صدمة الحب والتاثير الجسدي
صدمة الحب والتاثير الجسدي
صدمة الحب تعادل حرق كوب شاي ساخن. الحب هو كل الأحاسيس والمشاعر الرقيقة والصفات النبيلة والحنان المتدفق.. من دونه لا نستطيع الحياة ولكل محب تصور وتعريف خاص للحب, ولكن في النهاية هو: تضحية, ذكريات, مشاركة, غذاء للروح, أمان, إخلاص, ولوعة.. فهل هو سعادة أم عذاب؟
وعن معاناة الإنسان في الحب والخوف تغفت أم كلثوم بخاف عليك وبخاف تنساني والشوق إليك علطول صحاني وعبر عبدالحليم خايف أقرب يبعد عني وعن الشجن تغنت أم كلثوم أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني, أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني, فالساعادة الغامرة عند لقاء الحبيب سببها افراز مادة كيميائية من المخ تدعي (فنيل أيثيل أمين وأن فتور الحب بعد فترة من الزمن سببه أن تلك المادة يقل مفعولها, وذلك لأن عواطف الإنسان وانفعالاته عملية كيميائية بسبب منبه أو مثير يصل إلي المخ عن طريق الحواس الخمس ينتج عن موجات كهرومغناطيسية بسبب تأثير هذه الكمبهات في مركز الانفعال في المخ الذي يطلق الاشارات الكهربائية إلي أجهزة الجسم.
كما أكدت الدكتورة نعمت قاسم استشاري أمراض المناعة والطب بكلية طب قصر العيني أن الجهاز المناعي للإنسان ما هو إلا عبارة عن كرات الدم البيضاء خصوصا كرات الدم الليمفاوية (T B) وهي مسئولة عن دفاع الجسم ضد الميكروبات وأي تحول سرطاني ولها ذاكرة مثلها مثل مخ الإنسان وهناك اتصال وثيق بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي والغدد الصماء المسئولة عن اتصال الهرمونات بالجسم, وهذا الاتصال يتأثر ويتحكم في انفعالات الإنسان سواء انفعالات سلبية أو إيجابية بمعني آخر سواء في الحزن أو الفرح, فقد أثبتت الأبحاث أن الضغوط النفسية تثبط الجهاز المناعي والعكس صحيح بالنسبة للسعادة التي تقوي الجهاز المناعي فتجعل هناك استعدادا للأمراض الفيروسية أو البكتيرية مثل التهابات المفاصل أو الأورام غير الحميدة, ودراسات عديدة تساعد في شفاء المرضي بعد حالات زرع النخاع أو أمراض القلب أو حتي بعد التعرض للكسور الخطيرة مثل كسر عظمة الفخذ. كما وجد أن ما يسمي بالانعزال الاجتماعي يضاعف من حدوث الأمراض.
وفي دراسات أخري وجد أيضا أن السيدات اللاتي يعانين من سرطان الثدي يتأثر مرضهن بالحالة المزاجية والسيدات اللاتي يتمتعن بحالة نفسية جيدة يقاومن المرض أكثر من الآخريات. والجزء المسئول عن الحالة المزاجية في المخ يدعي أميجدالا وهناك أيضا مهدئات يفرزها المخ تدعي أندروفين وهذه المادة مضادة للاكتئاب وتفرز في حالة المشي والرياضة.
عذاب الحب والألم والفراق ليس أمرا مجازيا للتعبير عن لوعة العشاق فتأثيرها علي الإنسان تأثير الآلام الجسدية نفسها فالعلاقة وثيقة بين الحب والصحة, فالصحة ليست الخلو من المرض ولكن هي السعادة والأمن النفسي والمصدر الأساسي للسعادة هو الحب. والمصدر الأساسي للحزن والقلق والاكتئاب هو الفشل في الحب.
وهذه المشاعر تؤثر في صحة الإنسان وتجعله يعاني نفسيا بما ينعكس علي صحته الجسدية فيما يعرف بالأمراض النفسجسمانية رغم الصفاء والسعادة والنشوة التي يعيشها وهو يحب كما يوضح الدكتور إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسي جامعة قناة السويس ـ أن المشاعر القوية سواء لحظة خوف أو فرح تبقي في الذاكرة ولا يمكن نسيانها والحزن الشديد يسبب الزهايمر وهذا الاسم نسبة للعالم الألماني نكتشف المرض ويمكن أن يظل هذا المرض لشهور عديدة ثم يشفي منه لأنه عرض نفسي وليس مرضا عضويا. والفراق يسبب اكتئابا ويمكن أن يصل إلي انتحار. وهذا يثبت أن المشاعر شيء مهم للإنسان فهي التي تميزه عن الحيوانات ولذلك لابد من تنمية تلك المشاعر بداخله لفائدتها للصحة النفسية ولكن بالمعقول فكل شيء زاد عن حده ينقلب لضده وقد حذرت دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة امبريال كوليدج من أن الوقوع في الحب يلحق أضرارا بالغة بصحة العاشقين وأكد البروفيسور مارتين كاوي واضع الدراسة أن أجسادنا تمر علي نحو مستمر بتخبطات كبيرة من العاطفة والحب يترك بعضها آثارا خطيرة تؤدي إلي سرعة ضربات القلب وعرق في اليدين وأعراض مشابهة للإنفلونزا بسبب الضغوط الناجمة عن المشاكل العاطفية مشيرا إلي أن الرجال الأرامل هم أكثر تأثرا وعرضة للإصابة بمشاكل قلبية خطيرة بعد وفاة زوجاتهم نتيجة كتمان مشاعرهم فالمجتمع حرم الرجل من متعة التعبير عن مشاعره بسبب القيم المعقدة فالرجل لا يجب أن يعبر عن مشاعره سواء الحزينة أو السعيدة ومن المعروف أن العصب الحائر يتأثر بالحالة النفسية وحالة التوتر والقلق التي يمر بها الإنسان حينما يعيش حبا فاشلا فينتج عن ذلك نوبات القولون العصبي, التهابات وقرحة المعدة كما تزداد نوبات الربو الشعبي بل وأحيانا تزداد الأمراض الجلدية.
وأظهرت آخر دراسة عن تأثير الحب العنيف علي التركيز فيجعل الإنسان المحب غالبا ما يتعرض لنقص شديد في القدرة علي التفكير السليم وعدم التركيز تماما كمن ذهب عقله وهذا لأن تأثير الحب علي المناطق المسئولة عن الذاكرة والتركيز في المخ بحالتي الكسل والخمول التي تصيب تلك المناطق في حالات تعاطي المخدرات ولذلك قالوا: مراية الحب عمياء!!! كما أن الشخص تبدو عليه مظاهر الشيخوخة المبكرة حيث يبدو أكبر من عمره بكثير ويقل نشاطه البدني والذهني وتكثر فيه التجاعيد وجفاف البشرة.
وقد ذكرت الدراسة الصادرة من جامعة ميتشجان الأمريكية أن نتائج الاختبارات أظهرت أن المخ لا يفرق بين الألم الجسدي والألم العاطفي وأن الحديث عن الحب والفراق المؤلم ليس أمرا مجازيا فحسب. الدراسة شملت 40 رجلا وامرأة تعرضوا للهجر وتبين من الاختبارات أن أحدهم ارتفعت درجة حرارة ذراعه كأنه سكب عليه قدح ساخن من القهوة من تأثير لوعة الفراق, فالمخ لا يفرق بين الألم الجسدي والألم العاطفي