نديم قبيسي: "هاكر" لبناني محترف يحاصر أعين الرقابة
لم يكن نديم قبيسي، ذلك المراهق يعي أن شغفه
سيدفعه لتأسيس "كريبتوكات" مع مجموعة من الأصدقاء، يشاركونه الولع والهدف
إياه، والسعي إلى تأمين شبكة تواصل بين الناس لاسيما الصحافيين بعيداً عن
أعين الرقابة.
وقد خضع نديم للعديد من الاستجوابات من قبل السلطات اللبنانية بسبب
"قرصنته" هذه، وعشقه اللامحدود لعالم "الشبكة". فهذا الشاب اللبناني البالغ
من العمر 21 عاماً يؤمن بأن التواصل الحر والمتحرر من أي قيود حق لكل فرد،
ومسعى يجب تحقيقه؛ لذا عمد مع مجموعة من مفككي شيفرات البرامج في كندا،
حيث يتابع دراسته إلى تأسيس كريبتوكات، وهي شبكة تواصل أو أشبه بـ"غرف
دردشة" محمية.
وهدف هذا المشروع بسيط جداً ألا وهو إتاحة الفرصة لكل فرد بالتواصل عبر
شبكة مشفرة ومحصّنة من أي رقابة حكومية أو تجارية أو غيرها. هكذا لم يعد
قبيسي مجرد قرصان محترف، بل أضحى ناشطاً يحاول بشتى الطرق الحفاظ على
خصوصية وحرية كل فرد. فمن خلال مشروعه يمكن للأشخاص التواصل والدردشة
بحرية، والسبب أن مضمون الحوارات محصن ومشفّر، بحيث لا يمكن لعين المراقب
أن تفهم ما تراه وتقرأه، لأنه بكل بساطة، عبارة عن كلمات غير مفهومة!
وبدأت رحلة الحلم هذه منذ عام تقريباً، لتجد الدعم منذ أيام قليلة من قبل مجموعة أخرى تسعى لحماية المكالمات الهاتفية.
وفي تعريفه عن نفسه لـ"العربية.نت" يشير نديم إلى أنه ناشط كمبيوتر،
علّم نفسه بنفسه، وبدأ باستعمال الحاسوب في الرابعة من عمره، وقضى سنوات
المراهقة "معلقاً بحبال شبكة" الإنترنت.
وغادر نديم لبنان منذ 3 سنوات تقريباً، والسبب كمعظم الشباب اللبناني
عدم وجود أي آفاق لمستقبل مستقر في ظل السياسات المتبعة. بالإضافة إلى سبب
تفرّد به عاشق الإنترنت، ألا وهو عدم ملاقاة الدعم اللازم لكافة أفكاره
ومقترحاته.
وهو معالج كمبيوتر ذو حس مدني عالٍ، يهتم بهندسة الشبكات والترميز، ولعل
هذا هو التعريف الأدق لنديم. فعلى الرغم من صغر سنه يتابع اختصاصين في
العلوم السياسية والفلسفة، ويتوقع أن ينال شهادته في 2013. وتابع نديم
العديد من الدورات في مجال حقوق الإنسان وعلوم الكمبيوتر في جامعة
كونكورديا بمونتريال. كما شارك في العديد من الاحتجاجات والنشاطات المناهضة
للرقابة على الانترنت.
وباندفاع تام، يؤكد نديم أن "كريبتوكات" مجاني 100% ومتاح لكل لناس. حتى
إنه، بحسب قوله، ينشر كل المعلومات حول تقنيات برمجته وتكنولوجيته بطريقة
شفافة تسمح لأي عالم كمبيوتر باستجواب التقنيات المستعملة في البرنامج،
والتأكد من صلاحيات التشفير.
هذا الشاب الذي تمسك بحلمه بل حقه وكل الناس بالتواصل دون رقابة، يرى
وليده بعد سنوات كبرنامج كمبيوتر سهل الاستخدام، يسمح للناشطين والصحافيين
حول العالم بالتواصل بسهولة، مستعملين تقنيات تشفير أمينة حتى بوجه
المخابرات الدولية.
ولعل نديم يعي أن مكافحة التنصت والرقابة من المستحيلات، لكنه يردف "هذا
هدف كبير وصعب، لكنه ممكن، إنني متأكد أن توفير برنامج شفاف، مفتوح وسهل
الاستعمال للتواصل بأمان وخصوصية على الانترنت سيساعد الآلاف".
وعلى الرغم من طموحه اللامحدود بفقء عين الرقابة، وإدراكه لأهمية
مشروعه، إلا أن قبيسي لا يتوقع أبداً أن يزاحم مشروعه فيسبوك الذي يقدم
العديد من الخدمات "غير الآمنة أو البعيدة عن التنصت"، فكريبتوكات مجرد
مشروع للتواصل باستعمال تقنيات تشفير. ولعله الوسيلة الأنجع لشباب الربيع
العربي، لتقيه شر الحروب الإلكترونية والتنصت الرسمي، على الرغم من أن نديم
لا يجرؤ على الجزم كلياً في هذا الشأن، لاسيما في بلدان الثورات، لكون
البرنامج جديداً.
ويبقى الهدف بحسبه، هو تحقيق التغيير، أي تغيير، يسعد الناس ويجعل
حياتهم مختلفة إلى حد ما، فـ"المال ليس الهدف على الإطلاق، بل إحداث فرق هو
الأساس".