من محمد حلمي الريشة
في إطار تقليدها السنوي، وأيضًا لمشروعها الثقافي الكوني الذي
التزمت به منذ تأسيسها، عبر الاعتراف بالأعلام والشخصيات الثقافية التي
أثرَت المكتبة العالمية، أو ساهمت بمشاريعها الثقافية الرائدة في بلورة
ثقافة عالمية تكتنز أبعادًا حضارية سامية، يسر هيئة تحرير جريدة "المهاجر"
التي تصدر عن "منظمة المهاجر الثقافية" في مدينة ملبورن في أستراليا ومعها
هذه الأخيرة، أن تعلن، بعد استشارات مستفيضة عن الأعلام والشخصيات التي
رشحتها بعض المؤسسات الثقافية ودور النشر والصحف والأعلام الثقافية
المعروفة عبر دول العالم، أن تعلن عن أسماء شخصيات العام 2011 للثقافة
وللسلام والتغيير، وهو اختيار سنوي مستقل لأدباء وباحثين وفنانين وسياسيين
ومثقفين وإعلاميين على المستوى العالمي، تكريمًا لإسهاماتهم في مجالات
التأليف، والبحث، والنشر، والإبداع، والسلم، والمساهمة في تلاقح الحضارات
والثقافات على نطاق عالمي واسع، أن تعلن الاختيارات الآتية:
شخصية العام الثقافية
اختارت الهيئة الاستشارية الشاعر والباحث والمترجم محمد حلمي الريشة
شخصية العام الثقافية، حيث اختير لمسيرته الثقافية المتميزة لهذا العام
خصوصًا، حيث صدرت له مجموعته الشعرية الرابعة عشرة " قمر أم حبة أسبيرين"،
التي تعد مثل باقي مجاميعه الشعرية المكتنزة بالصور البلاغية، والتشكيلات
الشعرية، والإيقاعات المتميزة بقوة انسيابها، وسكونها المتسم بالقاموس
المعجمي، والألق المنتشي قوة أساسية في الشعر العربي والعالمي، المنتشي
كينونة تحوي أجمل الاستعارات والصور الغنائية، والتي أضفت على الشعر في
مداه جزءًا باذخًا إلى خريطة الحداثة الشعرية العربية التي راهن عليها
بقضاياه وأفكاره وأسئلته في كل سيروراتها الظاهرة والخفية، حيث أضفت على
الشعر الإنساني وهجًا لقيم الإبداع، والحياة، والاختلاف، والسلم، والحرية
كما جاء في بلاغ الأمانة العامة لجائزة المهاجر الأسترالية التي اختارته
هذا العام فائزًا في حقل الشعر. ولقد وقفت الهيئة الاستشارية، أيضًا، على
إصداره الثاني هذا العام، وهو الكتاب الشعري المترجم "مرآة تمضغ أزرار
ثوبي- مختارات شعرية لشاعرات من العالم"، والذي يساهم بنصوصه الشعرية
المترجمة لِـ (16) شاعرة من دول مختلفة في هذا العالم إلى اكتشاف خبايا
شعرية نسائية مختلفة، كما يساهم في حوار ثقافي باذخ بين الشرق والغرب،
واللغة العربية ولغات متعددة أخرى؛ إنه حوار راقٍ أتحف به الأستاذ محمد
حلمي الريشة وكريمته ماسة محمد الريشة الشعر والحياة والحرية في أسمى
الإبداع. كما اختير شخصية العام الثقافية تتويجًا لمسار إبداعي وثقافي حافل
لهذا الرجل، حيث أنجز أربع عشرة مجموعة شعرية رائدة، صدرت اثنتا عشرة منها
في ثلاثة مجلدات (حوالي 1300 صفحة)، ثم إصداره لثمانية كتب مختلفة في
المقالات، والمعاجم، والأنطولوجيات، والبحث، والقراءات، والحوارات، والرؤى،
وأنجز كذلك ثلاثة كتب في ترجمة مختارات معاصرة من الشعر العالمي، ويستعد
لإصدار كتابين آخرين في الترجمات الشعرية العالمية، إضافة إلى أن مجموعته
الشعرية المتميزة "معجم بكِ" تترجم حاليًّا إلى اللغة الإيطالية. وهو يستحق
بكل تأكيد لقب "الناسك الشعري" الذي لقّب به، حيث خصص جلّ حياته، ولم يزل،
للأعمال الأدبية الإبداعية المختلفة، وخصوصًا في مجال الشعر وما يدور في
فلكه.
كما اختارت الهيئة الاستشارية السوبرانو والباحثة المغربية سميرة
القادري، المتوجة هذه السنة بثلاثة جوائز دولية وازنة، استهلتها بالميدالية
الذهبية التي يمنحها المجلس الوطني للموسيقى العريقة بالمغرب التابع
لمنظمة اليونيسكو الدولية، ثم بتتويجها بالجائزة الكبرى لجوائز مؤسسة ناجي
نعمان الدولية بلبنان، عن دراستها العلمية الرصينة "التأثيرات الحضارية
العربية في الحضارة الأوروبية"، بل وتوجتها المؤسسة كسفيرة فخرية للثقافة
بالمجان في العالم، ثم تتويجها بجوائزنا العالمية الخاصة بالفكر والآداب
والفنون، عن عملها الفني الذي شاركت به "من جبال البشرات إلى جبال عرفات"،
وهو عمل فني يضم أشعارًا وأناشيد صوفية كتبها شعراء مورسكيين بعد سقوط
غرناطة سنة 1492م، وقبل الطرد النهائي من الجزيرة الإيبيرية سنة 1609م، وهو
عمل فني متكامل تقاطعت فيه بانسجام تام لوحات فنية تجسدت بالغناء والرقص
وقراءة الشعر، كما منحت الأستاذة سميرة القادري شخصية العام الثقافية،
تقديرًا لها لما قدمته خلال سنوات كمحاضرة لعدد من المحاضرات بعدد من
الجامعات الأوربية، أو كمديرة أو مسؤولة لعدد من الأنشطة واللقاءات
والمهرجانات الثقافية بالمغرب كمسؤولة ومديرة دار الثقافة بتطوان المغربية،
أو كرئيسة فاعلة لعدد من الجمعيات الثقافية في عدد من المدن المغربية
والمتوسطية، التي أثرتها بتجربتها العلمية الأكاديمية والفنية والعملية
بأسمى رسائل الحوار الحضاري والثقافي بين الشرق والغرب. وهي تستحق فعلاً
لقب شخصية العام الثقافية، حيث سخرت حياتها لفنها الأوبرالي الرائد
عالميًّا، وأبحاثها التي أثرت بها المكتبة المتوسطية بثلاثة لغات عالمية،
ثم لتدبيرها الثقافي في عدد من دول العالم، وهو العمل الذي ساهمت فيه بأرقى
تجليات الحوار والتعايش الحضاري بين الشعوب.
شخصية العام للسلام
اختارت الهيئة الاستشارية شخصية العام للسلام الكاتبة الصحافية والناشطة
اليمنية توكل كرمان باعتبارها أول امرأة عربية تتوج بجائزة نوبل للسلام
لهذا العام، وأول من يفوز بها من اليمن، وتقديرًا لنضالاتها السلمية في
سبيل حقوق الشعب اليمني في انتفاضته الشعبية من أجل الحرية والانعتاق من
الاستبداد والتبعية. كما وقفت الهيئة الاستشارية على نضالاتها السلمية في
سبيل تحسين أوضاع المرأة اليمنية، والرقي بها إلى المكانة التي تستحقها.
كذلك اختارت الهيئة الاستشارية الناشط المصري وائل غنيم الذي ساهم
بدعواته الافتراضية والواقعية السلمية إلى التأثير في الشارع المصري هذا
العام، بل وتغيير مجرياته إلى الأحسن، بطريقة حضارية راقية، وذلك بعد
الدعوات التي أطلقها من خلال صفحة "كلنا خالد سعيد'' عبر الإنترنت للتظاهر
يوم 25 كانون الثاني 2011 فيما يسمى بثورة الغضب.
شخصية العام للتغيير
اختارت الهيئة الاستشارية شخصية العام للتغيير جوليان أسانج مؤسس موقع
"ويكيليكس" الأسترالي، الحائز على جائزة منظمة العفو الدولية، حيث عمل على
فضح عمليات الاغتيال خارج نطاق القضاء في كينيا كشفت انتهاكات وتجاوزات
هناك، كما تم منحه جائزة سام آدمز العام 2008، وفي سبتمبر 2010 جاء ترتيبه
الـ 23 في قائمة أكثر 50 شخصية مؤثرة حول العالم. كما اختارته الهيئة
الاستشارية تقديرًا لدوره الفاعل في تسريب عشرات الآلاف من الوثائق السرية
للدول والمسؤولين عبر العالم، والتي غيرت الوضع السياسي والاجتماعي
والاقتصادي في العديد من مناطق العالم عبر الحقيقة والوثيقة.