د. إيهاب العزازى
مص
ر
تنزف دماء شبابها الأبرار مرة أخرى ضد الظلم والطغيان بعد عشرة أشهر على
قيام ثورة 25 يناير المجيدة التى أعادت الحياة للشارع المصري وبثت في عروقة
كل مشاعر البطولة والوطنية ليصنع مستقبل وطنة بعد أن تهدم وتعرض للتجريف
المتعمد لكل ثروات مصر البشرية والطبيعية وأصبحت مصر وطن بلا هوية ولا
ريادة حتى التاريخ نسى مصر عبر ستون عامآ من حكم العسكر عقب إنقلاب يوليو
1952 الذى أدخل مصر فى نفق مظلم وتراجعت مصر فى كافة المجالات ولكن الشعب
المصرى إستطاع الثورة على الظلم والطغيان والذل والهوان وإهدار الكرامة
والحريات وتدهور كافة مظاهر الحياة إقتصاديآ وإجتماعيآ وثقافيآ ونجح فى
إنهاء حكم العسكر ولكن مع الأسف لم تحقق الثورة المصرية أهدافها بنجاح لعدة
أسباب من أهمها :
-لم يكن للثورة المصرية قائد أو زعيم يقود الشعب إلى
الإستقرار والحرية والعدالة الإجتماعية، مما أدى إلى تفرق نجاحها على كل
القوى السياسية فى الشارع، بل على العكس هناك قوى إستطاعت الهبوط على
الثورة وإستغلالها وأصبح الشارع المصري لايعرف من سيفاوض من أجل إنتقال
السلطة فى مصر، وفقد الأمل فى أن مصر لن تتغير .
- تعرضت الثورة لخداع كبير ودخلت فى نفق الدستور أم الإنتخابات أولآ،
مما أدى الى ضياع وقت كبير فى مفاوضات لاجديد منها ولاتقدم رسائل مطمئنة
للشارع المصري، فبدأ المواطن العادى يشعر أنة يخدع وأنه يتعرض لعملية خداع
طويلة وأن نظام مبارك سيعاد هيكلته بوجوه جديدة ولكن بنفس السياسة السابقة
-
الشعور أن المجلس العسكرى عقد صفقة مع بعض التيارات مما خلق حالة من
التشكيك والخوف من عودة سيطرة تيار معين على الساحة السياسية وتهميش بقية
الأحزاب والتيارات السياسية .
تباطؤ المجلس العسكرى فى تحديد ميعاد محدد
لنقل السلطة جعل الشعب يتشكك فى هل سيحدث إنقلاب عسكرى مثل عام 1954
وبداية الحكم العسكرى لمصر، الضعف الشديد لحكومة عصام الشرف والتى لم تقدم
أى إحساس للمواطن المصري أن الثورة تخطو فى طريق تحقيق أهم أهدافها وهى
الحرية والعدالة الإجتماعية
- الثورة المصرية أخطأت بشكل كبير فى
عدم وجود مجلس إنتقالى يحكم البلد حتى يتم صياغة الدستور وإنهاء كافة أشكال
الإنتخابات التشريعية والرئاسية مما أدى إلى حالة فوضى غير عادية فى
الشارع المصري
- أعتقد أن من أهم أخطاء الثورة هو أن الشباب صناعها
الأصليين لا يوجد لهم دور حقيقي فى صنع مستقبل مصر ورجوع الوجوه القديمة من
الأحزاب الكرتونية والجماعات والتيارات الدينية مما أدى لحالة من الغضب
بأن ثورتهم تسرق منهم فلذلك عادت ثورة الغضب مرة أخرى هذه الأيام
- السباق السريع نحو تأسيس أحزاب وإئتلافات جعل الشارع المصري ممزق فبعد
أن إتفق الشارع المصري على زوال نهاية الظلم إنقسم المصريون على أنفسهم
مابين أحزاب ستثبت الأيام أنها ستتحول لأحزاب كرتونية لاقيمة لها خارج
مقراتها وجرائدها، والمؤلم إئتلافات الشباب التى تعدت المئة وخمسين إئتلاف،
فكيف سيتفاوض هذا العدد الهائل مع المجلس العسكرى ؟
- تعرضت
الثورة المصرية الى حالة من التضليل، نتيجة لفوضى الإعلام المصري الذى
إعتاد جلب ضيوف كل مهمتهم الحديث والصوت العالى ولا يقدمون حلولآ حقيقية
للشارع المصري .
- تعتبر لعبة الكراسى من أهم العوامل التى أدت
لإنقسامات الشارع المصري عبر الدخول فى إنتخابات تستنزف كل قوى المصريين
وتخلق عدة نزاعات فى الإنتخابات وكثرة التكتلات وفوضى المبادرات وإعادة
إنتاج فزاعة أن التيار الإسلامى إذا حكم سيضطهد الأقباط مما خلق حالة توتر
كبير فى الشارع المصري
- الشارع المصرى نفسة ساهم فى خلق حالة من
التشويش ضد الثورة نتيجة للعوامل الإقتصادية السيئة خرج الشعب المطحون
المحبط ليطالب بحقوقه عبر تظاهرات مشروعة فحق الحياة الكريمة حق كفلته كل
الشرائع السماوية وساهم الإعلام الحكومى فى تضليل الناس وسماها الإعلام
فئوية ليحرض الناس على كراهية من سيطالب بحقه فى حياة كريمة .
-
ساهم بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية فى خلق حالة من الفوضى عبر الهجوم على
الثوار أو المجلس العسكرى أو إستغلال بعض الأحداث البسيطة فى الشارع المصري
والعمل على تأجيجها وبث ألسنة اللهب التى قد تحرق الأخضر واليابس فى
الثورة المصرية .
- كثرة المليونيات جعلت المواطن العادى يشعر أن
الثورة تموت ولن تقدم جديد وأن هذه المليونيات وتكرارها هي محاولة لإعادة
الحياة إلى الشارع السياسي المصري .
- الأهم من هذا كلة أننا
أصبحنا فى وطن به ثمانون مليون سياسي ينظر ويشرع قوانين ويعترض وله كل الحق
فى الإعتراض وعدم قبول بعض القرارات ولكن يجب علينا أن نعرف أن الثورة لن
تحقق كل أهدافها مرة واحدة فالعصا السحرية لن تعالج أمراض وأورام ستين عامآ
من الانهيار والتدهور فى كل المجالات الحياتية المختلفة .
أتمنى أن
يتوحد المصريون على قلب رجل واحد من أجل الحفاظ على مصر من كافة الأطماع
الداخلية والخارجية ونقف جميعآ حائط صد ضد كل من يريد الحصول على مكاسب
سياسية وشخصية وعلينا أن نعلم أن العالم أجمع ينظر للثورة المصرية وأن هناك
قوى خارجية كثيرة تتمنى دخول مصر فى نفق الحرب الأهلية ومشروع تقسيم مصر
إلى ثلاث دول فليحفظ الله مصر ولنظل يد واحدة حتى تظل مصر فوق الجميع .