منتديات جلول لبنان Forums Jalloul Lebanon
عندما نكون كتلة مشاعر واحاسيس
عندما يغمرنا الحب والوفاء
عندها فقط نقول لك
.•°اهلاً بك قلماً مميزاً وقلبا ً حاضراً °•.
.•° هنا حيث القلوب تشابهت طيبة ٍ °•.
.•° وتلونت فرحاً وأملا ً °•.
.•° تزينت سماءنا بلالئي الأنجم اللامعه
وتوشحت بوشاح الفرح والسرور
وهلت بشائر طيور المحبه ترفرف نشوة بقدومك
وتعانقت حروف القوافي ترحيب بعطرك °•.
.•° بكل المحبه والموده نحييك لتشريفك لنا
ونرحب بك اجمل ترحيب ممزوج بعبارات الود والاخوه
موشح بالفل والكادي والرياحين°•.
.•° نتمنى لك إقامة رائعه وممتعه مع اخوانك و اخواتك
وفي شوق لعذوبة غدير حروفك لنرتوي منه
ورسم أناملك لنتمتع بابداعك وجماله °•.
.•°ارق تحية معطره بروح الورد لك°
منتديات جلول لبنان Forums Jalloul Lebanon
عندما نكون كتلة مشاعر واحاسيس
عندما يغمرنا الحب والوفاء
عندها فقط نقول لك
.•°اهلاً بك قلماً مميزاً وقلبا ً حاضراً °•.
.•° هنا حيث القلوب تشابهت طيبة ٍ °•.
.•° وتلونت فرحاً وأملا ً °•.
.•° تزينت سماءنا بلالئي الأنجم اللامعه
وتوشحت بوشاح الفرح والسرور
وهلت بشائر طيور المحبه ترفرف نشوة بقدومك
وتعانقت حروف القوافي ترحيب بعطرك °•.
.•° بكل المحبه والموده نحييك لتشريفك لنا
ونرحب بك اجمل ترحيب ممزوج بعبارات الود والاخوه
موشح بالفل والكادي والرياحين°•.
.•° نتمنى لك إقامة رائعه وممتعه مع اخوانك و اخواتك
وفي شوق لعذوبة غدير حروفك لنرتوي منه
ورسم أناملك لنتمتع بابداعك وجماله °•.
.•°ارق تحية معطره بروح الورد لك°
منتديات جلول لبنان Forums Jalloul Lebanon
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات جلول لبنان Forums Jalloul Lebanon

منتدى لبناني مصري المغرب العربي الخليج العربي عالمي
 
الصفحة الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورJalloul Lebanon Gamesالتسجيلدخولاتصل بنا
ثورة لبنان: يا أيها الكبار أسأل من نصبكن في موضع القرار أي قوانين لكي تحسنوا النظام وتحفظوا السلام وانتم الظلم الذي يكسر النظام وينسف الظلام أصرخ للكبار ... للكبار من يمسكون اليوم بالقرار لا تسرقوا الألوان من أمالنا لا تخطفوا الأحلام من أطفالنا غدا تدور دولة القرار ومن وراء دولة القرار لن تستطيعوا عندنا ان تحبسو الينبوع سوف تطلع المياه من فم الصخور وتخلع الحرية النير عن النسور رجالنا بطولة الملاحم نسائنا خصوبة المواسم أطفالنا مستقبل النسائم حدودنا شعاعة المدى وصوتنا مساحة لصدى وحلمنا يعانق المدى فلترفعوا الحصار يا اولياء القهر والقرار يا أيها الكبار....! يا شعب لبنان قاوم فيداك الأعصار لا تخضع فالذل دمار وتمسك بالحق فأن الحق سلاحك مهما جاروا قاوم فيداك الأعصار وتقدم فالنصر قرار أن حياتك وقفة عز تتغير فيها الأقدار يوم تهب ثورة الغضب في أمة الغضب في وقفة العز في انتفاضة الكرامة تندحر الظلامة عندها لن تستطيعوا وقف ما في النهر من هدير سوف يكون السيل لن تستطيعوا رد هذا الويل سوف يكون السيل عليكم سيجرف الحدود من حدودكم ويكسر القرار يا اولياء القهر والقرار يا أيها الكبار...! يا شعب لبنان قاوم فيداك الأعصار لا تخضع فالذل دمار وتمسك بالحق فأن الحق سلاحك مهما جاروا قاوم فيداك الأعصار وتقدم فالنصر قرار أن حياتك وقفة عز تتغير فيها الأقدار
هوِّر يابو الهوَّارة .. بلادي ارض الحضارة يلي ما بيعرفها منيح يرافقني ليها زيارة

 

 ذكرى الاستقلال الثامنة والستون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 11:58

عيد الإستقلال






ذكرى الاستقلال الثامنة والستون
19-11-2011
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Image

ثمانية وستون عاماً من عمر لبنان، حقبةٌ تختصر
نضال شعبه في سبيل الحفاظ على الاستقلال، وتحصينه من الأخطار، وترسيخ
معانيه العميقة في النفوس.
عقود مديدة من الزمن، تخللتها صفحات بيض
عنوانها الطمأنينة والاستقرار، وصفحات سود عنوانها الخوف والقلق على
المصير، وبين هذه وتلك صفحات حمر، سطّرها جنود الوطن بحبر الدم القاني، دم
زكيّ يروي جذور شجرة الاستقلال، فيكسبها قوة الاستمرار، ويغمرها بالبطولات
والمآثر.
وإذا كان يوم الاستقلال بالنسبة إلى اللبنانيين في الوطن
وعالم الانتشار، يمثّل محطة لاستذكار إنجازات الأسلاف، والتحلّق باعتزاز
حول علم البلاد، والتطلع إلى المستقبل الواعد، فإنه بالنسبة إلى الجندي
مسيرة عابرة للزمن، تخطّها يد تحمي وتبني، وعقل يسمو ويبدع، وقلب ينبض على
نفير الواجب وإيقاع الفداء...


إرادة تصنع الاستقلال

صحيح أن لبنان الحديث قد أطلّ على العالم العام 1943
كوطن حرّ سيد مستقل، في حدوده المعترف بها دولياً، لكنَّ جذوة استقلاله لم
تنطفئ يوماً في نفوس اللبنانيين، منذ أن أنبتتهم هذه الأرض الطيبة كسنديان
السفوح وأرز الأعالي، أبطالاً يتحدّون أشكال القهر وألوان الطغيان،
ويواجهون قوافل المحتلين والطامعين بإرادة من صخر وإيمان.

ولقد وجد
اللبنانيون مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وفي ظل المتغيرات الدولية
آنذاك، أن الظروف قد بدأت تتهيأ أكثر أمامهم للمطالبة بتحقيق استقلالهم
وإنشاء دولتهم المستقلة، فكان أن سارعوا إلى ترجمة إرادتهم عملياً، عبر
انضواء مجموعات من خيرة أبنائهم في «فرقة الشرق» التي أنشأها الحلفاء في
المنطقة العربية العام 1916، كأحد وجوه النضال الوطني. وقد اشترطوا حينها
أن يدون على عقود تطوعهم العسكرية شرطان: الأول أنهم يقاتلون ضد القوات
العثمانية من دون غيرها، والثاني أنهم انخرطوا في القوات الحليفة لتحرير
لبنان. وما لبثوا لاحقاً أن شكلوا داخل تلك القوات حالة لبنانية مميزة،
فالعام 1918 أصبحت فرقة الشرق المذكورة تضمّ في صفوفها أول سرية من سرايا
الجيش اللبناني وهي السرية 23 التي رافق تأليفها الكثير من التعاطف والحماس
بين المواطنين.

منذ العام 1921 بدأت سرايا القناصة اللبنانية تنشر
العمران في أرجاء الوطن، فتعهدت أعمال البناء وشق الطرقات وإنشاء الجسور
ومراكز الهاتف والتلغراف والتفتيش عن الآثار ومكافحة الجراد والإغاثة
والتشجير... فكان عهد من المحبة والود والتقدير بين اللبنانيين وجيشهم.

في
أيلول العام 1939، اندلعت الحرب العالمية الثانية، وبعد احتلال ألمانيا
فرنسا التي انقسمت قواتها بين مؤيد لحكومة فيشي ومؤيد لقوات فرنسا الحرَّة،
جرت عدة محاولات لزج الوحدات العسكرية اللبنانية في الصراع الفرنسي –
الفرنسي من دون أن تحقق أي نجاح يذكر.

وهكذا اجتمع في 26 تموز
العام 1941، أربعون ضابطاً لبنانياً في ذوق مكايل ووقعوا وثيقة شرف، تعهدوا
فيها عدم الخدمة إلاَّ في سبيل لبنان، كما تعهدوا أن تختصر علاقتهم
بالحكومة الوطنية، بحيث لا يتلقون الأوامر إلاّ منها. وفي ختام الوثيقة،
ربط الضباط استئناف مهمّاتهم العسكرية بالحصول على وعد قاطع من السلطات
الرسمية الفرنسية باستقلال وطنهم، وهذا ما حصل حين وعد الجنرال ديغول عبر
خطابٍ ألقاه في بيروت، بمنح لبنان الاستقلال والسيادة.
بين 29 آب و5
أيلول العام 1943، جرت انتخابات نيابية في لبنان، انتخب على أثرها الشيخ
بشارة الخوري رئيساً للجمهورية، الذي كلّف رياض الصلح تشكيل الحكومة. ومع
الرَجلين بدأت معركة الاستقلال تعيش لحظاتها الحاسمة من خلال البيان
الوزاري الشهير الذي رسم سياسة الحكومة الاستقلالية، تلا ذلك قيام مجلس
النواب بتعديل مواد الدستور المتعلقة بالانتداب وتوقيع رئيس الجمهورية على
هذا التعديل.

وقد ردت السلطات الفرنسية على كلّ هذا باعتقال رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء وأحد النواب وأودعتهم سجن قلعة راشيا.

فور
شيوع نبأ الاعتقال، اشتعلت ساحات المدن بالتظاهرات الاحتجاجية. وبدعم من
الضباط اللبنانيين تم تشكيل حكومة مؤقتة من الوزيرين حبيب أبو شهلا ومجيد
أرسلان اللذين توجها مباشرةً وبرفقتهما رئيس مجلس النواب صبري حمادة إلى
بشامون، حيث انضمت إلى الحكومة مجموعة من الشباب، شكّلت ما يشبه الحرس
الوطني.
أمام هذا الواقع، وفي ظل استمرار التظاهرات الشعبية، اضطرت
السلطات المنتدبة إلى التراجع عن تشددها مذعنة لمشيئة اللبنانيين، فأطلقت
سراح رجالات الدولة من سجن راشيا في 22 تشرين الثاني 1943، ليتحقق بذلك
استقلال لبنان في حدوده المعترف بها دولياً.

دعائم الاستقلال

يرمز استقلال الوطن إلى سيادة الشعب على أرضه، وإلى
قراره الحر المعبّر عن إرادته بعيداً عن التدخلات والتأثيرات الخارجية.
وللاستقلال دعائم أساسية لا بدّ من توافرها مجتمعة، ليكون كاملاً وغير
منقوص.

أولاها: الإرادة الوطنية الجامعة، وهي تنبع من وعي مختلف
الجماعات لشخصيتها الوطنية المتبلورة من خلال عوامل التاريخ والجغرافيا،
والتراث والقيم والتقاليد، إضافة إلى تلاقي هذه الجماعات على أهداف ومصالح
مشتركة.

وقد جسّد اللبنانيون إرادتهم هذه عبر التاريخ، من خلال
سعيهم الدائم إلى تحرير وطنهم من الجيوش والقوى الغريبة التي تعاقبت على
احتلال أرضه، إذ قاوموا الاحتلال العثماني لقرون أربعة، ثم الانتداب
الفرنسي. وبعد ذلك، لم يتوانوا لحظة عن أداء واجبهم الوطني في الدفاع عن
أرضهم ومقدَّساتهم ضد العدو الإسرائيلي، والتصدي لاعتداءاته المستمرة، إلى
جانب رفضهم القاطع للإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، والتفافهم حول مؤسستهم
العسكرية في مواجهته واستئصال أشواكه الخبيثة من جسم الوطن.

ومن
دعائم الاستقلال أيضًا وحدة الأرض والشعب، والتي من دونها يسود الانقسام
والتشرذم، وتشرّع أبواب الساحة الداخلية على تدخُّلات الآخرين وصراعاتهم.
ولقد كرَّس الدستور أرض لبنان مساحة وحدودًا، وأي مسٍّ بها، أو تجزئة أو
تقسيم لها، هو تهديد للوطن في جوهر وجوده. وعلى الرغم من الأحداث الأليمة
التي عصفت بالوطن، لم يتخلَّ اللبنانيون للحظة واحدة عن صيغة عيشهم
المشترك، حتى جاءت أخيراً وثيقة الوفاق الوطني العام 1989، لتؤكد بشكل لا
لبس فيه هذه الحقيقة الدامغة.
أمَّا الدعامة الثالثة للاستقلال فتتمثل
بدولة المؤسسات، المعبِّرة عن إرادة الشعب ووحدته، والتي تتولَّى رعايته
وإدارة شؤونه، استنادًا إلى مبدأ الحقوق والواجبات. كما تتولَّى حماية
الأرض وتنظيم استغلال ثرواتها، وبذلك تشكل ركنًا أساسيًا من أركان وجود
الوطن السيِّد المستقل. ويأتي الجيش في طليعة المؤسسات المكوّنة للدولة،
انطلاقاً من موقعه كرمز للسيادة والاستقلال، ومن وظيفته الأساسية كحامٍ
للوطن.

الجيش والوطن

أ - الإسهام في ترسيخ الوحدة الوطنية:
تشكّل
الوحدة الوطنية صمام أمان الوطن ومصدر مناعته وقوته، وقد أثبتت التجارب
التي مرَّ بها لبنان سابقاً، عقم الطروحات التي تم تداولها كالكونفدرالية
والتقسيم، والتي لم تجد طريقها إلى الحياة، بسبب عدم توافق اللبنانيين
حولها من جهة، وكون فرضها قسراً من جهة أخرى هو بمنزلة مشاريع تناحر وحروب
لا تنتهي، تؤدي في نهاية المطاف إلى القضاء على مقوِّمات وجود الكيان.
يسهم الجيش اللبناني في الحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال عدة عوامل يمكن تلخيصها بالآتي:
- البنية البشرية للجيش،
إذ يضم في صفوفه ضباطاً ورتباءَ وأفراداً يمثلون مختلف الانتماءات
الطائفية والمناطقية والثقافية التي يتكوَّن منها المجتمع اللبناني،
التحقوا به جميعاً بملء إرادتهم وقناعتهم.
- التنشئة الوطنية
التي يتلقاها العسكريون من مختلف الرتب، وهي نابعة من الدستور ومن خصائص
لبنان وشعبه، ومن رسالة الجندية القائمة على جملة من المبادئ الوطنية
والفضائل الأخلاقية والإنسانية. هذه التنشئة، ينقلها العسكريون بشكلٍ أو
بآخر إلى عائلاتهم ومحيطهم، مما يؤدي إلى تعميمها على شريحة واسعة من
المجتمع.
- العمل المؤسساتي داخل الجيش المتمثل
بالتطبيق الدقيق لمعايير الأهلية والكفاءة في الترقيات والتشكيلات والدورات
الدراسية وغيرها، والتزام مبدأ الثواب والعقاب، والشفافية في النواحي
العملانية واللوجستية والإدارية، ما يؤدي إلى تحقيق العدالة بين العسكريين
كجزء لا يتجزأ من العدالة الوطنية الشاملة التي تشكل ركناً أساسياً من
أركان الوحدة الوطنية.
- التفرغ المهني الكامل، أي التزام العسكريين العمل في نطاق مؤسستهم فحسب، وعدم قيامهم بممارسة أي عمل مأجور خارج المؤسسة.
- ابتعاد الجيش عن السياسة،
والبقاء على مسافة واحدة من الجميع، وهذا ما تجسد في العديد من المناسبات
الوطنية، لا سيَّما في أثناء التظاهرات والانتخابات النيابية والبلدية
وغيرها.
- المهمَّات الإنمائية التي تشمل مختلف
المناطق اللبنانية على قدم المساواة، والجيش من خلال هذه المهمَّات، إنما
يقدم صورة مثلى عن التضامن الإنساني والاجتماعي والوطني في سبيل تحقيق
المصلحة العامة.
- حماية الدستور من أيِّ محاولة للخروج عليه، والجيش في ذلك يكون حامياً للإجماع الوطني ولإرادة اللبنانيين، ولا مجرّد حامٍ لأشخاص أو فئات معينة.
- القوة الرادعة:
تشكل صورة الجيش كقوة رادعة تستند إلى التقدير والرهبة، عاملاً من العوامل
التي تسهم في تحقيق الاستقرار، غير أن هذه القوة الرادعة تتدخل فعلياً حين
تدعو الحاجة للحفاظ على سلامة المواطن وحريته وكرامته.
- تجسيد فكرة النظام في الوعي الجماعي للمواطنين،
فالمؤسسة العسكرية تقوم على نظام دقيق وواضح يشمل مختلف المجالات، فيما
تكفل القوانين وآلياتها التطبيق العملي لهذا لنظام، بما يؤدي إلى تنسيق
النشاطات وتوحيد الجهود، وتحديد الحقوق والواجبات.

ب - المهمات التي يضطلع بها الجيش:
المهمَّة
الرئيسة التي يتولاها الجيش، هي الدفاع عن لبنان ضدَّ أي معتدٍ خارجي،
وعلى وجه التحديد العدو الإسرائيلي الذي ما انفك يتربص به شراً، ويتحيّن
الفرصة تلو الأخرى، للانقضاض على ثروات أرضه، ومنجزات شعبه. إلاّ أن ذلك لم
يدفع المؤسسة العسكرية إلى تقليص اهتمامها بالأوضاع الأمنية، خصوصًا أن
هذا العدو قد دأب في الماضي ولا يزال، على بث سمومه في نسيجنا الوطني
المميّز، تبريرًا لوجود كيانه العنصري الذي يرفض الآخر ولا يعترف بحقوقه.
كما
أنّ الإرهاب، وهو الخطر الشامل باعتراف العالم كلّه، وإلى جانبه العابثون
بالأمن والخارجون على القانون، قد حتّموا تخصيص جهد كبير للداخل، حفاظاً
على المؤسسات وحمايةً للمواطنين. وبالإضافة إلى ما سبق، يطلّ الجندي
اللبناني أيضاً على أبناء مجتمعه من نوافذ الإنماء والإعمار في قطاعات
واهتمامات مختلفة، مع إبقاء إصبعه على زناد بندقية، تصوبها عقيدة عسكرية
راسخة وواضحة.

• الدفاع عن الوطن:
يقسم الجندي
فور انخراطه في الحياة العسكرية أن يحمي علم بلاده، وأن يذود عن وطنه
لبنان، الذي شاء القدر أن تنشأ على حدوده دولة عنصرية، ما انفكت تمارس
الاعتداء تلو الآخر على أرضه وشعبه وحضارته، كما قامت بتهجير قسم كبير من
الأشقاء الفلسطينيين إلى أرضه، ولا تزال حتى يومنا الحاضر تمنع عنهم حق
العودة إلى ديارهم، ضاربة عرض الحائط بجميع المواثيق والقرارات الدولية
التي ترعى حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وتأمين مطالبها المشروعة.

ولقد
كان الجيش دائماً على قدر المسؤولية في تنفيذ واجبه الدفاعي، بحيث خاض وهو
لم يزل فتياً خلال العام 1948، أولى معاركه البطولية في بلدة المالكية،
التي استطاع تحريرها من العدو الإسرائيلي، على الرغم من عدم التكافؤ في
موازين القوى، ثم توالت بعد ذلك سلسلة المواجهات مع هذا العدو، لا سيّما في
منطقة سوق الخان العام 1970، وعلى محوري بيت ياحون - تبنين وكفرا - ياطر
العام 1972، وفي صور العام 1975، مروراً باجتياحي العام 1978 والعام 1982،
وعمليتي تصفية الحساب العام 1993، وعناقيد الغضب العام 1996، ومواجهات عرب
صاليم وأنصارية العام 1997، وعدوان تموز العام 2006، وصولاً إلى مواجهة
العديسة في شهر آب العام 2010 ، حيث تصدى الجيش بكلّ شجاعة وبسالة لدورية
إسرائيلية معادية اجتازت الخط التقني في خراج البلدة المذكورة إلى أراضٍ
متحفظ عنها لبنانياً، وقد حصل اشتباك استمر لعدة ساعات، استخدم فيه العدو
الأسلحة الثقيلة ضد مراكز الجيش ومنازل المدنيين، الأمر الذي أدى إلى
استشهاد عسكريين اثنين ومواطن إعلامي وإصابة آخرين بجروح، فيما سقط للعدو
عدد من القتلى والجرحى، وقد انتهت المواجهة بانسحاب الدورية المعتدية إلى
مراكزها. وفي حادث مماثل حصل في الأول من شهر آب المنصرم، تصدت وحدات الجيش
في منطقة الوزاني لدورية إسرائيلية عبرت الحدود الدولية لمسافة 30 متراً
داخل الأراضي اللبنانية، واضطرتها بعد تبادل إطلاق نار معها إلى العودة من
حيث أتت، من دون تسجيل أي إصابات في صفوف عناصر الجيش. وتوضيحاً لحقيقة ما
جرى، نظمت قيادة الجيش زيارة للملحقين العسكريين العرب والأجانب المعتمدين
في لبنان إلى منطقة الوزاني، حيث تم تقديم شرح مفصل لهم عن مكان الحادث
وظروف حصوله.

وتشديداً على أهمية الواجب الدفاعي المنوط بالجيش،
خاطب العماد قهوجي العسكريين في أمر اليوم الذي وجهه إليهم بمناسبة الذكرى
السادسة والستين لعيد الجيش، قائلاً: إن جهوزيتكم الدائمة على الحدود
الجنوبية لمواجهة ما يبيّته العدو الإسرائيلي من نوايا عدوانية ضد الوطن،
تمثّل مهمّتكم الأولى التي تستحق كلّ جهدٍ وتضحية، وهذه المهمّة لا تكتمل
أهدافها إلاّ بتعاونكم الوثيق مع القوات الدولية حفاظاً على استقرار تلك
المناطق، وفضحاً لمخططات العدو الإجرامية وخروقاته المستمرة للسيادة
اللبنانية، ولقرار مجلس الأمن الرقم 1701، ولا تكتمل كذلك إلاّ بالتزام دعم
شعبكم المقاوم، والتمسك بحق لبنان المشروع في الاستفادة من كامل طاقاته
الوطنية، الكامنة في جيشه وشعبه ومقاومته، ما دام هذا العدو يستمر في
احتلال قسمٍ من ترابنا الوطني، ويرفض الاستجابة لشروط السلام الشامل
والعادل التي أكّدتها المواثيق والشرائع الدولية.

• ترسيخ التعاون مع القوات الدولية:
انطلاقاً
من أهمية دور القوات الدولية في مؤازرة الجيش اللبناني للحفاظ على استقرار
الحدود الجنوبية، ولكشف ممارسات إسرائيل العدوانية أمام الرأي العام
العالمي، ووفاءً لما تبذله من جهود وتضحيات في إطار مهمتها الإنسانية
النبيلة، تحرص قيادة الجيش على تمتين أواصر التعاون معها على مختلف الصعد.
ويتجلى هذا التعاون على وجه الخصوص في التنسيق الميداني والأمني، وتنفيذ
المناورات والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات والمعلومات، ومتابعة تعليم
الخط الأزرق والقيام بمشاريع إنمائية واجتماعية مختلفة لمصلحة المواطنين.
ومن
الجدير بالذكر في إطار التنسيق الأمني، اتخاذ قوى الجيش إجراءات أمنية
مشدّدة للغاية، بهدف حماية تنقلات هذه القوات، إثر تعرضها لاعتداءين
إرهابيين في منطقتي الرميلة وصيدا، بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية بين
الجانبين لمتابعة الموضوع عن كثب.

• الحفاظ على الأمن والاستقرار:
أكدت
القيادة غير مرّة أن السلم الأهلي خطٌّ أحمر، وأن الأمن هو حقٌّ مقدس لكلّ
مواطن، ومن غير المسموح الإخلال به تحت أي ظرف أو شعار.
والمهمة
الأمنية الملقاة على عاتق المؤسسة العسكرية، تزداد كثافة يوماً بعد يوم،
ليس لدقّة المرحلة وتشابك الأحداث في الداخل والخارج فحسب، بل أيضاً
لازدياد الثقة بها، واعتبار الاعتماد عليها أمراً طبيعياً عند كلِّ استحقاق
وغداة أي حدث.
يرتكز الجيش في أدائه لهذه المهمّة على الأسس الآتية:
- التنسيق الدائم مع القوى الأمنية، والحرص على تكامل العمل في ما بينها.
- الحضور الفاعل للوحدات العسكرية في مختلف المدن والبلدات والقرى اللبنانية.
- التقصي المستمر عن نشاطات عناصر شبكات الإرهاب والعمالة والعابثين بالأمن، وملاحقتهم حتى توقيفهم وتسليمهم إلى القضاء.
- التدخل الفوري لدى حصول حوادث أمنية، بغية محاصرتها وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها بالسرعة القصوى.
-
عدم جعل لبنان مقرّاً أو ممرّاً لتصدير الفتنة إلى الدول العربية الشقيقة،
وفي المقابل تحصين الوطن من انعكاسات ما يجري من أحداث خارج حدوده.
وقد كان من حصيلة الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش هذا العام ما يأتي:
-
توقيف عدد كبير من الأشخاص المطلوبين للعدالة، وآخرين لارتكابهم جرائم
ومخالفات مشهودة، تتعلق بالإخلال بالأمن، وحيازة المخدرات أو الإتجار بها،
وممارسة التهريب وتداول العملات المزوّرة، وحيازة الأسلحة والذخائر،
والتجوال من دون إقامات شرعية، وقيادة سيارات ودراجات نارية من دون أوراق
ثبوتية.
- المشاركة الفاعلة في عمليات البحث والتحري عن المواطنين
الأستونيين الذين كانوا قد اختطفوا خلال شهر آذار الفائت، وما اقتضى ذلك من
إقامة نقاط تفتيش، وتنفيذ دهم لأماكن مشبوهة، وجمع المعلومات والمعطيات
المتعلقة بهم، حتى تحريرهم خلال شهر تموز المنصرم.
- المساهمة في إعادة
فرض النظام في عدد من السجون التي شهدت احتجاجات عنيفة من قبل بعض
الموقوفين، والتعامل مع هؤلاء بمسؤولية كبيرة ودقة فائقة، منعاً لوقوع
إصابات في صفوفهم.
- مساندة قوى الأمن في قمع التعديات على الأملاك العامة والخاصة.
- التشدد في ضبط كامل الحدود البرية والبحرية، بهدف منع أعمال التسلل والتهريب بالاتجاهين.
- مؤازرة القوى الأمنيـة في عملية إتلاف المزروعـات الممنوعة في بعـض المنـاطـق.

• مكافحة التجسّس:
تمادياً
في مخططاته الخبيثة، ورغبة منه في زعزعة استقرار الداخل اللبناني، لا يزال
العدو الإسرائيلي يلجأ إلى الإيقاع ببعض الأشخاص من ذوي النفوس الضعيفة،
بغية تنفيـذ أعمال تجسسية وتخريبية هنا وهناك، لكنّ وقفة الجيش بالمرصاد
كعادته لهذا الخطر، وتحلّي الشعب اللبناني بما يكفي من الحصانة والوعي، قد
أدّيا إلى إفشال مخططات العدو، عبر توقيف عدد كبير من هؤلاء العملاء، كان
أبرزهم في الفترة الأخيرة، شخص من جنسية عربية وزوجته اللبنانية، أوقفتهما
مديرية المخابرات خلال شهر أيلول الفائت في بلدة حاصبيا، حيث اعترف الموقوف
بعلاقته بالمخابرات الإسرائيلية منذ العام 1999، ودخوله الأراضي
الفلسطينية عدة مرات، وتقاضيه أموالاً بدل خدمات أمنية من المشغل
الإسرائيلي، فيما أقرّت زوجته بعلمها بالموضوع، وقد ضبط في منزله جهاز
لإرسال المعلومات، وقرص مدمج يحتوي على صور جوية لأهداف عسكرية ومدنية في
منطقة الجنوب، بالإضافة إلى شريحة خط خلوي إسرائيلي.
وفي الإطار نفسه،
كانت هذه المديرية قد تمكنت في وقت سابق، من كشف ثلاث منظومات إسرائيلية
للتجسس والتصوير، الأولى زرعت في منطقة صنين، وهي تعمل بتقنية فنية عالية
تصل إلى حد كشف أهداف بعيدة المدى بشكل دقيق، وتحديد إحداثيات أهداف أرضية
لتسهيل ضربها.
والثانية زرعت في مرتفعات الباروك، وهي عبارة عن صخرتين
مموّهتين تحوي إحداهما جهاز استقبال يغطي معظم بلدات البقاع الغربي والأوسط
وصولاً إلى بعض المناطق السورية، وعدداً كبيراً من بلدات الجنوب وصولاً
إلى حدود فلسطين المحتلة، أمّا الأخرى فهي عبارة عن حاوية تضم عدداً كبيراً
من الركائم تكفي لتغذية الجهاز سنوات عديدة.
والثالثة زرعت أيضاً بشكل
صخرة مموّهة في منطقة شمع قرب مدينة صور، وهي تؤمّن تغطية الساحل الجنوبي
من البياضة حتى صور، ويتم تشغيلها بواسطة طائرات الاستطلاع.

• التصدي للإرهاب:
يعتبر
الإرهاب خطراً شاملاً يتهدّد دول العالم قاطبة، كونه يشكّل النقيض الواضح
للتنوع الفكري والثقافي والعقائدي، ويسعى إلى منع التقارب الإنساني بين
الشعوب، وفرض الرأي الواحد على الجميع، وهو بالتالي نقيض الصيغة اللبنانية
القائمة على التلاقي والانصهار بين مختلف مكوّنات الشعب.
ولقد واجه
الجيش اللبناني الإرهاب في مراحل متعددة، خصوصاً في معركة نهر البارد
البطولية، التي قدم خلالها قافلة كبيرة من الشهداء والجرحى والمعوّقين. وهو
يواصل اليوم رصد هذا العدو الخطر والاستعداد لمواجهته، من خلال التحري
المستمر عن خلاياه النائمة، وتنفيذ مناورات وتمارين قتاليــة خاصة بهذا
الشأن، بالإضـافـة إلى تبادل الخبرات والمعلومات حول هذا الموضوع مع الجيوش
الشقيقة والصديقة، لأن القضية تهم الجميع.

• المساهمة في الأعمال الإنمائية والإنسانية:
تشكّل
المهمة الإنمائية والإنسانية التي يضطلع بها الجيش، أحد وجوه ارتباطه
الوثيق بالمجتمع المدني، وقد شملت هذه المهمّة ولا تزال، مساهمة الوحدات
العسكرية في حملات تنظيف الشواطئ، وتأهيل المرافق السياحية والمواقع
الأثرية، وإطفاء الحرائق وإعادة تشجير الغابات، وتركيب جسور مؤقتة وشق
طرقات في القرى النائية، إلى جانب رفد بعض المؤسسات الرسمية والأهلية
بالخبرات والوسائل والطاقات البشرية، وتنفيذ عمليات إخلاء وإنقاذ لدى حصول
أحداث أمنية أو كوارث طبيعية، وتخمين الأضرار الناجمة عنها، وتقديم الخدمات
الطبية كلّما دعت الحاجة.
وفي مجال يتصل بالأمن والإنماء معاً، يواصل
المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام ووحدات الهندسة في الجيش
بالتعاون مع منظمات غير حكومية وفرق تابعة لجيوش شقيقة وصديقة، أعمال إزالة
الألغام والقنابل العنقودية التي خلّفها العدو الإسرائيلي وراءه في
الجنوب، والتي يبلغ عددها نحو 550000 لغم، وأكثر من مليون قنبلة عنقودية.
وقد تم لغاية تاريخه، إزالة 141 ألف لغم ضمن مساحة تعادل 53? من المساحة
العامة الملوثة بالألغام، و206000 قنبلة عنقودية ضمن مساحة تعادل 67? من
المساحة العامة الملوثة بها، بالإضافة إلى إزالة 523 قنبلة وصاروخ طيران،
و46000 قذيفة من أنواع مختلفة.
وفي المجال الإنساني، يتواصل التدريب
المشترك بين الجيش وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والأجهزة الأمنية
وعدد من الوزارات المختصة والهيئات الرسمية والمنظمات الإنسانية، حول
فرضية وقوع زلازل مفاجئة، وإعلان حالة طوارئ إنسانية واسعة، وتدخل القوى
لتنفيذ عمليات بحث وإنقاذ وإخلاء، بالإضافة إلى أعمال الإطفاء وإزالة
الركام والتخلص من المواد المتفجرة.

الجيش – الوجه الآخر

أ - نشاطات متنوعة:
تحرص المؤسسة
العسكرية دائماً على ترسيخ علاقاتها بالمجتمع المدني، وعلى إقامة المزيد من
جسور التواصل والتعاون مع هيئاته الفكرية والثقافية والرياضية... ومن أهم
النشاطات المنفذة على هذا الصعيد:
- توقيع اتفاقيات مع الجامعات والمعاهد الرسمية والخاصة، في مجالات التعليم وتبادل المعلومات والخبرات.
-
تكليف لجنة من الضباط إلقاء محاضرات في الجامعات والمدارس، حول دور الجيش
والتنشئة الوطنية، وفي المقابل استضافة الجيش في مبنى القيادة وكلية فؤاد
شهاب للقيادة والأركان والكلية الحربية لأكاديميين ومفكرين، يحاضرون أمام
الضباط والتلامذة الضباط في مواضيع متنوعة.
- إحياء موسيقى الجيش حفلات فنية بناءً على طلب جهات مدنية، وخصوصاً في مناسبتي عيدي الجيش والاستقلال.
- متابعة العسكريين دورات لغات بالتعاون مع السفارات الأجنبية.
-
المشاركة الفاعلة في المؤتمرات والندوات والمعارض والمباريات الرياضية
التي تنظمها جهات محلية أو أجنبية. وفي نشاط مميّز جرى خلال هذا العام،
نظمت قيادة الجيش المؤتمر الإقليمي الأول حول «القضايا الإقليمية الناشئة»،
في فندق مونرو - بيروت، شارك فيه نحو مئة باحث وأكاديمي من لبنان والدول
العربية وتركيا وإيران وقبرص والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد
الأوروبي والأمم المتحدة.
- تنظيــم مديريــة التوجيــه مســــابقات
لطــلاب الجامعات في مجال إعداد ملصقات إعلانية – فنيّة، خاصة بالمناسبات
الوطنية، وتوزيع جوائز على الفائزين.
ب - تكريم الجيش وقيادته:
تقديراً
لجهود المؤسسة العسكرية وقيادتها في حماية مسيرة السلم الأهلي في البلاد،
والحفاظ على وحدتها واستقرارها، أقام الملتقى الثقافي للحوار اللبناني –
العالمي وتجمع البيوتات الثقافية في لبنان، حفل تكريم لقائد الجيش العماد
جان قهوجي، بمناسبة اختياره رجل العام 2011، إلى جانب تكريم عدد من
المبدعين في مجالات الفكر والفن والإعلام.
وكالعادة أهدى العماد قهوجي
التكريم إلى اللبنانيين جميعاً، معاهداً إياهم بأن الجيش سيبقى على عهده
ووعده، سياج الوطن وصمام أمنه واستقراره.

تطوير المؤسسة

إزاء التحدّيات التي يتعرّض لها لبنان في الداخل
والخارج، ومع ضرورة أن تتناسب جهوزية المؤسسة العسكرية مع حجم المهمّات
الموكلة إليها، خصوصاً الدفاعية منها، وبمواكبة مستمرة من فخامة رئيس
الجمهورية العماد ميشال سليمان، وضعت القيادة في رأس أولويّاتها، مسألة
تعزيز قدرات الجيش تدريباً وعديداً وعتاداً، ولهذه الغاية يجري العمل على
ترسيخ جهوزية الجيش من خلال تكثيف التدريب النوعي في الوحدات، وتطوير برامج
التعليم، وتنفيذ مناورات قتالية مشتركة بين أسلحة البر والبحر والجو،
وانتداب عسكريين للتدرب في الخارج، والاستمرار في تطويع عناصر من مختلف
الرتب والاختصاصات، إلى جانب تأمين المزيد من العتاد والسلاح، بالاستناد
إلى الاعتمادات المخصصة للجيش في الموازنة، والمساعدات المقدمة من بعض
الجيوش الشقيقة والصديقة.
وفي هذا الإطار، زار العماد قهوجي كلاًَ من
المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية والمملكة العربية
السعودية وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، حيث أجرى مع المسؤولين
السياسيين والعسكريين في هذه الدول، مباحثات حول سبل تفعيل التعاون العسكري
بين الجيش اللبناني وجيوشها، وقد كانت لهذه الزيارات نتائج مثمرة على أكثر
من صعيد.
وقد أشارت القيادة مراراً إلى أن أي مساعدة تتسلّمها المؤسسة
العسكرية من دول شقيقة وصديقة، إنما تأتي إلى مكانها الصحيح، وتصب أولاً
وأخيراً في خدمة الاستقرار المحلي والدولي، فالجميع يدرك ضريبة الدم
الباهظة التي قدّمها الجيش في مواجهة الإرهاب، ويدرك أيضاً أن هذه المؤسسة
لم تكن في يوم من الأيام في موقع الاعتداء على أحد، بل في موقع الدفاع عن
النفس وحماية الشعب والأرض.
من جهة أخرى، وبناءً على القانون الرقم 169
تاريخ 29/8/2011، أنجزت قيادة الجيش مشروعاً جديداً للهيكلية التنظيمية
للجيش، بما يتناسب مع حجمه الحالي، والاختصاصات والوظائف المحددة لفئات
الضباط كافة.


شمس الحرية والخلاص

في ذكرى العيد، يجدّد الجيش قسَم الذود عن الأرض
والشعب، وحماية الاستقلال من كلّ طامع وغادر، مؤكداً بعزائم جنوده
المرابطين عند تخوم الوطن، والمنتشرين على امتداد ساحاته، أن لا تهاون في
الحفاظ على الثوابت والمسلّمات، ولا تفريط بسلاح الوحدة الوطنية، ومعلناً
للأجيال أنّ في عديده القليل بطولات لا تنسى وإنجازات لا تمحى، وإذا ما
هبّت رياح الخطر، يستحيل ناراً تحرق وجوه الأعداء، وشهداء خالدين يشقّون
بدمائهم الطاهرة درباً للوطن إلى شمس الحرية والخلاص...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:02

عيد الإستقلال






ستون سنة مسؤولاً
22-11-2003
في الذكرى الستين للاستقلال
يجدّد جيش الوطن العهد والقسم على صون الأمانة
مهما غلت التضحيات وكبرت الصعوبات
رصيده إرث من العطاء وقوافل الشهداء الأبرار
وإيمان عميق بحقيقة وطن النموذج والرسالة
استخلص رجاله العبرة من التجارب القاسية
وخبروا أن الأوطان لا تبنى وتستمر إلاّ
بالانتصار على الذات، بالقيم والأخلاق والمناقبية
والانضباط والمبادئ الوطنية الجامعة
قوتهم تكمن في ولائهم المطلق للمؤسسة والوطن
والتزامهم الكامل بالأنظمة والقوانين
وتحلّق شعبهم حولهم
يدركون جيداً أن المسؤولية الملقاة على عاتقهم كبيرة
والأمانة غالية، لكنهم على قدر ذلك
مستعدون للعطاء أكثر...

1- مسيرة الاستقلال:


مرّ اللبنانيون عبر تاريخهم الغابر بمراحل قاسية، عانوا خلالها كما عانى
محيطهم العربي كل أشكال القمع والظلم. فقد كان لبنان أرضاً خصبة للصراعات
والأطماع، وطريق عبورٍ للجيوش المتعاقبة الهادفة إلى إخضاع المنطقة
والسيطرة على مقدراتها وثرواتها، إلاّ أن اللبنانيين كانوا باستمرار رواد
نضالٍ وتحرر، ولم يستكينوا يوماً عن المطالبة بحريتهم واستقلالهم، وقد بدأت
نزعتهم الاستقلالية هذه تتجسّد وتتبلور في أواخر القرن التاسع عشر ومع
مطلع القرن العشرين، من خلال الجمعيات والحركات التحررية، السرية منها
والعلنية، التي أنشأوها في بلاد المهجر، وفي مواقف النخب السياسية
والتيارات الشعبية التي انتشرت في المناطق اللبنانية كافة، وجاءت الحرب
العالمية الأولى وما رافقها من تغيرات في الظروف الدولية والإقليمية لتشكل
فرصة حقيقية ومؤاتية أمام توجههم للمطالبة بتحقيق استقلالهم وإنشاء دولتهم
المستقلة.
لم يتأخر اللبنانيون في ترجمة إرادتهم عملياً، إذ تطوعت
مجموعات من الشباب في فرقة الشرق التي أنشأها الحلفاء في المنطقة العربية
عام 1916، كأحد وجوه النضال الوطني، وقد اشترطوا حينها أن يدون على عقود
تطوعهم شرطان: الأول أنهم يقاتلون ضد القوات العثمانية من دون غيرها،
والثاني أنهم انخرطوا في القوات الحليفة بهدف تحرير لبنان وما لبثوا لاحقاً
أن شكلوا داخلها حالة لبنانية مميزة، ففي العام 1918 أصبحت فرقة الشرق تضم
في صفوفها أول سرية من سرايا الجيش اللبناني، وهي السرية 23 التي رافق
تأليفها الكثير من التعاطف والحماس. وتوالى تشكيل السرايا التي راحت تمدّ
يد العون إلى اللبنانيين الرازحين تحت وطأة القهر والحرب والحصار، وكان
باكورة ذلك تسلل قوارب المتطوعين الصغيرة ليلاً من جزيرة أرواد إلى الشواطئ
اللبنانية حاملة معها التموين وأموال ورسائل المغتربين إلى ذويهم.
منذ
عام 1921 ، أخذت سرايا القناصة اللبنانية تنشر العمران في أرجاء الوطن،
وشرعت بتنفيذ مشاريع إنمائية شملت أعمال البناء وشق الطرقات وإنشاء الجسور
ومراكز الهاتف والتلغراف، والتنقيب عن الآثار ومكافحة الجراد والإغاثة
والتشجير... فأرسى ذلك انطلاقة عهد واعد من المحبة والود والتقدير بين
اللبنانيين وجيشهم.
على أثر نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939، وبعد
سقوط فرنسا بيد الألمان وانقسام قواتها بين مؤيد لحكومة فيشي ومؤيد لقوات
فرنسا الحرة، جرت محاولات لزج الوحدات العسكرية اللبنانية في الصراع
الفرنسي – الفرنسي، لكن ذلك لم يحقق أي نجاح يذكر كون هذه الوحدات تطوعت
أساساً في جيوش الحلفاء بهدف تحرير لبنان ولم تكن مستعدة للتخلي عن هدفها
الأصيل.

وفي 26 تموز 1941، تنادى أربعون ضابطاً لبنانياً للاجتماع في بلدة زوق
مكايل، رافعين الصوت بالولاء للوطن رافضين أن يكونوا أداة في يد الأجنبي،
ووقّعوا وثيقة شرف تعهدوا فيها بعدم مواصلة الخدمة إلاّ في سبيل لبنان، كما
تعهدوا بأن تقتصر علاقتهم مع حكومتهم الوطنية ومنها يتلقون الأوامر. وفي
ختام الوثيقة، ربط هؤلاء الضباط استئناف مهامهم العسكرية بالحصول على وعدٍ
قاطع من السلطات الرسمية الفرنسية باستقلال وطنهم، وهذا ما حصل إذ ألقى
الجنرال ديغول، قائد فرنسا الحرة، الذي كان موجوداً حينها في بيروت، خطاباً
وعد فيه بمنح لبنان الاستقلال والسيادة.
في 29 آب و 5 أيلول عام 1943،
جرت انتخابات نيابية في لبنان، على أثرها انتخب المجلس النيابي الجديد
الشيخ بشارة الخوري رئيساً للجمهورية الذي كلف بدوره رياض الصلح تشكيل
الحكومة. وبدأت مع ذلك معركة الاستقلال تعيش لحظاتها الحاسمة، إذ صدر
البيان الوزاري الشهير الذي تضمن سياسة الحكومة الاستقلالية، تلاه قيام
مجلس النواب بتعديل مواد الدستور المتعلقة بالانتداب وتوقيع رئيس الجمهورية
على هذا التعديل. وإزاء هذا الواقع ردت السلطات الفرنسية باعتقال رئيس
الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء والنواب وأودعتهم سجن قلعة راشيا.

على أثر هذه التطورات، شهد لبنان حالة من الغليان الشعبي في مختلف
المناطق، واشتعلت شوارع وساحات المدن بالتظاهرات الاحتجاجية، وبدعم من
الضباط اللبنانيين شكلت حكومة مؤقتة أطلق عليها اسم حكومة الثورة، ضمت
الوزيرين حبيب أبو شهلا ومجيد إرسلان اللذين توّجها برفقة رئيس مجلس النواب
صبري حمادة إلى بلدة بشامون، وهناك انضمت إلى الحكومة مجموعة من الشباب
شكلت ما يشبه الحرس الوطني، فما كان من قيادة قوات الانتداب إلاّ أن أصدرت
أوامرها إلى المقدم جميل لحود قائد فوج القناصة الأول آنذاك، بمهاجمة حكومة
الثورة، فرفض الأمر معلناً انضمامه للحكومة، وقام برفع العلم اللبناني في
موقع فرقته العسكرية المتمركزة في عين الصحة - فالوغا.
أمام هذا الواقع
وأمام تصاعد التظاهرات الشعبية، اضطرت السلطات المنتدبة إلى تليين مواقفها
والتراجع عن تشددها، مذعنة لمشيئة اللبنانيين، ومطلقة سراح رجالات الدولة
من سجن راشيا في تشرين الثاني 1943، ومعلنة استقلال لبنان في حدوده
النهائية المعترف بها دولياً.

2- إرساء مقومات الاستقلال
بعد أن نال لبنان
استقلاله في 22 تشرين الثاني 1943، كانت هناك معارك أخرى بانتظار أبنائه
قبل أن يصبح مفهوم الاستقلال كاملاً بكل أبعاده، من تسلم الجيش والمصالح
الاقتصادية والإدارية في البلاد إلى تحقيق الجلاء الكامل وقد خاض لبنان
غمار هذه المعارك حكومة وشعباً، ولم يتخلف جيشه عن خوضها وهو بعد في كنف
السلطات الفرنسية التي ماطلت في تسليم قيادته إلى الدولة اللبنانية حتى
تاريخ 1/8/1945.

3- رسالة الجيش في وطن الرسالة
انطلاقاً من تسلم
الجيش لمسؤولياته ومهامه الوطنية الكبرى في الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه
واستقراره، وانطلاقاً من طبيعة لبنان كنموذج للتنوع والعيش المشترك
والانفتاح والحوار، شرع الضباط الأوائل في توجيه وتنشئة العسكريين على أسس
وطنية وإنسانية ومهنية رائدة، شكلت جملة من القيم والفضائل العسكرية، في
مقدمها الولاء المطلق للمؤسسة والوطن، والانضباط والمناقبية العسكرية،
والتفرغ المهني والتضحية والنزاهة والترفع والإيمان بلبنان وطناً نهائياً
لجميع أبنائه.

واجه الجيش مذ كان فتياً صعوبات وتحديات عدة، أولها إنشاء الكيان
الإسرائيلي الغاصب على أرض فلسطين عام 1948، وفي 5 حزيران من العام ذاته
خاض الجيش معركة المالكية في الجنوب، حيث التحمت بعض وحداته مع قوات العدو
الإسرائيلي في قتال شرس تمكنت خلاله من دحرها وتحرير القرية وفك الحصار عن
الآلاف من جيش الإنقاذ العربي، على الرغم من عدم التكافؤ في موازين القوى.
ثم تابع تنفيذ مهامه الوطنية في الدفاع عن البلاد، وتجلى ذلك في محطات
مشرقة منها الاضطلاع بدور مميز في عملية انتقال السلطة بشكل سلمي وهادئ عام
1952 على أثر التظاهرات والإضرابات التي عمّت البلاد واستقالة الرئيس
بشارة الخوري، وكذلك منعه امتداد الحرب الأهلية عام 1958 وصون وحدة البلاد
والحفاظ على الدولة ومؤسساتها. وفي مجال الدفاع، ثابر الجيش على التصدي
الفوري للاعتداءات والهجمات الإسرائيلية شبه اليومية، وأبرزها المواجهات
التي حصلت في منطقة العرقوب - سوق الخان عام 1970، وعلى محوري كفرا - ياطر
وجسر السلطانية عام 1972، وفي صور عام 1975 ، مقدماً في هذه المواجهات
العديد من الشهداء والجرحى قرابين طاهرة على مذبح الوطن.
بموازاة كل
ذلك، لم يغب الجيش يوماً عن المساهمة في مجالات الإنماء والإغاثة
والمساندة، عبر شق الطرقات وإنشاء المدارس والمستوصفات في الهرمل وعكار
وسواهما... وبناء الملاجئ وترميم مئات المنازل المتضررة في منطقة الجنوب،
بفعل الاعتداءات الإسرائيلية بين أواخر الستينات ومطلع السبعينات.

4- أحداث الفتنة وتغييب دور الجيش
عام 1975
اندلعت أحداث الفتنة في لبنان لأسباب متعددة، أبرزها انعكاسات الصراعات
الإقليمية على الساحة الداخلية، وبروز العامل الإسرائيلي الرامي إلى ضرب
وحدة اللبنانيين وصيغة العيش المشترك في ما بينهم. وإزاء فقدان القرار
السياسي الموحد للدولة، غُيِّب دور الجيش بمفهومه الوطني الشامل، ولم يتمكن
من ردع الفتنة. وهكذا استمرت هذه الأحداث الدامية لسنوات طويلة استغلها
العدو الإسرائيلي لتنفيذ مخططاته وأطماعه، فاجتاحت قواته لبنان وعاثت فيه
تدميراً وخرابا،ً مما هدد الكيان بالتفسخ والانهيار. إلا انّ هذه الأحداث،
وعلى الرغم من قساوتها، لم تحل يوماً دون التواصل والتلاقي بين أخوة السلاح
في الجيش، وبقي الرهان على استعادة دوره، حلم جميع المخلصين لشعبهم
ووطنهم. وهذا ما حصل مع مطلع التسعينات، من خلال وثيقة الوفاق الوطني التي
وضعت حدّاً للحرب العبثية، وأعادت للجيش دوره المنشود في إرساء عهد جديد من
الأمن والاستقرار، الأمر الذي مكّن المقاومة الوطنية من تصعيد كفاحها
وصولاً إلى التحرير.

5- إعادة التوحيد والبناء
بدأت عملية التوحيد والبناء في المؤسسة انطلاقاً من ركائز أساسية ثلاث وهي:
إرساء الثوابت الوطنية والعقيدة العسكرية المستمدة خطوطها العريضة من وثيقة الوفاق الوطني.
اتباع النهج المؤسساتي في العمل.
توفير الطاقات البشرية والوسائل المادية للتمكن من تنفيذ المهام المطلوبة.

وهكذا بدأت مسيرة إعادة بناء وتوحيد الجيش مع قائد الجيش آنذاك فخامة
الرئيس العماد اميل لحود على أسس وثوابت وطنية سليمة، وعقيدة عسكرية واضحة
ميّزت الصديق من العدو، وأخرجت رؤى العسكريين من المنطقة الرمادية إلى
المنطقة البيضاء.
ركزت السياسة التوجيهية للجيش على الأخطار التي تمثلها
إسرائيل كعدو للبنان، إذ شكلت منذ نشوئها في المنطقة، مصدر حروب عدوانية
ومآسٍ عانى منها لبنان على امتداد نحو نصف قرن ونيّف، إضافة إلى أطماعها
الجغرافية والمائية في أرضه، وطبيعة مجتمعها العنصري المناقض لطبيعة
المجتمع اللبناني، وبالتالي على ضرورة مواجهتها بكل الإمكانيات والوسائل
المتوافرة، فكان أمر "جنوباً سر واصمد" الأمر اليومي الذي نفذه العسكريون
والتزموا به حتى التحرير أو الشهادة، إلى جانب احتضان الجيش للمقاومة
الوطنية ودعمها في نضالها المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وفي المقابل
ركزت القيادة على عروبة لبنان والتزام قضايا أشقائه العرب، الذين تجمعهم به
علاقات الاخوة وعناصر اللغة والثقافة والمصير المشترك، وخصوصاً الشقيقة
سوريا، البلد الأقرب والتي تربطها بلبنان إلى جانب ذلك، عوامل تاريخية
وجغرافية، وإرث من النضال المشترك لا سيما في مواجهة العدو الإسرائيلي، كما
أن سوريا لم تبخل يوماً في تقديم المساعدات، والتضحيات الجسام، دفاعاً عن
لبنان وحفاظاً على سلمه الأهلي ودعماً لمقاومته الوطنية، فباتت العلاقة بين
البلدين الشقيقين يسودها مناخ من التعاون والتنسيق وفقاً لمبادئ وأسس
واضحة تحقق مصالح كليهما على حدٍّ سواء.
لقد نجحت قيادة الجيش في
الانطلاق بسرعة قياسية في عملية بناء المؤسسة مستندة على الرؤية الواضحة
التي أرساها فخامة الرئيس العماد اميل لحود والتي استمر نهجها مع تسلّم
العماد ميشال سليمان سدة القيادة في 21 كانون الأول عام 1998، إذ سار العمل
في المؤسسة وفقاً لأسس ومعايير واضحة ودقيقة، أدت إلى الارتقاء بالمؤسسة
لتكون الركيزة الأساسية للدولة في مسيرة نهوض الوطن.

أولى خطوات إعادة البناء، كانت في عملية الدمج الشامل وتبديل قطاعات
انتشار الوحدات العسكرية، مما أدّى إلى نزع مظاهر الطائفية والمناطقية
والمحسوبيات عنها، وتكريس مبدأ الولاء الوطني في عمل المؤسسة.
ترافقت
هذه الخطوة مع اعتماد النهج المؤسساتي في العمل، بحيث أصبحت معايير
الإنتاجية والكفاءة، هي الأساس في وضع الترقيات وتحديد التشكيلات والاختيار
في الدورات الدراسية وغيرها، وبموازاة ذلك حرصت قيادة الجيش بشكل حازم على
إبعاد المؤسسة عن التجاذبات السياسية بما يحفظ هيبتها ودورها الوطني
الشامل.

أما في إطار إعادة التجهيز والتسليح اللازمين، ولكي يتمكن الجيش من
القيام بمهامه، اعتمدت القيادة في تحقيق ذلك مبدأ تأمين الحاجات الضرورية
من دون تكبيد خزينة الدولة ما لا طاقة لها على تحمله، حيث تمت هذه العملية
وفقاً للتالي:
القيام بورشة تعهد وصيانة للأسلحة والتجهيزات المتوافرة أصلاً في الجيش.
استلام أسلحة الميليشيات واستخدام الصالح منها.
استلام هبة قدمها الجيش العربي السوري الشقيق عبارة عن آليات قتال ومدافع شكلت معظم القوة النارية في الجيش.
الاستفادة
من الفرصة التي أتاحتها حكومة الولايات المتحدة الأميركية لشراء عتاد
بأسعار رمزية، كناية عن نحو ثلاثة آلاف آلية تكتية (جيب، شاحنة، ناقلة جند)
وسربٍ من الطوافات. شملت تلك الأسعار: 100 دولار للجيب و 1000 دولار
للشاحنة و 40000 دولار لناقلة الجند و 350000 دولار للطوافة.

كما حصل الجيش من بريطانيا على قطع بحرية، ومن فرنسا على آليات وأعتدة عسكرية متنوعة.
وقد
جرى الإنفاق على تجهيز الجيش من ضمن الاعتمادات المخصصة في الموازنة فقط،
إذ أنه من أصل القروض الخارجية التي أبرمتها الحكومة اللبنانية، لا يوجد أي
قرض لصالح الجيش.
وبالتزامن مع عملية التجهيز نشطت ورشة التدريب
والتعليم بهدف مواكبة التطور العسكري وتنمية وتعزيز قدرات العسكريين
للاضطلاع بمهامهم المتنوعة، عبر تكثيف التدريب ضمن القطع والوحدات، واتباع
الدورات الدراسية في الداخل والخارج على مختلف المستويات.

6- ترسيخ الاستقرار الأمني ومواجهة العدو:
بناءً
لتكليف مجلس الوزراء تاريخ 15/1/1991، باشر الجيش بتنفيذ مهام حفظ الأمن
في مختلف المناطق اللبنانية ولا يزال، مستنداً في ذلك إلى جملة من المبادئ
في مقدمها:
الجيش مؤسسة "تحت القانون" وفي خدمته.
تطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.
الحزم والسرعة والدقة في تنفيذ المهام، وعدم التهاون مع أي مخل بالأمن.

وهكذا تمكن الجيش من توفير مناخ من الأمن والاستقرار، مما كفل لجميع
المواطنين ممارسة حقوقهم وواجباتهم في مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية
والثقافية والرياضية... وكان ثمن ذلك سهر العسكريين وجهودهم وتضحياتهم في
محطات كثيرة. وقد أكّدت القيادة غير مرة أن الاستقرار الأمني في البلاد هو
من المقدسات، ومن غير المسموح المسّ به تحت أي شعارٍ كان، لأنه يشكل
الركيزة الأساس لنهوض وديمومة الوطن، ومن دونه لا يمكن أن تقوم ديمقراطية
وحرية أو تتحقّق عدالة اجتماعية أو يزدهر اقتصاد.

وفي هذا الإطار كان القرار سريعاً وحاسماً في مواجهة المخلين بالأمن،
الساعين إلى إثارة الفتن، لا سيما في أحداث عام 1998 في البقاع ومطلع عام
2000 في الشمال وفي الاعتداءات الإرهابية على المطاعم الأميركية خلال شهر
نيسان من هذا العام، وفي محاولات التجسّس والتخريب التي قامت بها عصابات
متعاملة مع العدو الإسرائيلي، وفي محاولات أخرى جرت للنيل من الأمن
والاستقرار في مختلف المناطق، إلى جانب المؤازرة الدائمة لقوى الأمن
الداخلي في مكافحة الجريمة والقضاء على الآفات الاجتماعية.
في مقابل
قيام الجيش بمهامه الأمنية في الداخل، كان قرار القيادة بانتشار نصف قوى
الجيش في ساحة المواجهة الأساسية مع العدو الإسرائيلي في مناطق الجنوب
والبقاع الغربي، وعلى الرغم من عدم التكافؤ في موازين القوى، قام الجيش
بواجبه الأصيل في الدفاع عن الوطن والتصدي لاعتداءات هذا العدو بكل الطاقات
والوسائل المتوافرة، لا سيما أثناء عمليتي تصفية الحساب عام 1993 وعناقيد
الغضب عام 1996 والأنصارية وعربصاليم عام 1997، مقدماً العديد من الشهداء
في هذه المواجهات، كما وقف دائماً إلى جانب أهالي القرى والبلدات المتاخمة
لخطوط المواجهة، ماداً يد العون لهم بهدف تعزيز صمودهم وتشبثهم في بيوتهم
وأرزاقهم، فنشأت بين الجميع حكاية صمود ومقاومة أرهبت مخيلة العدو وحطمت
جبروته وكبرياءه.

7- المقاومة والتحرير :
مع بدء الاحتلال
الإسرائيلي للبنان، انطلقت المقاومة الوطنية كردة فعل طبيعية لشعب استبيحت
أرضه وانتهكت سيادته ، إلاّ أن ما كان يؤثّر سلباً في صراعها مع هذا
الاحتلال، هو استمرار النزاع الداخلي والحروب العبثية المتنقلة بين مكانٍ
وآخر ، فبعد عودة مسيرة السلم الأهلي للبلاد وترسيخ الأمن والاستقرار في
الداخل ، توحّدت إرادة اللبنانيين وتقاطعت جهودهم معاً في مقارعة العدو
الإسرائيلي، حيث هو في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، وفي ظل صمود الجيش
والدعم العربي السوري الشقيق اللا محدود، وتحلّق المواطنين حول جيشهم
ومقاومتهم ، أخذت المقاومة تخطو خطوات متسارعة وحاسمة في نضالها الحثيث ضد
هذا العدو، واضعة إياه أمام حرب استنزاف يومية قلّ نظيرها، ممّا أجبره على
التقهقر والاندحار في 25 أيار من عام 2000 عن معظم الأراضي المحتلة، مخلفاً
وراءه أذيال الخيبة والهزيمة، ووهم وهشاشة أسطورة الجيش الذي لا يقهر،
وهكذا حقق لبنان إنجاز التحرير عن القسم الأكبر من أرضه المحتلة، إضافة إلى
فرض حالة من التوازن وقوة الردع تجاه العدو أدّت لاحقاً إلى استعادة قسم
من مياهه المسلوبة في نهر الوزاني، والتي كانت إسرائيل قد استغلتها لردح من
الزمن خلافاً للأعراف والمواثيق الدولية. وعلى الرغم من أهمية الإنجازات
التي حصلت فإن هناك العديد من الأهداف لا تقل أهمية عنها، يصبو لبنان وشعبه
إلى تحقيقها وفي مقدّمها استرجاع مزارع شبعا وتحرير الأسرى والمعتقلين من
السجون الإسرائيلية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. من هنا فإن
استمرار المقاومة في نضالها هو السلاح الأمضى في أيدي اللبنانيين لاسترجاع
حقوقهم المشروعة كافة، وما مطالبة إسرائيل وبعض الأصوات الخارجية بإرسال
الجيش إلى الجنوب الذي ينعم بحالة مميزة من الأمن والاستقرار بفضل القوى
الأمنية المنتشرة والتي يشارك الجيش فيها بفعالية إلاّ بهدف وقف المقاومة
وبالتالي إقفال باب النزاع مع إسرائيل وفرض سياسة المماطلة وحالة الأمر
الواقع.

8- الجيش والإنماء – نزع الألغام :
بالإضافة إلى
المهام الدفاعية والأمنية التي ينفذها الجيش، فإنه يضطلع بدورٍ بارز في
مجالات الإنماء المتعدّد الأبعاد. فمع انطلاق مسيرة النهوض بالوطن وحتى
يومنا هذا، دأب الجيش على المشاركة بفعالية في عملية إعمار وبناء ما هدمته
الحرب ومسح غبار الإهمال والنسيان اللذين طالا مختلف المناطق. وفي هذا
الإطار توزعت نشاطات وحدات الجيش المنتشرة، من الإسهام في تأهيل البنى
التحتية من شبكات ماء وكهرباء وشق طرقات في مناطق عودة المهجرين، إلى تأهيل
المرافق السياحية والمواقع الأثرية والقيام بحملات تنظيف الشواطئ وإخماد
الحرائق وأعمال التشجير ، ورفد بعض الإدارات الرسمية بالخبرات والوسائل
والطاقات البشرية، وتقديم المساعدة لمؤسسات المجتمع المدني والهيئات الفنية
والثقافية والاجتماعية، وكذلك في عمليات الإخلاء والإنقاذ لدى حصول كوارث
طبيعية وحوادث طارئة.

على سبيل المثال، وخلال هذا العام، نفذت وحدات الجيش مئات المهمات الإنمائية منها :
عمليات
إخلاء وإنقاذ لأهالي القرى والبلدات التي حاصرتها السيول والثلوج خلال فصل
الشتاء وتقديم المواد الغذائية والطبية لهم، لا سيما في مناطق جرود عكار
والضنية وأعالي كسروان وبعلبك والمرج... واستخدام الطوافات العسكرية
والزوارق الخاصة في تنفيذ هذه المهمات.
المساهمة في فتح الطرقات الجبلية
المقطوعة بسبب الثلوج وإزالة الانهيارات الترابية عنها وإنقاذ غابة أرز
الرب في بشري بإزالة الثلوج عن أشجارها.
تقدير الأضرار الناجمة عن العوامل الطبيعية.
رش المبيدات فوق سهول القمح في منطقة البقاع بواسطة الطوافات التابعة للجيش لمكافحة حشرة السونة.
المشاركة في تأهيل القلاع الأثرية في جبيل وبعلبك وطرابلس وأرنون.
تأهيل وتنظيف محمية بنتاعل واحراج جزين وبكاسين وقيتولة وكفر حزير ووادي قنوبين وحدائق محافظة بيروت.
الإسهام في تأهيل وتنظيف الشواطئ اللبنانية لا سيما في حملة الأزرق الكبير.
مبادرة
قيادة الجيش إلى نقل وتوزيع التفاح من مختلف المناطق إلى بيروت الكبرى،
لبيعه من المواطنين ومن ثم شراء الجيش للكمية المتبقية .
مشاركة أطباء وممرضين من الجيش في حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في قضاءي عكار والضنّية.
أعمال تشجير في مختلف المحافظات.
إزالة
التعديات على ضفاف الأنهر وإحصاء كميات البحص والرمل في المرامل والمقالع
ومواكبة عمال شركة كهرباء لبنان وتوفير الحماية الأمنية لهم أثناء قيامهم
بواجباتهم، وذلك بناءً لتكليف من مجلس الوزراء.

وفي مجال آخر يتصل بالأمن والإنماء معاً، والذي يتعلّق بمشكلة الألغام،
فلقد أولى الجيش اهتماماً بالغاً بهذه المشكلة نظراً لآثارها السلبية على
حياة المواطنين، وفي عملية إعادة الإعمار والنمو. فبعد انتهاء الحرب
الداخلية عام 1990، سارعت وحدات الهندسة في الجيش اللبناني إلى جمع
المعلومات والقيام بعمليات مسح شاملة لحقول الألغام والبقع المشبوهة في
مختلف المناطق، ثم باشرت بالاشتراك مع وحدات الدعم الهندسي في الجيش العربي
السوري الشقيق بعملية إزالة الألغام وفقاً لخطة شاملة وضعت لهذه الغاية.
إلاّ أن مشكلة الألغام تفاقمت مع إنجاز التحرير في 25 أيار 2000 ، إذ خلّف
العدو الإسرائيلي وراءه مئات الآلاف من الألغام المزروعة بصورة عشوائية في
مناطق الجنوب والبقاع الغربي، من دون أن يقدم على تسليم معظم خطائط حقول
هذه الألغام. وإزاء هذا الواقع انطلقت ورشة جديدة في العمل لا سيما بعد
إنشاء المكتب الوطني لنزع الألغام عام 1998 وانضمام مشروع التضامن
الإماراتي ومؤسّسات دولية غير حكومية والكتيبة الأوكرانية العاملة ضمن قوات
الطوارئ الدولية في الجنوب، إضافة إلى مساهمات العديد من الدول الصديقة من
خلال تقديم العتاد اللازم والخبرات الفنية ، وفرق عمل أميركية مختصة في
تدريب مجموعات مروضي الكلاب وفي استعمال كاسحات الألغام والإشراف على تنفيذ
العناصر.

وقد تمكّن الجيش اللبناني، بالاشتراك مع وحدات الدعم في الجيش العربي
السوري الشقيق، اعتباراً من 13/10/1990 ولغاية 1/9/2003 ومشروع التضامن
الإماراتي الذي باشر عمله في منطقة الجنوب عام 2002 من إنجاز ما يلي :
- تنظيف مساحة : 8964133 م2 .
- نزع وتفجير : 98588 لغماً مضاداً للآليات والأفراد.

من جهة ثانية يستمر المكتب الوطني لنزع الألغام بالتعاون مع اللجنة
الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام، بتنفيذ حملات الإرشاد والتوعية، حيث
أنهى المرحلة الأساسية في مناطق الجنوب والبقاع الغربي وهو يتابع حالياً
عمله في أقضية جبل لبنان والشمال.

9- الأوضاع الاجتماعية للعسكريين
لقد كان الجيش
سباقاً في التماهي مع سياسة عصر النفقات والتقشف المتبعة من قبل الدولة،
والهادفة إلى تخفيف الأعباء المادية عن كاهل الاقتصاد الوطني، حيث بادرت
القيادة عام 1999 إلى إلغاء التعويض رقم (4) الذي استحق للعسكريين بسبب
الانتشار العملاني، كما تم في عام 2001 تخفيض الضمائم الحربية للعسكريين
إلى الثلث، من جهة أخرى فقد جرى ترشيد الإنفاق داخل المؤسسة على مختلف
المستويات، لا سيما في مصاريف المحروقات والهاتف والكهرباء والتغذية، إذ تم
تخفيض كلفة التغذية اليومية للعنصر الواحد إلى أقصى حد ممكن وهو 1290 ل.ل.

وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ومن ضآلة
الإمكانيات المادية المتاحة، نجحت القيادة في رعاية الشؤون الاجتماعية
والصحية للعسكريين بفضل تطبيق مبادئ الإدارة السليمة من خلال دقة التنظيم
والتعهد المستمر والملاحقة والاقتصاد بالوسائل. ففي مجال الطبابة العسكرية
سجل تحسن كبير في مستوى التقديمات الطبية، وإنشاء الأقسام والعيادات
المختصة في المستشفى العسكري المركزي الذي أخذ يشهد تطوراً بارزاً في إجراء
العمليات الجراحية الدقيقة والنوعية في لبنان وأحياناً في المنطقة. إلى
ذلك تم افتتاح الفرع الأول للصيدلية العسكرية في مؤسسة الاقتصاد – بدارو،
ويجري العمل على تعميم التجربة في المناطق الباقية، وقد أصبحت هذه الصيدلية
توفر معظم أنواع الأدوية المستعصية والمزمنة والعادية غير المتوافرة في
الطبابة العسكرية، بأسعار مخفضة. وعلى صعيد مشكلة الإسكان التي تعتبر من
أكثر المشكلات صعوبة، يتابع جهاز إسكان العسكريين تأمين القروض السكنية
اللازمة، والتي تسدد بالعملة الوطنية وبفوائد مقبولة. ومن المشاريع
الاجتماعية الأخرى الهادفة إلى تعزيز معنويات العسكريين، تم خلال هذا العام
افتتاح نادي الرتباء المركزي في منطقة البقاع ويجري العمل حالياً على
تعميم هذا المشروع ليشمل المناطق اللبنانية كافة.

10 - خدمة العلم
إن الاستمرار في اعتماد الخدمة
الإلزامية في العديد من دول العالم إنما يعود إلى عوامل عديدة، منها ما هو
خارجي يتعلق بمدى الأخطار والتهديدات التي تهدد كيانات هذه الدول، ومنها ما
هو داخلي يتعلق بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة فيها.

وفي لبنان كان قرار الدولة في إطلاق مشروع خدمة العلم عام 1993، بمثابة
إدراك عميق للخصوصية التي يتمتع بها المجتمع اللبناني، واستخلاص العبر من
التجارب القاسية التي عانت منها البلاد، وصوغ رؤية مستقبلية بعيدة المدى،
تجنب الوطن انعكاسات القضايا الخارجية وعوامل التفرقة الداخلية التي
يستغلها ويجيشها أعداء الوطن كلما كانت الظروف مهيأة لهم. وكان في صلب هذه
الرؤية تطبيق مشروع خدمة العلم كإحدى الركائز الأساسية في إرساء مبدأ
الوطنية الذي يجمع ويوحد اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم، ويضع الوطن نهائياً
على سكة الأمن والتقدم والاستقرار.
وهكذا أخذت قيادة الجيش المشروع
على عاتقها، انطلاقاً من أن خدمة العلم هي واجب على كل لبناني وحق مشروع له
بالمشاركة في الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره، وقد أثبتت تجربة خدمة
العلم خلال عشر سنوات ونيف، مدى أهميتها وإيجابياتها المتعددة على الصعيدين
الوطني والعسكري. وتتلخص هذه الإيجابيات بما يلي:
تحقيق حالة متقدمة من
الإنصهار الوطني الشامل والعميق، وبالتالي تحقيق مناعة وطنية لدى
اللبنانيين على اختلاف منابعهم ومشاربهم الاجتماعية والثقافية، وعلى تعدد
ولاءاتهم ومصالحهم وطموحاتهم.

تعزيز ولاء الشباب اللبناني للوطن والدولة وترسيخ احترام القانون في
اليقين العام ومفاهيم النظام والانضباط والحق والواجب والعمل المؤسساتي.
وهذا ما يعيد المجندين إلى مجتمعاتهم بعد انتهاء الخدمة خميرة طيبة لوحدة
المجتمع وتماسكه وانتاجه.
نقل فضائل المجتمع العسكري، خصوصاً المتعلقة منها بمقاومة الآفات الاجتماعية والانحراف، إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين.
تحقيق وفر مادي كبير على خزينة الدولة، ومد المؤسسة العسكرية بالعديد اللازم، والطاقات العلمية المتنوعة التي يمتلكها المجندون.
إلى
ذلك فإن قيادة الجيش لا تدخر جهداً في سبيل تحسين أوضاع المجندين ومراعاة
ظروفهم الحياتية والاجتماعية، من خلال تشكيلهم الى قطع ووحدات قريبة من
أماكن سكنهم وتتناسب مع اختصاصاتهم، وتوفير وسائل النقل لهم، والسهر على حل
مشاكلهم الخاصة، وتسهيل تحصيلهم العلمي وفقاً لمقتضيات الخدمة.

11- الوضع الراهن في المنطقة – التهديدات ضد لبنان وسوريا:
تمر
المنطقة العربية بمرحلة حرجة ودقيقة من تاريخها، بسبب تصاعد القمع الوحشي
الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وغياب آفاق الحلول السياسية من جهة،
وبسبب الاحتلال الأميركي للعراق وانعكاساته المتشعبة من جهة أخرى.

فبعد ثلاث سنوات ونيف على اندلاع انتفاضة الشعب الفلسطيني وتعرضه لأقصى
أنواع القمع، من القتل الجماعي، وتدمير مئات المنازل، وجرف الأراضي
الزراعية، والحصار والإغلاق، إلى بناء الجدار العنصري العازل، على رغم كل
ذلك، لم تتمكن إسرائيل وتكنولوجيتها العسكرية الأكثر تطوراً في العالم، من
كسر إرادة الشعب الفلسطيني ووقف انتفاضته ونضاله المشروع في بناء دولته
المستقلة واسترجاع أرضه وحقوقه المسلوبة.
وبعد مرور نحو ثمانية أشهر على
الاحتلال الأميركي – البريطاني للعراق، لا يزال المشهد ضبابياً في هذا
البلد، وتسير الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فيه إلى
مزيدٍ من التردي والانحدار وحالة الفوضى العارمة، في حين لم تستطع الولايات
المتحدة العثور على أيٍ من أسلحة الدمار الشامل التي شكلت أحد أهدافها
الأساسية للقيام بهذه الحرب، كما أخذت تتعالى الأصوات داخل المجتمعين
الأميركي والبريطاني في وجه إدارتي هذين البلدين، مشككةً بأهداف الحرب،
وجدوى استمرار الاحتلال في وقتٍ تزداد الأوضاع الأمنية سوءا،ً وتتصاعد
الهجمات اليومية على قوى التحالف موقعةً العديد من الخسائر المادية
والبشرية في صفوفها.
إزاء هذا الواقع تبرز التهديدات ضد لبنان وسوريا،
والتي تجسدت في الاعتداء الجوي السافر الذي قامت به الطائرات الإسرائيلية
بتاريخ 5/10/2003 على قرية عين الصاحب السورية، وإقدام مجلس الشيوخ
الأميركي على إقرار قانون محاسبة سوريا ، وكذلك من خلال الانتهاكات
الإسرائيلية الجوية والبحرية المكثفة للأراضي اللبنانية.

وتأتي هذه التهديدات، نتيجةً لتصاعد انتفاضة الشعب الفلسطيني وتأثيرها
على الأوضاع الداخلية للكيان الصهيوني، ونتيجة للمأزق الذي تعانيه الولايات
المتحدة في العراق، المتمثل بتصاعد المقاومة وغياب الحلول السياسية التي
تتيح للشعب العراقي أن يحقق استقلاله الوطني، وفي إطار محاولة من كلا
البلدين لنقل الصراع إلى الخارج، ووضع المنطقة برمتها على حافة الانفجار.
كما
تنطلق هذه التهديدات تحت شعار دعم سوريا ولبنان لحركات المقاومة الموصومة
بالإرهاب من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين أن مشاكل الكيان
الإسرائيلي هي ناجمة عن تعنت قادته ورفضهم كل مشاريع السلام المطروحة
وقرارات الشرعية الدولية، واستمرارهم بانتهاج سياسة الاستيطان والعدوان
والإبادة، كما أن المأزق الأميركي في العراق إنما هو ناجم عن جهل لطبيعة
الشعب العراقي وقيمه وتقاليده، وعن غياب الرؤية السياسية الواضحة في حل
المشكلة العراقية.
إن مواجهة هذه الأوضاع والتحديات المستمرة، تكمن في
مزيدٍ من الصمود والاستعداد الدائم لمختلف الاحتمالات، والتمسك بالثوابت
الوطنية والقومية، وفي السير قدماً على نهج القيادة السياسية في لبنان
وسوريا تجاه الصراع العربي الإسرائيلي وقضايا المنطقة، القائم على التشبث
بالحقوق والمطالب العربية المشروعة، مهما انقلبت الظروف وتسارعت الأحداث،
وعلى التمسك بقرارات الشرعية الدولية ومبدأ السلام الشامل والعادل كخيار
وحيد لحل النزاع العربي الإسرائيلي.

وفي هذا السياق يندرج تأكيد قائد الجيش العماد ميشال سليمان بوجوب
المحافظة على إرادة المقاومة فكراً وعملاً، والتصدي بقوة للمخلين بالأمن
والمراهنين على تغيير الأوضاع تحت شعارات متعددة، والاستعداد الدائم لبذل
المزيد من التضحيات والجهوزية التامة لمواجهة العدو الإسرائيلي بمختلف
الوسائل والإمكانيات المتوافرة، بما يصون وحدة الوطن واستقلاله وكرامة
أبنائه.
في الذكرى الستين للاستقلال، يمضي الجيش على طريق الشرف
والتضحية والوفاء، صلب الإرادة، هادر العزم، راسخ الإيمان، وفياً لقيمه
ومبادئه، رافعاً شعلة العطاء التي لا تنطفئ، ليصون أمانة الإستقلال، ويحفظ
إرث وتضحيات شعبه العريق .

التحدي كبير والقسم أكبر أن يبقى الجيش في ضمير مواطنيه ضوءاً يلمع في
خضم العواصف والأخطار، وصورة تتجدد بالأمل والانبعاث والحياة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:03

عيد الإستقلال






الاستقلال إرادة تتصدى
22-11-2004
الاستقلال ... إرادة ونضال

الاستقلال صحوة وإرادة ونضال... انتزعه اللبنانيون منذ إحدى وستين سنة بفضل تضحياتهم ودمائهم الزكية التي روت سفوح وهضاب لبنان.
عقود
خلت على استقلال الوطن، كانت حافلة بالتجارب والصعاب، وكان الحفاظ عليه هو
التحدي الكبير الذي واجهه الجيش منذ ذلك الحين انطلاقاً من إيمانه الراسخ
بحقيقة الكيان اللبناني ورسالته الفريدة في هذا العالم، فأدرك حجم
التضحيات والمسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقه، وعاهد الله والشعب بقَسم
أكبر من الحياة، جسدته قوافل الشهداء التي انبرت إلى طريق الشرف والتضحية
والوفاء... هانئة قانعة غير آبهة بما تحمله الأقدار، كما جسدته مآثر وجهود
أولئك الرجال العاملين بصمت، المثابرين في سباق مع الزمن، واهبين حياتهم
وسنيّ عمرهم في خدمة رسالتهم المقدسة.
عقود طويلة شهدت مراحل عدة كان
فيها الوطن غير مرة على مفترق المصير، لكنَّ الشعلة ظلَّت تلمع وسط الضباب
والعواصف واعدةً بقدوم فجر جديد، وبقي الجيش في مخيلة مواطنيه صورة طائر
الفينيق المنبعث من الرماد، النابض بالأمل والنور والحياة...
لقد
استطاعت المؤسسة العسكرية تجاوز جميع التجارب التي مرَّت بها، بفضل تنشئةٍ
وطنيةٍ راسخةٍ في ضمائر عسكرييها الذين آمنوا بلبنان وطناً نهائياً لكل
أبنائه، وأيقنوا أن لا استمرار له كنموذج رائد في تنوعه وحضارته وثقافته،
إلاَّ بإعلاء مبدأ الوطنية وتكريسه قيماً وسلوكاً في حياة الأفراد
والمجتمع.
في الذكرى الحادية والستين للاستقـلال يجــدد الجيش عهده
وقسمه التزاماً ثابـتاً بالقـيم والمبادئ التي نشأ عليها، وولاءً مطلقـاً
للوطن، وإرادة دائمـة للعطـاء، كأرز جباله لا تقـوى عليه عاتيـات العواصف،
ولا صروف الزمن...


مقومات الاستقلال

l الإرادة الوطنية الجامعة:
تعتبر
الإرادة الوطنية الجامعة أحد أهم العوامل التي يرتكز عليها الشعب لتحقيق
الاستقلال والحفاظ عليه، وهذه الإرادة إنما تنبع من وعي مختلف الجماعات
لشخصيتهم الوطنية والقومية التي تضمن لهم تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم المشتركة
في الحاضر والمستقبل، وقد جسّد اللبنانيون عبر التاريخ القديم والحديث
إرادتهم هذه، من خلال سعيهم الدائم لتحرير وطنهم من الجيوش الغريبة التي
تعاقبت على احتلال أرضه، وتحقيق استقلاله المنشود. وهكذا ناضلوا معاً ضد
الاحتلال العثماني ولاحقاً ضد الانتداب الفرنسي وصولاً إلى إنجاز الاستقلال
عام 1943، ثم تجسدت هذه الإرادة أيضاً في التصدي للعدو الإسرائيلي منذ
إنشاء كيانه على أرض فلسطين عام 1948 ومقاومة احتلاله لأجزاء من الأراضي
اللبنانية في اجتياحي عام 1978 وعام 1982، وكانت عنواناً مشرقاً لمسيرة
التحرير والانتصار على هذا العدو في 25 أيار من عام 2000.

l وحدة الأرض والشعب والمؤسسات:
إن
وجود لبنان كوطن محكوم بوحدة أرضه وشعبه ومؤسساته، وبالتالي فلا استقلال
للوطن من دون هذه الوحدة التي كرّسها التاريخ وكرستها إرادة العيش المشترك
ومبادئ الدستور. فأرض لبنان نصّ عليها الدستور وتم الاعتراف بها دولياً،
وأي تجزئة لها هي تهديد للوطن في جوهر وجوده، كما أن أبناء لبنان هم مواطنو
هذه الأرض المقيمون منهم والمغتربون أياً كانت انتماءاتهم أو مناطقهم،
تجمعهم هويتهم اللبنانية العربية وتاريخهم المشترك وتراثهم الحضاري
وتطلعاتهم المستقبلية. كذلك فإن الدولة المتمثلة بالمؤسسات الدستورية هي
دولة واحدة للجميع تمارس سلطاتها باسم الشعب ووفقاً للنظام الديموقراطي.
أما صيغة العيش المشترك المنبثقة من إدراك اللبنانيين لمصالحهم الحيوية
ووحدة مصيرهم، فهي إحدى ركائز وجود لبنان واستمراريته، وهي نتاج طبيعي
لتاريخ طويل من التفاعل والتجارب. ولقد برهنت الأحداث الأليمة التي مرّ بها
لبنان على مدى تمسك اللبنانيين بهذه الصيغة والانتماء إلى وطنٍ موحدٍ
ونهائيٍ لجميع أبنائه، وهذا ما عبّروا عنه في وثيقة الوفاق الوطني التي
اقرّت في الطائف عام 1989، وأكدت على مبادئ وجود الكيان اللبناني، وفي
طليعتها وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، والتي من دونها لا يستطيع لبنان
البقاء، وأي صيغة مختلفة عن ذلك هي صيغة غير قابلة للحياة، إن على صعيد
الجماعات أو على صعيد الوطن بوجه عام.

l الدولة والمؤسسات:
يجسّد
وجود الدولة بمختلف مؤسساتها إرادة العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد
الذين جمعتهم الأرض وآلف بينهم التاريخ، والتعبير عن وحدتهم يتم من خلال
سيادة الدولة القائمة على دستور يعين حدودها وعلمها ولغتها وهويتها وشكل
الحكم فيها والنظام والقانون. وتتولى الدولة حكم الشعب ورعايته وإدارة
شؤونه وحماية الأرض وتنظيم استغلال ثرواتها. وهي بذلك ركن أساسي من أركان
وجود الوطن السيد المستقل، ويأتي الجيش في طليعة المؤسسات المكونة للدولة
انطلاقاً من وظيفته الأساسية كحامٍِِِ للوطن وما يمثله في أذهان المواطنين
من رمز لسيادة الأمة واستقلالها. فهذه المؤسسة التي تجمع أبناء الوطن على
اختلاف مناطقهم وانتماءاتهم، وتصهرهم في بوتقة وطنية واحدة تستند إلى القيم
والمثل العليا والأهداف المشتركة للمجتمع في ظل تنشئة سليمة مستمدة من
رسالة الجندية وقدسية مبادئها، تجعل من المنضوين تحت لوائها مثالاً للرجولة
والعطاء والاستعداد الدائم للتضحية بالأرواح دفاعاً عن حياض الوطن
واستقلاله. ويعتبر الجيش نموذجاً للمؤسسة الوطنية الجامعة التي ترتكز على
مبدأين أساسيين ومترابطين بشكل وثيق، المبدأ الأول، يتمثل بالولاء الوطني
المطلق الذي يتخطى الولاءات الضيقة؛ والمبدأ الثاني، يتمثل في التضامن
والتعاون من أجل تحقيق أهداف وطنية عامة، وبذلك يسهم إلى حدٍِِ كبير في
توفير الاستقرار العام في البلاد، ليس فقط في ما يشكله من قوة رادعة وإنما
أيضاً من خلال مساهمته في بلورة وتنمية الاتجاهات والتيارات الوطنية
الوفاقية في المجتمع.

الأخطار المحدقة باستقلال الوطن وسبل مواجهتها

تمثل الصهيونية بأفكارها الفلسفية والأيديولوجية الخطر الأبرز على
الكيان اللبناني ومقومات وجوده، إذ شكلت إسرائيل منذ نشوئها في المنطقة
مصدر حروب ومآسٍ عانى منها لبنان والدول العربية على امتداد نصف قرن ونيف،
ولا تزال آفاق السلام الحقيقي مفقودة نظراً لطبيعة الكيان الصهيوني
العدواني، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في الأمم المتحدة التي لم ترسم
حدودها بشكل نهائي حتى الآن ويعود ذلك لأطماعها التوسعية وامتزاج الفكر
السياسي والعسكري والاجتماعي فيها بالفكر الديني المبني على أسطورة «أرض
الميعاد»، ولطالما سعت عبر وسائلها المختلفة إلى ضرب النموذج اللبناني
الفريد بتنوعه الحضاري والثقافي، والمناقض تماماً لطبيعة كيانها العنصري،
محاولةً زرع بذور الشقاق بين الطوائف والمذاهب اللبنانية والعمل على تقسيم
الوطن إلى دويلات متطرفة متناحرة في ما بينها، وتصوير المجتمع اللبناني
مفككاً تسوده الفوضى وغير قابل للحياة عملاً بالمقولة الصهيونية الشهيرة
«إن وجود لبنان هو خطأ تاريخي».
إن مواجهة هذا الخطر هي الأساس في
الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله، وتكمن هذه المواجهة في التشديد على وحدة
الشعب اللبناني وترسيخ مبدأ الانتماء الوطني والتحلق حول مؤسسات الدولة
المنبثقة من إرادة الشعب، والتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، وفي طليعتها
وحدة المسار والمصير مع الشقيقة سوريا، ودعم المقاومة الوطنية في نضالها
المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولقد أثبت التاريخ مراراً أن العلاقة
المميزة بين لبنان وسوريا هي مصدر قوة وصمام أمان لسلامة واستقرار كلا
البلدين، كما أثبتت التجارب أن المقاومة المحصنة بدعم الجيش والتفاف
المواطنين حولها هي السبيل القويم لدرء العدوان الإسرائيلي، وتمكين لبنان
من تحرير أرضه وإنسانه واسترجاع حقوقه المسلوبة كافة.

الجيش والاستقلال

بدأت مسيرة الجيش مع الاستقلال يوم انبرت مجموعات من الشباب اللبناني
للتطوع في فرقة الشرق التي أنشأها الحلفاء في المنطقة العربية عام 1916
كأحد وجوه النضال الوطني، وقد اشترط هؤلاء في حينه أن يدوّن على عقود
تطوعهم شرطان، الأول أنهم يقاتلون ضد القوات العثمانية من دون غيرها،
والثاني أنهم انخرطوا في القوات الحليفة بهدف تحرير لبنان. وفي عام 1918
أصبحت فرقة الشرق تضم في صفوفها أول سرية من سرايا الجيش اللبناني وهي
السرية 23، وتوالى تشكيل السرايا التي راحت تمد يد العون إلى اللبنانيين
وتناضل معهم جنباً إلى جنب ضد قوى الانتداب. وفي 29 آب و 5 أيلول من عام
1943 جرت انتخابات نيابية في لبنان ثم انتخاب رئيس للجمهورية، تلا ذلك قيام
مجلس النواب بتعديل مواد الدستور المتعلقة بالانتداب، وإزاء هذا الواقع
ردت السلطات الفرنسية باعتقال رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء
والنواب وأودعتهم سجن قلعة راشيا. على أثر هذه التطورات شهد لبنان حالة من
الغليان الشعبي في مختلف المناطق واشتعلت شوارع وساحات المدن بالتظاهرات
الاحتجاجية، مما اضطر سلطات الانتداب في النهاية إلى الإذعان لمشيئة
اللبنانيين، وإطلاق رجالات الدولة، وإعلان استقلال لبنان في 22 تشرين
الثاني من عام 1943 في حدوده المعترف بها دولياً.
واجه الجيش منذ كان
فتياً صعوبات وتحديات عدة، لا سيما مع إنشاء الكيان الإسرائيلي الغاصب
على أرض فلسطين عام 1948، حيث خاض معارك بطولية عدة مع هذا العدو، وثابر
على التصدي الفوري لاعتداءاته وهجماته شبه اليومية، مقدماً مئات الشهداء
والجرحى على مذبح الوطن. كما تابع تنفيذ مهامه الداخلية في حفظ الأمن
والاستقرار، مجنباً البلاد أخطار الكثير من الأحداث في مراحل متعاقبة، إلى
أن بدأ مسلسل الفتنة في العام 1975 لأسباب عديدة، أبرزها انعكاسات الصراع
العربي الإسرائيلي على الساحة اللبنانية، من خلال سعي إسرائيل إلى ضرب وحدة
اللبنانيين وصيغة العيش المشترك في ما بينهم، وصولاً إلى حل قضية اللاجئين
الفلسطينيين على حساب لبنان، حيث أدى كل ذلك إلى فقدان القرار السياسي
الموحد للدولة، وبالتالي تغييب دور الجيش بمفهومه الوطني الشامل، مما جعل
الأحداث تستمر لسنوات طويلة مهددة الوطن بالتفسخ والانهيار.
إلاّ أن هذه
الأحداث وعلى الرغم من قساوتها، لم تحل يوماً دون التواصل والتلاقي بين
اخوة السلاح والمصير في الجيش، وبقي الرهان على استعادة دور الجيش ثابتاً
في أذهان المواطنين، وهذا ما حصل مع مطلع التسعينات على اثر إقرار وثيقة
الوفاق الوطني التي وضعت حداً للحروب العبثية، حيث انطلقت مسيرة إعادة بناء
الجيش التي تولاها في حينه فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود واستمر
نهجها لاحقاً وترسخ مع تسلّم العماد ميشال سليمان سدة القيادة، وقد استندت
هذه المسيرة على ثلاث ركائز أساسية:
- إرساء الثوابت الوطنية والعقيدة العسكرية المستمدة خطوطها العريضة من وثيقة الوفاق الوطني، والتي ميّزت بين الصديق والعدو.
-
إعتماد النهج المؤسساتي في العمل: بحيث أصبحت معايير الإنتاجية والكفاءة
هي الأساس في التطويع ووضع الترقيات والتشكيلات والاختيار في الدورات
الدراسية وغيرها.
- توفير الطاقات البشرية والوسائل المادية: حيث اعتمدت
القيادة في سبيل تحقيق ذلك على مبدأ تأمين الحاجات الضرورية من دون تكبيد
خزينة الدولة ما لا طاقة لها على تحمّله، وفي هذا الإطار فإن كلفة إعادة
بناء الجيش لم تشكّل يوماً عبئاً على الخزينة وكان الإنفاق ولا يزال يحصل
من ضمن الاعتمادات المخصصة في الموازنة من دون قروض خارجية ولا داخلية،
فضلاً عن أن معظم ما تحقّق من تجهيز هو عبارة عن هبات قدمتها مشكورة دول
شقيقة وصديقة، أو تم شراؤه بأسعار رمزية.




ترسيخ الاستقرار الأمني في الداخل ومواجهة العدو

بناءً لتكليف مجلس الوزراء تاريخ 15/1/1991، باشر الجيش بتنفيذ مهام حفظ
الأمن في مختلف المناطق اللبنانية ولا يزال، مستنداً في ذلك إلى جملة من
المبادئ في مقدمها:
- الجيش مؤسسة «تحت القانون» وفي خدمته.
- تطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.
- الحزم والسرعة والدقة في تنفيذ المهام، وعدم التهاون مع أي مخل بالأمن.
وهكذا
تمكن الجيش من توفير مناخ من الأمن والاستقرار، مما كفل لجميع المواطنين
ممارسة حقوقهم وواجباتهم في مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية والثقافية
والرياضية... وكان ثمن ذلك سهر العسكريين وجهودهم وتضحياتهم في محطات
كثيرة. وقد أكّدت القيادة غير مرة أن الاستقرار الأمني في البلاد هو من
المقدسات، لأنه يشكل الركيزة الأساس لنهوض وديمومة الوطن، وقاعدة الانطلاق
للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن دونه لا يمكن أن تقوم ديمقراطية
وحرية أو تتحقّق عدالة اجتماعية أو يزدهر اقتصاد.
وفي هذا الإطار كان
القرار سريعاً وحاسماً في مواجهة المخلين بالأمن، الساعين إلى إثارة الفتن،
وفي محاولات التجسّس والتخريب التي قامت بها عصابات متعاملة مع العدو
الإسرائيلي، وفي محاولات أخرى جرت للنيل من الأمن والاستقرار في مختلف
المناطق؛ إلى ذلك قدم الجيش المؤازرة الدائمة لقوى الأمن الداخلي في مكافحة
الجريمة والقضاء على الآفات الاجتماعية، وتنفيذ سائر المهمات التي تدخل في
صلاحياته.
في مقابل قيام الجيش بمهامه الأمنية في الداخل، كان قرار
القيادة بانتشار نحو نصف قوى الجيش في ساحة المواجهة الأساسية مع العدو
الإسرائيلي في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، وعلى الرغم من عدم التكافؤ في
موازين القوى، قام الجيش بواجبه في الدفاع عن الوطن والتصدي لاعتداءات
العدو بكل الطاقات والوسائل المتوافرة، لا سيما أثناء عمليات تصفية الحساب
عام 1993 وعناقيد الغضب عام 1996 والأنصارية وعربصاليم عام 1997، مقدماً
العديد من الشهداء في هذه المواجهات، كما وقف دائماً إلى جانب أهالي القرى
والبلدات المتاخمة لخطوط المواجهة، ماداً يد العون لهم بهدف تعزيز صمودهم
وتشبثهم في بيوتهم وأرزاقهم، فنشأت بين الجميع حكاية صمود ومقاومة أرهبت
مخيلة العدو وحطمت جبروته وكبرياءه.

الجيش والإنماء

بالإضافة إلى المهام الدفاعية والأمنية التي ينفذها الجيش، فإنه يضطلع
بدورٍ بارز في مجالات الإنماء المتعدّد الأبعاد. فمع انطلاق مسيرة النهوض
بالوطن وحتى يومنا هذا، ثابر الجيش على المشاركة بفعالية في عملية إعمار
وبناء ما هدمته الحرب ومسح غبار الإهمال والنسيان اللذين طالا مختلف
المناطق. وفي هذا الإطار توزعت نشاطات وحدات الجيش المنتشرة بين الإسهام في
تأهيل البنى التحتية من شبكات ماء وكهرباء وشق طرقات في مناطق عودة
المهجرين، وتأهيل المرافق السياحية والمواقع الأثرية والقيام بحملات تنظيف
الشواطئ وإخماد الحرائق وأعمال التشجير، ورفد بعض الإدارات الرسمية
بالخبرات والوسائل والطاقات البشرية، وتقديم المساعدة لمؤسسات المجتمع
المدني والهيئات الفنية والثقافية والاجتماعية، وكذلك في عمليات الإخلاء
والإنقاذ لدى حصول كوارث طبيعية وحوادث طارئة.
على سبيل المثال، وخلال هذا العام، نفذت وحدات الجيش مئات المهمات الإنمائية، منها:
-
عمليات إخلاء وإنقاذ لأهالي القرى والبلدات التي حاصرتها السيول والثلوج
خلال فصل الشتاء، وتقديم المواد الغذائية والطبية لهم، لا سيما في مناطق
جرود عكار والضنية وأعالي كسروان وبعلبك... واستخدام الطوافات العسكرية في
تنفيذ بعض هذه المهمات.
- الإسهام في فتح الطرقات الجبلية المقطوعة بسبب
الثلوج وإزالة الانهيارات الترابية عنها وإنقاذ المواطنين المحاصرين
وتخفيف الثلوج عن أغصان أشجار غابة الأرز في بشري.
- تقدير الأضرار الناجمة عن العوامل الطبيعية بناءً لتكليف من مجلس الوزراء.
-
رش المبيدات فوق سهول القمح في منطقة البقاع بواسطة طوافات عسكرية لمكافحة
حشرة السونة، وكذلك فوق سهول الزيتون في الكورة وأرز تنورين والباروك.
- قيام لجان مختصة بإجراء عملية مسح للأراضي المزروعة بالشمندر السكري في منطقة البقاع.
- الاسهام في تأهيل القلاع الأثرية في جبيل وبعلبك وطرابلس وأرنون.
-
تأهيل وتنظيف أحراج بلدات: جزين - بكاسين - قيتولة - كفرحزير - وادي
قنوبين - ددّة - غريفه - دير مار مارون (عنايا) - المصيلح - زفتا -
بعلبك، وحدائق منطقة بيروت ومنتزه بلدة معاد ومحمية بنتاعل.
- مؤازرة الدفاع المدني بجميع الوسائل المتوافرة بهدف إطفاء الحرائق في مختلف المناطق اللبنانية.
- الاشتراك في حملة الأزرق الكبير لتنظيف الشاطئ اللبناني الممتد بين صور والعريضة.
- إسهام وحدة من فوج مغاوير البحر معززة بمجموعة من الغطاسين بحملة تأهيل واسعة لمجرى نهر العاصي.
-
تنفيذ يوم الغابة في مختلف المناطق اللبنانية، شمل تأهيل الأحراج والغابات
وحملات التوعية للمواطنين حول مخاطر الألغام وأسباب اندلاع الحرائق وطرق
إطفائها.
- مبادرة قيادة الجيش إلى نقل وتوزيع التفاح من مختلف المناطق
إلى بيروت الكبرى، لبيعه من المواطنين ومن ثم شراء الجيش للكمية المتبقية.
- مشاركة أطباء وممرضين من الجيش في حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في العديد من المناطق لاسيما النائية منها.
- أعمال تشجير في مختلف المحافظات.
-
إزالة التعديات على ضفاف الأنهر وإحصاء كميات البحص والرمل في المرامل
والمقالع، ومواكبة عمال شركة كهرباء لبنان وتوفير الحماية الأمنية لهم
أثناء قيامهم بواجباتهم، وذلك بناءً لتكليف من مجلس الوزراء.
- تنظيف بحيرة القرعون وتأهيلها وإزالة الرواسب والنفايات منها بواسطة زوارق ومعدات خاصة.
-
تنفيذ مهمة بحث وإنقاذ خارج الأراضي اللبنانية عن الضحايا اللبنانيين
الذين قضوا جراء سقوط طائرتهم في كوتونو- أفريقيا، وكان أداء العسكريين
موضع تقدير من قبل السلطات المحلية والأجنبية.
وفي مجال آخر يتصل
بالأمـن والإنمـاء معاً، ويتمثـل بمشكلـة الألغـام، أولى الجيـش اهتمامـاً
بالغاً بهـا نظراً لآثارها السلبية على حياة المواطنـين، وفي عملية إعادة
الإعمار والنمو في البلاد، وقد بدأت هذه المشكلة مع انتهـاء الأحداث
الداخلية عام 1990، وتفاقمت على أثر اندحار العدو الإسرائيلي في أيار من
عام 2000، إذ استفاق اللبنانيون على احتلال من نوع آخر تمثل بوجود 550,000
لغم خلّفها العـدو الإسرائيلي وراءه في مناطـق الجنوب والبقاع الغربي. وقد
تمكن الجيـش بالاشتراك مع وحدات الهندسة في الجيش العربـي السـوري الشقيـق
وفرق مختصة من دول صديقة ومؤسسات دولية غير حكومية حتى تاريخ1/10/2004 من
إنجاز ما يلي:
- تنظيف مساحة : 28.5 كلم2 من أصل 137 كلم2.
- نزع وتفجير: 150,000 لغم مضاد للآليات والأفراد من أصل 550.000.
- نزع وتفجير: 81.000 جسم غير منفجر.
من
جهة ثانية يستمر المكتب الوطني لنزع الألغام بالتعاون مع اللجنة الوطنية
للتوعية من مخاطر الألغام، بتنفيذ حملات الإرشاد والتوعية في جميع المناطق
اللبنانية، حيث أدّت الجهود المبذولة إلى انخفاض كبير في عدد الضحايا من
120 إصابة وقعت في العام 2000 إلى 10 إصابات في العام 2004 .


القرار رقم 1559

في حمأة ما يجري في منطقتنا العربية، وفي ظل إخفاق مشاريع الحلول
السياسية الآيلة إلى إيجاد حل للصراع العربي - الإسرائيلي، بسبب تعنت
إسرائيل ورفضها حتى العودة إلى طاولة المفاوضات، وإطلاق قادتها العنان
لتهديداتهم ضد لبنان وسوريا وتكثيف انتهاكاتها الجوية لحرمة الأراضي
اللبنانية، وقيامها بتنفيذ أعمال إرهابية واغتيالات لقادة المقاومة
اللبنانية والفلسطينية في كل من البلدين الشقيقين، في سياق كل ذلك يأتي
القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 3/9/2004، بما يلفه من غموض
وتناقضات، كسابقة غير معهودة في تاريخ العلاقات الدولية، مشكلاً تدخلاً في
سيادة واستقلال لبنان، وقد جاء في القرار ما يلي:
- انسحاب القوات الأجنبية من لبنان.
- نزع أسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
- بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية.
ولقد تمحور موقف الدولة اللبنانية حول النقاط التالية:
-
إن القوات الأجنبية الوحيدة الموجودة في لبنان هي القوات الإسرائيلية التي
تحتل مزارع شبعا. أما القوات السورية فهي قوات عربية شقيقة دخلت إلى لبنان
بناء لطلب الحكومة اللبنانية، وتنظم وجودها معاهـدة الأخـوة والتنسيـق
والتعاون بين لبنان وسوريا، وقد أحيلت نسخة عن هذه المعاهدة إلى الأمم
المتحدة في حينه، وفي هذا الإطار نفذت القوات السورية خمس عمليات إعادة
انتشار في المناطق اللبنانية بناء لقرار اللجنة العسكرية المشتركة بين
الجيشين الشقيقين.
- لا يمكن تنفيذ انسحاب فوري للقوات العربية السورية
وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1559، بل تجري عمليات إعادة الانتشار بالتنسيق
بين البلدين وتحديداً في إطار اللجنة العسكرية العليا.
- المقاومة
الوطنية للاحتلال الإسرائيلي ليست ميليشيا، وهي لا تقوم بأي دور أمني في
الداخل، وينحصر دورها تماماً في مواجهة العدو الإسرائيلي. هذه المقاومة أدت
إلى اندحار العدو عن القسم الأكبر من أرضنا المحتلة، وما تزال مستمرة
لتحرير مزارع شبعا. كما أن في المحافظة عليها مصلحة استراتيجية لبنانية
وذلك من أجل ربط النزاع مع العدو واسترجاع كامل الحقوق اللبنانية المشروعة
وفي مقدمها انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى
ديارهم.
- أما الوجود الفلسطيني في المخيمات بحيثياته المعروفة، فهو
ناجم عن طرد إسرائيل لأبناء فلسطين ولجوء قسم منهم إلى لبنان، وهم يقيمون
بمعظمهم في مخيمات لاجئين ترعاها الأمم المتحدة ومنظمة الأونروا.
والفلسطينيون يطالبون بحق العودة استناداً إلى القرارات الدولية لا سيما
القرار 194. وفي هذا الإطار حافظت الدولة على خصوصيتهم داخل المخيمات التي
ينتشر الجيش في جوارها ولا يسمح بخروج السلاح منها، وقد دفع العديد من
الشهداء وبذل جهوداً كبيرة من أجل ضبط هذه العملية.
- إن اللبنانيين
الذين خبروا التجارب القاسية التي مرّ بها الوطن خلال ردح من الزمن، كان
ثمنها سيلاً هائلاً من دمائهم وخسارة فادحة في ممتلكاتهم، وعرفوا سبل
التخلص من الحروب العبثية وصراع الآخرين على أرضهم، وأدركوا أهمية عودة
الأمن والاستقرار والازدهار إلى ربوع الوطن، هم وحدهم الأدرى بما يخدم
مصالحهم ويكفل وحدتهم ويصون استقلال وسيادة وطنهم، بعيداً عن المغامرات
المشبوهة التي أثبتت عقمها، والتجارب البعيدة والقريبة في هذا المجال، هي
خير دليل على ذلك.

مواجهة التحديات الراهنة

تتجلّى قوة الوطن بأسمى معانيها من خلال وحدة أبنائه وتقاطع آمالهم
وتطلعاتهم في إطار رؤية وطنية سليمة بعيدة المدى تضمن مستقبل أجيالهم، وهذا
ما يتطلب وعياً عميقاً من الجميع وإدراكاً تاماً للحقائق والإحاطة بها
والترفع عن المصالح الضيقة والحسابات الآنية، وفي مطلق الأحوال يجب ألاَّ
تستغل الحرية التي ينعم بها لبنان وهي حق مقدس للجميع قد كفله الدستور
ورعته القوانين، إلى جانب تعدد وتنوع الآراء في ظل مناخ الحرية، كأداة
للسماح للفوضى بالتسلل إلى ثقافة المجتمع اللبناني وضرب إنجازاته، وإغراق
الساحة الداخلية في بحر من التناقضات والانقسامات الحادة، مما يؤثر سلباً
على الاستقرار العام في البلاد وممارسة الحرية نفسها.
إن مواجهة
المرحلة الراهنة تتطلب منّا المزيد من الصمود والتمسك بثوابتنا وخياراتنا
الستراتيجية أكثر من أي وقت مضى، والجيش الذي ائتُمن على استقلال وسيادة
الوطن وشرف الدفاع عن أرضه وصون أمنه واستقراره، يدرك تماماً دقة المرحلة
وحجم الضغوط التي تستهدف لبنان، لكن في المقابل يعي أيضاً أن صلابة القرار
الوطني المستند إلى قوة الحق، ووحدة اللبنانيين والتفافهم حول دولتهم
ومؤسساتهم وفي طليعتها الجيش، هي عناصر القوة الكفيلة بمواجهة مختلف
التحديات والأخطار التي يتعرض لها الوطن، ومرة جديدة يؤكد الجيش، أنه لن
يسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والإخلال بالأمن تحت أي شعار ومهما
كانت الظروف، وسيبقى في موقعه الطبيعي المجابه لمخططات العدو الإسرائيلي
واعتداءاته المحتملة، ووأد الفتن في مهدها، مستعداً لبذل أقصى التضحيات،
حفاظاً على مسيرة السلم الأهلي، وذوداً عن استقلال لبنان وحرمة أرضه وكرامة
شعبه.

ربيع الوطن

كما في الأمـس كذلك اليوم، رجـال هم... هم. يمضون على طريـق الشرف
والتضحية والوفاء بخطىً ثابتـة وهامـات شامخة، أوفياء لتضحيات دمـاء
شهدائهـم الأبـرار، حراساً لأمانـة شعبهم العريـق، واعـين لمسؤولياتهــم
الجسـام، مدركين حجـم ما ينتظرهـم من تحديـات وصعاب، لكنهـم على قدر ذلـك
واثقـون أن بإيمانهــم الراسـخ يصنعون قوة الاستمرار، فيتجدد ربيع الوطـن
ويصان الاستقـلال...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:04

عيد الإستقلال






ذكرى الإستقلال 63
22-11-2006
• مقدمة:
قبل
ثلاثة وستين عامًا ولد الاستقلال من رحم كفاح اللبنانيين، دماؤهم تخطُّ
سفره، وتضحياتهم تصونه متجدِّدًا، وتسمو به وحدتهم الوطنية الجامعة رفيعًا
عزيزًا مكرمًا. وبعد إنجاز الإستقلال، تعرَّض لبنان لكثير من المخاطر
والأزمات هدَّدته في كيانه ومصيره، بيد أن جذوة الوحدة في ضمائر أبنائه لم
تخمد يومًا، وبها عاد الوطن سالمًا معافىً منتصرًا على رياح الفتن
والمؤامرات.

وفي خضم ما نشهده من أحداث جسام، وتحوُّلات مصيرية في
هذه المرحلة بالذات، ها هو التاريخ يعيد نفسه، فإذا بلبنان قلعة منيعة
شامخة،في ظل إرادة شعبٍ لا تنكسر، وإيمانٍ عظيمٍ بالله، وبلبنان أرضاً
وشعباً ومقدسات.

1- مقوِّمات الإستقلال
يرمز
استقلال الوطن إلى سيادة الشعب على أرضه، وقراره الحر الذي يتجسَّد من خلال
الدولة ومؤسساتها الدستورية الشرعية، المعبّرة عن إرادته، بعيدًا عن
التدخلات والتأثيرات الخارجية. وللاستقلال مرتكزات أساسية لا بدّ من
توافرها مجتمعة للحفاظ على استقرار وديمومة أي بلد .

أولها: الإرادة
الوطنية الجامعة، النابعة من وعي مختلف الجماعات لشخصيتها الوطنية
المتبلورة من خلال عوامل التاريخ والجغرافيا والتراث والقيم والعادات
والتقاليد، إضافة إلى تلاقي أهداف هذه الجماعات ومصالحها المشتركة.
وقد
جسّد اللبنانيون عبر التاريخ إرادتهم هذه، من خلال سعيهم الدائم لتحرير
وطنهم من الجيوش والقوى الغريبة التي تعاقبت على احتلال أرضه، وتحقيق
استقلاله المنشود. قاوموا معًا الإحتلال العثماني لقرون أربعة خلت، ومن
بعدُ الإنتداب الفرنسي، حتى أنجزوا الإستقلال الكامل في الثاني والعشرين من
تشرين الثاني العام 1943. وبعد ذلك، لم يتوانوا لحظة عن تأدية واجبهم
الوطني في الدفاع عن أرضهم ومقدَّساتهم ضد العدو الإسرائيلي، منذ نشأة
كيانه الغاصب على أرض فلسطين العام 1948، والتصدي لاعتداءاته المستمرة،
ومقاومة احتلاله أجزاءً من الأرض اللبنانية في اجتياحي العام 1978 والعام
1982، إلى أن تجلَّت وحدتهم وإرادتهم الجامعة بأبهى مظاهرها في تحقيق
الإنتصار الكبير على هذا العدو في الخامس والعشرين من أيار العام 2000.
وتتوجَّت في تلاقي اللبنانيين جميعًا والتفافهم حول علم بلادهم بعد جريمة
اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولاً إلى التضامن الكبير بين
اللبنانيين واحتضانهم لاخوتهم في الوطن والمواطنية خلال العدوان الإسرائيلي
الأخير على لبنان في شهر تموز من العام الحالي.

ومن مرتكزات
الاستقلال أيضًا وحدة الأرض والشعب، هذه الوحدة التي كرَّستها حقيقة
التاريخ، وصدق العادات والتقاليد ونبلها، وأرستها إرادة اللقاء من أجل حياة
مشتركة كريمة وعزيزة، والتي من دونها لا استقلال بل انقسام وتشرذم
يُشرِعان الساحة الداخلية على تدخُّلات الآخرين وصراعاتهم. ولقد كرَّس
الدستور أرض لبنان مساحة وحدودًا، فتمّ الاعتراف بها دوليًا، وأي مسٍّ بها،
أو تجزئة، أو تقسيم لها، هو تهديد للوطن في جوهر وجوده. وإن اللبنانيين،
أبناء هذه الأرض، المقيمون منهم والمغتربون، وأيًا كانت انتماءاتهم
ومناطقهم ومشاربهم، تجمعهم الهوية اللبنانية، والتاريخ العريق ، والتطلعات
المستقبلية، والقناعة الراسخة بالحياة المشتركة، المنبثقة من تفاعلهم
وتجاربهم الطويلة، وإدراكهم مصالحهم الحيوية. ولقد أثبتت الأحداث الأليمة
التي عصفت بالوطن، مدى تمسك اللبنانيين بالحياة المشتركة من خلال وثيقة
الوفاق الوطني التي غدت جوهر الدستور اللبناني وأكَّدت على نهائية الوطن
ووحدة الانتماء لمختلف الشرائح المكوّنة للمجتمع اللبناني.

أما
ركيزة الاستقلال الثالثة فهي دولة المؤسسات ، المعبِّرة عن إرادة الشعب
ووحدته، والتي تتولَّى حكمه ورعايته وإدارة شؤونه، استنادًا إلى مبدأ
الحقوق والواجبات. كما تتولَّى حماية الأرض وتنظيم استغلال ثرواتها، وبذلك
تشكل ركنًا أساسيًا من أركان وجود الوطن السيِّد المستقل. ويأتي الجيش في
طليعة المؤسسات المكوّنة للدولة، انطلاقاً من وظيفته الأساسية كحامٍ للوطن،
وما يمثله في أذهان المواطنين من رمز لسيادة الأمة واستقلالها. فهذه
المؤسسة التي تجمع أبناء الوطن على اختلاف مناطقهم وانتماءاتهم، وتصهرهم في
بوتقة وطنية واحدة تستند إلى القيم والمثل العليا للمجتمع اللبناني، في ظل
تنشئة عسكرية مستمدة من رسالة الجندية وقدسية مبادئها،والتي تجعل من
المنضوين تحت لوائها، مثالاً للرجولة والعطاء والاستعداد الدائم للتضحية
بالأرواح دفاعًا عن سلامة الوطن وأبنائه. وفي هذا الإطار، يُنظَر إلى
الجيش على أنه نموذج المؤسسة الوطنية الجامعة، انطلاقاً من مبدأين أساسيين
وثيقي التلاحم، الأول ويتمثَّل بالولاء الوطني المطلق الذي يتخطّى الولاءات
الضيـِّقة كلها، والثاني يتمثل في التعاون والتضامن. وهكذا، تُسهم المؤسسة
العسكرية إلى حد كبير، في توفير الإستقرار العام في البلاد، من خلال
مشاركتها الفعَّالة في بلورة الاتجاهات والتيَّارات الوفاقية في المجتمع
وتنميتها.

2- المخاطر المحدقة بالوطن واستقلاله
يواجه
لبنان مخاطر خارجية وداخلية، تهدِّده في كيانه ومقوِّمات وجوده، وكم
تضافرت هذه المخاطر في مراحل عديدة من تاريخه، لتشكِّل أرضية خصبة لنزاعات
وصراعات دفع اللبنانيون ثمنها غاليًا من أرواحهم وممتلكاتهم.
ومن أبرز هذه المخاطر:
أ – المخططات والأطماع الإسرائيلية:
شكَّلت
إسرائيل منذ نشوئها في المنطقة مصدر حروب ومآسٍ عاناها لبنان والدول
العربية على امتداد نحو نصف قرن ونيّف. فإسرائيل دولة لا دستور لها حتى
اليوم، بل هناك مجموعة من الأنظمة والقوانين تسيّر أمور الحكم فيها. كما
أنها لم ترسم حدودها بشكل نهائي بسبب طغيان الفكر الديني في المجتمع
الإسرائيلي على ما عداه من العناصر الإجتماعية والسياسية والثقافية،
والارتكاز على أسطورة أرض الميعاد التي تعتبر أن حدود أرض إسرائيل الموعودة
هي من النيل إلى الفرات. أما الأطماع الإسرائيلية بأرض لبنان ومياهه
وموارده فتنطلق من عدة حوافز:
أولها، ديني يتعلَّق بما جاء في التوراة
عن شمول أرض الميعاد لمناطق من لبنان، وثانيها بثروته المائية التي تسعى
إسرائيل للسيطرة عليها بالوسائل كافة، نظرًا إلى افتقار فلسطين للمياه من
جهة، وإلى رغبتها بالتوسع الجغرافي والديمغرافي من جهة أخرى. وثالثها
اقتصادي وحضاري يتعلَّق بخوف إسرائيل من قدرة لبنان على احتلال الموقع
الأهم في المنطقة، لما لدى اللبنانيين من طاقة مميَّزة في مجالات الثقافة
والعلم والإبداع، إلى جانب قلق قادتها من التجربة اللبنانية الرائدة،
القائمة على العيش المشترك بين طوائف متعددة. وكم عملت على استهداف وحدة
لبنان عبر حملات التشكيك حينًا، والتدخل المباشر أحيانًا أخرى، لتبرهن
للعالم أن النموذج اللبناني غير قابل للحياة .

ب - الطائفية:
إن
الطائفية خطر يهدِّد الكيان اللبناني، فالولاء الطائفي بتجذُّره لدى
الأفراد والجماعات يعيق الولاء الوطني بمفهومه الشامل والجامع.
الطائفية
خطر كامنٌ، وغالبًا ما تتأجَّج بسببها الصراعات لدوافع محلية أم خارجية.
أما الحل فهو بالعمل على تنمية روح المواطنية الحقّة، وتغليبها على النزوات
الطائفية الضيقة، فيتمكَّن لبنان من الإفادة من تنوُّعه الديني وغناه
الحضاري، اللذين يشكِّلان رسالته الفريدة في هذا العالم. وهنا لا بدَّ من
التمييز بين الدين والطائفية، فالأول هو العلاقة التي تربط الإنسان
بالخالق، والتي وإن اتخذت أشكالاً متعدِّدة فإن جوهرها واحد، تدعو إلى
الإنفتاح والتسامح والإعتراف بالآخر، وتكريس الفضائل الأخلاقية والإنسانية
بين بني البشر. أما الطائفية فهي استغلال الدين أو المذهب، لمصالح خاصة،
فئوية أو سياسية. وبقدر ما تُحتَرَم الأديان وقدسية رسالتها، تُنبَذ
الطائفية لأنها تفسد العلاقة بين أبناء الشعب الواحد. والتزام الدين يحتّم
الولاء للدولة الضامنة لحقوق جميع المواطنين، فيما الانجرار وراء الطائفية
يؤدي إلى التفرقة والشرذمة، وبالتالي يفقد الوطن معنى رسالته وعلة وجوده.

ج – التوطين:
سعت
إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة، وخلافًا لقرارات الشرعية الدولية، إلى فرض
توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تهربًا من عودتهم إلى أرضهم، بحجة ما
يشكِّلونه من عبء ديموغرافي ينزع عن إسرائيل صبغتها اليهودية الخالصة. بيد
أن لبنان، بحكومته وشعبه، أكّد رفضه للتوطين انطلاقاً من تضامنه القومي
والإنساني مع الأخوة الفلسطينيين إزاء دعم حقهم في العودة إلى وطنهم، إضافة
إلى انعكاساته ومضاعفاته السلبية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبنان
تفوق قدراته، وكونه أخيراً يعتبر سابقة يمكن أن يستغلها الكيان الصهيوني
مستقبلاً في سبيل تهجير مزيد من الشعب الفلسطيني إلى الدول العربية
المجاورة من دون أي رادع.

د- التقسيم:
طُرِحَ
التقسيم كحلٍ خلال عدة مراحل من موجات الاقتتال التي اجتاحت لبنان، في إطار
أشكال متنوعة، مثل الفدرالية أو الكونفدرالية أو الانفصال التام. وقد
أثبتت التجارب عدم واقعية هذه الطروحات. فإضافة إلى استحالة تطبيقها عمليًا
نظراً لمساحة لبنان الصغيرة والتداخل الديمغرافي، بين فئاته، والتعدُّدية
المتشعِّبة في المجتمع اللبناني، لم تشهد هذه الطروحات يومًا الحد الأدنى
من التوافق الشعبي حولها، والذي من دونه تستحيل أن تتحقَّق، بل تتحوَّل إلى
مشاريع حروب وتناحر لا تنتهي، وتؤدي إلى فقدان الوطن مبررات وجوده وجوهر
رسالته في الشرق العربي والعالم أجمع.
والجيش الذي يؤمن بلبنان وطنًا
موحدًا لجميع أبنائه، يعتبر الدعوة إلى التقسيم مؤامرة على لبنان وضد مصلحة
اللبنانيين، وهذا ما أشار إليه مراراً قائد الجيش العماد ميشال سليمان
مؤكداً رفض أي شكل من أشكال التقسيم مهما كانت الظروف، لأنه يصب في خدمة
أعداء الوطن والمتآمرين عليه، ويهدف إلى القضاء على وحدة الكيان اللبناني
وسيادته واستقلاله.

هـ- الإرهاب:
يعتبر
الإرهاب من أشد الأخطار على لبنان وشعبه، ولطالما كان الهدف منه زرع بذور
الفتنة بين فئات المجتمع اللبناني وصولاً إلى حالٍ من الشرذمة والتقاتل .
وقد
مارست إسرائيل إرهاب الدولة عليه، خلال مراحل متعددة فارتكبت المجازر في
صبرا وشاتيلا، وقانا وسحمر والمنصوري وصريفا وغيرها الكثير الكثير وصولاً
إلى عدوان تموز العام 2006، كما أقدمت على تدمير العديد من محطات تحويل
الكهرباء والجسور والبنى التحتية، ونفَّذت تفجيرات إرهابية داخل البلاد أدت
إلى وقوع ضحايا كثيرين. كما تعرَّض لبنان في السابق ولا يزال، لإرهاب
العابثين بالأمن، الساعين إلى ضرب استقرار الوطن ووحدته واستقلاله، وهم
بأعمالهم هذه يقدِّمون خدمة مجانية لصالح العدو الإسرائيلي الذي يعمل
جاهداً على ضرب النموذج اللبناني المناقض لطبيعة كيانه العنصري.

إن
مكافحة الإرهاب تكمن في التصدي الأمني له من دون هوادة، كما في إدراك
أسبابه ومعالجتها عبر التخلص من واقع الفقر والتخلف والتعصب الذي تعاني منه
بعض الشعوب، وتحقيق العدالة في النزاعات الدولية وتحديداً في موضوع الصراع
العربي -الإسرائيلي، إلى جانب تحصين الإنتماء الوطني والولاء للدولة
والعمل للمصلحة الوطنية العليا، وشعور كل فرد بأنه خفير دائم لأمن الوطن
واستقراره.

3- الجيش والوطن
أ‌- في مجال الدفاع
(1)- إرث من التضحية والعطاء
أولى
واجبات الجيش هي الدفاع عن الوطن، أرضًا وشعبًا، ضد أي اعتداء خارجي،
وبذلك يؤمن سلامة المجتمع ويكفل له سبل الاستقرار والازدهار والتطور في
مختلف المجالات. ومنذ تأسيسه رسمياً في الأول من آب العام 1945، لم يتوانَ
الجيش لحظة عن القيام بواجبه الدفاعي، مرتكزًا على تنشئة وطنية سليمة،
عمادها جملة من القيم الوطنية والإنسانية والعسكرية،فواجه مذ كان فتيًا عدة
تحدِّيات ومصاعب أوّلها، إعلان دولة إسرائيل ونشوب حرب العام 1948، وفي 5
حزيران من العام نفسه، خاض معركة المالكية البطولية، حيث التحمت بعض وحداته
مع قوات العدو الإسرائيلي في قتال شرس، تمكن خلاله من دحر العدو وتحرير
القرية. ثم تابع مهامه الدفاعية إلى جانب مهام حفظ الأمن والاستقرار في
الداخل، فكانت له محطات مشرقة في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية،لا سيّما
في سوق الخان العام 1970، وعلى محوري بيت ياحون- تبنين، وكفرا- ياطر العام
1972، وفي صور العام 1975، وغيرها من الاعتداءات على القرى والبلدات
اللبنانية المتاخمة لفلسطين، مقدمًا في هذه المواجهات مئات الشهداء والجرحى
ذودًا عن الوطن وأبنائه. وخلال أحداث الفتنة التي اندلعت العام 1975
واستمرت حتى العام 1990، تعطَّل دور الجيش بمفهومه الوطني الشامل بسبب
فقدان القرار الموحَّد للدولة، ما أدَّى إلى تراجع دوره الدفاعي نتيجة لهذا
الواقع.

ومع توقيع وثيقة الوفاق الوطني وانتهاء الأحداث، أعيد
بناء الجيش على أسس وثوابت وطنية مستمدة من نصوصها. وقد ركَّزت السياسة
التوجيهية لقيادة الجيش على الأخطار التي تشكِّلها إسرائيل كعدو للبنان،
وركَّزت في المقابل على دعم المقاومة الوطنية، والتأكيد على عروبة لبنان،
والتزام قضايا أشقائه العرب وقيام أفضل العلاقات معهم. وكان قرار القيادة
سريعًا في نشر نحو نصف عديد الجيش على خطوط المواجهة مع هذا العدو في
الجنوب والبقاع الغربي، وعلى الرغم من عدم التكافؤ في ميزان القوى، لم
تستطع قوى الاحتلال، المجهَّزة بأحدث أنواع الأسلحة والتكنولوجيا
المتطوِّرة، إرباك الجيش وإبعاده عن ساحة المواجهة، فتصدى للإعتداءات
الإسرائيلية بكل الإمكانيات والوسائل المتوافرة، لا سيما في عمليتي تصفية
الحساب العام 1993 وعناقيد الغضب العام 1996 وعربصاليم والأنصارية العام
1997.

ونتيجة لوحدة الموقف الوطني، وصمود الجيش في مواقعه، وتسارع
ضربات المقاومة في حرب استنزاف قلّ نظيرها، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى
الإندحار عن القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، فكان إنجاز التحرير في
25 أيار العام 2000.

(2)- عدوان 12 تموز
مرَّة
جديدة دفع العدو الإسرائيلي بأسلحته المدمِّرة باتجاه لبنان في حرب مفتوحة
بدأت من الجنوب في 12 تموز تحت ذريعة خطف المقاومة جنديين إسرائيليين، وما
لبثت أن امتدَّت إلى المناطق اللبنانية كافة، فلفَّت لبنان من البر والبحر
والجو بزنَّار من الحمم في عملية تدمير منهجي لبناه التحتية ومنشآته،
واستهداف متعمد للمواطنين الأبرياء في بيوتهم وأماكن عملهم وأثناء
تنقلاتهم. كما استهدف العدوان مواقع الجيش على كامل رقعة الوطن، مرتكبًا
مجازر بشعة لا سيما في فوج الأشغال المستقل في الجمهور وفي مركزي وجه الحجر
والعبدة التابعين للقوات البحرية في منطقة الشمال، حاصدًا 47 شهيدًا
وعدداً كبيراً من الجرحى. لتمتزج دماء الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ
والمقاومين الأبطال والعسكريين الشجعان في ساحات الصمود والكرامة مشكلةً
المداميك الصلبة التي سيُبنى عليها مستقبل الوطن. وخلال هذه الحرب كان
الجيش في ساحة المواجهة يعكس صورة الوطن، إذ قامت وحداته في أماكن انتشارها
بأداء دورها الدفاعي بكل القدرات المتاحة لديها، من خلال التصدِّي
للطائرات المعادية وإحباط العديد من محاولات الإنزال والتسلل، كما استمرَّت
بأداء مهامها الأمنية والإنمائية على مساحة البلاد، متأهِّبة لوأد أي فتنة
داخلية، والتعامل بحزم مع كل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار في ظل
حالات النزوح الكبيرة، والظروف والمتغيرات المستجدة.
وبعد مرور أكثر من
شهر كارثي ومأسوي على الصعد كافة، على الحجر كما على البشر، وخلاصة مشاورات
ماراتونية، تبنَّى مجلس الأمن فجر 11 آب وبالإجماع القرار 1701 الذي دعا
إلى وقف كامل لجميع الأعمال الحربية على أمل التوصل إلى اتفاق على وقفٍ
دائم لإطلاق النار.

وعند الثامنة من صباح 14 آب توقَّف العدوان
الإسرائيلي، لتنطلق رحلة عودة النازحين إلى أرضهم وبيوتهم. ويسارع الجيش
اللبناني للتوجه إلى حدوده الجنوبية، بعد غياب جاوز الثلاثة عقود ،
استجابةً للإرادة الوطنية الجامعة، وتنفيذًا لقرار الحكومة اللبنانية
القاضي بتكليفه الانتشار في منطقة جنوب لبنان وصولاً إلى الخط الأزرق، وبسط
سلطة الدولة في تلك المنطقة إسوة بباقي المناطق اللبنانية، ودعم صمود
المواطنين ومواكبة إعادة إعمار قراهم وتسهيل إقامتهم وحفظ أمنهم وسلامتهم،
وقد تزامنت هذه المهمة مع مهمة انتشار وحدات من الجيش على امتداد الحدود
البرية والبحرية اللبنانية لضبط المعابر ومنع أعمال التهريب على أنواعها.

وهكذا
انتشر الجيش اللبناني جنوبًا بسرعة قياسية يواكبه كلام العماد سليمان
قائد الجيش:" كان الجنوب لفترة طويلة من الزمن، بوابة القلق ومدخل الرياح،
أما اليوم وأنتم ترابطون على تخومه وروابيه، وتبذلون كل المستطاع في سبيل
خدمة أهله الصابرين، ورفع المعاناة عنهم وبلسمة جراحهم، تحوِّلونه إلى حصن
منيع للوحدة الوطنية ومساحة عبقة بطيب السيادة ورحابة الإستقلال".

وافتخارًا
بالنصر، وإشعارًا بانسحاب العدو المحتل، وإقرارًا باحتضان الجيش كل أهله
وأرضه، رفع العماد سليمان العلم اللبناني على تلَّة اللبونة الحدودية
المتاخمة لرأس الناقورة ليخفق في سماء الجنوب سيداً طليقاً بعد غياب طويل
وقسري، وجال على القوى المنتشرة يتفقدُّها ويمضي يومين مع الجنود في خيمة
نُصبت قرب عين إبل، ويخاطبهم قائلاً "إعلموا أنكم هنا ليس لمشاهدة ما يحصل،
وإن كل خرق تقوم به قوات الإحتلال يجب التصدي له بالقوة اللازمة وبما
لديكم من أسلحة". وكانت القوى عند كلام قائدها فبادرت الى إزالة أخطر
تعدِّيين، أحدهما قضم العدو الإسرائيلي مساحات شاسعة من الأراضي المتاخمة
للحدود في سهل الخيام، وثانيهما إبعاد كارثة كانت ستحل بالأراضي الزراعية
اللبنانية في منطقة كفركلا - العديسة من جراء إغراقها بمياه السيول المحولة
إليها من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وإذا كانت الشهادة في سبيل
الوطن هي أعلى مراتب التضحية، فإن الوفاء لدماء الشهداء هو أمانة في
الأعناق، وإبقاء شعلتهم مضاءة واجب يقع في صلب مبادئ المؤسسة العسكرية
وتقاليدها العريقة، والتزاماً بذلك وبرعاية قائد الجيش العماد ميشال سليمان
وحضور ذوي الشهداء، أقيم احتفال في اليرزة لتكريم 47 شهيداً سقطوا إبان
العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقد ألقى العماد قائد الجيش كلمة بالمناسبة
أكد فيها بأن دماء شهداء الجيش والشعب التي سالت وامتزجت معاً على امتداد
ساحات الوطن في مواجهة العدوان هي أمانة في أعناقنا لن نفرط بها، نحفظها من
خلال تمسكنا بوحدة الجيش والوطن، وممانعتنا لكل أشكال الفتن والتطرف
والتجاذبات ، وصوننا لمسيرة التضحيات التي لم يتردد شهداؤنا يوماً في ركوب
مخاطرها.

ب‌- في مجال حفظ الأمن:
يستمر الجيش في تنفيذ مهام حفظ الأمن في مختلف المناطق اللبنانية مستنداً في ذلك الى جملة من المبادئ أبرزها:
- الجيش
مؤسسة وطنية تلتزم القوانين والأنظمة النافذة وعقيدته في تحديد العدو
والصديق واضحة وراسخة، فالأعداء هم إسرائيل أولاً والإرهاب ثانياً وكل من
يحاول الإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار ثالثاً، أما الأشقاء والأصدقاء فهم
الدول العربية، والدول التي تعمل على مساعدة لبنان وتنشد له الخير والسلام
والاستقرار.
- الابتعاد عن الطائفية التي تتلاشى في التنشئة الوطنية والعسكرية التي يتلقاها كل عسكري.
- الابتعاد عن التجاذبات السياسية، وتنفيذ قرارات السلطة الإجرائية في إطار المصلحة الوطنية العليا.
- التجرد
المطلق في معاملة المواطنين وتطبيق مبدأي العدالة والمساواة أثناء أداء
المهام، حفاظاً على الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان.
- تأمين
استمرارية تنفيذ الإجراءات والتدابير الأمنية من خلال الشفافية في القيادة
والإدارة والموقف، وتخصيص الوقت اللازم، وبذل الجهد الأقصى، والسهر على
متابعة الأوضاع، والحزم والسرعة في تنفيذ المهام وعدم التهاون مع أي إخلال
بالأمن.
وقد وفّر الجيش مناخاً من الأمن والاستقرار، مما سمح بإقامة
التجمعات على اختلافها والمؤتمرات الدولية والإقليمية، وكفل لجميع
المواطنين القيام بأعمالهم وممارسة حقوقهم وواجباتهم في المناسبات الوطنية
والاجتماعية والثقافية والرياضية ، مجنباً البلاد مخاطر جمة، لا سيما اثر
وقوع جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري العام 2005، والتظاهرات
الصاخبة التي تلتها في 8و14 آذار، وما رافقها من انفعالات حادة استطاع
الجيش أن يستوعبها، كافلاً حرية التعبير التي كرسها الدستور، ومحافظاً على
أمن المواطنين وممتلكاتهم وسلامة المؤسسات العامة والخاصة، وفي حدث هام كان
موضع تساؤل الكثيرين وخشيتهم من حصول اضطرابات أمنية، والمتمثل بانسحاب
الجيش العربي السوري من لبنان في أواخر شهر نيسان 2005، تمكن الجيش بصورة
فعّالة وسرعة قصوى من ملء الفراغ الناجم عن هذا الانسحاب خصوصاً في مدينة
طرابلس وقرى عكار وبعض مناطق البقاع من دون تسجيل أي حوادث تذكر، وضماناً
لاستمرارية الحياة الديمقراطية في البلاد، أنجز الجيش بنجاح عملية حفظ أمن
الانتخابات النيابية التي جرت في شهر أيار من العام نفسه، الأمر الذي مكّن
المواطنين على اختلاف انتماءاتهم من التعبير عن آرائهم بحرية تامة، على
الرغم مما رافق هذه الانتخابات من تجاذبات سياسية حادة لامست حدود الطائفية
أحياناً.

وفي هذا المجال أيضاً كان قرار القيادة حاسماً وسريعاً
في مواجهة المخلين بالأمن، الساعين إلى إثارة الفتن، وفي التصدي لمحاولات
التجسس والتخريب التي قامت بها عصابات متعاملة مع العدو الإسرائيلي. حيث
واجه الجيش العديد من المنظمات الإرهابية ، لا سيما قيامه في مطلع العام
2000 بالقضاء على منظمة مسلحة خطرة، كانت متحصنة في جرود منطقة الشمال
وتفكيك الشبكات المرتبطة بها في المناطق اللبنانية الكافة، وهذا العام كان
لاكتشاف شبكة إرهابية تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، بالغ الأثر في
نفوس المواطنين، ولقي الجيش نتيجة ذلك عظيم الثناء من مختلف القيادات
السياسية وفعاليات المجتمع اللبناني. حيث توصلت مديرية المخابرات إلى كشف
المتورطين في جريمة اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا بتاريخ 26/5/2006،
وأبرزهم المدعو محمود رافع الذي اعترف بعملية الاغتيال وبعمليات سابقة
أخرى، وبارتباط الشبكة بجهاز الموساد الإسرائيلي منذ عدة سنوات، وبخضوع
أفرادها لدورات تدريبية داخل إسرائيل وخارجها.

إضافة الى ما سبق،
يواظب الجيش بفعالية على تقديم المؤازرة الدائمة لقوى الأمن الداخلي وباقي
الأجهزة الأمنية في مكافحة الجريمة المنظمة والقضاء على الآفات الاجتماعية.

ج - المهام الإنمائية
ارتبط
الجيش اللبناني منذ نشأته ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع، ليس من خلال المهام
الدفاعية والأمنية المنوطة به وما يترتب على ذلك من علاقات مع المواطنين
فحسب، إنما أيضاً من خلال اهتمامه بالمجالات الاجتماعية والخدمات التي
يؤديها حيث تدعو الحاجة، إدراكاً منه بأن الأمن والنهوض الإنمائي
والاقتصادي في البلاد توأمان لا ينفصلان. وقد توزعت الأعمال الإنمائية
للجيش خلال السنوات السابقة على محاور عدة أبرزها :
الإسهام في إعادة
إعمار البنى التحتية من ماء وكهرباء وشق طرقات في مناطق عودة المهجرين،
تركيب جسور وترميم طرقات ومنشآت دمرها العدو الإسرائيلي في مراحل عدة،
مؤازرة العديد من المؤسسات الرسمية والخاصة ورفدها بالطاقات والخبرات
اللازمة، تنفيذ أعمال تشجير وتأهيل آثار وإطفاء حرائق، تقديم خدمات صحية
ومعيشية خصوصاً في المناطق النائية، إغاثة المنكوبين خلال الحوادث الطارئة
والكوارث الطبيعية.

(1) - بعض المهام الإنمائية التي قام بها الجيش خلال هذا العام
- المشاركة
في فتح الطرقات الجبلية المقطوعة بالثلوج وإزالة الانهيارات الصخرية
والترابية عنها وتوسيع مجاري الأنهار، وإنقاذ المواطنين المحاصرين بالسيول
والثلوج.
- مسح الأضرار الناجمة عن التفجيرات التخريبية والكوارث
الطبيعية بالتنسيق مع الهيئة العليا للإغاثة، والقيام بأعمال ترميم وإزالة
ركام الأبنية المتضررة بالتعاون مع الجهات المختصة.
- شق العديد من الطرقات الزراعية في المناطق الريفية النائية ومنها طريق تنورة ـ الفاقعة في قضاء راشيا.
- تنفيذ يوم إنمائي لمناسبة عيد المقاومة والتحرير شمل تعهد الأماكن الأثرية وتنظيف القلاع في المناطق اللبنانية كافة.
- إطلاق عملية بناء قاعدة معلومات جغرافية وطنية في إطار عملية التعاون اللبناني – الفرنسي في مجال العلوم الجغرافية.

- أعمال تشجير وإخماد حرائق وإنقاذ مصابين في مختلف المناطق.
- رش
مبيدات فوق سهول القمح في منطقة البقاع بواسطة طوافات عسكرية لمكافحة حشرة
السونة، وفوق أحراج السنديان في محافظتي جبل لبنان والشمال للقضاء على
حشرة الصندل.
- مشاركة أطباء وممرضين من الجيش في حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في العديد من المناطق.
- المشاركة في حملة الأزرق الكبير.

(2)- مهام الجيش الإنمائية خلال عدوان تموز
-
إرسال مفارز طبية جوالة من أطباء ومسعفين وممرضين إلى مختلف مناطق الجنوب،
وتزويدها بالوسائل والمستلزمات الطبية اللازمة لمعالجة الجرحى وإجراء
عمليات جراحية بسيطة، وكذلك تنفيذ عمليات الإخلاء الصحي إلى المفارز
الثابتة في الأقضية.
- مشاركة الطبابة العسكرية في أعمال لجنة الإغاثة الصحية للتأكد من جودة الأدوية وصلاحيتها والإشراف على توزيعها.

-
استقبال المستشفى العسكري المركزي ومستوصفات الجيش في مختلف المناطق
الجرحى من المدنيين، والإسهام بشكل فعال في الكشف عن هوية عدد من الجثث
المدنية والعسكرية غير المعروفة بواسطة فحص الحمض النووي (DNA).
-
القيام بأعمال الإغاثة بناءً لتكليف من مجلس الوزراء وبطلب من الهيئة
العليا للإغاثة، حيث تم إنشاء لجنة حياتية رئيسية انبثقت عنها 6 لجان
فرعية، وقوامها 75 ضابطاً وأكثر من 500 عنصر، تولت بالتنسيق مع الهيئة
العليا للإغاثة والإدارات الرسمية عملية خزن وفرز وتوضيب المواد الغذائية
ثم نقلها وتوزيعها إلى المتضررين في مختلف المناطق.
- تشكيل لجان عسكرية على صعيد مختلف المناطق بغية الإطلاع على أوضاع النازحين وتأمين احتياجاتهم كافة.
-
قيام القوات البحرية في الجيش اللبناني بالتنسيق مع وزارة البيئة
وبالاشتراك مع فريق بحري فرنسي متخصص ومع متطوعين من عدة جمعيات بيئية
بإزالة التلوث النفطي الذي تسبب به القصف المعادي لخزانات الوقود في
المعمل الحراري في الجيه، حيث تمكنت من إزالة التلوث نهائياً من مرفأ جبيل
ومن مرفأ الموفنبيك وشاطئ منطقة الرملة البيضاء، وإزالة قسم منه في مرفأ
الصيادين في رأس بيروت، ولا يزال العمل مستمراً لتنظيف الشواطئ اللبنانية
بصورة كاملة.

- مباشرة فوج الهندسة في الجيش بالاشتراك مع فوج
الأشغال المستقل فور انتهاء العدوان، بإقامة العديد من الجسور وإنشاء
العبارات الظرفية، وإزالة الردم، وطمر الحفر وتأهيل الطرقات وفتحها، لا
سيما الطريق الساحلي من بيروت الى صور ومن البقاع الغربي الى مرجعيون، مما
سمح بنشر وحدات الجيش في مناطق انتشارها بكل عديدها وعتادها، وبعودة
النازحين الى قراهم وبلداتهم بسرعة قياسية.

(3)_ التصدي لمشكلة الألغام
أولى الجيش اللبناني
اهتمامًا خاصًا بمشكلة الألغام التي تتصل بالأمن والإنماء معًا، لما لها من
تأثير مباشر على حياة المواطنين وأعمالهم اليومية واستثمارهم لأرزاقهم
وممتلكاتهم. وقد بدأت هذه المشكلة مع انتهاء الأحداث العام 1990، وتفاقمت
على أثر اندحار العدو الإسرائيلي في شهر أيار من العام 2000، إذ استفاق
اللبنانيون على احتلال من نوع آخر تمثل بوجود نحو 550،000 لغم خلفها هذا
العدو وراءه في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، وقد تمكن الجيش بالاشتراك مع
فرق مختصة من دول شقيقة وصديقة ومؤسسات دولية غير حكومية حتى تاريخ1/7/2006
من إنجاز ما يلي:
 تنظيف مساحة 31 كلم2، والتثبت من خلو 49 كلم2 من الألغام بواسطة أعمال المسح التقني، وذلك من أصل 137 كلم2.
 نزع وتفجير 112000 لغم مضاد للأشخاص والآليات، و 111000 جسم مشبوه.
لكن
العدو الإسرائيلي الأخير أعاد أزمة الألغام إلى نقطة الصفر، خصوصًا لجهة
إلقائه مئات الآلاف من القنابل العنقودية ، التي لم تعد تخلو منها قرية أو
بلدة جنوبية، وقد أحصي لغاية مطلع تشرين الأول العام 2006 نحو 800 موقع تم
استهدافه بهذه القنابل. فسارعت قيادة الجيش إلى فصل سرايا هندسية مع
الألوية المنتشرة جنوباً، لتأمين ممرات في محيط المنازل المأهولة وعلى
الطرقات الرئيسة والفرعية، بالإضافة إلى مسح متواصل للحقول المشبوهة
وتسييجها والتحذير من الاقتراب منها. وخلال الفترة الممتدة من 14 آب تاريخ
انتهاء العدوان، وحتى مطلع شهر تشرين الأول من هذا العام، تمكنت وحدات
الجيش بالتعاون مع القوات المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان من إزالة نحو
60000 قنبلة عنقودية و800 قنبلة وصاروخ طيران و4000 لغم وقذيفة وجسم
مشبوه.
من جهة أخرى يستمر المكتب الوطني لنزع الألغام بالتعاون مع
اللجنة الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام وجمعية المساعدات الشعبية
النروجية، بتنفيذ حملات الإرشاد والتوعية في جميع المناطق اللبنانية، حيث
أدت الجهود المبذولة إلى انخفاض كبير في معدل عدد الضحايا خلال السنوات
الأخيرة.

د- الجيش ركيزة من ركائز الوحدة الوطنية:
تشكّل
الوحدة الوطنية صمام أمان الوطن ومصدر مناعته وقوته، وضمانة وجوده ككيان
سيد حرّ مستقل. لكنّ المسألة الأهم تبقى في كيفية تحقيق هذه الوحدة
وترسيخها وتحصينها، الأمر الذي يتطلب من الجميع وعلى مختلف المستويات وعياً
كبيراً وإرادة ثابتة، وجهوداً يومية مستمرة. بدءاً من الإيمان المطلق
بها، مروراً بإرساء مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين، الى التشدد في
تربية النشء على المواطنية، وسبر آفاق العلم والثقافة والانفتاح، وصولاً
الى بنىً اجتماعية سليمة ذات خصائص متقاربة الى حدٍّ بعيد.
وبدوره يسهم الجيش اللبناني بالحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال عدّة عوامل يمكن تلخيصها بالآتي:
 البنية
البشرية للجيش الذي يضم في صفوفه ضباطاً ورتباءً وأفراداً يمثلون مختلف
الانتماءات الطائفية والمناطقية والثقافية التي يتكون منها المجتمع
اللبناني.

 التنشئة الوطنية التي يتلقاها العسكريون من مختلف
الرتب، النابعة من الدستور ومن خصائص لبنان وقيم شعبه وتقاليده، ومن رسالة
الجندية القائمة على جملة من المبادئ الوطنية والفضائل الأخلاقية
والإنسانية.هذه التنشئة تجعل من المؤسسة العسكرية مثالاً يحتذى في تجسيد
مبدأ الولاء الوطني الى جانب تأثيرها البالغ داخل المجتمع المدني عبر قيام
العسكريين بنقلها الى عائلاتهم ومحيطهم، الأمر الذي يؤدي الى انتشارها
وتعميمها على شريحة واسعة من هذا المجتمع.

 العمل المؤسساتي داخل
الجيش المرتكز على التطبيق الدقيق لمعايير الأهلية والكفاءة في الترقيات
والتشكيلات والدورات الدراسية وغيرها والتزام مبدأ الثواب والعقاب،
والشفافية المطلقة في النواحي العملانية واللوجستية والإدارية كافة. مما
يؤدي الى تحقيق العدالة بين العسكريين كجزء لا يتجزأ من العدالة الوطنية
الشاملة التي تشكل ركناً أساسياً من أركان الوحدة الوطنية.

 التفرغ المهني الكامل، أي التزام العسكريين بالعمل في نطاق مؤسستهم فقط وعدم قيامهم بممارسة أي عمل مأجور خارج المؤسسة.
 ابتعاد
الجيش عن السياسة وتجاذباتها والبقاء على مسافة واحدة من الجميع ، وهذا ما
تجسد في العديد من المناسبات الوطنية ولاسيما أثناء التظاهرات والانتخابات
النيابية والبلدية وغيرها.
 المهام الإنمائية للجيش التي تشمل مختلف
المناطق اللبنانية على قدم المساواة، والجيش من خلال هذه المهام إنما يقدم
صورة مثلى عن التضامن الإنساني والاجتماعي والوطني في سبيل تحقيق المصلحة
العامة.
 حماية الدستور من أي محاولة للخروج عليه، وهو في ذلك يكون
حامياً للإجماع الوطني ولإرادة اللبنانيين، وليس في موقع حماية أشخاص أو
حكام.

- القوة الرادعة: تشكل صورة الجيش كقوة رادعة، عاملاً من
العوامل التي تؤدي الى الاستقرار، فهذه الصورة تقوم على التقدير والرهبة
وتمنع قيام ما يخل بالأمن أو يهدد النظام.غير أن هذه القوة الرادعة تتدخل
فعلياً حين تدعو الحاجة لحماية أمن المواطن في حريته وعيشه ، وفي كل
الحالات حيث تكون قوى الأمن غير كافية، أو غير قادرة على القيام بهذه
المهام. وفي حال حدوث أزمات أو نشوء حالات خلافية، يكون تدخل الجيش لمنع
انهيار الوضع الأمني، وإيجاد المناخ اللازم الذي يسمح لأصحاب الشأن بتسوية
الخلافات عبر المؤسسات الدستورية.
- تجسيد فكرة النظام: يجسد الجيش
فكرة النظام في المجتمع، فالمؤسسة العسكرية تقوم على نظام دقيق وواضح يشمل
مختلف المجالات فيها. وتكفل قوانين الانضباط التطبيق العملي للنظام الذي
ينسق النشاطات والتصرفات ويحدد الحقوق والواجبات. والنظام الذي تقوم عليه
المؤسسة العسكرية هو بحد ذاته مثال ونموذج لا يفارق الوعي الجماعي، من هنا
فان أهمية وجود الجيش لا تقتصر فقط على ما يمثله من قدرات عسكرية وحربية،
وإنما أيضاً على ما يعنيه هذا الوجود للمجتمع كمثال للنظام وكرمز لسيادة
القانون. وغني عن القول أن الاستقرار يحتاج الى قوانين تكفله والى قوة تضمن
تطبيق هذه القوانين وتؤمن عدم تجاوزها، لكنه يحتاج أيضاً الى ترسيخ مبدأ
المواطنية قبل كل شيء.

هـ - الجيش والحريات:
حرص
الجيش دائماً على أن تبقى ممارسة الحرية في حدود ما نص عليه الدستور
والقوانين المرعية الإجراء، إذ لا يجوز في أي شكل من الأشكال أن تتحول
الحرية الى فوضى يستغلها البعض للنيل من الاستقرار العام في البلاد والتعدي
على المؤسسات العامة والخاصة وعلى أرواح المواطنين وأملاكهم وأرزاقهم. وقد
يخيّل الى الكثير من الناس أن القوانين وجدت أساساً للحد من الحرية، وهي
تتعارض معها، والحقيقة أن القوانين وجدت لحماية المواطنين وللحفاظ على
هيبة الدولة، ولضمان الحرية نفسها. إذ أن الحرية المتفلتة من أي ضوابط تشكل
خطراً على وجود الحرية نفسها. وهكذا فقد وازن الجيش دائماً بين حماية
الحرية والمحافظة على تطبيق الأنظمة والقوانين، وقد تجلى هذا الأمر في
محطات عديدة لاسيّما خلال التظاهرات الشعبية الصاخبة التي حصلت خلال العام
المنصرم والعام الحالي، إذ تمكن بفضل التزام عسكرييه وجهودهم وتضحياتهم، من
تجنيب البلاد مخاطر جسيمة كادت تطيح بكل الإنجازات التي تحققت.
وخلاصة
القول أن الجيش من خلال إيمانه بالقيم العليا للمجتمع اللبناني والتزامه
الدقيق بمبادئ الدستور والقوانين، ومن خلال ما يشكله كقوة رادعة يمكن أن
تتدخل فعلياً عند الحاجة للحفاظ على الأمن والاستقرار ، يشكل حاضناً للحرية
وأحد أهم دعائم وجودها وديمومتها.

4- متابعة تطوير المؤسسة العسكرية
أدى صدور قانون
إلغاء خدمة العلم في 5 أيار 2005، وما تضمنه من توسيع لدائرة الإعفاءات
وصولاً لإلغاء الخدمة نهائياً خلال شهر شباط 2007، إلى خفض عديد المجندين
وتالياً عديد الجيش، مما دفع القيادة الى القيام بإعادة تنظيم وهيكلة الجيش
للبقاء على الجهوزية اللازمة بغية تنفيذ مهام الدفاع والأمن وفقاً للواقع
المستجد، وقد جرت إعادة تنظيم الألوية بتخفيض عديدها وإنشاء أفواج جديدة،
الأمر الذي وفّر حركية واسعة ومرونة عالية وسهولة في الإمرة مع الحفاظ على
الإنتاجية نفسها، بحيث تنتهي خدمة العلم ويبقى الجيش مضطلعاً بمهامه كاملة.
الى
جانب ذلك تولي القيادة باستمرار موضوعي التدريب والتجهيز الاهتمام الأقصى
من خلال تكثيف الدورات التدريبية في الداخل والخارج وعلى مختلف المستويات،
إلى جانب تفعيل علاقاتها مع جيوش شقيقة وصديقة، والسعي الحثيث لديها لتأمين
التجهيزات الضرورية للجيش من الأعتدة والأسلحة التي تتناسب مع مهامه
الدفاعية والأمنية.
وفي هذا الإطار، تؤكد القيادة اعتزازها بهذه
العلاقات، النابعة من الصداقة مع الدول والرغبة في التعاون مع جيوشها،
والاستفادة المتبادلة من تجاربها وخبراتها، والتي طالما ميزت الجيش
اللبناني بقدرته على التفاعل والتواصل مع سواه ، وهو سيستمر في قبول
المساعدات العسكرية مستقبلاً، كما قبلها في الماضي، بهدف تعزيز قدراته
العسكرية ، لكنّ هذه المساعدات لا يمكن في مطلق الأحوال أن ترسم سياسة
الجيش أو تتدخل في أدائه، أو تعدل من دوره الوطني الذي ينبع فقط من الإرادة
الوطنية الجامعة والقرار السياسي للسلطة الإجرائية .

5- مواجهة الأخطار والتحديات
تحيط
بالوطن أخطار وتحديات عديدة، ناجمة عن آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان
سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعدم التزام إسرائيل بمندرجات قرار مجلس
الأمن رقم (1701)، الى جانب تداعيات التطورات المحلية المتسارعة التي بدأت
تعصف بالوطن منذ نحو سنتين ولا تزال مترافقة مع تجاذبات سياسية وأعمال
إرهابية أودت بحياة شهيد الوطن الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والعديد من
الشخصيات الوطنية والإعلامية، إضافة الى الأحداث الجارية في منطقتنا
العربية لا سيما في العراق وفلسطين وانعكاسها على الساحة الداخلية، إلا أن
جميع هذه الأخطار والتحديات لم تستطع النيل من وحدة اللبنانيين وصمودهم
وتضامنهم في أصعب الأوقات وأدق الظروف، ولا من إرادة الجيش في التصدي
للعدوان الإسرائيلي والتمسك بحق لبنان في أرضه وسيادته واستقلاله، وصون
وحدته وأمنه واستقراره، وكما في الأمس كذلك اليوم وفي الغد، فالجيش باقٍ
على ثوابته وإيمانه الراسخ بأن لا خوف على مستقبل وطن، حماته أصحاب رسالة
وتضحية لا تعرف حدوداً.

• خاتمة
في الذكرى
الثالثة والستين للاستقلال، يمضي الوطن على طريق الحياة، شامخًا بدماء
شهدائه، عزيزًا بإرث شعبه، مدفوعًا بوحدة أبنائه، وبإرادة جيش يعي
مسؤولياته وواجباته، وما يحيط بالبلاد من أخطار وتحديّات، ويدرك بأنه
بالبذل والعطاء والتضحيات يُصان الوطن، وتبقى أمانة الاستقلال شعلة تتحدى
العواصف...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:06

عيد الإستقلال






للإستقلال عيون ترعاه وسواعد تحميه
22-11-2008
• مقدمة

في
عيد الاستقلال، تعود بنا الذاكرة إلى حقبة مجيدة من تاريخ الوطن، حين وقف
اللبنانيون صفاً واحداً في وجه الانتداب الأجنبي، يتحدون القهر والطغيان،
ويبذلون الدماء في ساحات الحرية والكرامة. وأمام روح التضحية والصمود
والثبات التي ترسخت في نفوسهم يوماً بعد يوم، لم يكن للانتداب بدّ سوى
الانصياع لهدفهم المقدس في تحقيق الاستقلال، الذي طالما شكل حلم أبناء
الوطن، والأمل النابض في عروق أجياله على امتداد الأزمنة والعصور.
وبعد
أن أصبح هذا الحلم واقعاً وحقيقة، ابتدأت مسيرة الحفاظ على الاستقلال
والتي واجهت بدورها تجارب قاسية، كادت ترسم أكثر من علامة الاستفهام حول
سلامة الكيان ومصيره، لكن أمانة الاستقلال كانت دائماً في أيدٍ أمينة،
يحملها جيش راسخ الإيمان برسالته، مدرك لمسؤولياته، متفانٍ في أداء واجباته
حتى الشهادة.
ويطل عيد الاستقلال على اللبنانيين هذا العام مزهواً
ببزوغ فجر عهد جديد، عهد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الآتي
من المؤسسة العسكرية إلى رحاب الوطن الواسع، ليحيي شعلة الأمل في النفوس،
ويحقق في فترة زمنية قياسية إنجازات مشرقة، على طريق إنقاذ لبنان وخلاصه.
ويطل العيد أيضاً على وقع تجديد المؤسسة العسكرية انطلاقتها، بتولي العماد
جان قهوجي سدة قيادتها، وهو القائد الذي تمرّس على تحمل الصعاب ومواجهة
المخاطر، وخبر ميدان التضحية والعطاء طويلاً، حتى بات يعرف كل شبر من تراب
الوطن، ويدرك إلى أدق التفاصيل قدرات الجيش وحاجاته، إنه القائد الذي
تحتاجه المؤسسة ليشد ساعدها ويمضي بها إلى غدٍ واعد بحصاد وفير.

1ـ فجر الرئاسة

بعد
نحو ستة أشهر من الفراغ الرئاسي الذي عاشته البلاد نتيجة التجاذبات
السياسية الحادة، انبلج فجر الرئاسة في الخامس والعشرين من شهر أيار
بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، في ظل إجماع رسمي وشعبي
وترحيب إقليمي ودولي، لم يسبق لهما مثيل، فأطل عهد جديد على الوطن، تلقفه
اللبنانيون بمظاهر الفرح والابتهاج التي عمّت لبنان من أقصاه إلى أقصاه،
واستعادوا من خلاله نبض الأمل على وقع كلام فخامة الرئيس في خطاب القسم،
والذي بدأه بتوجيه تحية إلى أرواح الشهداء قائلاً: "كان أحب إلى قلبنا أن
يبدأ هذا الاستحقاق بدقائق فرح، لكني واثق بأن صمتنا ستهلل له أرواح
شهدائنا وهم في جوار ربّهم، كونه يؤسس لمرحلة واعدة لأبناء الوطن الذي ينهض
من كبوته، بفعل وعي المواطنين ورفضهم الوقوع في عملية قتل الذات، وعمل
المخلصين والأشقاء للتخفيف من السيئات، ومحو التداعيات". وأضاف:"إن لبنان،
وطن الرسالة، والذي يحمل تلاقي الحضارات، وتعددية فذّة، يدفعنا للانطلاق
معاً، في ورشة عمل، فنصلح أوضاعنا السياسية والإدارية، والاقتصادية
والأمنية، ونعيد الوطن إلى الخارطة الدولية في دور نموذجي يعكس فرادته،
واشراقته المعهودة".

2ـ العماد قهوجي إلى سدّة القيادة

بعد
انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية، تسلم رئيس
الأركان اللواء الركن شوقي المصري قيادة الجيش بالنيابة لفترة امتدت نحو
ثلاثة أشهر. وبتاريخ 29/8/2008 اجتمع مجلس الوزراء في القصر الجمهوري
برئاسة فخامة الرئيس، حيث تقرر ترقية قائد اللواء الثاني العميد الركن جان
قهوجي إلى رتبة عماد وتعيينه قائداً للجيش اعتباراً من تاريخه، فجاء هذا
التعيين تأكيداً على ثقة فخامة الرئيس، ومجلس الوزراء مجتمعاً، بشخص القائد
الجديد، وتقديراً لمسيرته المشرقة في خدمة المؤسسة، التي احتضنته منذ ربيع
الشباب، فاحتضنها بالقلب والعقل، ووهبها أغلى سنوات عمره.

أ ـ احتفال تسليم وتسلم قيادة الجيش ـ أمر اليوم الأول.

الأول
من أيلول شكل نقطة انطلاق المؤسسة العسكرية إلى مرحلة جديدة، فبحضور أمين
عام المجلس الأعلى للدفاع وأعضاء المجلس العسكري، وأركان القيادة ورؤساء
الأجهزة التابعة لوزارة الدفاع الوطني وقادة الوحدات الكبرى، أقيم في
اليرزة حفل تسليم وتسلم قيادة الجيش، بين اللواء الركن شوقي المصري مسلماً
والعماد جان قهوجي متسلماً. وبعد أداء مراسم الاحتفال اللازمة، وفقاً
للقوانين والتقاليد العسكرية، ألقى العماد قائد الجيش كلمة أمام الحاضرين،
شكر فيها اللواء الركن المصري على حفظه الأمانة بكل جدارة ومسؤولية، ثمّ
عرض بعضاً من توجهاته للمرحلة المقبلة قائلاً:"لم أصل إلى سدة القيادة من
أجل تغيير المفاهيم والمبادئ الأساسية التي قامت عليها المؤسسة، فأنا من
المدرسة نفسها، وابن النهج والثوابت عينها، ومن الفريق الذي رافق القيادة
وعمل معها. ما أطمح إليه هو تطوير آلية العمل ورفع قدرة الجيش عدة وعديداً،
والاستفادة القصوى من التطور العلمي والتقني الذي يشهده عالمنا المعاصر،
وكذلك الاستفادة من تجارب الجيوش المتقدمة وخبراتها، مع التمسك الدائم
باستقلالية أداء المؤسسة الذي ينبع من مصلحة الوطن العليا من دون سواها،
والى جانب ذلك، سأسعى دائماً للحفاظ على حقوق العسكريين، ورفع مستوى
التقديمات المادية والاجتماعية لهم". وأضاف:"إن ولاءنا الواحد والنهائي،
يجب أن يكون للبنان، وعلينا أن ندرك ونؤمن بأن وحدة الجيش هي صمام أمان
وحدة الوطن، وفي حرصنا على هذه الوحدة، نعبّر أسمى تعبير عن وفائنا للقسم،
ووفائنا لدماء الشهداء وآلام الجرحى والمعوقين، الذين بذلوا الغالي والنفيس
إيماناً بالرسالة والتزاماً بالواجب، فلا تفريط بتضحيات هؤلاء الرجال
الأبطال تحت أي ظرف كان".
وفور تسلمه قيادة الجيش وجه العماد قهوجي إلى
العسكريين أمر اليوم الأول، معبراً في خطوطه العريضة عن رؤيته لتفعيل أداء
المؤسسة العسكرية وترسيخ دورها الوطني، ومما جاء فيه:"إن أنظار اللبنانيين
شاخصة إليكم في هذه المرحلة المثقلة بالتحديات، فهناك عدو على الحدود ما
انفك يستهدف الوطن بأسره، وهناك إرهاب في أكثر من منطقة يزرع الرعب والخوف
في النفوس، لذا يجب ألاّ نسمح بأن تمتد أيادي الغدر والعمالة إلى جسم الوطن
الذي لا يزال ينزف، وعلينا مضاعفة الجهود لوقف هذا النزف". وأضاف:"أراني
اليوم أجدّد القسم الذي آمنا به جميعاً والتزمناه منذ بداية الطريق، وفي
يقيني أن الوفاء لهذا القسم وتجسيده إلى حقائق وأفعال مثمرة، يكون بالحفاظ
على إرث المؤسسة الذي صُنع بفضل دماء رفاقكم الشهداء وتضحياتكم الجسام، كما
بالإخلاص للنهج القويم الذي أرسى دعائمه وحدّد معالمه فخامة الرئيس، لذا
علينا مواصلة البناء على ما تحقق من إنجازات، متطلعين نحو المستقبل بكثير
من الأمل والتصميم على دفع مسيرة تطوير المؤسسة قدماً نحو الأمام، لكي تبقى
هذه المؤسسة مثالاً رائداً يحتذى به. ومن موقعي، أعاهدكم اليوم، بألاّ
أدّخر جهداً في سبيل تعزيز قدرات الجيش عديداً وعتاداً وتدريباً، إضافة إلى
استثمار مكامن القوة لدى الشعب اللبناني، وصولاً إلى المستوى المنشود
الذي يلبي طموحاتكم، ويؤهلكم للقيام بواجباتكم الدفاعية والأمنية على أكمل
وجه". وتابع مخاطباً العسكريين:"أنتم ذراع الشرعية وحماة مؤسساتها، وفي
التفاف المواطنين حولكم أبلغ تعبير عن الثقة بدوركم المستمد من الإرادة
الوطنية الجامعة، فلا تنحنوا أمام الصعاب مهما اشتد وزرها، ولا تجعلوا أي
انقسام سياسي ينعكس على مؤسستكم. تشبثوا بوحدتكم التي تعمّدت بدماء
الشهداء، شهداء الجيش ولبنان".

ب ـ خطوات واعدة

تولى
العماد قهوجي قيادة الجيش في الوقت الذي كانت فيه البلاد تشهد تطورات
سياسية كبيرة، وأحداثاً أمنية متنقلة بين منطقة وأخرى، إضافة إلى تسارع
وتيرة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان. فكان الهم الطاغي لديه هو معالجة
الوضع الأمني بأقصى سرعة ممكنة، وتعزيز مقومات صمود الجيش على الحدود
الجنوبية. وانطلاقاً من ذلك، عقد سلسلة اجتماعات مع أركان القيادة وقام
بعدة جولات ميدانية على الوحدات العسكرية، حيث أعطى أوامره وتوجيهاته بوجوب
تشديد التدابير الأمنية وتعزيز قوى الجيش لا سيّما في منطقتي الشمال
والبقاع، والتصدي بكل قوة للعابثين بأمن المواطن، الأمر الذي أسهم بصورة
فعالة في ترسيخ أجواء المصالحات بين الفرقاء السياسيين، وإعادة الهدوء
والاستقرار إلى أماكن التوتر. ومن الإنجازات النوعية التي تحققت في هذا
الإطار أيضاً، تمكن الجيش بجهد مشترك مع قوى الأمن الداخلي من توقيف عددٍ
من أفراد الشبكة الإرهابية الضالعة بتنفيذ الانفجار الذي استهدف الحافلة
العسكرية في محلة البحصاص ـ طرابلس بتاريخ 29/9/2008 وما سبقها من تفجيرات.
وكذلك تمكنت مديرية المخابرات في منطقة البقاع من توقيف عناصر ينتمون إلى
شبكة تجسس وإرهاب متورطة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي.
أما على الصعيد
الداخلي للمؤسسة فقد بادر العماد قهوجي إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات
الإدارية، أبرزها إصدار تشكيلات الضباط التي شملت عدداً كبيراً من المراكز
القيادية، والغاية من ذلك، هو بعث روح الحيوية والنشاط في جسم المؤسسة
وإطلاق دينامية جديدة في عملها.

ج ـ جولات ولقاءات

لم
تكد تمضي أيام قليلة على تعيينه قائداً للجيش، حتى انطلق العماد قهوجي
مجدداً إلى الميدان الذي أتى منه، يجول على الوحدات العسكرية المنتشرة،
ليطلع عن كثب على مهماتها وحاجاتها، ويشد من عزائم العسكريين، ويغرس في
نفوسهم روح الصمود والتضحية.
في جولته الأولى على الحدود الجنوبية
خاطبهم قائلاً:"إن الهدف الأساسي للجيش كان وسيبقى حماية الوطن وتحرير ما
تبقى من أرضه المحتلة، واعلموا أن خطر العدو الإسرائيلي يدعونا للحذر
الدائم، نظراً لأطماع هذا العدو التاريخية في ترابنا ومياهنا، ولطبيعته
العنصرية التي تشكّل النقيض الواضح للكيان اللبناني، ولصيغة العيش المشترك
بين أبنائه".
وفي جولته على منطقة الشمال قال:"إن الحفاظ على الأمن
والاستقرار في منطقة الشمال، والمساهمة الفعالة في عملية نهوضها وإنمائها،
يمثلان جزءاً من الوفاء لهذه المنطقة التي شكلت منذ تأسيس الجيش ولا تزال،
خزانه البشري والدم النابض في عروقه، مقدمة خيرة رجالها قرابين طاهرة على
مذبح السيادة والكرامة الوطنية، ولا يمكن أن ننسى على الإطلاق وقوف أبنائها
صفاً واحداً إلى جانبه في مواجهة الإرهاب، وتعاليهم على كل الاعتبارات
الفئوية والسياسية الضيقة، وهذا الموقف هو صفحة مشرقة في تاريخها، وهو دين
في أعناقنا جميعاً، نقابله بالوفاء والبذل من دون حساب".
من جهة أخرى،
وفي إطار التواصل والتعاون بين الجيش والمجتمع اللبناني، كان للعماد قهوجي
سلسلة من اللقاءات مع هيئات مدنية، أبرزها، لقاؤه مع الجسم الإعلامي
اللبناني، الذي جرى في اليرزة بحضور ممثلين عن مختلف وسائل الإعلام المرئية
والمسموعة والمقروءة، حيث ألقى كلمة قال فيها:"إذا كان دور الجيش هو
الضمانة المباشرة والسريعة للحفاظ على الاستقرار العام في البلاد، فإن هذا
الاستقرار يبقى عرضة للمخاطر إن لم يرتكز على قاعدة صلبة يوفرها إجماع
اللبنانيين على القضايا الوطنية الرئيسية، وتوافقهم على معايير شفافة
وعادلة لإدارة شؤونهم وتحقيق تطلعاتهم، وإذا لم يرتكز كذلك على دعم قوي من
المجتمع المدني وفي طليعته قطاع الإعلام، نظراً لما له من دور فاعل في
التأثير على الرأي العام وتوجيهه". وأضاف:"إن أكثر ما نحتاج إليه لحماية
لبنان من العواصف التي تتهدده باستمرار، هو تنشئة الأجيال على مبدأ الولاء
الوطني، وترسيخ القناعة في نفوس اللبنانيين، بأنّ لا مكان لهذا الوطن تحت
وجه الشمس بمعزل عن وحدة أبنائه وتمسكهم بصيغة العيش المشترك، المستندة
بدورها إلى قاعدة الحقوق والواجبات وفكرة قبول الآخر، واحترام قيمه
ومعتقداته وحرياته التي كفلها الدستور والقانون".

3ـ مسيرة الاستقلال

إن
سعي الشعوب إلى التحرر والاستقلال، هو ظاهرة قديمة تعود إلى بدء تشكل
الجماعات البشرية ضمن أقاليم معينة ، والدافع إلى ذلك هو ميل الأفراد
والجماعات إلى رفض حالة التبعية والسيطرة بأدواتها العسكرية والسياسية
والاقتصادية والثقافية، وقد شهد عالمنا المعاصر حركة استقلالية واسعة في ظل
عوامل مساعدة أبرزها: التعديل الطارئ في ميزان القوى، وتصاعد الوعي القومي
والوطني، ووجود الظروف المشجعة .
وقد تأثر اللبنانيون بشكل خاص بأحداث
أواسط القرن التاسع عشر، واختبروا معاني وأبعاد الحكم الأجنبي، وما
يستتبعه من صراعات يستخدمون من خلالها كأدوات لتحقيق غايات ومصالح الآخرين.
كل ذلك أسهم في وعيهم واتجاههم نحو نيل الاستقلال وحرية تقرير المصير،
فقاموا بتشكيل نواة فكرية بعثت روح المقاومة ضد كل سلطة أجنبية في المنطقة
العربية.
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، وفي ظل المتغيرات الدولية ،
بدأت الظروف تتهيأ أكثر فأكثر للحرية وحق تقرير المصير، وقد هبّ
اللبنانيون للمطالبة باستقلالهم وإنشاء دولتهم المستقلة، ولم يتأخروا في
ترجمة إرادتهم عملياً، إذ تطوعت مجموعات من الشبان اللبنانيين في "فرقة
الشرق " التي أنشأها الحلفاء في المنطقة العربية العام 1916، كأحد وجوه
النضال الوطني. وقد تضمنت عقود تطوعهم بناءً لإرادتهم شرطين أساسيين: الشرط
الأول، ينص على أن لا يقاتلوا سوى العثمانيين، والثاني، أنهم انخرطوا في
القوات الحليفة في سبيل تحرير لبنان. وما لبثوا لاحقاً أن شكّلوا في داخل
تلك الفرقة حالة لبنانية مميزة، ففي العام 1918 أصبحت الفرقة تضم في صفوفها
أول سرية من سرايا الجيش اللبناني وهي السرية 23، التي رافق تأليفها
الكثير من التعاطف والحماس، ثم توالى إنشاء السرايا، وفي أيلول من العام
1920 حصل تطور إيجابي يتعلق بمطالب اللبنانيين، تمثل بإعلان الجنرال غورو
دولة لبنان الكبير.
منذ العام 1921 أخذت سرايا القناصة اللبنانية تنشر
العمران في أرجاء الوطن، حيث قامت بأعمال التعمير وشق الطرقات وإنشاء
الجسور ومراكز الهاتف والتلغراف والتفتيش عن الآثار ومكافحة الجراد
والإغاثة والتشجير، فكان عهد من المحبة والود والتقدير بين اللبنانيين
وجيشهم.
في الأول من أيلول العام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية،
وبعد سقوط فرنسا بيد الألمان وانقسام قواتها بين مؤيد لحكومة فيشي ومؤيد
لقوات فرنسا الحرة، جرت محاولات عدة لزج الوحدات العسكرية اللبنانية في
الصراع الفرنسي – الفرنسي من دون أن تحقق أي نجاح يذكر، لأن هذه الوحدات
تطوعت أصلاً في جيوش الحلفاء بهدف تحرير لبنان، ولم تكن راغبة في التخلي عن
هدفها الأصلي، وفي تعبير صارخ عن نزعتهم الوطنية، تداعى 40 ضابطاً
للاجتماع في زوق مكايل بتاريخ 26 تموز 1941، ووقعوا وثيقة شرف، شكّلت محطة
بارزة في مسيرة الاستقلال، وتعهدوا فيها بعدم قبول الخدمة إلاّ في سبيل
لبنان وتحت رايته. وأن لا تكون لهم علاقة إلاّ مع حكومته الوطنية، رابطين
استئناف مهماتهم العسكرية بالحصول على وعد قاطع من السلطات الفرنسية
باستقلال لبنان، وفي اليوم نفسه ألقى الجنرال ديغول، الذي كان موجوداً في
بيروت، خطاباً وعد فيه بتحقيق الاستقلال.
في 29 آب و 5 أيلول من العام
1943، جرت انتخابات نيابية تم على أثرها انتخاب الشيخ بشارة الخوري رئيساً
للجمهورية، الذي بدوره قام بتكليف رياض الصلح تشكيل الحكومة، ومع الرجلين
بدأت معركة الاستقلال تعيش لحظاتها الحاسمة من خلال البيان الوزاري الشهير
الذي تضمن سياسة الحكومة الاستقلالية، تلاه قيام مجلس النواب بتعديل مواد
الدستور المتعلقة بالانتداب وتوقيع رئيس الجمهورية على هذا التعديل، وقد
ردت السلطات الفرنسية باعتقال رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء
وأحد النواب، وأودعتهم سجن قلعة راشيا.
وفور شيوع نبأ الاعتقال، شهد
لبنان حالة من الغليان الشعبي في مختلف المناطق، واشتعلت شوارع وساحات
المدن بالتظاهرات الاحتجاجية، وبدعم من الضباط اللبنانيين شكلت حكومة
مؤقتة، سرعان ما انضمت إليها وحدات الجيش، وقد أطلق عليها اسم حكومة
الثورة، حيث اتخذت من بلدة بشامون مركزاً لها، وضمت الوزيرين حبيب أبو شهلا
ومجيد أرسلان اللذين توجها برفقة رئيس مجلس النواب صبري حمادة إلى البلدة
المذكورة، وهناك انضمت إلى الحكومة مجموعة من الشباب شكلت ما يشبه الحرس
الوطني، فما كان من قيادة قوات الانتداب إلا أن أصدرت أوامرها إلى المقدم
جميل لحود قائد فوج القناصة الأول آنذاك، بمهاجمة حكومة الثورة، فرفض الأمر
معلناً انضمامه للحكومة، وقام برفع العلم اللبناني في موقع فرقته العسكرية
المتمركزة في عين الصحة ـ فالوغا.
أمام هذا الواقع، وأمام استمرار
التظاهرات الشعبية، اضطرت السلطات المنتدبة إلى التراجع عن تشددها مذعنة
لمشيئة اللبنانيين في إطلاق سراح رجالات الدولة في 22 تشرين الثاني من
العام 1943، وهكذا نال لبنان استقلاله السياسي الذي استكمل لاحقاً بتسلم
المصالح الإدارية والاقتصادية والجيش، وبجلاء قوى الانتداب عن أرضه نهائياً
في العام 1946.

4 ـ الجيش والوطن

أـ المهمات الدفاعية

واجب
الجيش الأول، الدفاع عن الوطن والشعب ضد أي اعتداء خارجي. وهو بذلك يوفر
سلامة المجتمع، ضامناً له سبل الاستقرار والتطور في مختلف الميادين.
منذ
ولادته رسمياً في الأول من آب العام 1945، اندفع الجيش غير متوان ولا
متهاون، يقوم بواجبه الدفاعي منفّذاً قسمه، ومرتكزاً على تنشئة وطنية
سليمة، عمادها جملة من القيم الوطنية والإنسانية والعسكرية. ومع سنواته
الأولى واجه تحديات جمّة، أبرزها إعلان دولة إسرائيل، ونشوب حرب العام
1948، حيث خاض أولى معاركه البطولية في المالكية التي حررها من العدو
الإسرائيلي في الخامس من حزيران من العام نفسه. ومن ثم توالت المحطات
البطولية المشرقة في مسيرته، لا سيما منها مواجهة هذا العدو في منطقة سوق
الخان العام 1970، وعلى محوري بيت ياحون – تبنين وكفرا – ياطر العام 1972،
وفي صور العام 1975، وغيرها من الاعتداءات على القرى والبلدات اللبنانية
المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة، مقدماً في هذه المواجهات مئات
الشهداء والجرحى قرابين طاهرة على مذبح الوطن.
العام 1975، أطلت الفتنة
برأسها، لتشعل لبنان بحرب استمرت حتى العام 1990، وتعطّل دور الجيش بمفهومه
الوطني الشامل بسبب غياب القرار السياسي الموحد للدولة.
ومع توقيع
وثيقة الوفاق الوطني وانتهاء الأحداث، كان قرار القيادة سريعاً في نشر نحو
نصف عديد الجيش على خطوط المواجهة مع العدو الإسرائيلي في الجنوب والبقاع
الغربي، والتصدي له بكل الإمكانات والوسائل المتوافرة. وعلى الرغم من عدم
التكافؤ في ميزان القوى، لم تستطع قوى الاحتلال الإسرائيلي المزودة أحدث
أنواع الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة والمعقدة، إبعاد الجيش عن ساحة
المواجهة، أو النيل من عزيمته، لا بل زادته ثقة واستبسالاً، فهو صاحب الأرض
والقضية، وما قوافل الشهداء والجرحى الذين سقطوا على دروب رفعة لبنان
ومنعته واستقلاله، لا سيّما في عمليتي تصفية الحساب العام 1993، وعناقيد
الغضب العام 1996، وعربصاليم والأنصارية العام 1997، إلا مثال واضح على
ذلك.
وبنتيجة وحدة الموقف الوطني، وصمود الجيش، وتسارع ضربات المقاومة
في حرب استنزاف قل نظيرها، اضطر الجيش الإسرائيلي مكرهاً إلى الاندحار عن
القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، فكان إنجاز التحرير في 25 أيار
العام 2000، وبقي الاحتلال جاثماً على أرض مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي
لا تزال تنتظر فك أسرها.

• عدوان تموز 2006

مرَّة
جديدة دفع العدو الإسرائيلي بأسلحته المدمِّرة باتجاه لبنان في حرب مفتوحة
بدأت من الجنوب في 12 تموز، وما لبثت أن امتدَّت إلى المناطق اللبنانية
كافة، فلفَّت لبنان من البر والبحر والجو بزنَّار من الحمم في عملية تدمير
منهجي لبناه التحتية ومنشآته، واستهداف متعمد للمواطنين الأبرياء في بيوتهم
وأماكن عملهم، وأثناء تنقلاتهم، كما استهدف العدوان مواقع الجيش على كامل
رقعة الوطن، مرتكبًا مجازر بشعة لا سيما في فوج الأشغال المستقل في
الجمهور، وفي مركزي وجه الحجر والعبدة التابعين للقوات البحرية في منطقة
الشمال، حاصداً 49 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى، لتمتزج بذلك دماء
الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ والمقاومين الأبطال والعسكريين الشجعان
في ساحات الصمود والكرامة، مشكلةً المداميك الصلبة التي سيُبنى عليها
مستقبل الوطن. وخلال هذه الحرب كان الجيش في ساحة المواجهة يعكس صورة الوطن
المقاوم، إذ قامت وحداته في أماكن انتشارها بأداء دورها الدفاعي بكل
القدرات المتاحة لديها، من خلال التصدِّي للطائرات المعادية وإحباط العديد
من محاولات الإنزال والتسلل، كما استمرَّت بأداء مهماتها الأمنية
والإنمائية على مساحة البلاد، متأهِّبة لوأد أي فتنة داخلية، والتعامل بحزم
مع كل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار في ظل حالات النزوح الكبيرة،
والظروف والمتغيرات المستجدة.
وبعد مرور أكثر من شهر كارثي ومأساوي على
الأصعدة كافة، على الحجر كما على البشر، مترافق مع صمود لبناني قلّ نظيره،
تبنَّى مجلس الأمن فجر 11 آب، وبالإجماع، القرار 1701 الذي دعا إلى وقف
كامل لجميع الأعمال الحربية على أمل التوصل إلى اتفاق على وقفٍ دائم لإطلاق
النار.
عند الثامنة من صباح 14 آب توقَّف العدوان الإسرائيلي، لتنطلق
رحلة عودة النازحين إلى أرضهم وبيوتهم، ويسارع الجيش اللبناني للتوجه إلى
حدوده الجنوبية، بعد غياب جاوز الثلاثة عقود ، استجابةً للإرادة الوطنية
الجامعة، وتنفيذاً لقرار الحكومة اللبنانية القاضي بتكليفه الانتشار في
منطقة جنوب لبنان وصولاً إلى الخط الأزرق، وبسط سلطة الدولة في تلك المنطقة
أسوة بباقي المناطق اللبنانية، ودعم صمود المواطنين ومواكبة إعادة إعمار
قراهم وتسهيل إقامتهم وحفظ أمنهم وسلامتهم. وقد تزامنت هذه المهمة مع مهمة
انتشار وحدات من الجيش على امتداد الحدود البرية والبحرية اللبنانية لضبط
المعابر، ومنع أعمال التهريب على أنواعها.

ب ـ في مجال حفظ الأمن

بناء
على تكليف مجلس الوزراء، بتاريخ 15/1/1991، باشر الجيش تنفيذ مهمات حفظ
الأمن في مختلف المناطق اللبنانية ولا يزال، مستنداً في ذلك إلى جملة من
المبادئ أبرزها:
- الجيش مؤسسة وطنية تلتزم القوانين والأنظمة النافذة،
وعقيدته في تحديد العدو والصديق واضحة راسخة، فالأعداء هم إسرائيل أولاً
والإرهاب ثانياً وكل من يحاول الإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار ثالثاً،
أمّا الأشقاء والأصدقاء فهم الدول العربية، والدول التي تعمل على مساعدة
لبنان وتنشد له الخير والاستقرار والازدهار.
- الابتعاد عن الطائفية التي تتلاشى في التنشئة الوطنية والعسكرية التي يتلقاها كل عسكري.
- الابتعاد عن التجاذبات السياسية، فالجيش ينفذ قرارات السلطة الإجرائية في إطار المصلحة الوطنية العليا.
- التجرد المطلق في معاملة المواطنين وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة في أثناء أداء المهمات، حفاظاً على الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان.
- تأمين استمرارية تنفيذ الإجراءات والتدابير الأمنية
من خلال الشفافية في القيادة والإدارة والموقف، وتخصيص الوقت اللازم، وبذل
الجهد الأقصى، والسهر على متابعة الأوضاع، والحزم والسرعة في تنفيذ
المهمات وعدم التهاون مع أي إخلال بالأمن.
وقد وفّر الجيش مناخاً من
الأمن والاستقرار، مما سمح بإقامة التجمعات على اختلافها والمؤتمرات
الدولية والإقليمية، وكفل لجميع المواطنين القيام بأعمالهم، وممارسة حقوقهم
وواجباتهم في المناسبات الوطنية والاجتماعية والثقافية والرياضية شتى.
وكان
لدوره الأمني الفاعل خلال السنوات السابقة التي شهدت تطورات سياسية وأمنية
خطيرة، بالغ الأثر في الحفاظ على وحدة الوطن ومنع انزلاق الأوضاع نحو
المجهول، بدءاً من التظاهرات الشعبية الحاشدة التي أعقبت جريمة العصر التي
أودت بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه بتاريخ 14/2/2005، مروراً
بملء الفراغ العسكري الناتج عن انسحاب القوات العربية السورية من لبنان في
26/4/2005، خصوصاً في منطقتي طرابلس وبعلبك، إلى الاعتصام الشعبي في وسط
بيروت الذي بدأ في الواحد من كانون الأول 2006 واستمر لأكثر من عام، ثم
أحداث 23 و25 كانون الثاني 2007 وصولاً إلى أحداث السابع من أيار من العام
الحالي وامتداداتها اللاحقة، إذ كرس الجيش خلال هذه المحطات المصيرية، كل
جهوده وطاقاته في سبيل وأد نار الفتنة ومنع التقاتل بين أبناء الوطن
الواحد، وإتاحة الفرصة تلو الأخرى لعودة الجميع إلى طريق الحوار والتلاقي،
وهذا ما حصل بالفعل في مؤتمر الدوحة الذي أفضى إلى توافق القادة السياسيين
على حلول لمعظم المشاكل القائمة، وإطلاق مرحلة جديدة في البلاد واعدة
بالاستقرار والازدهار.

• مواجهة الإرهاب

فجر
العشرين من أيار 2007، فوجئت مراكز الجيش في محيط نهر البارد وضواحي مدينة
طرابلس، بهجوم غادر نفذه إرهابيو تنظيم "فتح الإسلام"، الذين طاولوا
بإجرامهم الوحشي عدداً من العسكريين العزّل المنتقلين إلى منازلهم أو إلى
مراكز خدمتهم، في محاولة تهدف إلى النيل من هيبة الدولة ومؤسساتها، وإرهاب
الجيش في ظل التجاذبات السياسية الحادة التي كانت تشهدها البلاد، وبالتالي
إخضاع مدينة طرابلس ومخيمي البداوي ونهر البارد لنفوذهم.
لكن حساباتهم
جاءت خاطئة، حيث استعادت قوى الجيش زمام المبادرة فوراً، وقامت بردة فعل
سريعة، تمكنت خلالها من استرجاع مراكزها والقضاء على بعض الإرهابيين وتوقيف
بعضهم الآخر، كما أحكمت الطوق على مخيم نهر البارد.
و نتيجة لتعنّت
هذا التنظيم، وعدم استجابته لكل المبادرات والمساعي التي قامت بها جهات
عديدة بهدف تسليم القتلة إلى العدالة، وتجنيب سكان المخيم مآسي استمرار
القتال، اتخذت قيادة الجيش القرار الجريء والتاريخي بالحسم العسكري
التدريجي آخذة في عين الاعتبار الأمور التالية:
- الحفاظ على أرواح المدنيين، وإعطاءهم الوقت الكافي لمغادرة المخيم.
- الاستمرار في دعوة المسلحين لتسليم أنفسهم إلى الجيش، مع التشديد على إجراء محاكمة عادلة أمام القضاء.
- الحد من الخسائر البشرية في صفوف العسكريين
نظراً للكمية الهائلة من الألغام والأفخاخ التي زرعها المسلحون في كل
أرجاء المخيم، والحد قدر الإمكان من الأضرار في ممتلكات المدنيين.
في
الثاني من أيلول تحقق الوعد الذي قطعه الجيش للشعب اللبناني، بإكمال
سيطرته الميدانية على آخر معقل من معاقل الإرهابيين في مخيم نهر البارد،
مقدّماً 171 شهيداً ومئات الجرحى، بذلوا أرواحهم فداءً عن شعبهم، واختصاراً
لمعاناته.
غير أن يد الإرهاب عادت مجدداً لتستهدف الجيش، في ثلاثة
انفجارات غادرة، طاول أحدها مركزاً عسكرياً في محلة العبدة بتاريخ
31/5/2008، وآخران طاولا عسكريين عزّلاً أثناء تجمعهم استعداداً للانتقال
إلى مراكز عملهم في محلتي التل والبحصاص في مدينة طرابلس بتاريخي
13/8/2008 و29/9/2008.
ولقد كان رد الجيش حازماً وسريعاً على مستوى
هذه الأحداث الخطيرة، حيث باشرت مديرية المخابرات بالتعاون مع فرع
المعلومات في قوى الأمن الداخلي بحملة تقصٍ ورصد وتعقب للمجرمين، أفضت
بتاريخ 12/10/2008، وفي أوقات لاحقة، إلى توقيف معظم أفراد الخلية
الإرهابية الضالعة في التفجيرات المذكورة، ليتحقق بذلك الوعد الذي أطلقه
القائد وهو يتفقد مكان انفجار البحصاص، حين أكد بأن الجناة لن يفلتوا من يد
العدالة، وأن أي تطاول على الجيش أو اعتداء على المواطنين لن يمرّ من دون
ردع وعقاب.

ج ـ المهمات الإنمائية

ارتبط
الجيش اللبناني منذ نشأته ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع، ليس من خلال المهمات
الدفاعية والأمنية المنوطة به وما يترتب على ذلك من علاقات مع المواطنين
فحسب، إنما أيضاً من خلال اهتمامه بالمجالات الاجتماعية والخدمات التي
يؤديها حيث تدعو الحاجة، إدراكاً منه بأن الأمن والنهوض الإنمائي
والاقتصادي في البلاد توأمان لا ينفصلان.
فبعد انتهاء الأحداث الدامية
التي شهدها لبنان، كان قرار القيادة المشاركة في عملية النهوض وإعادة إعمار
ما تهدم، فتشابكت سواعد العسكريين مع سواعد المواطنين في ورشة البناء،
وشملت نشاطات الجيش في هذا الإطار: الإسهام في تأهيل البنى التحتية من
شبكات ماء وكهرباء وشق طرقات في مناطق عودة المهجرين، تأهيل المرافق
السياحية والمواقع الأثرية، القيام بحملات تنظيف للشواطئ، وبأعمال تشجير
وإخماد حرائق، رفد بعض الإدارات الرسمية بالخبرات والوسائل والطاقات
البشرية، تقديم المساعدات اللازمة لمؤسسات المجتمع المدني والهيئات الفنية
والثقافية والاجتماعية، عمليات إخلاء وإنقاذ وتشكيل لجان لتخمين الأضرار
الناجمة عن الكوارث الطبيعية والحوادث الطارئة.
من ناحية ثانية، أولى
الجيش اهتماماً خاصاً بمشكلة الألغام المتصلة بالأمن والإنماء معاً، نظراً
لما لها من تأثير مباشر على حياة المواطنين وأعمالهم اليومية واستثمارهم
لأرزاقهم وممتلكاتهم. وقد بدأت هذه المشكلة مع انتهاء الأحداث العام 1990،
وتفاقمت على أثر اندحار العدو الإسرائيلي في شهر أيار من العام 2000، إذ
استفاق اللبنانيون على احتلال من نوع آخر، تمثل بوجود نحو 550،000 لغم
خلفها هذا العدو وراءه في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، ثم بلغت المشكلة
ذروتها مع عدوان تموز، حيث أسقط العدو الإسرائيلي أكثر من مليون قنبلة
عنقودية فوق أرض الجنوب، ولا يزال لغاية تاريخه يتمنع عن إعطاء المعلومات
اللازمة حول أماكن وجود هذه القنابل، التي أدت إلى استشهاد وجرح المئات من
المدنيين والعسكريين. وقد تمكن الجيش بالاشتراك مع فرق مختصة من دول شقيقة
وصديقة، ومنظمات دولية غير حكومية، حتى تاريخ 1/10/2008 من إنجاز ما يلي:
-
نزع وتفجير 125000 لغم مضاد للأشخاص والآليات، و 35000 قذيفة وقنبلة غير
منفجرة، و147000 قنبلة عنقودية، و500 قنبلة وصاروخ طيران، و67000 جسم
مشبوه.
- تنظيف مساحة 91 كلم2 من أصل 150 كلم2 من الألغام والقذائف غير المنفجرة.
- تنظيف مساحة 38 كلم2 من أصل 48 كلم2 من القنابل العنقودية.

من
جهة أخرى يستمر المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بنزع الألغام، بالتعاون
مع اللجنة الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام، بتنفيذ حملات الإرشاد
والتوعية في جميع المناطق اللبنانية، حيث أدت الجهود المبذولة إلى انخفاض
كبير في معدل الضحايا سنوياً.

5 ـ متابعة تطوير المؤسسة العسكرية

إن
عملية تطوير المؤسسة العسكرية، هي عملية دائمة ومستمرة لا يمكن لعجلتها أن
تتوقف على الإطلاق، كونها تهدف إلى إبقاء المؤسسة على المستوى المطلوب
الذي يمكنها من الاضطلاع بدورها الوطني كاملاً.
أولت القيادة مواضيع
العديد والتدريب والتجهيز الاهتمام الأقصى، فعمدت إلى تمديد الخدمات لبعض
المجندين السابقين وتطويع الراغبين منهم بصورة تدريجية، كما عمدت إلى تكثيف
الدورات التدريبية في الداخل والخارج وعلى مختلف المستويات، إلى جانب
تفعيل علاقاتها مع جيوش شقيقة وصديقة، والسعي الحثيث لديها لتأمين
التجهيزات الضرورية للجيش من الأعتدة والمعدات.
وفي هذا الإطار، تؤكد
القيادة اعتزازها بهذه العلاقات، النابعة من الصداقة مع الدول، والرغبة في
التعاون مع جيوشها، والاستفادة المتبادلة من تجاربها وخبراتها، والتي طالما
ميزت الجيش اللبناني بقدرته على التفاعل والتواصل مع سواه ، وهو سيستمر في
قبول المساعدات العسكرية مستقبلاً، كما قبلها في الماضي، بهدف تعزيز
قدراته العسكرية ، لكنّ هذه المساعدات لا يمكن في مطلق الأحوال أن ترسم
سياسة الجيش أو تتدخل في أدائه، أو تعدل من دوره الوطني الذي ينبع فقط من
الإرادة الوطنية الجامعة، ومن القرار السياسي للسلطة الإجرائية.

• خاتمة

بين
الذكرى المجيدة والأمل الواعد، يشمخ العلم أكثر فأكثر، مزهواً بألوان
الشهادة والخلود والسلام، وعلى درب التضحية الطويل، يستمر الجيش في أداء
رسالته الوطنية، فخوراً بإرث أجياله، منيعاً بدماء شهدائه، قوياً بثقة شعبه
وإيمان رجاله، معاهداً الله والوطن، بأن للاستقلال عيوناً ترعاه وسواعد
تحميه...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:07


عيد الإستقلال



معاً حققنا الاستقلال ومعاً نحميه
22-11-2009

• مقدمة
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Imageفي
الذكرى السادسة والستين للاستقلال، يعتصم اللبنانيون بتاريخهم المجيد،
يقلّبون صفحاته المشرقة، ليعودوا بالذاكرة إلى تلك المحطة الحاسمة التي
سجلت خروج لبنان من الوصاية والتبعية إلى أفق الحرية والسيادة، حين هبّ
المواطنون صفاً واحداً وإلى جانبهم جيشهم الفتي، لمواجهة قوى الانتداب
وسلطاته، فكان لهم ما أرادوا، إذ أطلّ لبنان الحديث على العالم، وطناً يحتل
مكانته الكريمة تحت وجه الشمس، ويعلن نفسه موئلاً للأحرار ومقصداً
للمضطهدين، وواحة للتنوع الديني والفكري والثقافي.
وعلى مدى سنوات
الاستقلال، استمر الجيش في أداء مهماته الوطنية الكبرى على المستويات
الدفاعية والأمنية والإنمائية، صامداً في وجه التحديات والأخطار، مقارعاً
العدوان بقوة الحق، مفتدياً الأهل والتراب بالعرق والجهد والدم، يعيش قضايا
وطنه وهموم شعبه، ولسان حاله يقول: معاً حققنا الاستقلال ومعاً نحميه.

1 ـ مرتكزات الإستقلال
يرمز استقلال الوطن إلى
سيادة الشعب على أرضه، وإلى قراره الحر الذي تمثله الدولة ومؤسساتها
الدستورية الشرعية، والمعبّرة عن إرادته، بعيداً عن التدخلات والتأثيرات
الخارجية. وللاستقلال مرتكزات أساسية لا بدّ من توافرها مجتمعة، ليكون
كاملاً غير منقوص.

أولها: الإرادة الوطنية الجامعة، النابعة من وعي
مختلف الجماعات لشخصيتها الوطنية المتبلورة من خلال عوامل التاريخ
والجغرافيا، والتراث والقيم والعادات والتقاليد، إضافة إلى تلاقي هذه
الجماعات على أهداف ومصالح مشتركة.
وقد جسّد اللبنانيون عبر التاريخ
إرادتهم هذه، من خلال سعيهم الدائم لتحرير وطنهم من الجيوش والقوى الغريبة
التي تعاقبت على احتلال أرضه. إذ قاوموا معاً الإحتلال العثماني لقرون
أربعة، ومن بعدُ الإنتداب الفرنسي، حتى أنجزوا الإستقلال الكامل في الثاني
والعشرين من تشرين الثاني العام 1943. وبعد ذلك، لم يتوانوا لحظة عن تأدية
واجبهم الوطني في الدفاع عن أرضهم ومقدَّساتهم ضد العدو الإسرائيلي،
والتصدي لاعتداءاته المستمرة، ومقاومة احتلاله لأجزاء من الأراضي اللبنانية
خصوصاً في إجتياحي العام 1978 والعام 1982، إلى أن تجلَّت وحدتهم وإرادتهم
الجامعة بأبهى مظاهرها، في تحقيق الانتصار الكبير على هذا العدو في الخامس
والعشرين من أيار العام 2000، ومن ثم تلاقيهم جميعاً والتفافهم حول علم
بلادهم بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولاً إلى تضامنهم
المشهود في مواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي على لبنان في العام 2006،
ولاحقاً التفافهم حول جيشهم أثناء تصديه للإرهاب في نهر البارد العام 2007.


ومن مرتكزات الاستقلال أيضًا وحدة الأرض والشعب، والتي من دونها
يسود الانقسام والتشرذم، وتشرّع الساحة الداخلية على تدخُّلات الآخرين
وصراعاتهم. ولقد كرَّس الدستور أرض لبنان مساحة وحدودًا، فتمّ الاعتراف بها
دوليًا، وأي مسٍّ بها، أو تجزئة، أو تقسيم لها، هو تهديد للوطن في جوهر
وجوده. وعلى الرغم من الأحداث الأليمة التي عصفت بالوطن، لم يتخلَّ
اللبنانيون للحظة عن صيغة عيشهم المشترك، حتى جاءت أخيراً وثيقة الوفاق
الوطني، لتؤكد بشكل لا لبس فيه هذه الحقيقة الدامغة.
أمَّا ركيزة
الاستقلال الثالثة فهي دولة المؤسسات ، المعبِّرة عن إرادة الشعب ووحدته،
والتي تتولَّى حكمه ورعايته وإدارة شؤونه، استنادًا إلى مبدأ الحقوق
والواجبات. كما تتولَّى حماية الأرض وتنظيم استغلال ثرواتها، وبذلك تشكل
ركنًا أساسيًا من أركان وجود الوطن السيِّد المستقل. ويأتي الجيش في طليعة
المؤسسات المكوّنة للدولة، انطلاقاً من موقعه كرمز للسيادة والاستقلال، ومن
وظيفته الأساسية كحامٍ للوطن. فهذه المؤسسة تجمع أبناء الوطن على اختلاف
مناطقهم وانتماءاتهم، وتصهرهم في بوتقة وطنية واحدة، تستند إلى القيم
العليا للمجتمع اللبناني، والى رسالة الجندية التي تجعل من المنضوين تحت
لوائها، مثالاً للرجولة والعطاء والاستعداد الدائم للتضحية في سبيل الوطن.
وهكذا، تُسهم المؤسسة العسكرية إلى حد كبير، في توفير الإستقرار العام في
البلاد، من خلال مشاركتها الفعَّالة في بلورة الاتجاهات والتيَّارات
الوفاقية في المجتمع وتنميتها.

2- الجيش والوطن
أ – المهمات الدفاعية
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Imageواجب
الجيش الأول، هو الدفاع عن الوطن والشعب ضد أي اعتداء خارجي. وبذلك يوفّر
سلامة المجتمع، ضامناً له سبل الاستقرار والتطور في مختلف الميادين.
منذ
ولادته رسمياً في الأول من آب العام 1945، لم يتوان الجيش لحظة عن القيام
بواجبه الدفاعي، حيث خاض خلال العام 1948 أولى معاركه البطولية في بلدة
المالكية، التي استطاع تحريرها من العدو الإسرائيلي، رغم عدم التكافؤ في
موازين القوى، متسلحاً بقوة الحق في وجه غطرسة القوة، ثم توالت بعد ذلك
سبحة المواجهات مع هذا العدو، لا سيّما في منطقة سوق الخان العام 1970،
وعلى محوري بيت ياحون ـ تبنين وكفرا ـ ياطر العام 1972، وفي صور العام
1975، مروراً باجتياحي العام 1978 والعام 1982، وعمليتي تصفية الحساب في
العام 1993، وعناقيد الغضب في العام 1996، ومواجهات عرب صاليم والأنصارية
في العام 1997، وصولاً إلى الملحمة الوطنية الكبرى في حرب تموز 2006، حيث
وقف اللبنانيون بجيشهم وشعبهم ومقاومتهم، صفاً واحداً في مواجهة العدو
الإسرائيلي، الذي شن حرباً وحشية ضد لبنان، في عملية تدمير منهجي لبناه
التحتية ومنشآته، واستهداف واضح للمواطنين الأبرياء في كلّ بقعة من الوطن.
وخلال
هذه الحرب، كان الجيش في ساحة المواجهة، يعكس صورة الوطن المقاوم، إذ قامت
وحداته في أماكن انتشارها، بأداء دورها الدفاعي بكل القدرات المتاحة
لديها، من خلال التصدي للطائرات المعادية، وإحباط العديد من محاولات
الإنزال والتسلل، مقدماً نحو 50 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى، امتزجت
دماؤهم مع دماء الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ والمقاومين الأبطال، في
ساحات الصمود والكرامة.

حالياً، يواظب الجيش على أداء مهماته
الدفاعية في الجنوب بمؤازرة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، يواكبه
تشديد قائد الجيش العماد جان قهوجي على وجوب بذل أقصى التضحيات للحفاظ على
إنجاز التحرير الذي تحقق في العام 2000، والتطلع دائماً، إلى تحرير ما تبقى
من أرض لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة
الغجر، كذلك التصدي الفوري لأي اعتداء إسرائيلي بما فيه الخروقات الجوية،
كما حصل في منطقة حولا بتاريخ 17/10/2009.
وتأكيداً على تمسك الجيش
بكلّ شبرٍ من تراب الوطن، تواصل لجنة عسكرية مختصة بالتعاون مع القوات
الدولية، مهمة إعادة وضع المعالم عند الخط الأزرق الذي تعرض قسم منه
للتشويه، في أثناء عدوان تموز، بحيث تمكنت هذه اللجنة في سياق عملها، من
تحديد أراضٍ محررة ومهجورة، بملايين الأمتار المربعة، ويعمل الجيش بالتعاون
مع القوات الدولية والسلطات الرسمية، على تنظيف هذه الأراضي من الألغام
وشق طرقات إليها، تمهيداً لتسليمها تباعاً إلى أصحابها.

ب - المهمات الأمنية
يقوم الجيش بتنفيذ مهماته الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية، مستنداً في ذلك إلى جملة من المبادئ أبرزها:
- الجيش
مؤسسة وطنية جامعة، تنأى بنفسها عن الطائفية والفئوية والتجاذبات
السياسية، وتلتزم القوانين والأنظمة النافذة وقرارات السلطة الإجرائية، في
إطار المصلحة الوطنية العليا.
- التجرد المطلق في معاملة المواطنين وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة، حفاظاً على الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان.
- تأمين
استمرارية تنفيذ الإجراءات والتدابير الأمنية من خلال الشفافية في القيادة
والإدارة والموقف، والسهر على متابعة الأوضاع، والحزم والسرعة في تنفيذ
المهمات، وعدم التهاون مع أي إخلال بالأمن.
وقد كان للجيش خلال السنوات
الماضية، الدور الأساس في ضبط الأمن وتثبيت الاستقرار، رغم الانقسامات
السياسية الحادة التي شهدتها البلاد، وما رافقها من مظاهرات واعتصامات
وأحداث أمنية خطيرة، حيث شكّل تدخل الجيش الحازم والسريع لمحاصرة الأحداث
ومنع تفاقمها، الفسحة تلو الأخرى، لعودة الجميع إلى طريق التلاقي والحوار.
وخلال هذا العام نفذت وحدات الجيش في مختلف المناطق اللبنانية مهمات
أمنية متنوعة، شملت مكافحة الجرائم المنظمة وتوفير الأمن للعملية
الانتخابية، إضافة إلى التدخل المستمر لمعالجة الأحداث الأمنية المتنقلة ،
لا سيما تلك التي اتخذت طابعاً فئوياً في منطقتي عين الرمانة ـ الشياح
وطرابلس، مما دفع الجيش إلى بذل أقصى الجهود لوضع حدٍ لها وتوقيف الضالعين
بها ومنع استغلالها، وقد أكدت القيادة ملاحقة المخلين بالأمن إلى أي جهة
انتموا، وعزمها على فرض الأمن والنظام في مختلف المناطق اللبنانية، وأن لا
مظلة سياسية فوق أحد.

في الإطار الأمني أيضاً، حققت القوة
المشتركة، المكلفة بمهمة ضبط ومراقبة الحدود البرية والبحرية اللبنانية،
والتي تضم فوج الحدود البرية الأول من الجيش اللبناني، ووحدات من قوى الأمن
الداخلي والأمن العام والجمارك، إنجازات مهمة في مجال منع التسلل غير
الشرعي، ووقف أعمال التهريب على جانبي الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة
الشمال، وقد تم استحداث معبر حدودي جديد في محلة وادي خالد، مخصص لمرور
المشاة والسيارات السياحية فقط، وذلك بهدف التخفيف من أعباء تنقلات
المواطنين، في حين يستمر التعاون بين لجان عسكرية من الجيشين اللبناني
والسوري، لمعالجة المشاكل الناجمة عن التداخل الجغرافي والسكاني، خصوصاً في
ما يتعلق بمتابعة التحصيل العلمي واستثمار الأراضي الزراعية.
من جهة
أخرى، بدأت قيادة الجيش التحضير للمشروع المتعلق بضبط كامل الحدود الشرقية،
ولهذه الغاية تم إنشاء فوج الحدود البرية الثاني، تمهيداً لإنشاء القوة
المشتركة الخاصة بهذه الحدود، والتي ستبدأ تنفيذ مهماتها فور استكمال
عديدها وتجهيزها بالعتاد.

• مواجهة الإرهاب
يعتبر
الإرهاب من أشد المخاطر المحدقة بالوطن، كونه يشكّل النقيض الواضح للصيغة
اللبنانية، القائمة على العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني،
وانفتاح هذا الأخير على سائر مجتمعات العالم.
ولقد واجه الجيش بكلّ قوة
وحزم الجماعات والتنظيمات الإرهابية في عدة مراحل، كان أبرزها، مواجهة
تنظيم فتح الإسلام في العام 2007 في نهر البارد، حيث تمكن مدعوماً بالتفاف
شعبي عارم، من تحقيق انتصار كامل على هذا التنظيم، بعد أن قدم 171 شهيداً
ومئات الجرحى والمعوقين قرابين طاهرة على مذبح الوطن. ثم استطاع لاحقاً
بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي توقيف معظم أفراد الشبكة الإرهابية الخطيرة،
التي استهدفت عسكريين بعبوات ناسفة في مناطق العبدة وطرابلس شمالي لبنان
خلال العام 2008.
كما تمكّن الجيش خلال هذا العام، من تفكيك العديد من
الشبكات الإرهابية، أبرزها شبكة تابعة لتنظيم القاعدة، كانت تعد لتنفيذ
تفجيرات ضخمة في لبنان وعددٍ من الدول العربية.

• مكافحة التجسس
تعتبر
عمليات التجسس، من أهم الوسائل التي يستخدمها العدو الإسرائيلي، تمادياً
في تنفيذ مخططاته الإجرامية ضد لبنان في أوقات السلم والحرب، وسعياً
لحصوله على معلومات مختلفة، يستفيد منها أثناء أعماله العسكرية، أو لتنفيذ
اغتيالات وتفجيرات إرهابية، بهدف النيل من وحدة الوطن وصيغة العيش المشترك
بين أبنائه. لكن الجيش كان دائماً بالمرصاد لهذا الخطر، بحيث استطاع في
الأعوام المنصرمة تفكيك العديد من الشبكات العميلة، أبرزها شبكة محمود رافع
الذي اعترف بضلوعه في جرائم عديدة، من بينها جريمة اغتيال الأخوين مجذوب
في صيدا بتاريخ 26/5/2006. غير أن الإنجاز الأكبر على هذا الصعيد، تحقق
خلال العامين 2008 و2009، إثر تمكن مديرية المخابرات بالتعاون مع سائر
الأجهزة الأمنية، من كشف عشرات الشبكات المتعاملة مع الموساد الإسرائيلي
وتوقيف معظم أفرادها، وقد ضبط بحوزة هؤلاء، أجهزة اتصال وكاميرات تصوير
متطورة للغاية، فيما اعترفوا بإقدامهم على جمع معلومات عن مراكز عسكرية
وحزبية، ورصد تحركات مسؤولين سياسيين وعسكريين، والتحضير للقيام بأعمال
تخريبية لصالح العدو، وفي هذا السياق، عمد الجيش بالتعاون مع قوات الأمم
المتحدة المؤقتة في لبنان بتاريخ 19/10/2009، إلى تفكيك معدات تابعة لأجهزة
تجسس مفخخة بعبوات ناسفة، كان قد زرعها العدو الإسرائيلي في منطقة حولا
اللبنانية، وعمل على تفجيرها عن بعد، في تعدٍ جديد على السيادة اللبنانية
وخرق فاضح للقرار 1701.

ج - المهمات الإنمائية
ارتبط الجيش اللبناني منذ
نشأته ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع، ليس من خلال المهمات الدفاعية والأمنية
المنوطة به وما يترتب على ذلك من علاقات مع المواطنين فحسب، إنما أيضاً من
خلال اهتمامه بالمجالات الاجتماعية والخدمات التي يؤديها حيث تدعو الحاجة،
إدراكاً منه بأن الأمن والنهوض الإنمائي والاقتصادي في البلاد، هما توأمان
لا ينفصلان.
ومن المهمات الإنمائية التي نفذها الجيش ولا يزال: المشاركة
في تأهيل المرافق السياحية والمواقع الأثرية، القيام بحملات تنظيف للشواطئ
وبأعمال تشجير وإخماد حرائق، شق طرقات في الأماكن النائية، رفد بعض
الإدارات الرسمية بالخبرات والوسائل والطاقات البشرية، تقديم المساعدات
اللازمة لمؤسسات المجتمع المدني والهيئات الفنية والثقافية والاجتماعية،
القيام بعمليات إخلاء وإنقاذ، وتشكيل لجان لتخمين الأضرار الناجمة عن
الكوارث الطبيعية والحوادث الطارئة...

من ناحية ثانية، أولى الجيش
اهتماماً خاصاً بمشكلة الألغام المتصلة بالأمن والإنماء معاً، نظراً لما
لها من تأثير مباشر على حياة المواطنين وأعمالهم اليومية واستثمارهم
لأرزاقهم. وقد بدأت هذه المشكلة مع انتهاء الأحداث في العام 1990، وتفاقمت
على أثر اندحار العدو الإسرائيلي في أيار من العام 2000، إذ استفاق
اللبنانيون على احتلال من نوع آخر، تمثل بوجود نحو 550،000 لغم خلفها هذا
العدو وراءه في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، ثم بلغت المشكلة ذروتها مع
عدوان تموز، حيث أسقط العدو الإسرائيلي أكثر من مليون قنبلة عنقودية فوق
أرض الجنوب. وقد تمكن الجيش بالاشتراك مع فرق مختصة من دول شقيقة وصديقة،
ومنظمات دولية غير حكومية، حتى تاريخ 1/11/2009 من إنجاز ما يلي:
- نزع
وتفجير 126000 لغم مضاد للأشخاص والآليات، و 43000 قذيفة وقنبلة غير
منفجرة، و 197000 قنبلة عنقودية، و511 قنبلة وصاروخ طيران، و78000 جسم
مشبوه.
- تنظيف مساحة 91 كلم2 من أصل 165 كلم2 من الألغام والقذائف غير المنفجرة.
- تنظيف مساحة 20 كلم2 من أصل 37 كلم2 من القنابل العنقودية.
من
جهة أخرى يستمر المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بنزع الألغام، بالتعاون
مع اللجنة الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام، بتنفيذ حملات الإرشاد
والتوعية في جميع المناطق اللبنانية، حيث أدت الجهود المبذولة إلى انخفاض
كبير في معدل الضحايا سنوياً.

3 ـ المؤسسة العسكرية ـ خطوات إلى الأمام
إن
الحفاظ على قدرات المؤسسة العسكرية، يتطلب الاستمرار في عملية تطويرها على
مختلف الأصعدة، وانطلاقاً من ذلك، أولت القيادة مواضيع العديد والتدريب
والتجهيز الاهتمام الأقصى، فعمدت إلى تمديد الخدمات لبعض المجندين السابقين
وتطويع الراغبين منهم بصورة تدريجية، كما عمدت إلى تكثيف الدورات
التدريبية في الداخل والخارج على مختلف المستويات، إلى جانب تفعيل التعليم
في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان وفي سائر المعاهد والمدارس، بهدف تأهيل
الضباط القادة لتسلم وظائف قيادية عليا، وتنشئة ضباط ورتباء وأفراد جدد،
يتحلّون بكفاءة عسكرية عالية.
وفي إطار سعيه الحثيث لتأمين الأسلحة
والتجهيزات الضرورية للجيش، زار قائد الجيش العماد جان قهوجي، كلاً من
الجمهورية العربية السورية والولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر
العربية ودول قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة، حيث عرض خلال لقاءاته
مع مسؤولين سياسيين وعسكريين لحاجات الجيش، واطلع على المساعدات الممكنة.
وقد أثمرت هذه الزيارات نتائج جيدة، خصوصاً في مجالي التدريب واللوجستية.
حيث تسلم الجيش كمية من الأعتدة والآليات والأسلحة، من بينها الطائرة
الأميركية المتعددة المهمات نوع Cessna Caravan 208B، والتي نفذت رماية
تجريبية في حقل الطيبة ـ بعلبك، بصاروخ جو ـ أرض نوع "Hell fire" الذي
يعتبر من الأسلحة التكتية الحديثة ذات الدقة العالية، وقد تميز طاقم
الطائرة بكفاءته ودقته في تحديد الأهداف وإصابتها.

ومن الجدير
بالذكر، قيام القوات الجوية في الجيش اللبناني خلال فترة زمنية قياسية،
بتدريب طيارين على قيادة الطوافات الثلاث نوع سيكورسكي، المخصصة لإطفاء
الحرائق، والتي تسلمتها وزارة الداخلية والبلديات كمساعدة من قبل جمعية
أخضر دايم، حيث نفذت هذه الطوافات خلال الصيف المنصرم، عدة طلعات جوية في
مهمات إطفاء الحرائق.
في مجال آخر، واظبت القيادة على تحسين الأوضاع
الاجتماعية والمعيشية للعسكريين، لا سيما من خلال رفع مستوى الطبابة
العسكرية، لجهة رفدها بالأجهزة الطبية المتطورة وبالكفاءات البشرية، إضافة
إلى تفعيل عمل جهاز الإسكان العسكري، واستحداث مبانٍ ومنشآت إضافية، من
بينها المبنى الجديد للنادي العسكري المركزي في محلة المنارةـ بيروت ونادي
الرتباء المركزي في منطقة الشمال، اللذين تم تشييدهما بالاعتماد على
اشتراكات العسكريين، والقدرات الذاتية للمؤسسة العسكرية. مع الإشارة إلى أن
قيادة الجيش قد أنجزت الدراسات الهندسية المطلوبة لإنشاء مستشفى عسكري
نموذجي، وهي بانتظار تحقيق التمويل اللازم للبدء بتنفيذ هذا المشروع.

4 – تاريخ الجيش ـ الجزء الأول إلى النور
انطلاقاً
من ضرورة حفظ تراث المؤسسة العسكرية وصون إنجازاتها وتضحيات أجيالها،
وإدراكاً منها لأهمية الوقوف على تاريخ المؤسسة، بناءً وتطويراً، دوراً
وأحداثاً، عمدت قيادة الجيش وفي مراحل متعددة إلى تشكيل لجان متخصصة في علم
التاريخ، ضمت ضباطاً وأساتذة جامعيين، حيث قامت هذه اللجان بجمع الوثائق
من الأرشيف العسكري، ومن محفوظات المكتبات الجامعية ودور النشر ومراكز
البحوث والدراسات والصحف والمجلات، إضافة إلى الاتصال بشخصيات رسمية ووطنية
وضباط متقاعدين، عاصروا قسماً من حقبة الانتداب الفرنسي على لبنان، أو
استحصلوا على معلومات عنها، كما انتدب عدد من أعضاء اللجان إلى فرنسا في
مهمة تصوير ما يلزم من الأرشيف العسكري الفرنسي المتعلق بإنشاء الوحدات
العسكرية اللبنانية ومهماتها خلال تلك الحقبة.
وقد تمكنت اللجان
المتعاقبة، وبعد جهود حثيثة من إنجاز كتاب تاريخ الجيش اللبناني ـ الجزء
الأول الذي يشمل الفترة الممتدة من العام 1920 أي تاريخ إعلان دولة لبنان
الكبير، وحتى العام 1945، أي الموعد الرسمي لتأسيس الجيش اللبناني.
وتتويجاً
لهذا الإنجاز، نظمت قيادة الجيش في قاعة العماد نجيم في اليرزة بتاريخ
14/10/2009، حفل إصدار للكتاب، برعاية وحضور فخامة رئيس الجمهورية العماد
ميشال سليمان، وحضور دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس
مجلس الوزراء السابق الأستاذ فؤاد السنيورة، وعدد من الوزراء، إلى جانب
قائد الجيش العماد جان قهوجي وأعضاء المجلس العسكري وعدد من كبار ضباط
القيادة، وحشد من رؤساء الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية والإعلامية،
والذين ساهموا مادياً ومعنوياً في إصدار الكتاب.

وقد ألقى فخامة
الرئيس كلمة بالحضور، استهلها بتوجيه تحية لأرواح شهداء الجيش ثم قال:"لا
بد عندما ننظر في نشأة جيشنا وتاريخه، أن نؤكد حقيقة دامغة تربط بينه وبين
قيامة لبنان واستمراره وطناً مستقلاً، موحداً، جامعاً لأبنائه كافة. تبدأ
المسيرة من أرض الجنوب، حيث انبرى جيش فتي للدفاع عن حدود الوطن، فكتب
التاريخ العسكري يومها أحداث معركة المالكية، كشاهدٍ على قدرة جنوده
وتفانيهم. ثم يعود الجيش إلى الأرض الحبيبة بعد غيابٍ قسري، فتخفق فيها
راية الوطن مجدداً، ويستعيد دوره الطبيعي في الدفاع عنها ويتصدى لاستفزازات
العدو وخروقاته، مستفيداً من دعم القوات الدولية له في سعيه لتطبيق
مندرجات القرار 1701 تطبيقاً كاملاً غير منقوص. والجيش بين هذه المحطة وتلك
لم يبخل يوماً بدماء رجاله في خندق الدفاع عن الوطن، وهو عمل جنباً إلى
جنب مع المقاومين الأبطال في التصدي للمحتل وطرده".
وأضاف:"يعلم الجميع
أن حماية الوطن استوجبت دوراً للجيش يتعدى هذه المهمة، وكان عليه أن يتصدى
في كثير من المحطات لمخاطر ذات أبعاد كيانية، تتهدد الوطن في مقوماته. وهذا
ما جعل منه الضمانة الكبرى وأحياناً الوحيدة التي تشكل مرتجى اللبنانيين
وأملهم في الحفاظ على النظام وصيانة ديمقراطيته، وفي تسهيل قيادة الوطن
موحداً سالماً إلى شاطئ الأمان". وختم بالقول:"كلما كانت الأنواء تعصف بهذا
البلد، كانت الروح العسكرية تجمع بين أبنائه، فتحافظ على وحدة الجيش وتحفظ
الوطن. فالجيش جيش الوطن، كل الوطن، وليس حامياً للنظام".

ثم ألقى
العماد قهوجي كلمة حيا فيها فخامة الرئيس والحضور، متوجهاً بالشكر إلى كلّ
من أسهم في إنجاز العمل ومما قاله:"إن الأهم في معرفة التاريخ، هو الإطلاع
على النقاط المضيئة منه، لجعلها قدوة للحاضر والمستقبل. والإطلاع كذلك على
النقاط المظلمة، لاستقاء العبر والدروس منها، والاستفادة من تجارب الأسلاف،
لأن في ذلك توفيراً للوقت والجهد والقدرات، وربما صوناً للدماء والأرواح
في أحيان كثيرة". وأضاف:" صحيح أن عمر الجيش اللبناني الرسمي قصير، ويعتبر
فتياً بالنسبة للكثير من جيوش العالم، لكن الجيوش لا تقاس بأعمارها، بل
برسالتها ودورها وإنجازاتها. لذا نتطلع بكلِّ فخر واعتزاز، إلى ما حققه
جيشنا الأبي، خلال مسيرته المفعمة بالبذل والتضحية والعطاء. فهذا الجيش لم
يتوانَ لحظة عن القيام بواجبه الدفاعي والأمني، بدءاً من رفض الانتداب
الأجنبي، مروراً بمواجهاته الطويلة مع العدو الإسرائيلي، إلى التصدي
للإرهاب وكل العابثين بأمن الوطن واستقراره". وختم قائلاً:"إن تاريخاً
سطّره رجال الجيش بالدماء والتضحيات، لهو أقوى من أن تعبث به رياح التغيير
والنسيان، وإن جيشاً مدركاً لمسؤولياته وواجباته الوطنية، لهو جدير بحفظ
إرث الأجيال وصون أمانة الشهداء. فلنتعظ من دروس الماضي، ونستلهم من صفحات
تاريخنا المجيد، شعلة الإيمان بغدٍ مشرق مزدهر".

• خاتمة
تطلّ الذكرى السادسة والستون للاستقلال،
وجيش الشرف والتضحية والوفاء، يرابط عند شرفات الوطن وينتشر على امتداد
ساحاته، عين على الأرض وعين على وحدة الشعب، وفي مخيلة كلّ جندي علم بلاده
وصور أهله، ومآثر رفاقه الشهداء الذين كتبوا بحبر الدم القاني، أروع صفحات
المجد والبطولة في كتاب الحرية والاستقلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Lebanon News



Lebanon News


ذكر
السرطان
نقاط نقاط : 19140
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8690
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/06/2011
العمر العمر : 123
الاقامة الاقامة : Koura
ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام ليس لديه وسام
P3 الابداع P1 التكريم P2 التميز

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى الاستقلال الثامنة والستون    ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Prefer1222.11.11 12:09

عيد الإستقلال






وحدتنا ضمانة الاستقلال
18-11-2010

ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Imageتحت
أجنحة الشمس وفي مهب رياح الأخطار، جنودٌ هم اليوم كما في الأمس، لا تلوي
سواعدهم الأيام، ولا تنال من عزائمهم الأقدار. يزرعون أغراس الإيمان
بلبنان، ويخطون بالجهد والعرق والدم، فصولاً ناصعة من تاريخه المجيد.
يدركون
أن الاستقلال هو الركيزة الأساس لبقاء الوطن، وأن الحفاظ عليه، دونه مصاعب
وتضحيات جسام، لكنه أمانة الأسلاف الذين كابدوا من أجله ظلمات السجون
والمعتقلات، وقدموا على دربه قوافل الشهداء. فلا تهاون في تحمل المسؤولية،
ولا تفريط بصون الأمانة الغالية.
في الذكرى السابعة والستين للاستقلال ،
تجدد المؤسسة العسكرية قسم الدفاع عن الأهل والتراب، والوقوف سداً منيعاً
في وجه رياح الفتن والمؤامرات، وهي تناشد الجميع التعالي عن الحسابات
الفئوية والمصالح الضيقة والتمسك بالوحدة الوطنية، لأن في هذه الوحدة
خلاصاً للوطن وضمانة للاستقلال.

1- ركائز الاستقلال:
للاستقلال عدة ركائز، لا بدّ من توافرها معاً، ليكون ناجزاً وغير منقوص، وهذه الركائز هي:

أ‌- التحرر من مختلف أشكال الانتداب والاحتلال:
إن
أي احتلال لأجزاء من الأرض، أو أي وجود عسكري أجنبي من دون موافقة السلطة
الوطنية، يعتبر انتهاكاً للسيادة والاستقلال. وها هو تاريخ لبنان، يشهد أنه
في كلّ مرة تعرض فيها الوطن للاحتلال أو الانتداب، كان اللبنانيون يهبون
سعياً للتحرر، ولا يتوقفون عن نضالهم أو يتراجعون، حتى تحقيق أهدافهم
كاملة.
ب‌- الإرادة الوطنية الجامعة:
من خلال هذه الإرادة تتبلور فكرة الاستقلال في الأذهان، وترتسم نقطة الانطلاق الأولى، في مسار تجسيد الفكرة إلى واقع وحقيقة.
تنشأ
الإرادة الوطنية الجامعة، من الخصائص المشتركة التي تجمع مختلف مكوّنات
الشعب، ومن تلاقي آمالها وتطلعاتها، ورغبتها في العيش معاً، في ظل دولة
واحدة ونظام واحدٍ، يكفلان تأمين مصالح الجميع، كما تنشأ من تقارب القيم
والعادات والتقاليد لدى هذه المكوّنات، وتضحياتها المشتركة عبر الأجيال،
ونظرتها الموحدة إلى الأخطار التي تتهددها، الأمر الذي ينسج بين الجميع،
شعوراً عميقاً، بأواصر اللحمة ووحدة المصير.
ج- وحدة الأرض والشعب والمؤسسات:
إن
تعرض هذه الوحدة لأي شكل من أشكال التشرذم والانقسام، يؤدي إلى ضرب صيغة
العيش المشترك بين أبناء الشعب كافة، وإلى اختلاف مواقفهم ورؤاهم حول
الثوابت والمسلمات الوطنية.
وعلى الرغم من الأحداث القاسية التي مرّ
بها الوطن، ظلّ موقف اللبنانيين ثابتاً تجاه رفض طروحات التقسيم بأشكاله
المختلفة، انطلاقاً من وعيهم العميق لمخاطره الجسيمة على سلامة الكيان
ورسالته الحضارية والإنسانية في العالم أجمع.
د- سيادة الدولة وقرارها الحر:
إن
من ثمار الاستقلال الناجز، سيادة الدولة على أراضيها ومؤسساتها، وقدرتها
على اتخاذ قرارها الحر، المنبثق من إرادة الشعب ومصالحه العليا، وما عدا
ذلك، يشكل مساً بالكرامة الوطنية وعائقاً أمام الدولة، في مسيرة التطوير
والنهوض بالبلاد، واستغلال الطاقات والثروات الوطنية، وتحديد السبل الكفيلة
بتأمين حاجات الشعب وتحقيق تطلعاته.

2 – الطريق الى الاستقلال
على مر
العصور، تميز اللبنانيون بنزعتهم الاستقلالية وتوقهم الدائم للتحرر. وقد
تبلورت نزعتهم هذه بصورة جليّة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن
العشرين، من خلال الجمعيات والحركات التحررية، السرية منها والعلنية، التي
أنشأوها أو شاركوا فيها داخل الوطن أو في المهجر، كما في مواقف النخب
السياسية والتيارات الشعبية التي انتشرت في مختلف المناطق اللبنانية.
مع
اندلاع الحرب العالمية الأولى وفي ظل متغيرات دولية، بدأت الظروف تتهيأ
أكثر أمام توجه اللبنانيين للمطالبة بتحقيق استقلالهم وإنشاء دولتهم
المستقلة.
ولم يتأخر اللبنانيون عن ترجمة إرادتهم عملياً، إذ تطوعت
مجموعات من الشبان اللبنانيين في "فرقة الشرق" التي أنشأها الحلفاء في
المنطقة العربية عام 1916 ، كأحد وجوه النضال الوطني. وقد اشترطوا حينها أن
يدون على عقود تطوعهم العسكرية شرطان: الأول أنهم يقاتلون ضد القوات
العثمانية من دون غيرها، والثاني أنهم انخرطوا في القوات الحليفة لتحرير
لبنان. وما لبثوا لاحقاً أن شكلوا داخلها حالة لبنانية مميزة، ففي عام 1918
أصبحت فرقة الشرق تضم في صفوفها أول سرية من سرايا الجيش اللبناني: السرية
23 التي رافق تأليفها الكثير من التعاطف والحماس.
منذ العام 1921 أخذت
سرايا القناصة اللبنانية بنشر العمران في أرجاء الوطن، حيث قامت بأعمال
التعمير وشق الطرقات وإنشاء الجسور ومراكز الهاتف والتلغراف والتفتيش عن
الآثار ومكافحة الجراد والإغاثة والتشجير ... فكان عهد من المحبة والود
والتقدير بين اللبنانيين وجيشهم.
في أيلول من العام 1939، اندلعت الحرب
العالمية الثانية، وبعد سقوط فرنسا بيد الألمان وانقسام قواتها بين مؤيد
لحكومة فيشي ومؤيد لقوات فرنسا الحرة، جرت محاولات عدة لزج الوحدات
العسكرية اللبنانية في الصراع الفرنسي – الفرنسي من دون أن تحقق أي نجاح
يذكر.
وهكذا اجتمع في 26 تموز 1941، أربعون ضابطاً لبنانياً في ذوق
مكايل ووقعوا وثيقة شرف ، تعهدوا فيها بعدم الخدمة إلا في سبيل لبنان، كما
تعهدوا بأن تختصر علاقتهم بالحكومة الوطنية ومنها يتلقون الأوامر فقط. وفي
ختام الوثيقة، ربط الضباط استئناف مهامهم العسكرية بالحصول على وعد قاطع من
السلطات الرسمية الفرنسية باستقلال وطنهم، وهذا ما حصل إذ ألقى الجنرال
ديغول الذي كان موجوداً في بيروت حينها خطاباً وعد فيه بمنح لبنان
الاستقلال والسيادة.
في 29 آب و5 أيلول 1943، جرت انتخابات نيابية في
لبنان وعلى أثرها تم انتخاب الشيخ بشارة الخوري رئيساً للجمهورية الذي
بدوره قام بتكليف رياض الصلح بتشكيل الحكومة. مع الرجلين بدأت معركة
الاستقلال تعيش لحظاتها الحاسمة من خلال البيان الوزاري الشهير الذي تضمن
سياسة الحكومة الاستقلالية، تلاه قيام مجلس النواب بتعديل مواد الدستور
المتعلقة بالانتداب وتوقيع رئيس الجمهورية على هذا التعديل.
وقد ردت السلطات الفرنسية باعتقال رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء وأحد النواب وأودعتهم سجن قلعة راشيا.
فور
شيوع نبأ الاعتقال، اشتعلت ساحات المدن بالتظاهرات الاحتجاجية، وبدعم من
الضباط اللبنانيين شكلت حكومة مؤقتة من الوزيرين حبيب أبو شهلا ومجيد
ارسلان اللذين توجها إلى بشامون، وكان برفقتهما رئيس مجلس النواب صبري
حمادة، وهناك انضمت إلى الحكومة مجموعة من الشباب التي شكلت ما يشبه الحرس
الوطني.
أمام هذا الواقع وأمام استمرار التظاهرات الشعبية، اضطرت
السلطات المنتدبة إلى التراجع عن تشددها مذعنة لمشيئة اللبنانيين، وأطلق
سراح رجالات الدولة من سجن راشيا في 22 تشرين الثاني 1943، فتحقق بذلك
إنجاز استقلال لبنان في حدوده المعترف بها دولياً.

3 - جيش الرسالة والالتزام
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Imageمنذ
لحظة ولادته رسمياً، أدرك الجيش حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه في وطن
استثنائي بموقعه ودوره ونموذجه الفريد في المنطقة العربية والعالم.
وانطلاقاً من ذلك، عمدت قيادة الجيش في حينه ومن ثم القيادات المتعاقبة،
إلى بناء هذه المؤسسة، وفق تنشئة وطنية وأخلاقية سليمة، عمادها، الإيمان
الراسخ بلبنان واحداً موحداً لجميع أبنائه، والولاء المطلق له، والاستعداد
الدائم للتضحية في سبيله، والتزام القيم الإنسانية، والوقوف إلى جانب الشعب
الفلسطيني والأشقاء العرب في مواجهة العدو الإسرائيلي، إلى جانب تطبيق
معايير العمل المؤسساتي، في مجالات التنظيم والإدارة والأداء، واعتماد
الكفاءة والنزاهة والشفافية، بدءاً من عملية التطويع، مروراً بتحديد
الوظائف وإجراء التشكيلات والترقيات والدورات وغيرها.
وهكذا استطاع
الجيش بفضل هذا النهج، وبفضل مسيرته المعمّدة بالدم والتضحيات، أن يكسب ثقة
اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، وأن يشكل رهانهم الدائم وخشبة خلاصهم
في المحطات الصعبة.

4 – مهمات على امتداد مساحة الوطن
أ - في مجال الدفاع
واجب الجيش الأول هو الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي، وبالتالي حماية أرضه وشعبه وصون سيادته واستقلاله.
ولقد
كان الجيش دائماً على قدر المسؤولية في تنفيذ واجبه الدفاعي، إذ خاض وهو
لم يزل فتياً خلال العام 1948، أولى معاركه البطولية في بلدة المالكية،
التي استطاع تحريرها من العدو الإسرائيلي، رغم عدم التكافؤ في موازين
القوى، ثم توالت بعد ذلك سلسلة المواجهات مع هذا العدو، لا سيّما في منطقة
سوق الخان العام 1970، وعلى محوري بيت ياحون ـ تبنين وكفرا ـ ياطر العام
1972، وفي صور العام 1975، مروراً باجتياحي العام 1978 والعام 1982،
وعمليتي تصفية الحساب في العام 1993، وعناقيد الغضب في العام 1996،
ومواجهات عرب صاليم والأنصارية في العام 1997.
وبفعل صمود الجيش،
وبسالة المقاومة الوطنية عند خطوط المواجهة، إلى جانب تشبث اللبنانيين
بحقهم، وتقديمهم أغلى التضحيات في سبيل تحرير أرضهم، اضطر العدو الإسرائيلي
مكرهاً إلى الاندحار عن القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، فكان
إنجاز التحرير في 25 أيار العام 2000. لكن الاحتلال بقي جاثماً على أرض
مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، والتي لا تزال
تنتظر فك أسرها.
ثم كانت الملحمة الوطنية الكبرى في عدوان تموز 2006،
حيث وقف اللبنانيون بجيشهم وشعبهم ومقاومتهم، صفاً واحداً في مواجهة العدو
الإسرائيلي، حتى تحقق الانتصار التاريخي عليه، معمداً بصمود قلّ نظيره
وتضحية فاقت كلّ حدود، وقد قام الجيش خلال العدوان، بأداء دوره الدفاعي بكل
القدرات المتاحة لديه، حيث تصدى للطائرات المعادية، وأحبط العديد من
محاولات الإنزال والتسلل، مقدّماً نحو 50 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى،
امتزجت دماؤهم مع دماء الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ والمقاومين
الأبطال، في ساحات الحرية والكرامة.
فجر 11 آب، تبنّى مجلس الأمن
وبالإجماع القرار 1701، الذي دعا إلى وقف كامل لجميع الأعمال الحربية على
أمل التوصل إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
عند الثامنة من صباح
14 آب توقف العدوان الإسرائيلي، لتنطلق رحلة عودة النازحين إلى أرضهم
وبيوتهم، ويسارع الجيش اللبناني للتوجه إلى حدوده الجنوبية، بعد غياب جاوز
الثلاثة عقود.
منذ ذلك الحين، واظب الجيش على أداء مهمته الدفاعية في
الجنوب بمؤازرة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، ويعمل بصورة مستمرة
على رصد تحركات العدو لمنع اجتياز الخط الأزرق، كما التصدي لخروقاته
الجوية والبرية والبحرية بكلّ الإمكانات المتوافرة.

• مواجهة العديسة
في تعدٍّ سافر
على السيادة اللبنانية، أقدمت دورية تابعة للعدو الإسرائيلي في اليوم
الثالث من شهر آب المنصرم، على اجتياز الخط التقني في خراج بلدة العديسة،
وصولاً إلى أراضٍ متحفظ عليها لبنانياً. وعلى الرغم من تدخل قوات الأمم
المتحدة المؤقتة في لبنان لمنعها، تابعت دورية العدو تعديها، مما دفع قوى
الجيش إلى التصدي لها بالأسلحة المناسبة، وقد حصل اشتباك استمر لعدة ساعات،
استخدم فيه العدو الأسلحة الثقيلة ضد مراكز الجيش ومنازل المدنيين، الأمر
الذي أدى إلى استشهاد عسكريين اثنين ومواطن إعلامي وإصابة آخرين بجروح،
فيما سقط للعدو عدد من القتلى والجرحى.
وقد انتهت المواجهة بانسحاب الدورية المعتدية إلى مراكزها، وبقيت قوى الجيش في حالة جهوزية تامة تحسباً لأي طارئ.
في
صباح اليوم التالي، تفقد قائد الجيش العماد جان قهوجي، الوحدات التي
اشتبكت مع العدو، حيث اطلع على أوضاعها الميدانية وأعطى توجيهاته الحازمة،
بوجوب التشبث بالأرض، والتصدي لانتهاكات العدو مهما غلت التضحيات، وخاطب
العسكريين قائلاً: "إن وقفتكم الشجاعة في وجه العدو بالإمكانيات المتاحة
لديكم، قد أثبتت له بأن أي تطاول على شعبنا وأرضنا لن يمرّ من دون ثمن، وأن
أي اعتداء على أي شبر من تراب الوطن، يعادل في عقيدتنا ومبادئنا، اعتداءً
على الوطن بأسره، فنحن أبناء الأرض، وأصحاب الحق، ويخطئ العدو بظنه أن
استهداف الجيش هو بالأمر السهل، فإلى جانب ما نمتلك من إيمان وإرادة وعزم
على مواجهته، لدينا كذلك العديد من أساليب القتال والطاقات الوطنية،
الكفيلة بردع اعتداءاته ومخططاته الإجرامية".
وتأكيداً على تمسك الجيش
بكلّ شبرٍ من تراب الوطن، تواصل لجنة عسكرية مختصة بالتعاون مع القوات
الدولية، مهمة إعادة وضع المعالم عند الخط الأزرق الذي تعرّض قسم منه
للتشويه في أثناء عدوان تموز، بحيث أنجزت التحقق النهائي من 55 نقطة، تم
وضع معالمها، بالإضافة إلى الموافقة على التحقق من 30 نقطة أخرى، يجري
العمل على تثبيت معالمها تباعاً، كما تمكنت اللجنة في سياق عملها، من تحديد
أراضٍ محررة ومهجورة، تبلغ مساحتها نحو ثلاثة ملايين ومئة ألف متر مربع،
وتعمل قيادة الجيش بالتعاون مع القوات الدولية والسلطات الرسمية، على تنظيف
هذه الأراضي من الألغام وشق طرقات إليها، تمهيداً لتسليمها إلى أصحابها.

ب - في مجال الأمن
يشكّل المناخ الأمني السليم، الإطار الحيوي للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، والركيزة الأولى لانتظام عمل الدولة ومؤسساتها كافة.
وانطلاقاً
من هذه الحقيقة، ومن الظروف الأمنية الصعبة التي شهدتها البلاد خلال
المراحل السابقة، كلّف الجيش منذ مطلع التسعينيات، بناءً على قرار صادر عن
مجلس الوزراء، مؤازرة قوى الأمن الداخلي في مهمة الحفاظ على الأمن
والاستقرار.
يقوم الجيش بأداء هذه المهمة عبر ثلاث طرق رئيسة:
- أولاً، الحضور الفاعل والدائم للوحدات العسكرية في مختلف المدن والبلدات والقرى اللبنانية.
-
ثانياً، التقصي المستمر عن نشاطات عناصر شبكات الإرهاب والعمالة، وسائر
المجرمين والمخلين بالأمن، وملاحقتهم حتى توقيفهم وتسليمهم إلى القضاء.
- ثالثاً، التدخل الفوري لدى حصول حوادث أمنية، بغية إعادة فرض الاستقرار، وتوقيف المشاركين في هذه الحوادث.
كما يستند الجيش في أدائه إلى جملة من المبادئ أبرزها:
-
التجرد المطلق في معاملة المواطنين وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة في ما
بينهم، وذلك حفاظاً على الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان.
- تأمين استمرارية تنفيذ الإجراءات والتدابير الأمنية، والسهر على متابعة الأوضاع، وعدم التهاون مع أي إخلال بالأمن.
وقد
كان للجيش خلال السنوات الماضية، الدور الأساس في ضبط الأمن وتثبيت
الاستقرار، رغم الانقسامات السياسية الحادة التي شهدتها البلاد، وما رافقها
من مظاهرات واعتصامات وأحداث أمنية خطيرة، حيث شكّل تدخله الحازم والسريع
لمحاصرة الأحداث ومنع تفاقمها، الفسحة تلو الأخرى، لعودة الجميع إلى طريق
التلاقي والحوار.
أما خلال هذا العام فقد نفذت وحدات الجيش في مختلف
المناطق اللبنانية، مهمات أمنية متنوعة، شملت: التدخل الفوري لتطويق
الأحداث التي حصلت في أكثر من منطقة، مكافحة الجرائم المنظمة على أنواعها،
لا سيّما ضبط كميات من المخدرات والمواد الغذائية الفاسدة، وتوقيف
المتورطين بها، وكان بنتيجة سهر الجيش على ضبط تلك الجرائم، استشهاد ضابط
برتبة مقدم ورتيب برتبة معاون، أثناء ملاحقة بعض الخارجين عن القانون في
بلدة مجدل عنجر خلال شهر تشرين الأول الفائت.
وفي سياق التشديد على
تماسك الجيش ودوره الأمني، في ضوء حديث البعض عن احتمال حصول فتنة بعد صدور
القرار الظني للمحكمة الدولية، وتشكيك بموقف الجيش في حينه، أكد العماد
قهوجي أن الجيش الذي استطاع الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة مؤسساته خلال أوج
حالات الانقسام السياسي في السنوات السابقة، هو اليوم أشد تماسكاً من ذي
قبل، بفضل يقظة أبنائه ووعيهم لدورهم ولصوابية مواقف قيادتهم، واستعدادهم
للتضحية إلى أقصى الحدود التزاماً بمبادئهم العسكرية والوطنية، واطمئنانهم
إلى التفاف المواطنين حولهم، وأضاف بأن لا خوف على مسيرة الأمن والاستقرار
في البلاد مهما بلغت حدّة التطورات، وأن الجيش سيتصدى بكلّ حزم وقوة
لمحاولات إثارة الفتنة أو التعرض لأمن المواطنين في أي ظرف وتحت أي شعار.
في
الإطار الأمني أيضاً، حققت القوة المشتركة، المكلفة بمهمة ضبط ومراقبة
الحدود البرية والبحرية اللبنانية، والتي تضم فوج الحدود البرية الأول من
الجيش اللبناني، ووحدات من قوى الأمن الداخلي والأمن العام والجمارك،
إنجازات مهمة في مجال منع التسلل غير الشرعي، ووقف أعمال التهريب على جانبي
الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة الشمال.
من جهة أخرى، بدأت قيادة
الجيش التحضير لمشروع متكامل يتعلق بضبط الحدود الشرقية، ولهذه الغاية تم
إنشاء فوج الحدود البرية الثاني، الذي انتشر على قسم من هذه الحدود، وباشر
تنفيذ مهماته.

• مواجهة الإرهاب
يعتبر
الإرهاب من أشد المخاطر المحدقة بالوطن، كونه يشكّل النقيض الواضح للصيغة
اللبنانية، القائمة على العيش المشترك بين مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني،
وانفتاح هذا الأخير على سائر مجتمعات العالم.
ولقد واجه الجيش بكلّ قوة
وحزم الجماعات والتنظيمات الإرهابية في عدة مراحل، كان أبرزها، مواجهة
تنظيم فتح الإسلام في العام 2007 في نهر البارد، حيث تمكن مدعوماً بالتفاف
شعبي عارم، من تحقيق انتصار كامل على هذا التنظيم، بعد أن قدم 171 شهيداً
ومئات الجرحى والمعوقين قرابين طاهرة على مذبح الوطن. ثم استطاع لاحقاً
بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي توقيف معظم أفراد الشبكة الإرهابية الخطيرة،
التي استهدفت عسكريين بعبوات ناسفة في مناطق العبدة وطرابلس شمالي لبنان
خلال العام 2008.
كما قام الجيش خلال هذا العام، بتفكيك العديد من
الشبكات الإرهابية، إضافة إلى تعقب مديرية المخابرات مسؤول التنظيم المذكور
في مخيم عين الحلوة وإرهابي آخر، أثناء محاولة فرارهما إلى خارج البلاد،
والاشتباك معهما في منطقة البقاع، مما أسفر عن مقتل الإرهابيين المذكورين
وضبط أسلحة ووثائق مزورة كانت بحوزتهما.

• مكافحة التجسس
تعتبر عمليات
التجسس، من أهم الوسائل التي يستخدمها العدو الإسرائيلي، تمادياً في تنفيذ
مخططاته الإجرامية ضد لبنان في أوقات السلم والحرب، وسعياً للحصول على
معلومات مختلفة، يستفيد منها أثناء أعماله العسكرية، أو لتنفيذ اغتيالات
وتفجيرات إرهابية، بهدف النيل من وحدة الوطن وصيغة العيش المشترك بين
أبنائه. لكن الجيش كان دائماً بالمرصاد لهذا الخطر، بحيث استطاع في الأعوام
المنصرمة تفكيك العديد من الشبكات العميلة، الضالعة إحداها بجريمة اغتيال
الأخوين مجذوب في صيدا بتاريخ 26/5/2006. غير أن الإنجاز الأكبر على هذا
الصعيد، تحقق خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، إثر تمكن مديرية المخابرات
بالتعاون مع سائر الأجهزة الأمنية، من كشف عشرات الشبكات والعناصر
المتعاملة مع الموساد الإسرائيلي، والتي استهدف بعضها قطاعات أمنية
واجتماعية وخدماتية، وصولاً إلى الإنجاز النوعي الذي حققته مديرية
المخابرات خلال شهر تشرين الأول الفائت، والمتمثل بتوقيف تسعة عملاء
اعترفوا بتعاملهم مع الموساد الإسرائيلي.

ج - في مجال الإنماء
الإنماء هو المهمة الثالثة للجيش، يضطلع بها كلما دعت الحاجة، ووفق ما تسمح به الظروف الميدانية.
لهذه
المهمة فوائد جمة على أكثر من صعيد، فهي من جهة أولى تتيح للجيش الإسهام
في ورشة النهوض الاقتصادي والعمراني في البلاد، والمشاركة في الحفاظ على
البيئة والتخفيف عن كاهل المواطنين أثناء الأزمات والكوارث، وهي من جهة
ثانية تسهم في تعزيز التواصل بين الجيش والمجتمع المدني، وتعميم ثقافة
التضامن الإنساني والوطني، التي تشكل إحدى دعائم الدولة القوية المستقرة.

• أبرز مهمات الإنقاذ التي نفذها الجيش خلال هذا العام
- إنقاذ مواطنين محاصرين بالثلوج والحرائق.
-
تدخل القوات البحرية اللبنانية بالتعاون مع البحرية التابعة لقوات الأمم
المتحدة المؤقتة في لبنان، لإغاثة ركاب الباخرة البنامية Danny f II، التي
تعرضت للغرق قبالة شاطئ طرابلس بتاريخ 1722010، حيث تمكنت هذه القوى من
إنقاذ 39 بحاراً وانتشال 11 جثة ضحية، من أصل 83 راكباً كانوا على متنها.
- إنقاذ الباخرة التجارية Seaway من الغرق، وقطرها إلى مرفأ طرابلس، إثر جنوحها الناجم عن تسرّب المياه إلى داخلها.
- انتشال ضحايا الطائرة الأثيوبية المنكوبة نوع بوينغ 737-800، والصندوقين الأسودين، إثر سقوطها في البحر قبالة شاطئ رأس الناعمة.

• نزع الألغام
أولى
الجيش اهتماماً خاصاً بمشكلة الألغام المتصلة بالأمن والإنماء معاً، نظراً
لما لها من تأثير مباشر على حياة المواطنين وأعمالهم اليومية واستثمارهم
لأرزاقهم.
و تتركز هذه المشكلة في منطقة الجنوب، نتيجة العدد الكبير
من الألغام والقنابل العنقودية التي زرعها العدو الإسرائيلي أو أسقطها فوق
الأراضي اللبنانية، إن كان قبل اندحاره في أيار من العام 2000، أوخلال
عدوان تموز العام 2006 ، والمتمثلة بنحو 550،000 لغم و أكثر من مليون
قنبلة عنقودية. وقد تمكن الجيش حتى تاريخه بالاشتراك مع فرق مختصة من دول
شقيقة وصديقة، ومنظمات دولية غير حكومية، من إزالة ما يزيد عن نصف الألغام
والقنابل العنقودية والمخلفات المذكورة.
من جهة أخرى يستمر المركز
اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، بالتعاون مع اللجنة الوطنية للتوعية
من مخاطر الألغام، بتنفيذ حملات الإرشاد والتوعية في جميع المناطق
اللبنانية، حيث أدت الجهود المبذولة إلى انخفاض كبير في معدل الضحايا
سنوياً.

5- متابعة تطوير المؤسسة العسكرية
منذ
توليه سدّة القيادة، وضع قائد الجيش العماد جان قهوجي في سلّم أولوياته،
مسألة تطوير المؤسسة العسكرية وتعزيز قدراتها، عديداً وتدريباً، عتاداً
وسلاحاً.
فعلى صعيد التدريب، عمدت القيادة إلى تفعيل التدريب في المعاهد
والمدارس، وتكثيف الدورات الدراسية في الخارج، إلى جانب التركيز على
التعليم العسكري العالي في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، خصوصاً لجهة
اعتماد معايير جديدة، واختبارات نموذجية يخضع لها الضباط، يتم بموجبها
اختيار الناجحين منهم لمتابعة دورة ركن.
وعلى صعيد العديد، عمدت القيادة
إلى تمديد الخدمات لبعض المجندين السابقين، وتطويع الراغبين منهم بصورة
تدريجية، إلى جانب تطويع عسكريين اختصاصيين من مختلف الرتب، بينهم ضباط
أطباء ومهندسون وإداريون وموسيقيون.
أما على صعيد التجهيز فقد سعت
القيادة لتأمين ما أمكن من العتاد والسلاح، استناداً إلى الاعتمادات
المخصصة للجيش في الموازنة، وإلى المساعدات المقدمة من بعض الجيوش الشقيقة
والصديقة.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، زار قائد الجيش العماد جان قهوجي
كلاّ من: الجمهورية العربية السورية، الولايات المتحدة الأميركية، تركيا،
جمهورية مصر العربية، قطر، الكويت والإمارات العربية المتحدة، حيث عرض خلال
لقاءاته مع مسؤولين سياسيين وعسكريين لحاجات الجيش، واطلع على المساعدات
الممكنة، وقد أثمرت هذه الزيارات نتائج جيدة، بحيث تسلّم الجيش عدداً من
الزوارق والطوافات والدبابات، وأسلحة مختلفة، إضافة إلى كميات من الأعتدة
وقطع الغيار للآليات الثقيلة. ومن المرتقب الحصول على مزيد من المساعدات في
المراحل المقبلة.
في مجال آخر، واظبت القيادة على رفع مستوى الطبابة
العسكرية، لجهة رفدها بالأجهزة الطبية المتطورة والكفاءات البشرية،
واستحداث المزيد من المستوصفات في المناطق، كما قامت بتشييد العديد من
المباني والمنشآت العسكرية، أهمها ثكنة صغبين، وثكنة العقيد الركن الشهيد
عبد المجيد شهاب في بيت الدين، على أن يتم في الفترات القادمة، بناء المزيد
من الثكن العسكرية في سائر المناطق اللبنانية.

• خاتمة
بعد مرور سبعة وستين عاماً
على إنجازه، ها هو الاستقلال يطلّ في عيده من جديد، عنواناً لوحدة البلاد،
وتتويجاً لإرادة شعب عصيّ على المحن، جدير بالحياة الحرة الكريمة، وها هو
الجيش رمز السيادة الوطنية، يصون الأمانة الغالية، ويمضي على درب الشرف
والتضحية والوفاء، مسطّراً بحبر الشهادة والبطولة صفحات مشرقة في كتاب
الاستقلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اتفاقيات في اختتام الدورة الثامنة عشرة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية
»  السندباد في رحلته الثامنة
» المعتصمون بمقر حزب الاستقلال يتهمون شباط باستهدافهم
» المعطلون المقتحمون لمقر حزب الاستقلال يطالبون بتدخل ملكي
» خاص- طفلة في الثامنة يتم استغلالها في ملهى ليلي معروف جدا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جلول لبنان Forums Jalloul Lebanon :: منتديات لبنان العالمية :: منتدى الدول العربية العالمية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
اعلان فلاشي
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Mahmou10
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Mahmou10
ذكرى الاستقلال الثامنة والستون  Mahmou10
جميع حقوق موقع جلول لبنان محفوظة 2010-2011-2012-2013-2014 @
ملاحظة: جميع المشاركات والمواضيع في موقع جلول لبنان لا تعبر عن رأي إدارته بل تمثل وجهة نظر كاتبها
 | منتديات |دين الاسلامي| صور | افلام | العاب | برامج | فيديو | جوال |
سياسة الخصوصية

.: عدد زوار منتديات جلول لبنان :.