حاورها محمد نبيل
• لا عسل لا هنا و لا هناك، أ ليس هذا ما يكتشفه الغريب في نهاية مشواره الحزين..
• ألإنسان الألماني عاطفي جدا، إنه ينفعل أيضا، يبكي، يغضب، يضحك ينهزم تماما مثلنا..
• الرجل المغربي، عموما يجد صعوبة في تقبل نجاح المرأة، فبالأحرى دعمها في بداية المشوار. هي شاعرة متصوفة مشاغبة، عاشقة للفوضى والتمرد، زاخرة بالتناقضات،
هادئة حد الصخب، ومتزنة حد الجنون. صوتها جريء، ومؤثر، وصمتها خجول، ينطق
ببراءة الطفولة، و دهشة السؤال. هكذاعــَــرفــْـــتُ "فاطمة البوعناني
أنفــلــوس، التي قررت الترحال والهجرة من وطنها المغربي إلى ألمانيا .
في هذا اللقاء نحاول الاقتراب من هذه المبدعة المغتربة.
س: كيف تحب فاطمة البوعناني أن فلوس تقديم نفسها للقراء ؟
ج: يبدو لي أن الابداع هو خير رسول بين الشاعر والقارئ. لهذا لا أظن أن
الشاعر مجبر على تقديم نفسه للآخرين، بأكثر مما تقوله قصائده. أما من أكون ؟
فهذا بالضبط، ما لا أعرفه. منذ مدة و أنا أسأل نفسي هذا السؤال المشاغب.
س: هذا كلام رائع، غير أنك حاولتِ الإجابة عن هذا السؤال عبر نصوصك الشِّعرية؟
ج: صحيح. سؤال "الأنا" سؤال فلسفي شِعري صوفي شائك ، وشديد الغرابة .
والطريف أن ما أحصل عليه غالبا - بعد معاناة- هو مجرد وهم . إنه ليس جوابا ،
على أية حال، مهما بدا كذلك . كما في هذا النص :
" أنا التفاحة التي
طردتك من جنتك
و أنا التفاحة التي
كشفت جاذبية الأرض.
و
أنا الأرض التي
تدور حول الشمس .
و أنا الشمس التي
تجري لمستقَر لها
على صدرك!
فمن أنا !؟
أنا النجوم المتساقطات
أنا بياض النجوم
و سواد الليل
أنا حزمة متناقضات
تخت الوليد
نعش الفقيد
الصفعة و الخد
كــِــذبة نيسان، أنا
و ما تبقى من الأمنيات
فمن أنا !؟
أنا الوردة التي
تشاكس الوحشة على قبرك
أنا موتـــُــــك فيَّ
و أنا الحياة
.. أنا الحياة
.. أنا الحياة
ويبدو لي أنه لا أحد منا يعرف نفسه، و لهذا يبحث كل منا عن نفسه في
الآخر، هذا الآخر الذي يتبدى فينا، بتعبير المتصوفة، لا بمفهوم جحيم سارتر .
س: قد تكون وراء كل أفعالنا دوافع، ما الدافع وراء الكتابة لديك ؟
ج: في ديواني الشِعري "قاب قوسين، وأدنو" وبالضبط في فاتحة الديوان، سوف تعثر على جواب لسؤالك:
" نكتب ..
حتى يحق لنا ان نمتلك
جنوننا
و هذي اللحظات
يلبسني فيها الخوف
حين تعريني
الكلمات
و تلك الدمعة
المختبئة
بين النوافذ و الذكريات
تكتبني ، تسكنني، تحرقني
و لا تترك مني
إلا .. قلما
يحضن هذا الرفات "
س: هل سيكون جوابك عن كل سؤال، بقصيدة !!؟
ج : ما استطعتُ إلى ذلك سبيلا .
س: كونك تعيشين هنا بألمانيا، يدفعني للحديث عن علاقة الشعر بالهجرة ؟
ج:
سوف أغوص بعيدا، و سوف أنبهك إلى أمر جميل . إنني أمازيغية . و الأمازيغ
بطبيعتهم عاشقون للترحال. ربما لم يكن العشق وحده، الذي دفعهم لذلك. لكنهم
.. رحلوا ! ثم إن العبور حالة صوفية بامتياز.
إنها تجربة برزخية . لهذا
أظن أنها سوف تثري تجربتي الشِعرية و الحياتية، لا محالة، دون أن أغفل
الإشارة إلى أن مفهوم العبور عند المتصوفة لا يفترض بالضرورة، تغيير
المكان. إنهم يمجدون السفر الحسي، كما في حكايات المعراج الروحي. ويتحدثون
عن الفصل و الوصل، و يستبدلون حج الأمكنة بحج الذات ، كما في تجربة الشيخ
الأكبر محيي الدين بن عربي .
س: وهذا ما تستحضرينه في نصك الشِعري" أسطورة الانتظار". أليس كذلك؟
" لا زلتُ أنسج
و أفك ..
لا زلتُ أحج
إلى بدني
و أرمي عينا إلى الرماد
عله ينبتك
كما تـُـنـْـبـِـتُ السماء
نشيدا ، على ألسنة الأطفال. "
نعم . المتصوفة احتفَـوْوا احتفاءً باذخا بالسفر في الذات. ففينا انطوى
العالَم الأكبر. ثم إنهم اهتموا بتأنيث المكان . ولا يعني ذلك فقط التماهي
مع الأنثى - حضورا و غيابا- في مقامات التجلي، بقدر ما يعني أيضا ، أن يصير
المكان مكانة . و هذا ما أعني به تقديس المكانة ، بما هي مقام وصل، لا
مجرد إحداثية مكانية. من هنا تأتي أهمية الوصول، و الذي لا تحتاج معه
بالضرورة إلى تغيير موقعك الجغرافي / المكان، مع العلم، أن الأنثى - بما هي
أصل الحياة- أقرب. أ لم يكن الشيخ الأكبر خادما لامرأة عجوز تـُـدعى:
فاطمة بنت المثنى القرطبية !!؟
س: حديثك عن المرأة يدفعني للتساؤل عن منظورك الخاص لثنائية رجل / امرأة ؟
سؤالك
ذكرني برواية حمقاء، أعشقها هي: "امرأة القارورة"، و التي منحت سليم مطر
كامل، عن اقتدار، جائزة الناقد للرواية ،سنة 1990 ، ولهذه الرواية حكاية
طريفة معي. لقد طبقتُ معها المقولة الشهيرة - المنسوبة لجون جاك روسو- :
أحمق من يعير كتابا ،و أحمق منه من يرده لقد أعارنيها صديقي العزيز الصحافي
الشاعر : محمد بشكار، أيام تحضيري لدبلوم السلك الثالث بجامعة محمد
الخامس، غير أنني لم أجاريه في حماقته، إذ انني لم أستطع بأي حال من
الأحوال فراقها، بعد أن نالت مكانتها في قلبي ،قبل أن تنال مكانها في
خزانتي ،غير أن صديقي الشاعر منذ أن عرف بتأنيب الضمير الذي أعانيه، بسبب
احتجازي القصري لروايته قرر، في رد فعلٍ شِعري راق، أن يكتب لي عليها إهداء
منه حتى تنتفي - عني- نية سرقتها. هذه هي المرأة، باحثة عن الجمال، هو
ضالتها ، أينما وجدتُه فهي أحق به. ثم إن" امرأة القارورة" تقدم المرأة
باعتبارها أصلا لكل شيء، وهكذا لا تـُـبـقـِــي للرجل من الغواية ما يكفي،
لكي يصير مركز أي إبداع إنساني محتمل، حسب تأويلي الخاص.
المرأة فكرة إبداعية بامتياز. إنها الفكرة و الروح. أما الرجل فيتوهم في
أحسن حالاته أنها نصفه الآخر. ثم سرعان ما يحاول إلغاء هذا التصور أيضا،
حين يبدأ بتمثلها - حسب تعبير المبدع الجزائري واسيني الأعرج- مرآته التي
لا يريد أن يرى فيها ضعفه وأخطاءه.
س: هروبا من هذا المأزق . اسمحي لي ، أن أسألك عن ألمانيا . أية علاقة ممكنة بينكما!؟
ج
: هروب موفق. فالحديث عن ألمانيا حديث مشوق. لا أريد التحدث عن حياتي
الشخصية . فأنا امرأة رمادية ، كما تسميني صديقة شاعرة. بودي لو كنت لا
مرئية ، و لا أحب الصور ، و خصوصا صور البورتريه، على كل ، هذا إحساس
أقتسمه مع الروائي الفرنسي جان ماري كوستاف لوكليزيو . أكره الشهرة، لأنها
تأخذ منك، أكثر مما تعطيك و تسرق منك خـلـوتـك، في غفلة منك.
أقصد بكلامي هذا ، الكم الهائل من وسائل الإعلام، و خصوصا الأنترنيت
التي قد تجعل منك نجما في لحظات. غير أن السؤال لا يكون حينها هل أنت مشهور
؟ بل ، لماذا أنت مشهور !؟ إذ أنه "ليس على المرء إلا قتل مالكة منزله لكي
ينال الشهرة" كما يرى ألبير كامي، بكل بساطة. إن الكثيرين يبالغون في نشر
صورهم الشخصية ، و تفاصيل حياتهم الدقيقة أنا لا أعطي نفسي الحق في
معاتبتهم على ذلك، غير أن هذا الأمر، لا يشبهني .
أحب الحياة البسيطة ، البعيدة عن الأضواء، القريبة من وجع الإنسان.
لماذا أحكي لك كل هذا !؟ فقط لكي أقول : إن ألمانيا تمنحني هذا الإحساس،
أشعر أنه بإمكاني هنا خصوصا في مدينة بــــون بإمكاني أن أحتفظ بقيمي
وخصوصياتي وشفافيتي بكل حرية.
هنا في مدينة بتهوفن، يمكنني أن أعود لدراسة الموسيقى التي أوقفتها قسرا
في بلدي، يمكنني التخصص في مدرسة الفنون والإعلام بكولونيا، يمكنني إنشاء
مؤسستي الخاصة في المجال الثقافي الذي أحب، يمكنني أن أمشي ليلا كشاعرة
مجنونة تحت المطر، دون أن أكون مجبرة على تقديم تفسير لأحد، أنا أحترم
الإنسان في هذا البلد، وأشعر بنقاط كثيرة مشتركة بيننا، وعلى عكس ما هو
رائج ، فالإنسان الألماني عاطفي جدا ، إنه ينفعل أيضا يبكي، يغضب، يضحك
ينهزم تماما مثلنا، ثم إن ألمانيا، لا تعطيك فقط فرصة التعرف عن قرب، على
الإنسان الألماني، بل أيضا على ما لا يمكن تخيله من الآخرين المختلفين عنك،
في اللغة والدين و التاريخ. هنا قد تقابل كل الناس من كل الجنسيات من كل
بقاع الأرض.
ينبغي فقط التخلص من كل العــُــقــد السابقة من لعبة الأحكام الجاهزة
التي تـَـعـَـوَّدَ البعض منا رميها على كل الآخرين، الذين لا يشبهونه.
بمجرد أن يكون الإنسان قادرا على تقبل الآخر مهما كان -تبدأ السعادة
الحقيقية، في نهاية المطاف، إنما نصبغ كل هذه الأماكن التي نسكنها
بأحاسيسنا.بأحلامنا حينا ، و بانكساراتنا ، أحيانا أخرى.
س : اسمحي لي أن أسألك كيف تنظرين لعمل الحكومة المغربية في باب الهجرة والنساء ؟
ج : أنا لا أحب أن أتحدث عن الأمور التي لا أفهمها. والحديث عن السياسة والدين والجنس،
الثالوث
المحرم، غالبا ما يكون محفوفا بالشبهات . لأنه ينبغي أن يكون حوار
متخصصين، أو لا يكون، من أصله. المهم ، هل أحدثك عما هو كائن، أم عما ينبغي
أن يكون !؟ على كل حال، أنا لا أجيدهما معا.
بعد أن تتوضح معالم المشهد السياسي المغربي الجديد. كل ما أستطيع قوله،
باعتباري شاعرة، أنني أرجو أن أجد تمثيلا ثقافيا يشرفني كمغربية في هذا
البلد . كما أرجو أن تنسق القنصليات والمراكز الثقافية مع الجمعيات
والمؤسسات التي تشتغل في هذا المجال، بشكل أقوى للتعريف بالخصوصية
المغربية، ثقافة وفنا و رياضة، مع إشراك جميع الفعاليات على امتداد
الولايات الألمانية، وعدم الاقتصار فقط على برلين العاصمة . وفي انتظار
ذلك، هناك مجموعة من الأفراد والجمعيات، التي تعمل بشكل مستقل نوعا ما، كما
هو حال مؤسسة : ماورك إفنتس أنترناسيونال Maroc Events International
هنا بمدينة بـــون، والتي تضع ضمن برنامجها الثقافي للتعريف بالمبدعين
المغاربة -إلى جانب أنشطة أخرى-تنظيم معرض لوحات للفنانة التشكيلية
المغربية نعيمة الملكاوي، وكذا عرض أفلام سينمائية. هناك إشارة ، تبدو لي
مهمة ، وبإمكانها توضيح الرؤية للقراء ، أكثر، ينبغي أن نشير أننا حين
نتحدث عن الهجرة إلى ألمانيا نتحدث عن هجرة فتية ، وبالتالي لا ينبغي
استعجال نتائجها ، إنما ينبغي الإلحاح على ضرورة فتح المجال للمرأة،
للمشاركة بفعالية في هذا المجتمع الذي أصبحت جزءا منه، غير أن مشاركة
المرأة المغربية ، لكي تكون فعالة دون أن تمس بخصوصياتها الدينية
والاجتماعية، تفترض وعيا خاصا منها، و نضجا خاصا من المحيطين بها ، وأقصد
بالخصوص الأب والزوج.
إنني أتفهم وضعية الكثيرات من النساء، اللواتي اضطررن لوأد أحلامهن بسبب
لائحة المحظورات الطويلة التي تـُـتـلى على مسامعهن صباح مساء . أتفهم هذا
بـالرغم من أن الرجل الذي يشاركني حياتي يحترم خصوصياتي إلى أبعد الحدود،
يقدر مواهبي ويحترم ذكائي. وأعترف أن الرجل المغربي، عموما يجد صعوبة في
تقبل نجاح المرأة، فبالأحرى دعمها في بداية المشوار.
إن ما يهمني أساسا ألا تضطر المرأة المغربية بل أية امرأة، إلى ضرورة
الاختيار، إما عائلتها أو نجاحها الشخصي، وما يجب أن نتذكره دائما أننا هنا
في هذا البلد، وفي هذا الكون ، لنحقق أهدافنا دون أن نضطر لمحاباة أحد،
على حساب أحلامنا البريئة، و سأستعير هنا عبارة "باولو كويلو" التي أعشقها:
"يجب أن نخاطر، فلن نستوعب معجزة الحياة إلا إذا سمحنا لغير المنتظر
بالحدوث!".
س : في إطار آخر، أريد أن أسألك كيف تنظرين للواقع الخاص بالنساء المغربيات في ألمانيا ؟
ج
: هذا سؤال أكبر مني، لأن الإجابة تقتضي الإلمام بالكثير من حيثيات
الموضوع. و هذا ما لا تملكه - حاليا- حتى المؤسسات. إنما يمكنني التحدث
بشكل نسبي جدا. وأنا في بلد النسبية، على كل حال. يمكنني القول، بأن طبيعة
حضور المرأة المغربية في ألمانيا، يختلف جوهريا عن حضورها في كل من فرنسا و
بلجيكا، مثلا، فلا وزيرات مغربيات هنا... لأنه حتى الرجل المغربي أو
العربي عموما ، لم يحقق حضورا سياسيا ظاهرا ، فهي ليست مسألة امرأة أو رجل،
بل ربما لا تتجاوز كونها مسألة أجنبي. أقول ربما ..هل هي مسألة عنصرية
خفية؟ أم أنها مسألة لغوية بالدرجة الأولى ؟ أنا شخصيا أرجح الاحتمال
الثاني لاعتبارات عديدة. أهمها : أن اللغة الألمانية لا نستأنس بها في
المدارس المغربية، بالمقارنة مع اللغة الفرنسية ، بل ربما تأتي في مرتبة
متأخرة ، بعد لغات أخرى، كالاسبانية و الانجليزية. لهذا أعتقد أن عائق
اللغة ،كافٍ تماما ، لعرقلة أية مشاركة للمهاجر في بلد إقامته الحالي. من
جهة أخرى: أظن أن سبب هجرة امرأة ما، يختلف عن أخرى. و هذا أيضا يكون محددا
لما يمكن أن تفعله في هذا البلد. فالمرأة التي جاءت للدراسة، تتحرك غالبا
في هذا النطاق. فــحتى بموجب القانون، لا تسمح لها تأشيرتها بأكثر من ذلك.
فالطالبة، (و الطالب أيضا بالطبع)، و هذا ما لا يعرفه الكثيرون،لا يُسمح
لها بالعمل أكثر من 60 يوما في العام . أي ما يعادل شهرين، في كل سنة.
و نظرا لمجموعة من الصعوبات المادية و المعنوية، تضطر كثير من المغربيات
إلى مغادرة ألمانيا نهائيا. و على كل حال، فأنا اعرف الكثير من المغربيات
اللواتي اضطررن للعودة، حتى بعد إنهاء دراستهن بتفوق. لأن القانون ، لا
يمنحها أكثر من مهلة سنة، بعد التخرج ، للبحث عن عمل. و هذا ما لا تنجح فيه
الكثيرات. الطـريق ليست مفروشة بالورود، هنا أيضا، مع الأسف. و قانون
الأجانب، صارم جدا، وأحيانا غير إنساني. هل مطلوب منه حقا أن يكون إنسانيا
!؟
في كل صباح عندما أنصت بتأمل إلى أغنية ريهام عبد الحكيم "بالورقة و
القلم" أتساءل : قطران بلادي ولا عسل البلدان الأخرى !؟ أتذكر كلام أختي
التي تعيش منذ سنين بإيطاليا: لا عسل لا هنا و لا هناك، أليس هذا ما يكتشفه
الغريب في نهاية مشواره الحزين !؟لـكــنـنـي أحب أن أشاهد فيلم عسل أسود
لنجمي المفضل : أحمد حلمي، أشاكس حنيني لأمي ، ماذا يساوي الوطن بدون
أمهاتنا !؟ بربك ماذا نفعل هنا ؟!؟ أنا سأجيبك: بالتحديد، ما كنا نفعله
هناك نربي الأمل تماما كما كان يفعل حكيم الشِعر محمود درويش ، و هو يجوب
القوافي بحثا ، عن وطن .
عذرا ، سأعود للسؤال الأصلي، هناك نساء مغربيات هاجرن إلى ألمانيا بسبب
الزواج، ودخلن إلى هذا البلد في إطار قانون التجمع العائلي، كما هي حالتي،
هذه الفئة تملك تأشيرة خاصة، لكنها تختلف في تفاصيل أخرى ، فيما بينها
أيضا. فيمكنك أن تجد ضمن هذه الفئة نساء حصلن على بطاقة إقامة صالحة لمدة
سنة، في حين أن هناك من لم تحصل إلا على رخصة إقامة لمدة ثلاث أشهر.
و ما لا تعرفه، ربما أن هذا الأمر يختلف من ولاية لأخرى،و من مدينة
لأخرى، و أحيانا من شخص لآخر.فأنا كنت محظوظة جدا، و تمكنتُ ، فقط بفضل
الله ، من الحصول ، و منذ أول أسبوع في ألمانيا ، على رخصة إقامة لمدة ثلاث
سنوات، يسمح لي بعدها بالحصول على الجنسية الألمانية ، مع احتفاظي
بالجنسية المغربية. هذا بالإضافة على حصولي أيضا على حق العمل في كل
المجالات و الأنشطة، دون قيد أو شرط. و هذا لا يفهم معناه بمرارة، إلا من
يعرف صرامة القانون الألماني بخصوص الأجانب، و صعوبة الحصول على حق العمل
هنا. و هذا بصراحة ليس حكرا على المهاجرين، فالقانون الألماني صارم جدا حتى
مع الألمان أنفسهم، كما هو الحال في القوانين المنظمة للضرائب و التقاعد
مثلا. حقائق صادمة جدا، لا يمكن تصديقها.
إذن المرأة المغربية التي قدمت لألمانيا موجب قانون التجمع العائلي،
غالبا ما تكون اهتماماتها محصورة في بناء أسرة ،و في أبعد التصورات، تتعلم
القليل من اللغة ، لإيجاد فرصة عمل مهما كان بسيطا، و في حالات نادرة
محاولة ولوج الجامعات و مراكز التكوين المهني، لتقوية فرص الحصول على عمل
أفضل . و هناك حالات أخرى ، لا نعممها ، لكننا أيضا لا ننكرها ، و هي حالات
نساء قدمن إلى ألمانيا في إطار ما يسمى بالزواج الأبيض ، و حاولن هنا
الحصول على أي عمل مهما كان ، لتغطية مصاريفهن اليومية، بالإضافة لحالات
نساء قدمن بموجب عقود عمل ، و خصوصا في مجال التنظيف .
وتبقى هناك حالات لم نتحدث عنها، مثلا، النساء الألمانيات من أصل مغربي .
هذه الفئة تهمني أيضا، ليس لكوني شاعرة، بل باعتباري صحافية، إنها فئة
تثير انتباهي كثيرا. في هذا الباب، نجد : ياسمينة فيلالي الحسناء المغربية
الشقراء، التي تشتغل في مجال التمثيل بألمانيا . من مواليد باريس سنة 1975
من أم مغربية و أب ألماني، و هي تعتمد اسمها المغربي كاسم فني أيضا. سناء
قمور : عضوة في فرقة غنائية نسائية ألمانية تدعى : مونروز من مواليد
فرانكفورت سنة 1979 من أبوين مغربيين، حققت شهرتها كمغنية ، و كمذيعة
لبرامج ترفيهية في التلفزيون الألماني . نادية بن عيسى : تعمل في مجال
الغناء اشتهرت ضمن فرقة: "نو أنجلس" وهي من مواليد فرانكفورت سنة 1982 من
أب مغربي ، و أم ألمانية ، أنا لا أزعم أنني أقدم هنا إحصائيات مضبوطة ، و
شاملة ، إنما هذا ما أعرفه حاليا، في مجال تحركي. إننا في الحقيقة لا نقدم
إلا نظرتنا الخاصة و المحدودة للواقع من حولنا . هذا ليس عيبا، في حد ذاته،
إنما ينبغي على الأقل أن نكون واعين بهذه الورطة.