الأمن العام ينتهك حصانة نائب ووزير توقيف في مكتب الصفدي يُشعل طرابلس اشتعلت
مدينة طرابلس أمس بالغضب، احتجاجاً على تخطّي جهاز الأمن العام القوانين
والأعراف، وانتهاكه حصانة نائب ووزير، وخرقه حرمة المواطنين، من خلال اتباع
أسلوب استدراج المواطن شادي المولوي إلى مكتب خدمات اجتماعية يعود للوزير
محمد الصفدي، واعتقاله بكمين نصب هناك، في أبلغ تصوير لطبيعة الصراع بين
مشروعين في هذا البلد، "دولة الكمين" في مواجهة "دولة المواطنين".
وقد
أدّى ذلك التجاوز للقوانين إلى خروج المئات من الشباب الغاضبين لقطع كافة
الطرق الداخلية والرئيسية في المدينة وإحراق الأطر المطاطية، بعد أنّ نفذوا
اعتصاماً في ساحة النور الرئيسية بجانب السرايا وقطعوا الطريق الدولية في
الاتجاهين احتجاجاً على التوقيف.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"المستقبل" أن
الأمن العام كان يريد توقيف المولوي، وعرف أنه سبق له أن طلب مساعدة من
مكتب الصفدي، لإدخال مولودته الجديدة الى المستشفى، وأن ثمّة شخصاً من
الأمن العام ادعى أنه من مكتب الصفدي، وأبلغ المولوي بالحضور الى المكتب
لنيل مساعدة قدرها 750 ألف ليرة، فحضر وفوجئ بأنّ ليس هناك مساعدة في
انتظاره، وأنّ أحداً لم يطلب منه المجيء، ثم جرى اعتقاله بكمين نُصب له فور
خروجه، وسجّل عراك بين حرّاس مكتب الصفدي والأمنيين الذين اقتادوا
المولوي.
وقد سارع الوزير محمد الصفدي إلى الاتصال بالمسؤولين في
الأمن العام مستنكراً ما حدث، ونأى بنفسه عن الكمين الذي نُصب من خلال مكتب
الخدمات الاجتماعية التابع له في طرابلس، من دون سابق إنذار، وتوقيف مواطن
بعد استدراجه الى المركز باتصال هاتفي، وطالب بفتح تحقيق في الحادثة
ومعاقبة المسؤولين.
وأصدر مكتب الصفدي بياناً اعتبر فيه أنّه يربأ
"بجهاز الأمن العام استخدام مثل هذه الأساليب المستهجنة في استدراج
المواطنين، ويطالب بالإفراج فوراً عن السيد شادي مولوي، ويعتبر أن هذه
التصرفات مرفوضة رفضاً تاماً وهي تشكل خرقاً للقوانين وللأعراف وللحرمات
وتعطي عن الأمن العام صورة لا نرضاها له، ولذلك نطالب قيادة الأمن العام
والجهات المختصة بفتح تحقيق في هذه الحادثة ومعاقبة المسؤولين عنها ليكونوا
عبرة لسواهم في الالتزام بالقوانين". وطالب بكشف الحقيقة كاملة في هذا
الموضوع مؤكداً أن كرامة أهل طرابلس ليست مكسر عصا لأحد وأنه لا يوجد أحد
فوق القانون بدءاً بالمسؤولين عن تنفيذ هذه القوانين".
وقال أحد ابناء
طرابلس لـ"المستقبل" إن المدينة لها حرمتها، ولها تقاليدها، لا يجوز لأي
جهة أمنية التعامل معها بهذه الطريقة". فيما قال مواطن طرابلسي آخر "إن
استخفاف بعض الأجهزة الأمنية بكرامة أهل طرابلس أمر مرفوض ولا نقبل به لا
من خلال التلطي بمكاتب رسميين ولا بصورة مباشرة، وهذه إهانة مباشرة لكل
الطرابلسيين".
أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فاعتبر انه "لا يجوز تصوير
مدينة طرابلس وكأنها خارجة على الشرعية والدولة"، محذّراً من مغبّة
"الإنجرار الى منطق الشارع" وقال إنّ "العدالة وحدها كفيلة بانصاف الناس".
في
المقابل، اعتبر عضو المكتب السياسي في "تيّار المستقبل" النائب السابق
مصطفى علّوش ان اعتقال المولوي "بالشكل لم يراع الأعراف المتعلّقة بمكاتب
النوّاب" وتم اللجوء الى "أسلوب عصابات وليس دولة، فالكمين يشابه الأساليب
المعتمدة لدى العصابات". وسأل "هل يرضى رئيس الحكومة بان يعتدى على مركز
وزير في حكومته وأن تهان كرامة المواطنين وأن يعتدى عليهم؟".
واستنكرت
"الجماعة الإسلامية" من خلال لجنتها السياسية في طرابلس طريقة الاعتقال
أيضاً، ووصفته بـ"الأسلوب المستهجن في استدراج المواطنين تمهيدا لاعتقالهم
بشكل مخالف للأنظمة والقوانين" مؤكدة ان "حرمة المدينة وكرامة اهلها خط
أحمر". أمّا مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ داعي الاسلام الشهال فطالب
بـ"الإفراج الفوري" عن شادي مولوي.
وعقد مساء اجتماع في منزل النائب
محمد كبارة، حضره النائبان معين المرعبي وخالد ضاهر وعدد من رجال الدين،
للبحث في الوضع المستجد اثر الاحتجاجات، واطلاق النار على معتصمين محتجين
في ساحة عبد الحميد كرامي.
من جهتها، أعلنت المديرية العامة للأمن العام
في بيان، أنه "بعد متابعة دقيقة قام بها مكتب شؤون المعلومات في المديرية،
وبإشراف القضاء المختص، تمت ملاحقة المدعو شادي المولوي وتمكنت من توقيفه
بتاريخ اليوم (أمس) أثناء خروجه وعلى مدخل مركز الخدمات الاجتماعية التابع
للوزير محمد الصفدي في طرابلس، وقد اقتيد الموقوف إلى التحقيق بتهمة تواصله
مع تنظيم إرهابي".
الحريري
وأمس، تفاوتت الترجيحات بشأن المناخات
التفاؤلية التي عمّمتها أوساط الأكثرية بشأن إمكان توصّل الجلسة المقبلة
لمجلس الوزراء يوم الأربعاء إلى مخرج حكومي لأزمة الإنفاق. في هذا الوقت،
ساد إجماع في الطبقة السياسية والمراقبين على أنّ الحكومة إذا استطاعت
الخروج من مطبّ "الإنفاق" فإنّها ستواجه مشكلة أكثر حدّة متصلة بالتوافق
داخلها على قانون الانتخاب، لا سيّما بعد تناول أمين عام "حزب الله" هذا
الجانب في خطابه أول من أمس، مزكياً فكرة الدائرة النسبية، ومعزّزاً كذلك
الأمر الانقسام حول هذه الفكرة.
وكان موقف للرئيس سعد الحريري اعتبر
فيه أنّ "صناديق الاقتراع هي الرد الوحيد على خطاب السيد حسن نصر الله"،
الذي عدّه خلال دردشة عبر موقع "تويتر"، بأنّه "الخطاب عينه ولكن في يوم
مختلف"، كما أبدى الحريري رفضه لأسلوب الذاكرة الانتقائية، وأبدى اعتقاده
بأنّ الانتخابات النيابية المقبلة ستكون نقطة تحوّل أساسية في مستقبل
لبنان. وفي موضوع تفجير دمشق قال: "إذا كان النظام السوري واثقاً من نفسه
فليسمح بتحقيق دولي بهذه التفجيرات لمعرفة الحقيقة".
مواقف
ومن
جهته، أكّد رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع أنه "إذا فازت قوى 14
آذار في الانتخابات النيابية المقبلة، فيجب أن تشكّل الحكومة بمفردها"،
وأشار الى أن "تسلّم فريق 8 آذار للحكومة لوحده كشفه فعلياً أمام الرأي
العام وتبين أنه غير منتج وغير فاعل لا بل أسهم في زيادة نسبة الفساد في
الدولة اللبنانية"، وشدّد على أنّ "القوات اللبنانية لن تكون مع تشكيل
حكومة وفاق وطني مجدداً لأنها أثبتت عدم فاعليتها، فمثل هكذا حكومة تعرقل
مسيرة قيام الدولة ولا تساعدها إطلاقاً".
أمّا رئيس كتلة "المستقبل"
النيابية فؤاد السنيورة فأبدى قلقه البالغ من "التصريحات التي أدلت بها
شخصيات بارزة من الأغلبية، مشككة في إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها"
واعتبره "مؤشراً خطيراً الى أن الائتلاف الحاكم يفضل تأجيل الانتخابات إذا
لم يستطع ضمان الأغلبية"، واعتبر خلال كلمة ألقاها في الغداء التكريمي الذي
أقامه الرئيس سعد الحريري لرئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان انجيلينا
ايخهورست والسفراء الأوروبيين، أنه "سيكون سيئاً للغاية بالنسبة للبنان،
في زمن الانتخابات في العالم العربي، أن يسير ضد تيار لطالما كان فيه
رائداً".
وبالنسبة لمشكلة الإنفاق العام، كان تشديد من السنيورة، في
كلمة أخرى، على أنّها "لا تُعالج استنسابياً"، مؤكداً على أنّ الفريق
الأكثري لجأ إلى "أسلوب السلفة، وهو غير قانوني، ويكفي تضييعاً للوقت،
فالحكومة ملزمة بأن تحضّر موازنة" كما أنّه "لا يمكن ايقاف المرفق العام،
علينا أن نجد طريقة، بأن نذهب الى مجلس النواب الذي هو صاحب السلطة بإعطاء
الصلاحية بالإنفاق الإضافي"، لكن إذاك لا "تستطيع أن تحل مشكلة مجتزأة
بينما المشكلة هي واحدة للسنوات الست حتى الـ2011، واحدة كيفما لجأنا الى
الإنفاق. أما موضوع التدقيق لحسابات الـ2006 الى 2011، كما كل السنوات
الماضية، فيجب أن يخضع للمعايير نفسها، ولا مظلة فوق أحد، وبالتالي يجب أن
يكون هناك محاسبة عليها، نحن شخصياً قدمنا اقتراح قانون بإخضاع جميع حسابات
الدولة من سنة 1988 لغاية الآن للمحاسبة".
وتابع "يجب أن ندرك أن هذه
الحكومة أوصلت النمو الاقتصادي الى واحد ونصف في المئة خلال العام 2011،
وهو ما زال حتى الآن في هذه الحدود، بعد أن كان 8 في المئة على مدى السنوات
2007 و2010 التي مررنا فيها بفترات شديدة الصعوبة".