين بالخطف أو الاعتداء أو
الترهيب»، مطالبا بالإفراج عنهم «دون قيد أو شرط». ودعا «ضباط الجيش الحر
وجنوده، الذين انتفضوا بوجه عسف النظام وإجرامه، إلى أن يبذلوا كل ما في
وسعهم للعمل على تحرير الإخوة اللبنانيين المخطوفين بأسرع وقت».
وفي
حين لم يستبعد المجلس الوطني «تورط النظام السوري المخابراتي في هذه
العملية لإثارة الاضطرابات في لبنان الشقيق، الحاضن للنازحين والجرحى
والمضطهدين من أبناء الشعب السوري»، قالت لجان التنسيق إن عملية خطف
اللبنانيين تأتي في سياق «تصعيد الحساسيات المذهبية لإشعال المنطقة بنار
نزاعات أهلية تتيح له (النظام) فرصة تقديم نفسه مرة أخرى إطفائيا
لحرائقها».
واتهمت، في بيان أصدرته فجر أمس، النظام السوري «بالعمل
وأعوانه هذه الأيام على توفير مبررات (الفتنة) التي طال حديث رموزه عنها
داخل البلاد وخارجها». وأكدت «بُعد» عملية الخطف عن «أخلاق ثورتنا وروحها
الوطنية والإنسانية المسؤولة والسامية ومنطقها السياسي المُدرك لأهدافه
ونبل مساره».
ونبهت «لجان التنسيق» إلى «ضرورة محاصرة تداعيات هذا
العمل المكشوف في أساليبه وأهدافه من قبل العقلاء في لبنان الشقيق أولا،
وإغلاق باب الاستثمار في رغبات الانتقام من قبل أهالي المخطوفين التي يسعى
النظام المجرم إلى تحريضها، كما نحذر دول الإقليم من مغبة مكافأة النظام
مجددا على مساعيه الهادفة إلى ابتزاز حكوماتها في أمنها الوطني ووحدة
مجتمعاتها».
وكان الإعلان عن نبأ خطف الشباب اللبنانيين قد أثار
حفيظة الشارع الشيعي في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث سارعت مجموعة من أقرباء
المخطوفين ومناصري حزب الله إلى إقفال عدد من الطرق، بينها طريق المطار،
إلا أنهم سرعان ما أعادوا فتحها بعد نداء وجهه الأمين العام لحزب الله حسن
نصر الله إلى مناصريه، الذي دعاهم فيه إلى عدم قطع الطرق والتهدئة.
ولاقت
عملية الخطف استنكارا لبنانيا من مختلف القوى السياسية، وندد الرئيس
اللبناني بالعملية مشيدا بمواقف عدد من القيادات اللبنانية، لا سيما رئيس
المجلس النيابي نبيه بري نصر الله، التي احتوت ردود الفعل وضبطتها.
وأكد
عدد من ركاب الحافلتين، الذين وصلوا إلى مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت
فجرا وعددهم 37 سيدة، أن مجموعة من المسلحين قالوا إنها تنتمي للجيش الحر
اعترضت الحافلتين، من دون أن تتعرض لأي من ركابها بأي أذى جسدي أو معنوي.
وقالت
إحدى السيدات لمحطات التلفزة اللبنانية: «اعترضتنا سيارة بيضاء ونزل منها
مسلحون وصعدوا إلى الحافلة التي أجبروها على الدخول إلى البساتين بحجة أنهم
يريدون تهريبنا من القصف»، وأشارت إلى أن المسلحين «قدموا أنفسهم على أنهم
من الجيش الحر»، وأنهم قيدوا الرجال بعد إنزالهم من الحافلة.
وقالت
امرأة أخرى إن الحافلتين «بقيتا في البساتين في طريق فرعي أربع أو خمس
ساعات»، إلى أن «قال المسلحون إنهم سيصطحبون الرجال معهم»، وتركوا النساء
في الحافلتين. وأشارت إلى أن المسلحين قالوا إنهم يريدون «إجراء عملية
تبادل» مع الجيش السوري، وإنهم «شتموا اللبنانيين».
ونظم أهالي المخطوفين اعتصاما رمزيا في منطقة شاتيلا أمس، داعين إلى الإفراج عن أبنائهم وأقربائهم.
ونقلت
تقارير إخبارية في بيروت عن مصدر أمني مطلع من ضاحية بيروت الجنوبية
إشارته إلى أنه «لو كان الخطف يهدف إلى القتل لما كانت النسوة تركن، بل إن
الخطف يهدف إلى إيصال رسالة معينة». وأشار إلى أن «لدى قيادتي حزب الله
وحركة أمل قنوات كثيرة تستطيعان عبرها الوصول إلى الوسطاء، وإكمال التفاوض
عبر الوسطاء العرب أو آخرين غير عرب للإفراج عن المخطوفين».
من
جهته، أعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور فجر أمس أنه سيتم «خلال
الساعات المقبلة» الإفراج عن اللبنانيين الذين خطفوا في منطقة حدودية في
سوريا لدى عودتهم من زيارة إلى إيران. وقال منصور في اتصال هاتفي مع
تلفزيون «الجديد» إن المخطوفين «بخير، وهم محتجزون لدى أحد فصائل المعارضة
السورية المسلحة»، رافضا الرد على سؤال عما إذا كان هذا الفصيل هو «الجيش
السوري الحر»، وأضاف أن «جهة عربية» شاركت في الاتصالات الهادفة إلى
الإفراج عن الزوار اللبنانيين، الذين كانوا في طريق عودتهم من إيران إلى
لبنان عبر تركيا وسوريا، أبلغته بأنه «سيتم إطلاق المخطوفين خلال الساعات
المقبلة».