هل يتكرر سيناريو "نهر البارد"؟؟
منذ العام 2005 تدفع طرابلس ثمن فواتير سياسية
محلية وإقليمية، وليس ما حصل ويحصل اليوم في شوارعها إلّا دليل على أنّها
أصبحت ساحة تصفية حسابات بين الأفرقاء السياسيّين...
... حسابات ثمنها عناصر من الجيش اللبناني ومواطنون أبرياء على إيقاع فلتان
أمني تحاول القيادة العسكرية قدر المستطاع استعادة هيبة الدولة اللبنانية
على أرض تؤشّر تربتها إلى أنّها مليئة بعناصر إرهابيّة سلفية، ما يوحي
بوجود "طابور خامس" مرتبط بالخارج لإخراج طرابلس من تاريخها ووضعها خارج
الشرعية.
مصادر أمنيّة أكدت أنّ ما حصل في طرابلس يشير إلى أنّ "الأزمة عميقة
وأنّ الاحتقان المذهبي يستدعي القلق والخوف، وليس ما يحصل في ساحة عبد
الحميد كرامي مجرّد تعبير احتجاجيّ على توقيف شاب من "التيار السلفي"، بل
شكّل إلقاء القبض على شادي المولوي شرارة لانطلاقة معركة مخطّطة مسبقاً ضدّ
الجيش اللبناني "الكافر والصليبي" على حدّ تعبيرهم، وإلّا لماذا انتقلت
تداعيات الاعتصام من ساحة كرامي إلى داخل باب التبّانة وجبل محسن؟"
ولفتت المصادر عينها إلى أنّ من راقب أجواء المدينة في الأيام الأخيرة،
وما كان يجري في بعض الشوارع ليلاً ونهاراً، كان يدرك أنّ ثمة ما يحضّر
للمدينة، وسبب المواجهة مع الجيش يعود إلى ضبط باخرة السلاح "لطف الله 2" ،
ومن ثم ضبط كمّيات أخرى من الذخائر المهرّبة في مرفأ طرابلس، والسؤال الذي
يطرح نفسه هو لماذا زجّ الجيش دائماً في صراعات هو بمنأى عنها؟ وما علاقة
الجيش بتوقيف المولوي الذي أوقفه الأمن العام اللبناني؟
وقد أعطى الأردني، الذي أوقفه الأمن العام بعدما ثبت انتماؤه إلى
"القاعدة" واعترف أنّه تلّقى أموالاً من قطر والسعودية والكويت والإمارات،
"الخيط" الذي كشف تورّط المولوي في القضية.
وبحسب المصادر، فإنّ المدعو المولوي ثبت عليه حسّياً انتماؤه إلى تنظيم
"القاعدة" وتعامله مع شبكات خارجية تموّله وآخرين، بغية تحويل طرابلس بؤراً
أمنية وإقامة منطقة عازلة غير خاضعة لسلطة الجيش اللبناني بعد فشل محاولة
إقامة منطقة عازلة في سوريا، ما دفع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية
القاضي صقر صقر إلى الادّعاء عليه وخمسة آخرين بتهمة الانتماء إلى تنظيم
سياسيّ مسلّح".
واعتبرت المصادر أنّ الهدف من افتعال الأحداث في طرابلس إلهاء الأجهزة
الأمنية عن القيام بمسؤوليّاتها في ضبط الأمن، بعد التقدّم التي أحرزه
الجيش بتصدّيه لأيّ محاولة تتعلّق بتهريب السلاح وتسلّل المسلحين.
وأشارت إلى أنّ هناك "جهات لبنانية عازمة على إقحام طرابلس وبعض مناطق
الشمال في الأزمة السورية، خصوصاً بعدما أحكم الجيش السوري سيطرته على
الأرض، وأسقط بذلك مشروع إقامة مناطق عازلة في الداخل السوري، وبعد موافقة
الحكومة السورية على خطّة الموفد الدولي كوفي أنان، ودعم بعض القوى الدولية
لها.
عندها شعرت القوى التكفيرية أنّ مخطّطها على باب الفشل، الأمر الذي دفع
التكفيريين إلى التخطيط لإشعال بعض مناطق الشمال والسيطرة عليها عبر فتح -
لاند خاص بهم.
وعلى هذا الأساس عمدت الجماعات التكفيرية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً
بـ"القاعدة" إلى استقبال "النازحين السوريين" واحتضانهم لاستخدامهم في أيّ
عمل أمني مرتقب، بحيث بلغ مجمل عدد السوريين الموجودين في لبنان راهناً نحو
100 ألف نازح الأمر الذي يكشف عن مخطط يلوح في الأفق لتفجير الوضع الأمني،
وإيجاد بؤر أمنيّة للانقضاض على سوريا".
وفي السياق عينه، كشفت المصادر عن خطة منظّمة تستهدف الجيش اللبناني
لثَنيِه عن القيام بدوره، عبر اللعب على الوتر المذهبي ومحاولة إيهام
الشارع السنّي بأن الأزمة السورية، هي حرب ضد "أهل السنّة" وخلق معادلة
جديدة "السلاح في الجنوب لحماية الشيعة يقابله سلاح في الشمال لحماية
السنّة".
وإذا لم تتّجه الأمور إلى الحسم، فإنّ المصادر تتخوّف من تكرار سيناريو
"نهر البارد" خصوصاً أنّ الخلايا التكفيريّة في طرابلس، في شكلها القائم
حاليّاً، تشبه إلى حدّ كبير تنظيم "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد، من
ناحية العقيدة ونوعية السلاح الذي تمتلكه، إضافة إلى أن المشكلة الكبرى هي
وجود جماعات سلفية لا انتماء لها إلى مرجعية واحدة، وعلى هذا الأساس فإنّ
التصعيد العسكري مرشّح للتصعيد في حال فشل محاولات التهدئة.