لاعبو منتخب لبنان يصلون الى الإمارات بشعار واحد: سنتأهّل
نادر مطر أثناء التمارين (عدنان الحاج علي)
حطت أقدام لاعبي منتخب لبنان لكرة القدم أرض الإمارات ظهر أمس قبل 48 ساعة على اللقاء المرتقب مع الإماراتيين غداً الأربعاء، وسط أجواء ممتازة ومعنويات مرتفعة وأعصاب هادئة ليكون اللقاء مع اللاعبين مطَمئناً بعنوان واحد: سنتأهّل
عبد القادر سعد
أبو ظبي | طويلة هي الرحلة من بيروت إلى الإمارات. ثلاث ساعات طيران تفصلك عن لقاء لاعبي المنتخب الآتين بدورهم من الدوحة، بعد ختام معسكرهم الإعدادي. ما إن تصعد الى الطائرة حتى تشعر «إنّو الجد بلّش» وبدأ منسوب القلق يرتفع تدريجاً. تمر الساعات الثلاث قبل أن يعلن قائد الطائرة الوصول الى مطار أبو ظبي. انقباض في الأمعاء يؤكد أن القلق وصل الى مرحلة متقدمة. فأنت قد وصلت الى «أرض المعركة». صحيح أنها معركة رياضية بمنافسة شريفة بين أشقّاء، وهي من طرف واحد بعد انعدام حظوظ الإماراتيين، لكنها في النهاية معركة. معركة الأمل الكبير والإنجاز الأكبر، وخصوصاً أن الإماراتيّين لن يرضوا أن يكونوا جسر عبور.
تتوجه الى الفندق، حيث ستنزل البعثة اللبنانية بانتظار وصول اللاعبين من قطر. أربع ساعات ويصل اللاعبون، يسبقهم رئيس البعثة أحمد قمر الدين ومدير المنتخب فؤاد بلهوان ومدرب الحراس جهاد محجوب. وبعد السلام، يأتي السؤال: شو وضع المنتخب يا حاج أحمد؟
يرد قمر الدين بهدوئه المعتاد: جيد جداً. ترتاح قليلاً قبل أن يصل اللاعبون وتعرف ماذا كان يقصد. فبمجرد النظر الى وجوههم تشعر بأنك بالغت بقلقك. هدوء وغياب للتوتر وثقة بالنفس ومعنويات مرتفعة. تبادل للسلام قبل التوجه الى الغداء مباشرة. يكفيك أن تقف متفرجاً على اللاعبين حتى تلاحظ مدى الجهد الكبير المبذول ومدى التآلف بينهم. مزاح بسيط بين عباس عطوي ومحمود العلي وانتشار لللاعبين حول البوفيه. الصفوف مكتملة بكل معنى الكلمة، والوجوه مريحة، من القائد رضا عنتر ضابط الإيقاع في صفوف اللاعبين داخل التمرين وخارجه، الى القائد الآخر يوسف محمد، الذي سيحمل الشارة في اللقاء، والى جانبه بلال نجارين ورامز ديوب وحسن معتوق. 21 لاعباً مفعمون بالحياة والإصرار على الفوز.
لا تستطيع الحديث معهم رسمياً، فالكابتن جهاد أبلغنا بأسلوبه اللطيف أن المدرب ثيو بوكير قرر عدم السماح للاعبين بالتحدث الى الإعلام منعاً لفقدان التركيز. وهو قرار صائب يهدف الى عزل اللاعبين عن كل ما قد يشتت أفكارهم. وتبيّن لاحقاً أنها فكرة رئيس البعثة أحمد قمر الدين، الذي لاحظ أن الأمور قد أفلتت قليلاً في قطر نتيجة الكمّ الكبير من الإعلاميين الموجودين هناك. حتى إن تمرينة اليوم الأخيرة على ملعب الوحدة الذي سيحتضن اللقاء ستكون مغلقة مع السماح بالتصوير لـ 15 دقيقة في بداية التمرين.
هم 21 لاعباً على الغداء، يعني أن هناك لاعباً ناقصاً. تعداد سريع ويتبيّن أنه الحارس عباس حسن. سؤال للقيّمين، ويأتي الجواب: وصل صباحاً ويرتاح في غرفته وسيكون حاضراً في التمرين عصراً. ومع انتهاء الغداء، يتوجه اللاعبون الى غرفهم للراحة قبل أن يلتقوا مجدداً عند الثالثة والنصف للتوجه الى ملعب الجزيرة للتمرين. الأجواء أفضل بكثير بعد الراحة، والمزاح بين اللاعبين ممتع، وخصوصاً تعليقاتهم على القمصان الواسعة التي سيتمرّنون بها. تعليقات ساخرة وتلميحات بين اللاعبين و«النق» على رأس مدير المنتخب فؤاد بلهوان الذي يتقبل برحابة صدر. فالواضح من كلام اللاعبين أنهم يعلّقون للمزاح لا للانتقاد. فآخر همهم ماذا يلبسون للتمرين، فالمهمة كبيرة ولا يمكن الوقوف عند هذه التفاصيل.
تبدأ البعثة بالتحرك الى ملعب الجزيرة، فتسأل مع الزميل سليم عواضة المسؤول الإعلامي وديع عبد النور عن إمكان الذهاب مع البعثة الى هناك، إلا أن عبد النور يعتذر لعدم وجود أماكن شاغرة، لكن الملعب ليس بعيداً و«التاكسيات كتار».
في ملعب الجزيرة، يبدأ التمرين بالتحمية بالكرات، قبل أن يوزّع اللاعبون إلى مجموعتين، الأولى تضم معظم الأساسيين كنجارين وديوب ومغربي والعلي وعطوي ومعتوق والحارسين الصمد وحسن، ليبقى الشغل الشاغل هو من سيحل بدلاً من رضا عنتر الموقوف، ما ظهر في تمرين أمس أن محمد شمص قد يكون صاحب الحظ الأكبر في المشاركة كأساسي، وإلى جانبه عطوي وهيثم فاعور وأحمد زريق. تمرين يستمر ساعة ونصف ساعة، ثم يعود بعده اللاعبون الى الفندق، قبل أن يتوجهوا الى عشاء يقيمه رئيس رابطة جمهور منتخب لبنان في الإمارات عباس زهري، حيث التقوا بالجمهور اللبناني هناك.
هذا الجمهور الذي يبدو أنه سيواجه مشكلة عدم القدرة على الحضور بكثافة الى الملعب. فالمعلومات تشير الى أن القوى الأمنية ستسمح بدخول عشرة آلاف مشجع الى ملعب الوحدة، الذي يتسع لـ 16 ألفاً، نصفهم للبنانيين أي خمسة آلاف بطاقة بيعت جميعها، مع طرح بعض البطاقات في السوق السوداء، حيث وصل المبلغ الى 500 درهم (200 ألف ليرة لبنانية)، فيما السعر الأصلي هو 20 درهماً (حوالى 8 آلاف ليرة). فهناك حالة جنون في الإمارات للحصول على بطاقات المباراة، ما وضع المنظمين اللبنانيين في موقف حرج. إذ إن هناك 1200 مشجع أتوا من خارج الإمارات، من السعودية والكويت وقطر وإنكلترا وروسيا وأفريقيا قد حجزوا بطاقات سفر وفنادق ووصلوا الى أبو ظبي، وليس هناك بطاقات دخول مؤمنة لهم. ويبذل مسؤولو رابطة مشجعي المنتخب في الإمارات وفي لبنان أيضاً جهوداً جبارة لحل المشكلة، فهم الجنود المجهولون في هذا العرس الكروي. ووصلت حالة الجنون بمباراة المنتخب الى طلب أحد اللبنانيين المسنّين الذين يعيشون في السويد وضع كرسي له الى جانب الملعب ليسمع صوت الجمهور وأحداث اللقاء بعدما أبلغه المسؤول في الرابطة حسين الحسيني بأن البطاقات قد نفدت.
ويعمل القيّمون على حل المشكلة اليوم، حيث سيتوجه قمر الدين الى دبي لمناقشة الموضوع مع المسؤولين هناك، إذ إن كل ما يطلبه اللبنانيون هو زيادة العدد ألف مشجع لحل مشكلة الجمهور الآتي من خارج الإمارات.